ترجمة وتحرير: نون بوست
يستمر سير عملية غصن الزيتون العسكرية كما هو مخطط له، ونحن لا نعبأ للانتقادات التي تشير إلى بطء تقدم العملية، خصوصا وأننا نعرف الأهمية البالغة التي توليها القوات المسلحة لحماية المدنيين. ومن الواضح أنّ عملية عفرين مجرد خطوة أولى لما هو قادم، ولعل ذلك ما أكدته القيادات التركية، التي بينت للعالم أجمع أنّها ستستمر في عملياتها حتى تضع حدا لتواجد العناصر الإرهابية “من البحر المتوسط حتى الحدود العراقية”.
حيال هذا الشأن، أدلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتصريحات جديدة وهامة تتعلق بمجريات هذه العملية العسكرية، حيث قال “إن هذه العملية غاية في الأهمية لضمان أمننا وبالنسبة لسوريا أيضا، فمن واجبنا أن نمد يد العون لدولة جارة تربطنا بها علاقات امتدت على مدار ألف عام، وبكل تأكيد لن يبقى 3.5 مليون لاجئ سوري في تركيا إلى الأبد، لذلك سنستمر في هذه المعركة حتى يعود هؤلاء الضيوف إلى بيوتهم”.
في الواقع، أعتقد أنّ جملة أردوغان التي ذكر فيها “3.5 مليون لاجئ سوري لن يبقوا هنا إلى الأبد”، لا تحمل في طياتها رسالة إلى الخارج فحسب، خصوصا وأنّ هذا العدد من اللاجئين جعل تركيا تدفع فواتير باهظة على الصعيد الاجتماعي، وهذه الفواتير يدفعها الشعب التركي أيضا.
دعا شيخ عشيرة الشعيطات، رافع عكلة، الشباب السوري اللاجئ في تركيا بالعودة إلى سوريا للدفاع عن أرض الوطن في مواجهة المنظمات الإرهابية. وفي هذا السياق، قال رافع عكلة “أنا من هنا أوجه ندائي للشباب السوري في تركيا للدفاع عن وطننا، تعالوا لننقذ أنفسنا من الإرهاب، ولندعم أشقائنا الأتراك”
لم نقل للضيوف لماذا أتيتم!
تغيرت التركيبة المجتمعية في بعض مدننا، واللوحات في الطرقات، وتغير ذوقنا، وطريقة كلامنا، وحتى طريقة سيرنا في الشوارع. تغير أسلوب معيشتنا في الشقق، وتغيرت حياتنا في البيوت، وحتى لساننا ولغتنا! لقد فتحنا الأبواب على مصراعيها لكل اللاجئين السوريين الذين هربوا من ظلم الأسد وإرهاب حزب العمال الكردستاني وأذرعه، وإرهاب تنظيم الدولة. لقد أقدمنا على هذه الخطوة ونحن على يقين بحجم المخاطر المجتمعية المترتبة عن ذلك، إلا أننا قمنا بذلك دون أي تفرقة عرقية أو مذهبية أو دينية.
في تلك الفترة، لجأء إلينا التركمان، والعرب، والأكراد، واليزيديون والنصيريون والسنة والشيعة، ولم نسأل أيا منهم “لماذا أتيت؟”. لم نستقبل العجائز والأطفال والنساء فحسب، بل جاء إلينا شباب كثر كنا نعتقد أنهم سيدافعون عن بلادهم! لم نسأل هؤلاء الشباب ونحن نراهم في شوارعنا وأزقتنا، لم نسألهم “لماذا لم تدافعوا عن وطنكم”!، لأننا كنا نأمل أنْ تنتهي هذه الحرب القذرة، وتنقشع الظلمة عن سوريا، وأن لا تحقق التنظيمات الإرهابية أهدافها، حتى يعود هؤلاء الضيوف إلى منازلهم، وأعمالهم، وأوطانهم.
حسب التقديرات، بلغ عدد اللاجئين السوريين في تركيا 3.5 مليون لاجئ، وتشكل فئة الشباب نسبة كبيرة منهم. ولا تقيم هذه الفئة من اللاجئين السوريين في المخيمات فحسب، وإنما يقيم الكثيرون منهم في المدن. وإذا كان لدى هؤلاء الشباب وعي وحس وطني بمعنى “الدفاع عن الوطن”، فاليوم يومهم والزمان زمانهم، لأنّ سوريا وصلت للمرحلة الأخيرة، وها قد فُتح الطريق أمام أصحاب الحق في هذا البلد ليقولوا كلمتهم.
ألا يمكن أن يضطلع الشباب السوري اللاجئ في تركيا بدور حاسم في هذه المرحلة الحرجة في تاريخ سوريا؟ أليس هناك مسؤولية ملقاة على عاتقهم؟
في الحقيقة، لم تكتف تركيا بفتح أبوابها لكل اللاجئين وتقديم المساعدات لهم، بل حارب كل من يحاول احتلال التراب السوري، ونشر الإرهاب، كما تساعد السوريين في مواجهة التنظيمات الإرهابية التي تساهم في تهجيرهم إلى الخارج.
لكننا اليوم في مرحلة تحترق فيها قلوبنا، ويرتقي فيها شهداؤنا الذين يقدمون أرواحهم في سبيل تحقيق هذه الغاية السامية. ويقدم الشعب التركي الدعم الكامل لهذه العملية العسكرية كجسد واحد، ولا يقول كلمة واحدة للشباب السوري حينما يلتقي به في الشوارع والأزقة.
مع ذلك، ألا يمكن أن يضطلع الشباب السوري اللاجئ في تركيا بدور حاسم في هذه المرحلة الحرجة في تاريخ سوريا؟ أليس هناك مسؤولية ملقاة على عاتقهم؟ ألا يتوجب عليهم القيام بواجبهم تجاه بلدهم حتى لا يطأطئوا رؤوسهم من الخزي عندما ينظرون إلى إخوتهم من الشعب التركي؟
السوريون ينادون الشباب السوري في تركيا للدفاع عن وطنهم
قرأت خبرا على صحيفة “يني شفق” التركية أثار الفضول في نفسي، حيث دعا شيخ عشيرة الشعيطات، رافع عكلة، الشباب السوري اللاجئ في تركيا بالعودة إلى سوريا للدفاع عن أرض الوطن في مواجهة المنظمات الإرهابية. وفي هذا السياق، قال رافع عكلة “أنا من هنا أوجه ندائي للشباب السوري في تركيا للدفاع عن وطننا، تعالوا لننقذ أنفسنا من الإرهاب، ولندعم أشقائنا الأتراك”. وأنا هنا أشعر بفضول كبير لمعرفة كم عدد الشباب السوري من الذين تستضيفهم تركيا سيلبي هذا النداء.
مما لا شك فيه، سيكون كل من يلبي نداء وطنه ويشارك في معركة الدفاع عن حرمته بطلا قوميا، ستزخر جعبته بقصص وحكايات لتُروى عبر الأجيال. ومن يتقاعس عن تلبية نداء وطنه لن يستطيع رفع نظره عن الأرض بعد انتهاء الحرب واستقرار الأوضاع في سوريا، بينما يمكث هنا في تركيا. ألست محقا؟
المصدر: يني شفق