“حركة الشباب الفلسطيني”: حين لا ينسى الصغار

قاد الشباب الفلسطيني في المهجر الحراك المناصر للقضية وورث همومها جيلًا بعد جيل، وصار الصغار الذين ظنت جولدا مائير أنهم سينسون يومًا، شعلة العمل الحقوقي والشعبي المناصر للقضية في الخارج، وزادوا على انتماء آبائهم، إبداعًا وتنوعًا خلّاقًا أتاحته لهم بيئتهم المفتوحة واختلاطهم ببقية الثقافات وعصر العولمة الذي عايشوه.

نلقي الضوء في هذا المقال، وضمن سلسلة المقالات الموجهة للمنظمات والحركات الداعمة للحق الفلسطيني في الولايات المتحدة، على واحدة من أهم وأنشط الحركات في المدن الأمريكية: “حركة الشباب الفلسطيني PYM”.

ونبحث في مبادئ الحركة ومشاريعها وأنشطتها، ونجيب عن أي علاقة تربطها ببقية المنظمات العاملة في السياق وأي خصومات تواجه، وما الذي غيّره السابع من أكتوبر في عملها.

معاداة الإمبريالية ومركزية القضية

حركة الشباب الفلسطيني (PYM) هي حركة شعبية للفلسطينيين الشباب في المهجر والداخل، تجمع بين جنباتها شبابًا من مختلف التوجهات السياسية والثقافية والخلفيات الاجتماعية وتقودها رؤيا التحرر والعدالة التي تستمدها في نضالها ضد المشروع الاستعماري الصهيوني من نضال الشعوب الأصيلة والمضطهدة.

تنظر الحركة للقضية الفلسطينية ضمن سياقها العربي وتعتبرها امتدادًا لثقافة نيوإمبريالية استعمارية تحتل كل ربوع الوطن العربي وتستوجب النضال ضد كل أشكالها في سبيل تحرير الأرض الفلسطينية.

تستهدف الحركة تقوية الشباب الفلسطيني ودوره في أماكن وجوده كافة من خلال تسليحه بالمعرفة التاريخية والسياسية الدقيقة وتحريكه لاستثمار قوته وقدراته الاحتجاجية في سبيل المناصرة والتغيير في الداخل والخارج.

شعار حركة شباب فلسطين: “حتى العودة والتحرير”.

تسعى لذلك من خلال تركيز نشاطها بعدة اتجاهات أهمها: التنظيم الشعبي والاستجابة لحاجات المجتمعات العربية والفلسطينية في أماكن تواجد وعمل الحركة، وتدعيم المعرفة والمهارات القيادية والتحليلية للشباب الفلسطيني من خلال توفير ورش عمل وندوات ومساقات متخصصة تطرحها الحركة خلال المخيمات الصيفية وطوال العام.

إضافة إلى الاحتفال بالثقافة والتاريخ والتراث والمظاهر الوطنية الفلسطينية بتنظيم فعاليات خاصة للمجتمعات الفلسطينية في الولايات المتحدة وكندا، والمشاركة بفعاليات ومؤتمرات ومنتديات مشتركة مع حركات ومؤسسات تحارب التمييز والعنصرية والاستعمار وتشترك مع الحركة بالأهداف والرؤى.

إلى جانب تكريس وبناء العلاقات مع دول العالم الثالث لمنح القضية الفلسطينية مركزيتها وسياقها الاستعماري الذي يقوي نضالها وسعيها للتحرر، والعمل على توفير التمويل الكافي واللازم للاضطلاع بعملها من خلال المتبرعين والفعاليات الخيرية التي تعقدها الحركة.

يتركز وجود الحركة ونشاطها في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، كما تحاول مدّ وجودها إلى أوروبا، حيث عقدت عدة فعاليات في السويد وبريطانيا وإيطاليا، وتمتلك اليوم 14 فرعًا في أمريكا الشمالية ودول أوروبا.

وتعتمد الحركة بالكلية على التبرعات والمساهمات الفردية والمؤسساتية وتعتبر منظمة شبابية تطوعية، حيث تفتح أبواب التطوع والانضمام للعامة لمن يرغب بالانضمام لصفوفها، وتعقد الاجتماعات التنظيمية باستمرار للمتطوعين والراغبين بالانضمام لها.

عمل خلية النحل

تمتلك الحركة عددًا كبيرًا من المشروعات التي تنظم فعالياتها حولها، حيث تتنوع هذه المشروعات بين تنظيم المظاهرات في كبريات الولايات الأمريكية، ورفع الوعي وحشد التأييد لقضايا مركزية في العمل الفلسطيني وعلى رأسها قضية الأسرى، وأخرى تركّز على السياسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة من ضم للأراضي وإنشاء نظام فصل عنصري وشن عمليات عسكرية متتالية.

وتنشط الحركة في عشرات المدن الأمريكية التي تضم جاليات فلسطينية وعربية كبيرة. حيث تقدم خدماتها للتجمعات المحلية والوطنية للجالية. وتتنوع فعالياتها بين عقد إفطارات جماعية وليالي الدبكة ورحلات تثقيفية ومنافسات رياضية في معرض التثقيف والتعليم وجمع شتات الشباب الفلسطيني لبناء حركة شابة قوية ومؤثرة في القرار والمشهد الأمريكي.

ترتبط بعض الفعاليات بمحطات فلسطينية تاريخية مثل النكبة أو أحداث مؤثرة في مسار القضية مثل السياسات الإسرائيلية في مدينة القدس والحملات الإسرائيلية العسكرية في قطاع غزة.

وعادة ما تنظم الحركة أسابيع كاملة من الفعاليات لإحياء المحطات التاريخية المهمة فلسطينيًا، تنظم فيها الوقفات الاحتجاجية والمظاهرات في الأماكن الأكثر تأثيرًا من شوارع الولايات الرئيسية مثل واشنطن العاصمة ونيويورك وتكساس أو مكاتب الممثلين التشريعيين أو سفارة تل أبيب في العاصمة واشنطن.

تستخدم خلالها إضافةً للأساليب الاحتجاجية أخرى تعبيرية إبداعية مثل تعليق البوسترات التي تشير للشهداء وحق الفلسطينيين بالمقاومة ومناهضة المشروع الصهويني العنصري، وإحياء ليالي ثقافية تتخللها فقرات تراثية وفنية فلسطينية.

توفر الحركة قائمة تثقيفية لمواد أكاديمية وأدبية وفنية وسياسية تساعد المهتمين بتاريخ القضية والنضال الفلسطيني على تشكيل رؤية كاملة حول أبعاد القضية، ويظهر من الاختيارات التي توردها الحركة ميلها لتبني الرواية الفلسطينية التي تقوم على المقاومة بكل الوسائل ضد الاستعمار والمشروع الاستيطاني الإحلالي وما يقف خلفهما من مشروع رأسمالي تمييزي عالمي.

يترأس هذه القائمة كتاب شهداء من أمثلة غسان كنفاني وباسل الأعرج ومناضلين فلسطينيين اختبروا السجون الإسرائيلية من أمثلة أحمد سعادات وليلى خالد إضافة لعدد من الأكاديميين الفلسطينيين والعرب والأجانب البارزين في دراسة تاريخ ومآلات القضية من أمثلة إلياس خوري وخالد عودة الله.

من ناحية أخرى، توفر الحركة قائمة تعليمية إلكترونية تحوي عددًا من المراجع المخصصة لقضية الشيخ جراح، تعالج القضية ومركزيتها في الوجدان الفلسطيني من عدة زوايا وبعيون أبنائها والمختصين من الدارسين والمثقفين والمبدعين.

إضافة لعدد من التقارير الصادرة عن جهات حقوقية ودولية وعدد من الفعاليات والمشاركات على الأرض التي تستهدف رفع الوعي بشأن القضية والضغط على المسؤولين الأمريكيين وصناع القرار لوقف الدعم غير المشروط لـ”إسرائيل” وسياساتها الاستعمارية في المنطقة.

أحد مشاريع حركة الشباب الفلسطيني، وهو اصطحاب وفد مدته 10 أيام من الشباب الفلسطيني والسكان الأصليين من الولايات المتحدة إلى فلسطين. الصورة في قرية لفتا المهجرة في القدس.

كما أطلقت الحركة برنامج بودكاست يدعى “مهد الشعبية Popular Cradle” يناقش رؤى فلسطينيي الشتات والمهجر حول القضية الأم وعلاقتهم بالتراب ووحدة الأرض وسبل النضال الأنجع في الخارج لمناصرة القضية والشعب الرازح تحت الاحتلال.

من ناحية أخرى، تعقد الحركة جولات محلية ودولية لأعضائها للتعريف بالقضية الفلسطينية وتوحيد الجهود مع مؤسسات وحركات تمتلك ذات الأهداف والقيم، ففي مبادرة هي الأبرز في تاريخ الحركة، عقدت الأخيرة رحلة تثقيفية لعشرين من قادة الشباب الفلسطيني من الأرض المحتل والشتات إلى جنوب إفريقيا عام 2019.

تركزت أهداف الرحلة على التعرف على النضال الجنوب الإفريقي في مواجهة نظام الفصل العنصري وبناء علاقات قوية بالحقوقيين في جنوب إفريقيا والحركات الوطنية والشعبية فيها.

كما أطلقت الحركة منذ 2015 عددًا من المنح الثقافية الموسمية التي منحتها اسم منح غسان كنفاني وخصصتها للفنون والأدب المقاوم وكرّمت من خلالها عددًا من الفنانين والأدباء الفلسطينيين الشباب، كما عملت على إعادة إنتاج ونشر منتج المشاركين لرفع الوعي بالقضية الفلسطينية وإيصال أصوات الشباب الفلسطيني الرافض “لاتفاقيات أوسلو” وال”مؤيد لنهج المقاومة الأول” وفقًا للحركة إلى الطيف العام من الشعب الأمريكي والكندي.

صداقات متشعبة وأهداف متصلة

تجمع الحركة شراكات استراتيجية مع منظمات أمريكية مشابهة منها منظمة مسلمون أمريكيون من أجل فلسطين AMP، فتنظم بالاشتراك معها عددًا من الفعاليات أهمها يوم المناصرة الفلسطيني Palestinian Advocacy Day الذي تنظمه المؤسسات العاملة للحق الفلسطيني في الولايات المتحدة بشكل سنوي وتجمع فيه الناشطين الفلسطينيين والعرب والأجانب العاملين في مجال القضية للالتقاء بالممثلين التشريعيين والمسؤولين الأمريكيين في واشنطن العاصمة لمناقشة مسارات القضية الفلسطينية والجهود المبذولة لوقف الدعم الأمريكي لـ”إسرائيل” وتصحيح مسار التاريخ فيما يتعلق بالحق الفلسطيني.

إضافة إلى شراكتها مع منظمات أخرى مثل منظمة العودة وشبكة الجالية الفلسطينية في الولايات المتحدة ومؤسسة صامدون التي تعقد بالتعاون معها باقة متنوعة من الفعاليات سواء الاحتجاجية أو الثقافية.

مظاهرة ضخمة ساهمت حركة الشباب الفلسطيني في تنظيمها. نيويورك. 2 مارس 2024.

وقد نظمت الحركة بالاشتراك مع عدد من المنظمات العاملة في مجال الحق الفلسطيني مؤتمر الشعب لأجل فلسطين في مايو/أيار الماضي، وقد جمعت إضافة لحركة طلاب من أجل العدالة في فلسطين وشبكة الجالية الفلسطينية ومؤسسة العودة والشبكة الدولية لليهود المعادين للصهيونية وغيرها من المنظمات القادة الشباب والمؤثرين والعاملين على الحقوق الفلسطينية من مختلف دول العالم في هذا المؤتمر الذي استهدف الفترة الحرجة التي تمر بها القضية الفلسطينية حاليًا وسبل التعاون بين المنظمات الحقوقية والشعبية للضغط باتجاه إيقاف المقتلة في القطاع وحشد الدعم والتأييد العالميين.

تدعم الحركة أيضًا جهود حركة المقاطعة وفرض العقوبات وسحب الاستثمارات BDS، حيث تشارك في حملات المقاطعة، ومنها حملة “لا تكنولوجيا لنظام الفصل العنصري” الذي احتجت فيها على التعاون بين شركات مثل جوجل وأمازون والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية لتوفير خدمات المراقبة والتجسس.

لكنها تعمل كذلك بشكل مستقل على إطلاق حملات مقاطعة خاصة بها، فأطلقت حملة مقاطعة مؤخرًا تتكئ على قرار محكمة العدل الدولية بفرض إجراءات احترازية على “إسرائيل” بدعوى وجود أساس معقول لارتكابها إبادة جماعية في قطاع غزة، وقد استهدفت الحملة شركة ميرسك الدنماركية الجنسية للشحن واللوجستيات.

أطلقت الحركة حملتها هذه ضمن مؤتمر صحفي جمعت تحت لوائه نقابات العمال وحركات الطلبة ومنظمات حقوقية وشعبية مختلفة في الولايات المتحدة، وطالبت شركة ميرسك بالانصياع لقرار محكمة العدل ووقف صادراتها لـ”إسرائيل” وفسخ كل عقود الشحن للأسلحة التي تربطها بالكيان والتي تُعدّ مساهمة مباشرة في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، كما أطلقت من قبل حملة مقاطعة شركة الأسلحة الأمريكية بوينج واتهمتها بالمساهمة الفعلية في الحرب الإبادية على الفلسطينيين في القطاع وفي بقية ربوع فلسطين.

من ناحية أخرى، تدعم الحركة نضال السكان الأصليين في الولايات المتحدة وتعتبر العنصرية الأمريكية متصلة بشكل حيوي بالعنصرية الصهيونية في الأراضي المحتلة، وقد عبرت عن دعمها لمجتمعات السكان الأصليين في عدة مناسبات، أبرزها إرسال بعثة من الحركة لنورث ديكوتا لدعم حراك السكان الأصليين ضد محاولات الحكومة الأمريكية الاستيلاء على أراضي قبائلهم لمد خط للغاز الطبيعي فيها، واعتبرت الحركة النضال الفلسطيني مشتركًا مع نضال السكان الأصليين الذين تعرضوا مثلهم للإبادة الجماعية والتهجير وسياسات الاستعمار الاستيطاني الإحلالي من الغرب.

إضافة لشراكاتها ودعمها الداخلي، تدعم الحركة عددًا من الحراكات والمنظمات العالمية المناهضة للاستعمار والتمييز العنصري، وقد أعلنت بشكل رسمي دعمها لحركة المهاجرين في اليونان ضد عنف واضطهاد الاتحاد الأوروبي. إضافة لدعمها لحركات نسوية عربية وفلسطينية منها حركة “طالعات” حيث اعتبرتها حركات مقاومة وحيوية للنضال الفلسطيني في وجه التحكم الاستعماري الإسرائيلي.

العداوة الصهيونية

تعرضت الحركة لهجوم شرس من صهاينة ويمينيين متطرفين أمريكيين بسبب نشاطها ودعمها المعلن للمقاومة الفلسطينية، وتم وصمها بداعمة الإرهاب والشباب المتطرف لاتخاذها رموزًا مثل غسان كنفاني وأسرى مدانين بقتل يهود في واجهة عملها ولتوجيهها تحية دعم للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة. إلى الحد الذي دفع جهات أمريكية لإلغاء تعاملاتها اللوجستية مع الحركة تحت ضغط الجهات الصهيونية حتى لا تدان هي الأخرى بدعم الإرهاب.

لم تسلم الحركة من اتهامات معاداة السامية، السلاح الصهيوني الأبرز حاليًا في الولايات المتحدة لإيقاف أي انتقاد يطال السياسة الإجرامية للكيان في القطاع وبقية ربوع فلسطين

تصف منظمة مراقبة المؤثرين “Influence Watch” الحركة بالمعادية لـ”إسرائيل”، وتشكك في مصادر تمويلها مدعية أنها ممولة من جهات مشبوهة معادية لـ”إسرائيل”، بينما تتهمها رابطة مناهضة التشهير (ADL)، المنظمة الصهيونية الأبرز في الولايات المتحدة، بالعمل على نشر ثقافة العنف والقلاقل في المجتمع الأمريكي ومحاولة تضليل الشباب الأمريكي خاصة الطلاب، واستضافة من وصمتهم الرابطة بالضلوع بالإرهاب مثل ليلى خالد ورسمية عودة وغيرهن من الناشطات الحقوقيات في الولايات المتحدة والخارج.

وفي المقابل، شاركت الحركة في حملة “أوقفوا رابطة مناهضة التشهير ADL” معتبرة أن المنظمة تملك تاريخًا حافلًا من العنصرية والتجسس والاضطهاد للأصوات المناصرة للقضية الفلسطينية.

لم تسلم الحركة من اتهامات معاداة السامية، السلاح الصهيوني الأبرز حاليًا في الولايات المتحدة لإيقاف أي انتقاد يطال السياسة الإجرامية للكيان في القطاع وبقية ربوع فلسطين. وقد رفضت الحركة تعريف رابطة إحياء ذكرى الهولوكوست الموسع لمعاداة السامية وخلطها بمعاداة الصهيونية داعية في الوقت عينه لمحاربة معاداة السامية كنوع من أنواع التمييز العرقي.

وبالطبع، فقد لاحق مشروع كناري المشبوه أعضاء الحركة والناشطين فيها وأدرجهم على قوائم داعمي الإرهاب في الولايات المتحدة.

طوفان العمل الشبابي: السابع من أكتوبر

أيدت الحركة هجمات المقاومة في السابع من أكتوبر واعتبرتها حقًا طبيعيًا للشعب الواقع تحت الاستعمار ونتيجة منطقية للمشروع الاستيطاني القائم على اضطهاد الشعب الأصيل، وعبرت عن دعمها لحق المقاومة بإعداد وتنظيم عدد من الفعاليات التعليمية التي توضح ما جرى في السابع من أكتوبر والدافع وراءه، منها إعداد وتوزيع قائمة مصادر إلكترونية لتثقيف الشباب الأمريكي والأجنبي عمومًا حول حق المقاومة والظروف التي أدت إلى هذه الهجمات.

ولم يكن تأييد الحركة للسابع من أكتوبر مفاجأة، فهي تنتهج منذ بداياتها المبكرة نهجًا مؤيدًا للمقاومة بكل السبل المتاحة وعلى رأسها الكفاح المسلح، متخذةً من المقاومين الفلسطينيين رموزًا وقدوة للشباب الفلسطيني أينما حلّ، كما أبدت الحركة رفضها لمحاولات شيطنة شعار “من النهر إلى البحر” واعتبارها معادية للسامية، حيث بينت في بيان لها مفصلية الشعار للنضال الفلسطيني الجامع ضد الإمبريالية الصهيونية في كل ربوع فلسطين.

منذ السابع من أكتوبر كثفت الحركة من جهودها وفعالياتها للمطالبة بوقف دائم لإطلاق النار ورفع الحصار عن القطاع وإنهاء الدعم الأمريكي للمشروع الاستيطاني الصهيوني، ووجهت دعوات متكررة للشباب الأمريكي بالاحتجاج بكل السبل من مشاركة بالمظاهرات والوقفات الاحتجاجية والتواجد في مكاتب المسؤولين ومقاطعة خطابات الضالعين في المقتلة في القطاع والداعمين لها من مسؤولين وغيرهم.

وتنوعت فعالياتها بين الوقفات الاحتجاجية التي انتقت لها الحركة أكثر الأماكن تأثيرًا من مبنى الكونجرس والبيت الأبيض ومكاتب المشرعين والمسؤولين وردهات دور الإعلام والصحافة المنخرطة في بروباغندا الحرب في القطاع، وبين تنظيم المظاهرات الضخمة التي جابت شوارع الولايات الأمريكية المفتاحية مثل نيويورك وواشنطن العاصمة ولوس أنجلوس، ومقاطعة خطابات المسؤولين والفعاليات الأمريكية المهمة لجذب الانتباه والضغط على المنظمين والمسؤولين لتغيير خط السياسة الأمريكية بخصوص الحرب الإبادية في القطاع، إضافة إلى احتلال مواقع حيوية مثل الجسور والطرق الرئيسة في الولايات.

لم تقتصر الفعاليات الاحتجاجية على الولايات والمدن الأمريكية، لكنها تعدتها أيضًا لمدن كندا وعلى رأسها تورنتو، لمطالبة الحكومة الكندية بوقف دعمها للمقتلة المستمرة في القطاع والضغط باتجاه وقف دائم لإطلاق النار هناك.

كما دعت الحركة لإضرابات تجارية خاصة في ولاية نيويورك التي تعد عصب الحياة الاقتصادية الأمريكية تحت شعار “لا تجارة وغزة تباد”، وأخرى أكاديمية طالبت فيها الطلبة والموظفين والهيئات التدريسية والعاملين في حرم الجامعات الأمريكية بالإضراب تكريمًا لشهداء غزة وللضغط على إدارات الجامعات لسحب استثماراتها في الحرب الإبادية في القطاع من خلال العقود والصفقات التي تربطها إما بشركات ومؤسسات إسرائيلية بشكل مباشر أو بشركات ومؤسسات داعمة ومستفيدة من السياسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة وفي القطاع على وجه الخصوص.

وقد نظمت الحركة هذه الدعوات بالتعاون مع عدد من الجهات الحقوقية والشعبية الفاعلة في مجال المناصرة للقضية الفلسطينية على رأسها حركة طلاب من أجل العدالة في فلسطين.

علاوة على ما ذكرناه، دعمت الحركة انتفاضة الجامعات الأمريكية واعتبرتها امتدادًا طبيعيًا للنشاط الطلابي في الجامعات الأمريكية لمواجهة حرب إبادية تعتبر الحكومة الأمريكية ممولها وداعمها الأبرز عالميًا. وتابعت الاحتجاجات الطلابية وشاركت فيها عن كثب بينما اتهمتها جهات صهيونية بالوقوف وراء أول معسكر طلابي في كندا إضافة للمعسكر الأكثر تأثيرًا في الأحداث في جامعة كولومبيا.

كما نظمت الحركة عددًا من الفعاليات الإسنادية لجهود الطلبة وساهمت في تعبئة صفوفهم وتنظيم فعالياتهم وتزويدهم بالثقافة السياسية والتاريخية المطلوبة لمواجهة هجمة الإعلام الأمريكي المسعورة ضدهم لإظهارهم بمظهر الجهلة الذين يتم تحريكهم من جهات وأجندات خارجية.

ختامًا، حركة الشباب الفلسطيني واحدة من أبرز الحركات الشعبية العاملة لمناصرة القضية الفلسطينية في الولايات المتحدة. وهي كتلة من النشاط والإبداع الشبابي الخلَاق والمتنوع، والتي تسهم بفهمها الدقيق للقضية الفلسطينية واستقائها من خبرات الأجيال الماضية ورؤيتها الشاملة لحل يقوم على المقاومة بكل السبل وإنهاء المشروع الاستيطاني الاستعماري في فلسطين المحتلة، بخلق أمل وأفق جديد للعمل الشعبي على أراضي أكبر داعم للمشروع الصهيوني وتقويض جهودها الرامية لتدجين الشباب الفلسطيني ومحو وجدانهم، بينما تصر الحركة على الإعلان الصريح أن الفلسطيني ما زال موجودًا ويناضل في سبيل التحرر الكليّ جيلًا بعد جيل.