ترجمة وتحرير: نون بوست
ينبغي الاحتفاء بكل نجاح، خاصة إذا ساهم في عودة الرهائن إلى ديارهم بعد ثمانية أشهر من الأسر المضني، ولكن يجب أيضًا أن نتذكر من يجلس أمامنا على طاولة المفاوضات.
وسط المشاهد المبهجة التي عمّت إسرائيل يوم السبت في جميع أنحاء إسرائيل عند سماع خبر إنقاذ الرهائن نوى أرغاماني، وأندريه كوزلوف، وشلومي زيف، وألموج مئير جان، يتم التفكير في مصير الرهائن الآخرين الذين لا يزالون في أسر حماس وإبرام صفقة تعيدهم إلى عائلاتهم.
بالنظر إلى تجربة إسرائيل الأخيرة في محاولة التوصّل إلى اتفاق مع الحركة الإرهابية، يبدو أنه من المنطقي افتراض أنه رغم المشاعر الطيبة والفرحة التي رافقت أحداث يوم السبت إلا أن ذلك لن يؤدي إلا إلى جعل قلوب قيادات حماس أقسى عندما يتعلق الأمر بالتنازلات الدبلوماسية اللازمة لتحقيق السلام.
وفور إعلان نبأ الإنقاذ، صرّح زعيم حماس إسماعيل هنية للعالم قائلًا: “لن يستسلم شعبنا، وستواصل المقاومة الدفاع عن حقوقنا في وجه هذا العدو المجرم”. وأضاف “إذا كان الاحتلال يعتقد أن بإمكانه فرض خياراته علينا بالقوة، فهو واهم، ولن توافق والحركة على أي اتفاق لا يحقق الأمن لشعبنا أولًا وأخيرًا. تواصل إسرائيل المجازر بحق شعبنا وأطفالنا ونسائنا، التي تجري فصولها الآن في النصيرات ودير البلح”.
تحديات العودة إلى طاولة المفاوضات
ولئن كانت صفقة الرهائن قضية طويلة الأمد من قبل، فإن إعادة حماس إلى طاولة المفاوضات وحملها على قبول العروض المقدّمة إليها بوساطة الولايات المتحدة وقطر ومصر في المحادثات تبدو أكثر صعوبة.
كانت هذه العملية العسكرية ثالث عملية إنقاذ رهائن معروفة ينفّذها الجيش الإسرائيلي منذ بداية الحرب. تم إنقاذ الجندي الإسرائيلي أوري مجيديش في تشرين الأول/ أكتوبر 2023 من شمال قطاع غزة، وبينما تم تحرير كل من فيرناندو سيمون مارمان (60 سنة) ولويس هير (70 سنة) في شباط/ فبراير 2024 من جنوب رفح.
ظلّ الجيش الإسرائيلي محاصرًا في غزة لأشهر دون أن ينفّذ “سوى” ثلاث عمليات إنقاذ رهائن ناجحة (إلى جانب عملية تبادل الأسرى والرهائن في تشرين الثاني/ نوفمبر) لإظهار جهوده فيما يتعلق بإعادة الرهائن إلى ديارهم. أما ما إذا كان يمكن اعتبار ذلك نجاحًا أم لا، تتباين الآراء بشأن ذلك بالنظر إلى متاهة الأنفاق والمباني ذات الطوابق العالية في غزة، إلى جانب تعدد الجماعات الإرهابية التي ربما تحتجز الرهائن.
يُظهر مستوى المعلومات الاستخبارية التي جمعها الجيش الإسرائيلي إلى جانب ما قدّمه الأمريكيون مدى تعقيد التفاصيل في التخطيط لمثل هذه العمليات، ويجب الإشادة بجيشنا على عمله المذهل الذي أدّاه في ظروف صعبة في النصيرات، وإنقاذ الرهائن في نفس الوقت من موقعين مختلفين.
مع ذلك، لا تسير الأمور أبدًا بالسلاسة التي تبدو عليها. فقد وردت أنباء مساء يوم الأحد عن ادعاء حماس أن ثلاثة رهائن، من بينهم مواطن أمريكي، فقدوا حياتهم بالفعل في عملية الإنقاذ مما يُظهر الخيط الرفيع بين الحياة والموت في كل لحظة يقضيها الرهائن عالقين في غزة. كل هذا يعني أنه يجب على إسرائيل أن تستمر في التفاوض واستخدام الضغط الدولي على حماس لضمان وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن المتبقين. لا يمكننا الاعتماد فقط على الجيش لإنقاذ الرهائن خلال السنوات القادمة. فالوقت أصبح عاملًا جوهريًا.
رافق أخبار يوم السبت إعلان مأساوي عن العثور على والد ألموغ مئير جان، أحد الرهائن الأربعة الذين تم إنقاذهم من أسر حماس، ميتًا في منزله يوم السبت – وهو نفس يوم إنقاذ ابنه. يجب أن نبتهج فرحًا بعودة الرهائن الأربعة والغارة الشجاعة والجريئة التي أعادتهم إلى الوطن. لكن وفاة أب قبل ساعات فقط من إنقاذ ابنه من الأسر هي مأساة تؤثر على الأمة بأسرها.
يجب الاحتفال بكل نجاح في ساحة المعركة، خاصة عندما يؤدي إلى عودة الرهائن إلى الوطن بعد ثمانية أشهر من الأسر، ولكن يجب أن نذكّر أنفسنا أيضًا أن كل انتصار إسرائيلي صغير يُقسّي قلوب أتباع حماس الذين يجلسون أمامنا على الطاولة بينما نطالبهم بإطلاق سراح أبنائنا وبناتنا.
المصدر: جيروزاليم بوست