منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية كانت محط رحال المهجرين من أرياف حلب، بسبب أمنها الدائم وعدم تعرضها للقصف من قوات النظام، وكذلك الهجمات البرية التي كانت تشنها الأخيرة لم تكن إلا على مناطق قوات المعارضة، بسبب تحالف ميليشيا الوحدات مع قوات النظام وتأمين كل مستلزمات البلدتين نبل والزهراء الشيعيتين وذلك خلال محاصرة البلدتين من قوات المعارضة.
تكاثرت الحروب على المنطقة في احتلال تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” لمناطق واسعة من الشمال السوري، وكذلك قوات النظام؛ مما جعل مدينة عفرين مركز استقطاب لأعداد هائلة من النازحين الميسورين الحال كالتجار وأصحاب المصانع الذين غزوا المنطقة اقتصاديًا وأكسبوها أهميةً إستراتيجية تزيد من مصاعب السيطرة عليها الآن.
إضافة إلى ذلك، نشطت الميليشيا بإقامة معسكرات وترسانات وخنادق داخل الجبال وحول البلدات والقرى، حيث شملت الخنادق مناطق سيطرتها في خطة مسبوقة لتمكين دفاعاتها وتعزيز أمنها، وتقدر تكلفتها بآلاف الدولارات التي كانت تستقدمها عبر المعابر التي تصل مناطق المعارضة في ريف حلب الغربي بالريف الشمالي.
وقالت مصادر محلية في عفرين إن شاحنات كبيرة تابعة تحمل “هنكارات أسمنتية مسلّحة” نُقلت إلى محيط منطقة عفرين في أوقات سابقة، بهدف عمل أنفاق للحماية من أي قصف جوي ومدفعي محتمل، مضيفًا أنها ما زالت تواصل العمل على استجلاب “بلوكاسات” أخرى.
وفي إطار عمليات غصن الزيتون التي أطلقتها القوات التركية بالتعاون مع الجيش السوري الحر، في 20 من يناير من الشهر الحاليّ، للسيطرة على عفرين لا بد من وجود تحضيرات قبيل المعركة من الميليشيات والأحزاب الأخرى المنضوية تحت مسمى “قوات سوريا الديموقراطية”، وخلال تلك الاستعدادات شنت ميليشيا الوحدات عشرات من حملات التجنيد الإجباري تحت مسمى “واجب الدفاع الذاتي” من المناطق الخاضع لسيطرتها في منطقة عفرين من المكونين العربي والكردي، لرفدهم في معسكرات تدريب خاصة تقوم بتدريبهم على حرب الشوارع وغيرها وتهيئتهم لخوض المعارك ضد قوات المعارضة المسلحة وقوات الجيش التركي.
تسلمت الميليشيا الكردية كميات كبيرة من الأسلحة الخفيفة والثقيلة، إضافة للصواريخ المضادة للدروع من الولايات المتحدة الأمريكية وتم نقل قسم كبير منها إلى منطقة عفرين خلال العام الماضي
كما فتحت الميليشيا باب التطوع في أحد أفواجها مقدمةً عروضًا وإغراءات مالية كراتب شهري “200 دولار” وتم رفعه لاحقًا إلى 300 دولار أمريكي، للعنصر الذي ينضم لصفوفها، إضافة إلى إعانة خاصة “ضمان صحي وصناديق غذائية” لجذب المزيد من الشباب، وأشارت المصادر أن المساعدات مقدمة من “الهلال الأحمر السوري” لمدنيي عفرين، وتستلمها الميليشيات وتوزعها على عناصرها، بالتزامن مع إطلاق أنقرة عدد من التصريحات بخصوص المعركة، وكذلك التخلي الفعلي لبعض الحلفاء الدوليين عنها.
ومن جانب آخر نشطت الميليشيا في تسليح أكبر عدد ممكن من المكونات العسكرية في المنطقة استعدادًا للمعركة وقامت الميليشيات بتعزيز النقاط التي انسحبت منها القوات الروسية فور إعلان المعركة، وزجت بمئات العناصر المدربين والمؤهلين لخوض المعارك على خطوط التماس الأولى، ورفعت الجاهزية لعناصرها على الجبهات كافة، وتم توزيع عناصر الفصائل العربية المتحالفة معها على مواقع شمالي عفرين.
كذللك قللت من حركة القيادات العربية في “جيش الثوار”، وقادة الفصائل ذات الغالبية العربية الأخرى، وأبعدتهم عن مناطق التماس مع المعارضة وزجت بهم في الجبهات المواجهة للقواعد العسكرية التركية في جبل سمعان والشيخ عقيل في ريف حلب الغربي وأطمة بريف إدلب الشمالي، لاحتمالية أن يحدث انشقاقات في صفوفها وتسليمها لقوات غصن الزيتون، فيما شهدت مناطق سيطرتها تصعيدًا عسكريًا داخل الأحياء السكنية.
ومن جانب آخر تسلمت الميليشيا كميات كبيرة من الأسلحة الخفيفة والثقيلة، إضافة للصواريخ المضادة للدروع من الولايات المتحدة الأمريكية وتم نقل قسم كبير منها إلى منطقة عفرين خلال العام الماضي، حيث استخدمت بعضها أكثر من مرة ضد أهداف تابعة لفصائل المعارضة في “درع الفرات” في أثناء الهجمات التي تشنها على الأخيرة، وذكرت مصادر عدة تفيد بوصول شحنة صورايخ مضادة للطائرات إلى قبيل أسبوع من بدء عملية “غصن الزيتون” وإلى الآن لا يوجد أي إثبات أو نفي عن تسلم الميليشيات الشحنة.
تكبد ميليشيا الوحدات خسائر كبيرة جدًا فور انطلاق المعركة وخاصة التصريحات التركية التي أعلنت في 20 من يناير تدمير 110 أهداف كانت متحصنة فيها الميليشيات
وأفادت مصادر عسكرية من “ميليشيا سوريا الديمقراطية” سحبت منتصف الشهر الحاليّ نحو 1100 عنصر من مقاتليها المنتشرين في مدينة الرقة، ونقلتهم إلى مدينة منبج وريفها غرب نهر الفرات، لمواجهة الجيش التركي وفصائل المعارضة، أن الميليشيا نقلت أيضًا عشرات الآليات العسكرية الأمريكية من الرقة، التي تضمنت ناقلات جند وراجمات صواريخ، إضافة إلى أجهزة اتصال وتشويش وغيرها من معدات الدعم اللوجيستي، بالإضافة إلى عناصرها على دفعات صغيرة باستخدام سيارات مدنية وحافلات نقل عمومي إضافة للشاحنات.
وأجرت الميليشيات استعراضات عسكرية في مناطق سيطرتها، وجالت أرتال السيارات رباعية الدفع والمصفحات مدينة عفرين والقرى المحيطة بها، استعراضات القوة كان هدفها تسخين الشارع وجذب المزيد من المقاتلين إلى صفوفها، إضافة إلى اكتساب تأييد في حاشيتها المدنية، في خطة مسبوقة عملت الميليشيات عليها.
فيما بذلت الميليشيات جهدًا في سبيل إيقاف عملية “غصن الزيتون”، وإعاقة تقدمها واستمرارها ببث بيانات متتالية تصدرها قيادتها تهدف لحشد التعاطف الدولي المطالب بوقف المعركة.
وفي أحدث بياناتها، طلبت “الوحدات” من النظام، القيام بواجباته السيادية تجاه عفرين، وحماية حدودها مع تركيا من “العدوان التركي” الذي يشن على بلاده، وفي بيان آخر أصدرته الميليشيات دعت مقاتلي فصائل المعارضة للانشقاق عن قوات الاحتلال التركي كما تدعي.
وذكرت مصادر أخرى اجتماع وفد من قوات النظام مع قادة في “وحدات حماية الشعب” معظمهم غير سوريين، في مدينة نبل الشيعية بريف حلب الشمالي وبحثوا مواضيع أبرزها تفعيل “المربع الأمني” للنظام في عفرين، وأن تواجه “قوات الأسد” سرًا التدخل التركي إلى جانب ميليشيا سوريا الديموقراطية.
وتكبد ميليشيا الوحدات خسائر كبيرة جدًا فور انطلاق المعركة وخاصة التصريحات التركية التي أعلنت في 20 من يناير عن تدمير 110 أهداف كانت متحصنة فيها الميليشيات، كانت قد حددتهم هيئة الأركان التركية التي خلفت عشرات القتلى في صفوفها حسب مصادر محلية، فيما خسرت الميليشيات مئات العناصر حسب إحصاءات من المنطقة، الذين قتلوا على يد قوات المعارضة والجيش التركي خلال المعارك الدائرة ضمن عمليات غصن الزيتون.
ومن جانبها أسرت قوات غصن الزيتون 15 عنصرًا من الميليشيات خلال المعارك، كما خسرت الميليشيات العديد من المواقع والتحصينات التي أعدتها تحسبًا لأي هجوم وأهمها “جبل برصايا الإستراتيجي شمال غرب مدينة أعزاز بكونه يطل على العديد من البلدات في منطقة عفرين.