ترجمة وتحرير: نون بوست
عندما تضطلع بدور القائد، من الطبيعي أن تخشى اقتراف الأخطاء، وعلى الأرجح أن هذا الخوف يعزى لأسباب منطقية. ففي الواقع، قد تتسبب زلة واحدة في انهيار مشروع تجاري أو شركة بأكملها. وقد يترتب عن الأخطاء المرتكبة على مستوى المبيعات أو التسويق خسائر فادحة في المداخيل، بينما يمكن أن تقود الهفوات المالية الشركات إلى الإفلاس. لكن، يمثل هذا الشعور بالخوف عائقا في وجه تطور رجال الأعمال والمديرين. وهناك خطأ قاتل وحيد يعجز القادة عن الانتباه له، ما يضعهم في خانة المذنبين، الذي يتمثل في تجاهل الثقافة التنموية في صلب الشركة.
لعل أبرز عامل يقف في وجه التطور بشكل سريع يتمحور حول الثقافة السلبية في العمل، حيث تشجع بيئة العمل غير البناءة الموظفين على ترك العمل، وتعيق نمو الشركة. في المقابل، تساعد ثقافة المؤسسة التي تحفز على روح القيادة، على دفع المشروع إلى تحقيق المزيد من النجاح في حين يعجز الآخرون عن اللحاق بالركب. ومن الناحية الاحصائية، تعتبر الشركات التي تتسم ببيئة وممارسات إيجابية أكثر إنتاجية مقارنة بمنافسيها.
بغية خلق ثقافة عمل إيجابية، لابد من أن تحرص على فعل هذا الأمر وتلتزم به، علما وأن الثمار التي ستجنيها بفضل ذلك لا تعد ولا تحصى. من هذا المنطلق، دعنا نتطرق إلى بعض السبل التي يمكنك أن تعتمدها حتى ترسخ ثقافة إيجابية تنموية في صلب شركتك.
يجب على الشركات التي ترغب في تطوير المهارات القيادية لموظفيها توفير الوسائل اللازمة لهم، التي تمكنهم من تطوير مهاراتهم
توظيف الأشخاص المناسبين
تعتبر عملية تعيين موظف جديد داخل مؤسستك محفوفة بالمخاطر، خاصة عندما تكون بصدد بناء ثقافة جديدة في العمل. وبالتالي، يصنع اختيار الشخص المناسب منذ البداية لتولي منصب ما، فارقا كبيرا لا يقتصر على نجاح الأفراد فحسب، وإنما الشركة بأسرها.
لكن، بدلا من التركيز فقط على مدى تطابق المترشحين مع الخصائص المطلوبة، على غرار المهارات الأكاديمية والتدريب التقني، تذكر أن تأخذ بعين الاعتبار المهارات الأولية والاتصال الشخصي أيضا. فمن الضروري أن يتمتع القائد بجملة من الصفات بالغة الأهمية، مثل قدرات التواصل الفعالة، والمهارات الشخصية والتعامل مع الآخرين، فضلا عن ممارسات وتصرفات إيجابية في مجملها. وفي هذا الصدد، كشفت الأبحاث أن المهارات الشخصية أو الاتصال الشخصي تساهم بنسبة 85 بالمائة في النجاح في الوظيفة في مكان العمل، مما يجعلها أكثر أهمية بالمقارنة مع المهارات التقنية والمعرفة البحتة.
إلى جانب ذلك، يجب أن تجلب الشركات التجارية الملتزمة بالتشجيع على تنمية المهارات القيادية، الذي يندرج بدوره ضمن ثقافة الشركة، الأشخاص الذين سوف يساهمون في تعزيز مناخ إيجابي. وقبل أن يتخذ فريق التسويق قرارا آخر لتوظيف شخص معين، حاول أن تخصص بعض الوقت لتقييم الصفات التي يمكن أن تفيد شركتك التجارية.
التشجيع على التعلم المستمر
يجب على الشركات التي ترغب في تطوير المهارات القيادية لموظفيها توفير الوسائل اللازمة لهم، التي تمكنهم من تطوير مهاراتهم. وتجدر الإشارة إلى أن فوائد التعلم المستمر تمتد إلى ما هو أبعد من مكان العمل. وفي هذا الإطار، كشفت دراسة قامت بها مجلة “هارفارد بزنس ريفيو” أن التعلم المستمر يمكن أن يُحسن صحة الفرد، وأحواله المالية، وحياته الاجتماعية، ما يساعد على توظيف موظفين يتسمون بالوفاء والإيجابية.
بناء على هذه المعطيات، قم بتحديد فرص التعلم المتاحة لقطاع نشاطك التجاري، التي يمكن أن توفر موادا بناءة لموظفيك. ويمثل حضور المؤتمرات فرصا كبيرة لإقامة شبكات التواصل وتطوير القدرات المهنية، فضلا عن الاجتماعات المحلية أو المناقشات التي يمكن أن تلعب دورا مهما في هذه العملية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تساعد مواقع التعلم عبر الإنترنت؛ على غرار كورسيرا وأوديمي، المهنيين الذين لا يملكون أوقات فراغ كافية لتعزيز مكتسباتهم المعرفية. وغالبا ما تسمح هذه المواقع لمستخدميها بأن بأن يحظوا بأوقات دروس تتلاءم مع جدول أعمالهم. كما تنظم هذه مواقع التعلم عن بعد العديد من الدورات المجانية، بالإضافة إلى مجموعة واسعة من المواضيع والتخصصات التي تتناسب مع الجميع.
في الحقيقة، من شأن تشجيع الموظفين على تطوير مهاراتهم والتعلم المستمر، داخل إطار ثقافة الشركة، أن يكون له تأثير إيجابي على الشركة على المدى البعيد. كما تساعد هذه الاستراتيجية الموظفين على مواكبة مستجدات العصر، وتوفر لهم مفاتيح الحصول على المزيد من الفرص في المستقبل.
مساعدة الفرق على تطوير مهارات الإدارة الذاتية
لتطوير المهارات القيادية، يجب منح الموظفين الفرصة لوضع مهاراتهم موضع التنفيذ. وقد يعني ذلك أنه على المديرين أن يتراجعوا من وقت لآخر وأن يسمحوا لأعضاء الفريق الآخرين باتخاذ المبادرة والقرارات من تلقاء أنفسهم. وفي هذا الإطار، نفذّت العديد من الشركات القائمة على المعرفة “استراتيجية سكرم” كمبدأ توجيهي لبناء المزيد من الفرق التي تدير نفسها، خاصة بالنسبة للمشاريع الكبيرة التي تتطلب التعاون. وتعد “استراتيجية سكرم” من المناهج الحيوية لإدارة المشاريع التي تسمح لكل عضو من أعضاء الفريق بالمشاركة في اتخاذ القرارات ووضع خطط العمل.
يعد التشجيع على تنمية مهارات قيادية داخل الشركة شرطا ضروريا لتحقيق النجاح
من أجل تحقيق المزيد من الاستقلالية لفرق العمل، والتأكد في الوقت ذاته أنها تسير على المسار الصحيح، قد يكون من الضروري استخدام برنامج لإدارة المشاريع. وفي هذا السياق، يمكن أن تكون برمجية “نوتكاش” خيارا مناسبا، لأنها تتبع نفس أسلوب عمل “سكرم”، الذي يشجع على الإدارة الذاتية. كما تساعد لوحة المتابعة وإسناد المهام على التأكد من أن الجميع في الفريق يعرفون أولوياتهم وإنجازاتهم ووضعيتهم. ومن المحتمل أن تطبيق مفهوم الإدارة الذاتية يعد مفهوما غريبا تماما للعديد من الشركات، ولكنه يمثل وسيلة رائعة للتشجيع على تطوير المهارات القيادية بصفة مستمرة.
ختاما، أوضح المدير التنفيذي لشركة “باينبريدج هيلث”، جوزيف كوب، أن “الشركة تصبح قوية من خلال الثقافة الأساسية التي تخلقها وتدعمها”. ومن هذا المنطلق، يساعد الترويج لثقافة إيجابية داخل الشركات على تحديد قيمة كل موظف وتعزيز التفاعلات والالتزامات داخل مكان العمل. ويمكن أن يضر الفشل في خلق ثقافة إيجابية بشكل استراتيجي في النشاط التجاري للشركة، فضلا عن التأثير على الموظفين الذين ينتمون إليها. لذلك، يعد التشجيع على تنمية مهارات قيادية داخل الشركة شرطا ضروريا لتحقيق النجاح.
المصدر: سمارت بريف