بحلول عام 2050 سيكون لدينا ما يعادل 9 مليارات شخص يعيشون على هذا الكوكب، ولكي نستطيع إطعام كل هذا العدد الكبير علينا زيادة الزراعة بنسبة 70% كي نحد من انتشار المجاعات، لكن السؤال هنا: كيف نستطيع إطعام 9 مليارات شخص؟
تحت شعار “عيش، حرية، عدالة اجتماعية” اجتاحت الثورات العالم العربي، والسبب الرئيسي كان “العيش”، فالارتفاع المستمر في الأسعار جعل آلاف الأشخاص لا يستطيعون تحمل ثمنه.
طوال السنوات الماضية حاولنا إنتاج ما يغطي احتياجاتنا الرئيسية فقط من الطعام، لكن عندما ننظر إلى المستقبل سنكتشف مدى هشاشة نظام الطعام لدينا، بسبب ارتفاع المواليد وغلاء الأسعار، فاستهلاك الأغنياء واحتكارهم لكثير من أسواق الطعام جعلت الخبراء يؤمنون باحتياجنا لزيادة الزراعة بنسبة نحو 70%، لكن إنتاج كل هذه الكمية من الطعام ستكون صعبة للغاية؛ فتغير درجات الحرارة والاحتباس الحراري وغلاء المواد المستخدمة في الزراعة جعلت من عملية الزراعة شيئًا صعبًا.
توصل الخبراء في النهاية إلى بعض الطُرق التي قد تؤدي إلى زيادة الطعام، لكن كل طريقة منها خطرة بشكل ما:
1- التكنولوجيا والعلم
محاولة العلماء لإنتاج مركبات تستطيع تنمية المحاصيل بشكل سريع، اكتشف الخبراء أنه بتطبيق هذا الحل رُبما يتمكنون من زيادة نسبة الزراعة بنحو 50% عن طريق الزراعة في مناطق كإفريقيا التي لا يتعدى إنتاجها الزراعي 20% مما يستطيعون تحقيقه.
لكن رُبما هذا لن يكون حلًا مناسبًا، فأنت لا تستطيع ببساطة الذهاب إلى إفريقيا وإعطائهم أدوات ملائمة للزراعة وبذور ومركبات كيميائية، فالاختلاف بين الدول المتقدمة والنامية كبير، أنت لا تستطيع ببساطة تقديم ما تقدمه لأمريكيا الجنوبية على سبيل المثال لإفريقيا، هناك فجوة كبيرة بين الثقافات والعادات المجتمعية، ورُبما لن يتقبل فلاحو إفريقيا ذلك، لذلك يجب عليهم تشكيل تعاون يجعل الفلاحون في إفريقيا يقبلون المساعدة الغربية.
لكن.. هل التكنولوجيا والعلم يكفيان؟
إذا نظرت إلى كمية الطعام التي على الكوكب الآن، ووزعتها بالتساوي على الأشخاص؛ ستجد أن هناك كمية مناسبة لكل شخص، كل شخص سيحصل على 2700 سعر حراري في اليوم، و75 غرامًا من البروتين، وهذا يبدو كافيًا، لكن الواقع بالطبع أبعد كل البعد عن هذه الحسبة البسيطة، فالمزارع الحيوانية تستهلك كمية كبيرة من الطعام والحبوب، وهذا في سبيل إنتاج اللحم أو تحويل الذرة إلى إيثانول أو ببساطة رمي ما تبقى من طعام.
عليك أن تعلم أنه من 20% إلى 50% من الطعام يُلقى في القمامة! والأهم من ذلك أن الأشخاص الذين يحتاجون بالفعل إلى الطعام لا يستطيعون تحمل تكلفته.
الحل يكمن في تأكدنا من عدم إهدار أي كمية من الطعام، وهذا عن طريق إتاحة مخازن لمنظمات الإغاثة كي تُخزن فيها الطعام الزائد الذي يستطيعون توزيعه في أوقات المجاعات.
2- دعم النظام المحلي للزراعة
إذا كنا نرغب في الحفاظ على المستقبل يجب علينا دعم نظام الطعام المحلي، عن طريق الزراعة بجوار المُدن الذي يجعلنا بشكل ما أقل عرضة لتغيرات الأسعار العالمية، لكن لا حل من هذه الحلول قد يكون ممكنًا دون خطوات جادة من الحكومات.
3- الهندسة الوراثية
ما زالت الهندسة الوراثية تلعب دورًا كبيرًا في تحسين المحاصيل وتسهيل زراعتها في المناخات المختلفة.
في أجزاء كثيرة من إفريقيا وآسيا يعاني الأطفال من نقص في حاد في الفيتامينات الذي من الممكن بسهولة معالجته عن طريق تناول الأرز الذهبي بدلًا من الأبيض.
يعمل العلماء على زيادة القيمة الغذائية في محصول الكاسافا (Cassava) الذي يعتبر ثالث أكبر مصادر السعرات الحرارية لدينا.
يُطلق على نبات الكاسافا “غذاء الفقراء”، ويمكن تحويله إلى دقيق عالي الجودة في ظل الارتفاع الكبير لأسعار الحبوب خاصة القمح، كما أن هذا المحصول يمكن الاستفادة من جذوره الغنية بالكربوهيدرات وأوراقه الغنية بالبروتين، بالإضافة إلى احتوائه على عنصري الحديد والكالسيوم وفيتامين “أ”، و”ج”، كما أن الكاسافا يعتبر مصدرًا ثانيًا للنشا بعد الذرة الصفراء، ويعتبر أقل المحاصيل تضررًا من التغيرات المناخية.
4- تخطيط الأقمار الصناعية
كذلك الزراعات الدقيقة ستعمل على زيادة الناتج الزراعي المستقبلي، عن طريق تخطيط الأقمار الصناعية التي سوف تتيح متابعة بشكل أكثر دقة لحالة المحاصيل.
تلك البيانات التي سيمدنا بها القمر الصناعي ستمكنا من معرفة الوقت المناسب لرَي المحاصيل وتوزيع السماد أيضًا؛ مما يساعد على الحفاظ على مياه الري وعدم إهدارها.
كذلك ماكينات جديدة متطورة تُساعد في نجاح هذه المزارع الذكية.
كما أن هذه الخطوة ستساعدنا في التنبؤ بأوقات القحط، وسوف تعمل على الحد من المضاربات في أسواق الغذاء العالمية التي دائمًا ما تتسبب في خسائر بشرية؛ وذلك لأنها ترفع الأسعار حتى عند وجود ما يكفي من الحبوب.
هناك كذلك ماكينات ذات مهام محددة تعمل في قطاع منتجات الألبان موجودة بالفعل في الأسواق، ويحاول المهندسون تطوير روبوتات للعمل على قطف الفاكهة مثل قطف التفاح من على الأشجار، وهذا بدوره سيعمل على مساعدة الفلاحين.
لكن قطاع الزراعة المستقبلي في حاجة إلى تعديل وتطوير؛ فالاحتياج لمساحات أوسع للزراعة ساهم في تدمير البيئة وتغيير المناخ، المشكلة الكبيرة تكمن في أن 50% من الغازات المسببة للاحتباس الحراري تنتج من قطاع الزراعة.
ومن هُنا يبدأ السباق لمحاولة صنع طعام المستقبل، ما بين العلماء والمزارعين، سنقدم لكم في الجزء الثاني من هذا المقال أهم البدائل التي يُعتقد أنها ستكون على مائدتك في المستقبل.