في ظل استمرار العمليات العسكرية في منطقة عفرين، ضمن غرفة عمليات غصن الزيتون التي تديرها هيئة الأركان التركية بالتعاون مع قوات المعارضة، يزداد الخناق على المدنيين القاطنين داخل المدينة وريفها في حين لا تزال ميليشيا الوحدات تفرض قيودًا على المدنيين لمنع خروجهم من المدينة أو النزوح إلى مناطق أخرى، وأفادت مصادر في عفرين أن قوات “الأسايش” بدأت بمنع المدنيين من مغادرة مناطق سيطرتها اعتبارًا من ظهر يوم السبت 27 من يناير الماضي.
وأكدت مصادر من المدينة أن الميليشيات سمحت لهم بالنزوح الداخلي إلى المناطق الأكثر أمنًا كالقرى والبلدات البعيدة عن خطوط التماس، لعدم تعرضهم للقصف أو ما شابه ذلك، بينما فرضت على المدنيين في الأيام الأولى من المعركة التنازل عن ممتلكاتهم داخل المدينة مقابل الخروج إلى مناطق سيطرة قوات المعارضة.
وأكد ذلك بعض العائلات التي خرجت من المنطقة إلى منطقة أعزاز المحاذية لعفرين، وقال أبو جلال: “اشتد القصف على بلدتي وسمعنا عدة قذائف وكذلك أخبار تفيد ببدء معركة، فحاولت الخروج ولم أستطع، بعد ساعات صدر قرار لمن يود الخروج عليه التنازل عن ممتلكاته في المدينة كافة”.
بعد تنازل أبو جلال عن ممتلكاته استطاع الخروج من منطقة عفرين إلى الحدود التركية قرب معبر باب السلامة شمال أعزاز، وأوضح: “أسكن في خيمة أنا وعائلتي أفضل من الموت جراء الحرب الدائرة”، وما زال أبو جلال مثله كباقي العائلات التي شردت خلال المعركة وغيرها الكثير من المعارك التي يكون فيها المدني الخاسر الأكبر وخاصة أن عفرين تكتظ بالسكان من المناطق الحلبية كافة.
قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين “UNHCR“: التصاعد الأخير للعنف في منطقة عفرين يثير المخاوف بشأن حماية المدنيين
فيما نزحت أعداد هائلة من المدنيين تركوا مساكنهم وقراهم بسبب القصف الجوي للطائرات الحربية التركية، دون توفر إحصاءات دقيقة حتى الآن عن الأعداد، حيث يشير ناشطون إلى أن مئات المدنيين نزحوا من منطقتي راجو وجنديرس التي تشهد تقدمًا لفصائل عملية “غصن الزيتون” إلى مناطق أخرى أقل خطورة.
ومن جانبها قوات النظام منعت أبناء منطقة عفرين من الدخول إلى مناطقها عبر قريتي نبل والزهراء بريف حلب الشمالي، في حين سمحت للمقيمين داخل عفرين من غير أبنائها أن يغادروا المنطقة مقابل أجر مالي، وقالت مصادر من المنطقة أن عناصر الميليشيات المساندة للنظام في بلدة نبل، يسمحون بعبور بعض المدنيين إلى حلب، بعد دفع مبالغ مالية، مشيرًا أن المدنيين يضطرون لدفع مبالغ كبيرة على حاجز “الأسايش” ومبالغ أخرى لميليشيات النظام.
وتعد المعابر مع مناطق قوات النظام الوحيدة للخروج من المنطقة، في حين ما زالت المعابر التي تصل إلى مناطق المعارضة مغلقة وهي معبر الجط مع أعزاز، ومعبر الغزاوية مع دارة عزة ومعبر قبتان الجبل الذي كان يستخدم للتجارة ونقل البضائع وعبور المدنيين قبل اندلاع المعركة.
فيما قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين “UNHCR“، إن التصاعد الأخير للعنف في منطقة عفرين يثير المخاوف بشأن حماية المدنيين، قائلة إن عددًا محدودًا من الأسر تمكن من الخروج عبر طرق غير رسمية إلى منطقتي نبل والزهراء، حيث منعتها قوات النظام من دخول مدينة حلب.
وذكرت مصادر تعرض مدجنة بقرية عنابكة في ريف عفرين لقصف جوي تركي جميعهم من عائلة نازحة من معرة النعمان، وذكر ناشطون بعض من أسماء الشهداء “رهف الحسين العمر 33 سنة والطفل وائل الحسين العمر سنة والطفلة هديل الحسين 10سنوات والطفلة غالية الحسين 8 سنوات، الطفلة سلمى الحسين 6 سنوات والطفل مصعب الحسين 6 سنوات والشاب أحمد الحسين 17 سنة مفقود تحت الأنقاض، فيما تم توثيق مقتل 40 شخصًا من المدنيين وجرح 106 منذ بدء معركة غصن الزيتون ضد ميليشيا الوحدات في منطقة عفرين”.
بالتزامن مع تقدم قوات غصن الزيتون في منطقة عفرين، ألقت طائرات حربية تابعة لسلاح الجو التركي منشورات على أهالي منطقة عفرين تركّزت على بلدتي راجو وجنديرس
فيما بث ناشطون أمس السبت صورًا لحملات التجنيد الإجباري التي تتبعها ميليشيا الوحدات ضد المدنيين التي شملت القاصرين والأطفال بعد خطفهم من المدارس وإرسالهم إلى خوض المعارك مع قوات “غصن الزيتون” باللباس المدني في هدف منها لتحريك الرأي العالمي تجاه تركيا أنها تقتل المدنيين.
ومن جانب آخر أعلن “لواء الشمال الديمقراطي” وفصائل أخرى منضوية تحت راية “سوريا الديموقراطية” في بيان مصور، إطلاق سراح 55 مقاتلاً من “الجيش السوري الحر”، كانوا معتقلين لديها، في حين لم يتم التأكد أنهم من قوات الجيش السوري الحر.
وقال قائد “لواء الشمال” غسان أبو شاهر خلال البيان إنهم سيطلقون سراح المقاتلين، مناشدًا بقية الفصائل أن تفرج عن السجناء لديها كي “تدخل الفرح والسرور على أهلهم وذويهم”، وفق قوله.
فيما أفرجت ميليشيا PYD قبل أيام عن عدد من المعتقلين لديهم بينهم عناصر سابقون من “جيش الثوار” التابع لها، كانوا محكومين بالسجن المؤبد بتهمة تهريب المخدرات، فيما صفت الميليشيات أربعة سجناء معتقلين لديها في أحد أحياء بلدة تل أبيض وكانت تهمتهم الانتماء لقوات الجيش السوري الحر.
فيما وجّه مقاتلون وقادة عسكريون أكراد في “الجيش السوري الحر” يشاركون في عملية “غصن الزيتون”، رسالة مصوّرة إلى أهالي منطقة عفرين، حيث جاء في الرسالة التي نشرت على قناة عملية “غصن الزيتون” في “يوتيوب” وتلاها أحد القادة العسكريين باللغة الكردية، إنهم “يشاركون في العملية ضد مسلّحي PYD وPKK وYPG وهدفهم رفع الظلم عن أهلهم في عفرين الذين هاجروا إلى دول الخارج خوفًا من بطش أولئك الإرهابيين.
كما أوضحت الرسالة فيما أكدوا أنهم لم يأتوا إلى عفرين بهدف سرقة المنازل ولا هدمها ولا قصف المدنيين، إنما جاؤوا من أجل تحرير أهالي عفرين ورفع الظلم عنهم، ومن أجل أصدقائهم في السجن، ومن أجل الحرية والسلام، وفق ما جاء في الرسالة المصوّرة.
تشهد مناطق قوات المعارضة في مدينتي أعزاز ومارع وقريتي كلجبرين وكفر كلبين قصفًا مدفعيًا يوميًا يستهدف منازل المدنيين وهذه البلدات متاخمة لمناطق سيطرة الميليشيات في تل رفعت وعين دقنة وحربل
وطالب “المجلس الثوري الموحد” في ريف حلب الشمالي، فصائل الجيش الحر، المشاركة في عملية “غصن الزينون” بالحفاظ على ممتلكات المدنيين في المناطق التي يسيطرون عليها بمنطقة عفرين خلال معاركهم مع ميليشيا الوحدات، وقال المجلس في بيان له: “وحدات حماية الشعبYPG الجناح العسكري لـPYD، هجرت أهالي بلدات وقرى في ريف حلب الشمالي إلى المخيمات وقامت بسرقة الممتلكات العامة والممتلكات الخاصة ونقلتها إلى عفرين، وذلك إبان سيطرتها على عدد من البلدات والقرى التابعة لمنطقة أعزاز شمال حلب.
وبالتزامن مع تقدم قوات غصن الزينون في منطقة عفرين، ألقت طائرات حربية تابعة لسلاح الجو التركي منشورات على أهالي منطقة عفرين تركّزت على بلدتي راجو وجنديرس، وحسب ما نشرت وسائل إعلام تركية، فإن صور المناشير الملقاة على منطقة عفرين، دعت الأهالي للتوحد ضد مّن أسمتهم “الإرهابيين” مؤكدة أن عفرين لأهلها، كما دعتهم إلى حماية أبنائهم من التنظيمات الإرهابيةPYD – PYJ – PKK” – تنظيم الدولة الإسلامية “داعش””، والابتعاد عن تلك التنظيمات، وعدم السماح لها باستغلالهم وتحطيم مستقبلهم.
وورد في المنشورات التي ألقيت بثلاث لغات “عربية – تركية – كردية”، أن هدف عملية “غصن الزيتون” التي تنفذها تركيا في منطقة عفرين، وقف مظالم واعتداءات تلك التنظيمات الإرهابية ضد أهالي عفرين والمنطقة، كما تهدف إلى إعادة الاستقرار والأمن والسلام والرفاهية إلى تلك المناطق بعد تحريرها.
ولا تزال المعارك مستمرة في منطقة عفرين في حين تتقدم قوات غصن الزيتون على حساب ميليشيا الوحدات بعد خسارة الأخيرة العديد من القرى والبلدات، بالإضافة إلى التلال الإستراتيجية في ريف عفرين، فيما تشهد مناطق قوات المعارضة في مدينتي أعزاز ومارع وقريتي كلجبرين وكفر كلبين قصفًا مدفعيًا يوميًا يستهدف منازل المدنيين وهذه البلدات متاخمة لمناطق سيطرة الميليشيات في تل رفعت وعين دقنة وحربل.