تواصل قوات النظام تقدمها في مناطق ريفي إدلب وحلب في محاولة منها للوصول إلى الأتوستراد الدولي دمشق – حلب، ومن ثم الوصول إلى بلدتي كفريا والفوعة المحاصرتين من فصائل المعارضة، وتستخدم قوات النظام في زحفها قوة نارية هائلة تتمثل بقصف عنيف من الطائرات الروسية وراجمات الصواريخ التي أدت لمقتل عشرات المدنيين في هذه المناطق لا سيما في ريف حلب الجنوبي الذي قتل فيه يوم الخميس نحو 20 مدنيًا.
وعن الأهدف الرئيسية من حملة النظام يقول المحلل العسكري والإستراتيجي العميد أحمد رحال إن النظام يتقدم حاليًّا من محور الذهبية والرصافة وأفس يعني ما بين بنش وتفتناز، والغاية الوصول إلى كفريا والفوعة لفك الحصار عنهما، وهذا أكثر ما تتحمس له إيران.
ويقول العميد رحال في حديث لـ”نون بوست” إن “النظام يستخدم في حملته هذه القوى المفرطة، فالطيران لا يغيب عن السماء، فهو يتبع أسلوب الأرض المحروقة بحيث لا يوجد قتال لأنه يعتمد على حرق المنطقة ثم يدخلها”.
سرعة تقدم النظام تعود لعدة أمور منها انسحاب تحرير الشام من بعض المناطق وأيضًا الكثافة النارية التي يتبعها النظام في حربه على إدلب
وطالب العميد من الفصائل، المشاركة بقوة في صد تقدم النظام الذي يتجه نحو إدلب، “هناك مبادرة عند أهل سراقب وهي ما يسمى بالدفاع السلبي والمقاومة الشعبية، فحتى إذا انسحبت تحرير الشام فعلى الفصائل أن تعلم أن إدلب ليست لتحرير الشام”.
مشيرًا إلى أن انسحاب تركيا من نقطة العيس في ريف حلب الجنوبي يدل على خلاف روسي تركي أو أن إيران عارضت بوسائل نارية فتراجعت تركيا ريثما يحسم الأمر لأن نقطة العيس ضمن اتفاق الأستانة.
واعتبر رحّال أن معركة عفرين وسيلة ضغط على الأتراك، بمعنى تراجعوا عن العيس لكي نكمل دعمكم في عفرين، وهذا في السياسة لعبة مناكفات، فإيران وروسيا ذئاب يقتنصوا الفرص، مستبعدًا أن تكون عفرين مقابل إدلب لأن تركيا لا تتمكن من فرض رؤيتها على كل الفصائل. موضحًا أن سرعة تقدم النظام تعود لعدة أمور منها انسحاب تحرير الشام من بعض المناطق والكثافة النارية التي يتبعها النظام في حربه على إدلب.
في هذا الصدد يرى الباحث والكاتب خليل المقداد أن النظام يحاول تأمين بلدة أبو الظهور الإستراتيجية ومطارها، حيث تتميز البلدة بموقع إستراتيجي كونها عقدة طرق قصيرة مختصرة بين ثلاث محافظات حلب وحماة وإدلب وأكبر النواحي مساحة في ريف إدلب وتتبع لها 25 قرية و26 مزرعة كما أنها بوابة المحافظة نحو البادية.
سيطرت قوات النظام يوم الخميس على مناطق في ريفي إدلب الشرقي وحلب الجنوبي منها قرى الواسطة وتل علوش وتليجين
ويقول المقداد إن “سراقب نقطة إستراتيجية مهمة بسبب حجمها، فهي ثاني أكبر مدينة في المحافظة، وتقع على تقاطع طريقين سريعين يتجهان إلى حلب، الأول إلى الجنوب نحو حماة وحمص ودمشق، والآخر يتجه غربًا إلى اللاذقية، فالسيطرة على سراقب ستعني أيضًا إحكام الحصار على إدلب وفتح الطريق باتحاه كفريا والفوعة”.
التقدم الذي يحرزه نظام الأسد بالتزامن مع معركة غصن الزيتون يضع أكثر من علامة استفهام على مواقف الأطراف كافة بما فيها تركيا وخاصة فصائل المعارضة التي وعلى ما يبدو أن كثير منها مسرور بما يحدث، فهذه المواقف تعزز القناعة بأن بعضها يفضل سيطرة النظام على المنطقة وعودتها له بدل سيطرة الجماعات الجهادية، كما يقول مقداد.
ويشير الباحث في الشأن السوري أن ما يحدث قد يعود لما تم الاتفاق عليه في اجتماعات أستانة ومخرجات مؤتمر الرياض 2 الذي أفرز هيئة مفاوضات موالية للأسد كليًا أو جزئيًا، وهو ما انعكس على مشاركة أعضاء منها في مؤتمر سوتشي، فكل ما يحدث يخدم مصلحة النظام وحلفائه ويزيد من سوداوية وقتامة المشهد لأنه يعني تصفية الثورة السورية التي قدمت الغالي والنفيس في سبيل التحرر من نير العبودية على حد وصفه.
هذا وقد سيطرت قوات النظام يوم الخميس على مناطق في ريفي إدلب الشرقي وحلب الجنوبي، منها قرى الواسطة وتل علوش وتليجين، وأيضًا قرى تقع على الطريق الواصل بين سراقب وأبي الظهور، بحيث وصلت قوات النظام إلى مشارف قرية “تل السلطان” التي تبعد عن مدينة سراقب 15 كيلومترًا، كما أنها فتحت محور من جهة قرية العطشانة وتلة البنجيرة.
وحذر ناشطون من خطورة تقدم النظام المتسارع في ريف إدلب واقترابه من عمق محافظة إدلب ومدنها كسراقب وتفتناز وبنش، وحملوا مسؤولية ما يجري للفصائل باعتبار عدم توحدها وتجاهلها لخطورة الموقف.