سبق أن تحدّثنا في تقارير سابقة في نون بوست، عن الدور “المشبوه” لدولة الإمارات العربية المتحدة في تونس، والشبكة المعتمدة للقيام بهذا الدور الذي يصفه البعض بـ “الخبيث”، والذي تخصّص له سلطات الإمارات الحاكمة كلّ جهدها بغية نجاحه وتحقيق أهدافه وذلك عبر وكلائها في مهد الربيع العربي.
في هذا التقرير سنركز وسنسلّط الضوء بناء على وثائق مسربة نشرها موقع “أسرار عربية“، على الخلية الإعلامية السياسية لدولة الإمارات في تونس، التي يديرها مباشرة الفلسطيني المعزول من حركة فتح محمد دحلان والذي يشغل حاليا منصب مستشار ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.
العمل على عودة “التجمعيين”
فضلا عن عزفهم المتواصل على وتر السلبيات والتجاوزات وخلق الأزمات وتصدير صورة سلبية عن الوضع في البلاد، تهدف هذه الخلية الإعلامية السياسية إلى إعادة رموز نظام زين العابدين بن علي الذي أسقط في يناير 2011، إلى الواجهة والذي يعرفون اختصارا باسم “التجمعيين”.
هذه المهمة منوطة بعهدة بعض وكلاء الإمارات في البلاد، الذين يشتغلون سواء في وسائل الإعلام التقليدية وبعض السياسيين، وأيضا نشطاء
عودة هؤلاء “التجمعيين” إلى الواجهة الإعلامية السياسية في البلاد، تبتغي من خلالها دولة الإمارات العربية المتّحدة، إيصال رسالة للداخل والخارج مفادها فشل الثورة التونسية، فمن قامت عليهم الثورة ها هم يتصدّرون المشهد الإعلامي والسياسي ثانية.
بالتوازي مع ذلك، يسعى القائمون على هذه الخليّة إلى تشويه سمعة حركة النهضة ومنع وصول الإسلاميين إلى الحكم ومنع فوزهم في أية انتخابات قادمة في البلاد، خاصة البلدية المقرّر اجراؤها في شهر مايو المقبل.
هذه المهمة منوطة بعهدة بعض وكلاء الإمارات في البلاد، الذين يشتغلون سواء في وسائل الإعلام التقليدية كالإذاعات والتلفزيونات والصحف الورقية والإلكترونية، وبعض السياسيين، وأيضا نشطاء برز اسمهم في مواقع التواصل الاجتماعي أو ما يعرف بالميديا الجديدة.
“مرزوق” يقود الخلية
يتزعّم هذه الخلية المزدوجة والممولة كليا من الإمارات، حسب وثائق كشف عنها مؤخرا موقع أسرار عربية، السياسي المعروف محسن مرزوق، الذي انشق عن حركة “نداء تونس” بعد أن رفض قياديو الحزب الرضوخ للضغوط الإماراتية غداة نتيجة انتخابات أكتوبر وديسمبر 2014، وتقول وثائق مسربة تم الكشف عنها في وقت سابق إن مرزوق التقى مع ضباط في جهاز أمن الدولة الإماراتي واسمه “سعيد الحافري”، في أكثر من مكان من ذلك تونس، وتلقى تمويلاً من أبوظبي.
سبق أن كشفنا في تقارير سابقة، تحالف مرزوق مع الإمارات بعد فشل رهان هذه الأخيرة على الباجي قائد السبسي الذي كان أذكى منهم وأشد دهاءً، فقد أدار لهم ظهره حتى لا تشهد بلاده إعادة إنتاج المشهد المصري، فاختار التوافق مع حركة النهضة الإسلامية عوض إقصائها وزج قياداتها في السجون كما تسعى الإمارات.
ويعرف عن مرزوق حبه للمال والزعامة والحكم وبيع ذمته لمن يدفع أكثر، فضلا عن حبه للنساء والمخدرات، وهو ما أكدته بعض الوثائق التي حصل عليها موقع “أسرار عربية”، حيث تقول بعض الوثائق إن من نقاط ضعف مرزوق النساء، فهو من النوع الذي لا يصمد أمام أي فتاة، مهما كان درجة جمالها.
الوجوه السياسية في الخلية
الخلية السياسية التي تعمل لصالح الإمارات، والتي تمّ الكسف عنها مؤخرا، تضم عديد الوجوه السياسية التي يحسب أغلبها على النظام السابق.
عبير موسى
ضمن هذه الخلية، نجد عبير موسى، وهي رئيسة الحزب الدستوري، وهو حزب جديد أسس بعد الثورة التونسية، يضم في صفوفه رموز النظام السابق الذين تجمعوا فيه في محاولة لإعادة الدخول في الحياة السياسية، وهذا الحزب لا يعترف بالثورة، ويدعو علناً إلى إعادة المخلوع بن علي إلى تونس وإعادته إلى الحكم مجدداً ويعمل من أجل ذلك.
كانت موسى تشغل منصب أمين عام مساعد لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل (حزب ابن علي) قبل الثورة، وعرف عنها عدائها الكبير لحركة النهضة التونسية وهجماتها المتكرّرة ضدّ تنظيم علماء المسلمين فرع تونس، ومطالبتها بمحاكمة قياداته تحت تهم “وهمية”.
كمال مرجان
في نفس الخلية نجد كمال مرجان، وهو أحد أبرز رموز نظام بن علي، شغل منصب وزيرا للدفاع في عهد بن علي لمدة خمس سنوات من أغسطس 2005 إلى يناير 2010، وكان آخر وزير للشؤون الخارجية في نظام بن علي، وغادر منصبه بالتزامن مع هروب المخلوع إلى المملكة العربية السعودية.
استفاد عقب الثورة من الانفتاح السياسي في البلاد، وأسّس في ابريل 2011 حزب المبادرة، وهو أحد الأحزاب المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية برئاسة يوسف الشاهد، ومؤخرا دعا مرجان إلى لمّ “شمل الدساترة”، وتجاوز الخلافات داخل مختلف الأحزاب الدستورية (الاشتراكي أو الدستوري أو التجمع).
محمد جغام
ثالث الأسماء في هذه الخلية، هو محمد جغام، وهو أحد رموز نظام بن علي وتولى مناصب وزارية عدة خلال فترة حكم النظام السابق في تونس، بعد الثورة مباشرة أسس حزب الوطن، لكنه في أواخر العام الماضي قرر حل حزبه والالتحاق “مشروع تونس” الذي يقوده محسن مرزوق.
أرجع جغام سبب التحاق حزبه بحزب مرزوق إلى تواجد عديد الوجوه الدستورية في هذا الحزب الذي يخصص مساحة كبيرة للبورقيبيين (أنصار الحبيب بورقيبة) وللفكر والمبادئ التي أرساها هذا الزعيم، حسب قوله.
منذر قفراش
من بين الأسماء التي تمّ الكشف عنها في الوثائق المسرّبة، اسم الناشط السياسي التونسي منذر قفراش الذي يوصف بأنه “مولع بالمخلوع بن علي”، ويقول قفراش إنه يقود حملات مساندة للرئيس المخلوع بن علي تهدف إلى رجوعه إلى حكم تونس.
وبداية يناير الماضي ألقت قوات الأمن التونسية القبض عليه تنفيذاً لأمر قضائي غيابي بسجنه لمدة عام عقاباً له على إساءات ونشر أكاذيب بحق موظف عمومي، ومؤخرا الدائرة الجناحية السادسة بالمحكمة الابتدائية بتونس بسجنه لمدة 8 أشهر.
دحلان، المنسق العام
تكشف إحدى الوثائق السريّة المسربة، والتي كشف عنها مؤخرا موقع “أسرار عربية” عن اجتماع دار مؤخرا بين القيادي السابق في حركة فتح الفلسطيني محمد دحلان الذي يعمل مستشاراً أمنياً لدى ولي عهد إمارة أبوظبي محمد بن زايد، مع كل من عبير موسى، وكمال مرجان، ومحسن مرزوق، ومحمد جغام في مدينة جربة التونسية.
يوصف محمد دحلان الذي كثيرًا ما يلتقي بهؤلاء بأنه “قلب المؤامرات السياسية والمالية في الشرق الأوسط”، نظرًا لدوره في تخريب الثورات العربية ومحاصرة الإسلاميين، ويحظى القيادي الفتحاوي المفصول في كل تحركاته بدعم سخي ورعاية كريمة من صديقه الحميم ولي عهد الإمارات محمد بن زايد القائد الفعلي للإمارات، منذ تواري أخيه غير الشقيق الشيخ خليفة بن زايد عن الأنظار بعد إبعاده عن السلطة إثر إصابته بجلطة دماغية.
الخلية الإعلامية
المازري حداد
من الوجوه الإعلامية التي تنشط ضمن هذه الخلية نجد الديبلوماسي السابق والصحفي التونسي المازري حداد، فقد كشفت إحدى الوثائق السرّية لدى “أسرار عربية” تلقيه أموالاً من الامارات، وبينت هذه الوثيقة أن حداد يدير العديد من العمليات الاعلامية والدعائية وصفحات الـ “فيسبوك” التي تمولها الامارات وتروج لأبوظبي وبن علي معا.
بحسب الوثائق التي تحصّل عليها موقع “أسرار عربية” فإن المازري حداد هو المكلف بتمويل الصفحات على “فيسبوك” التي تروج لبن علي والإمارات، وهو الذي يحصل على الأموال من الإمارات لضخها في حملات إعلامية على الانترنت وبث الشائعات الكاذبة من خلالها، كما يقوم بذلك بعد التنسيق المباشر مع السيدة العقربي في باريس.
وتقول إحدى الوثائق إن حداد ضخ مبلغ 700 ألف دينار تونسي (300 ألف دولار) من أجل الترويج لشائعتين كاذبتين استهدفتا حركة النهضة، الأولى تحدثت عن قصر وعقارات يملكها حمادي الجبالي، والشائعة الثانية عن يخت فاخر مملوك لوزير حقوق الانسان في حكومة الجبالي سمير ديلو، وكلا الشائعتين كانتا تهدفان لضرب سُمعة حكومة الجبالي وحركة النهضة الإسلامية وعرقلتهما.
لطفي العماري
ضمن القائمة أيضا يبرز اسم لطفي العماري، وهو إعلامي تونسي ومحلل في قناة الحوار التونسي الخاصة، ويعرف عن “العماري” عداءه الكبير لحركة النهضة الإسلامية ودفاعه المستميت عن الأفكار الدخيلة عن البلاد، ومحاولات تلميعه المتكرّرة لنظام بن علي السابق.
شهرزاد عكاشة
صحفية تونسية عملت سابقا في جريدة الشروق، وتعمل الأن رئيسة تحرير لموقع “الجريدة” لصاحبه نورالدين بن تيشة مستشار الرئيس التونسي الحالي الباجي قائد السبسي، تعرف هذه الصحفية بعدائها الكبير وكرهها لحركة النهضة، وتقرّبها لمن يدفع أكثر حسب شهادة مقربين منها.
عند متابعة كتابات عكاشة في الموقع الذي تديره أو صفحتها الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، تلاحظ خطابا قائما على التحريض وزرع الفتنة بين أبناء الشعب الواحد وبث الفوضى واستدعاء النعرات الجهوية والفكرية، بغية تفكيك وحدة الشعب التونسي المسالم الذي عُرف عند الجميع بطيبة أخلاقه.
وجوه مدنية
السيدة العقربي
إحدى الرموز النسائية في نظام بن علي، وصديقة مقربة من زوجته ليلى الطرابلسي، وتُلقب العقربي بأنها “ظِل ليلى الطرابلسي”، وهي رئيسة جمعية أمهات تونس سابقاً، كما أنها واحدة من أبرز وأشهر المدافعين حالياً عن بن علي ونظامه المخلوع.
تقيم العقربي حالياً في العاصمة الفرنسية باريس بعد أن تمكنت من الهروب من تونس في شهر يوليو 2011 متنكرة في كرسي متحرك، حيث أنها مطلوبة للقضاء التونسي في العديد من القضايا، من بينها الاستيلاء والتصرف في أموال عمومية وتدليس وثائق.
ريم السعيديمن الوجوه التي تعتمد عليها الإمارات أيضا، عارضة الأزياء التونسية ريم السعيدي، وكانت السعيدي أول فتاة تونسية مسلمة تعلن عن زواجها من مسيحي، وذلك عقب اعلان السبسي عن نيته تقديم مشروع قانون يتيح زواج التونسية المسلمة من غير المسلم.