يوتيوبر وإنفلونسر ومدافع عن الكراهية.. وجوه غريبة انضمت للبرلمان الأوروبي

تعيش أوروبا إحدى أكثر الحقب حساسية في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، فالحرب الروسية – الأوكرانية وحرب غزة، والملفات المعقدة مثل الهجرة والتغير المناخي والتحولات الاجتماعية الأخرى، وإعادة عسكرة بعض البلدان، كلها ملفات تفرض نفسها على الأجندات الأوروبية.

تأتي هذه الملفات في ظل صعود متزايد لليمين في كثير من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ثم تأتي الانتخابات البرلمانية الأوروبية في مناخ مكفهر وصدامات اجتماعية فرضتها الحرب في غزة، وتداخلت مع الملفات الأخرى الشائكة أصلًا.

وهكذا لم تكن نتائج البرلمان الأوروبي الأخيرة مفاجئة من حيث صعود التيار اليميني المحافظ – رغم حفاظ تيار الوسط على الأغلبية فيه – لكنها أفضت في الوقت نفسه لصعود العديد من الوجوه الجديدة التي نشطت خلال الفترة الماضية، إضافة لكثير من الشخصيات المثيرة للجدل، التي لم يكن لها نشاط سياسي يذكر سوى تبنى الشعارات الشعبوية!

في هذا التقرير، نسلط الضوء على أبرز الوجوه المثيرة للاهتمام التي انضمت للبرلمان الأوربي في دورته الجديدة.

ألفيس بيريز.. الحفلة انتهت

“يجب علينا تدمير المنظومة السياسية وبنائها من الصفر”.. “يجب قتل متعاطي المخدرات وتجارها وليس إلقاءهم في السجن”.. “كل ما تمسّه الأحزاب السياسية يصبح فاسدًا”.. “أفضّل أن أنزف حتى الموت على أن أخون الشعب الإسباني”.. “الصحفيون هم “عاهرات” المعلومات الإعلامية”.. “نحن لسنا متطرفين. نحن وطنيون سئمنا الأحزاب السياسية”، كانت هذه جملة من تصريحات بيريث، وهو أحد المؤثرين/المدونين الرقميين من إشبيلية ويعيش حاليًا في بريطانيا.

يتبنى بيريز الكثير من الأفكار المتطرفة، فهو يريد مثلًا بناء أكبر سجن في أوروبا على ضواحي مدريد: “فليتسع هذا السجن لـ40 ألف شخص، أي فرد في عصابة سيكون مكانه هناك، حتى لو كان يحمل وشمها على كتفه فقط”، بحسب قوله في إحدى الحملات الانتخابية.

حصل بيريز في الانتخابات على 796 ألفًا و560 صوتًا في إسبانيا، ما سمح له بالحصول على 3 مقاعد في البرلمان الأوروبي.

يقود ألفيس مجموعة تسمّى “انتهى الحفل Se Acabó la Fiesta”. هذه المجموعة ليست حزبًا سياسيًا، بل تجمعًا من المواطنين الذين يرتبطون مؤقتًا بهدف وحيد، وهو الترشح للبرلمان الأوروبي.

من بين جميع حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي مجتمعة، يملك بيريز 1.8 مليون متابع، ما ساعده على وصول كبير للناخبين والقيام بالتجمعات الانتخابية: “لن أعيش في بروكسل – مقر البرلمان الأوروبي – عند فوزي، فبلجيكا دولة فاشلة ليس فيها سوى الإسلاميين وانعدام الأمن والاغتصاب”، هكذا عبّر بيريز خلال حملته الانتخابية.

بانايوتو فيداس.. مخادع في برلمان أوروبا

لعلّ صعود فيداس يمثل أغرب حالة صعود في تاريخ هذه الانتخابات، فيداس يقدّم نفسه على أنه “مخادع محترف”. ففي العام الماضي اضطر بانايوتو إلى الاعتذار بعد أن أثار غضبًا في اليابان بسبب مقطع فيديو على موقع يوتيوب، تهرّب فيه من دفع أسعار القطارات وفاتورة الإفطار في فندق 5 نجوم.

ويظهر المقطع، الذي حصد ملايين المشاهدات، وهو يسافر عبر اليابان على متن قطارها السريع الشهير، بينما يتهرّب من الأجرة عن طريق الاختباء في المراحيض والتظاهر بالمرض، كما أطلق فيداس من قبل تحديًا لمعانقة 100 مشهور وقضاء أسبوع في نعش أموات.

لدى الشاب البالغ من العمر 24 عامًا أكثر من 2.6 مليون مشترك، ورغم عدم وجود خبرة سياسية لديه، فقد حصل على ثالث أكبر عدد من الأصوات بنسبة 19.4% في قبرص. وقال بانايوتو خلال احتفال لمناصريه: “لقد كان ما حدث بمثابة صدمة، إنها معجزة، نحن نكتب التاريخ. ليس فقط في قبرص، لكن على المستوى الدولي”.

الجنرال روبرتو فاناتشي.. المدافع عن الكراهية

فاناتشي هو جنرال بالجيش الإيطالي، نشر العام الماضي كتابًا يستهين بالمثليين والمهاجرين والأقليات والنسويات. وقد أثارت أفكاره غضب العديد من الجهات، لكنها وجدت صدى لدى زعيم حزب الرابطة اليميني المتطرف ماتيو سالفيني، الذي جعله مرشحًا بارزًا لحزبه.

في كتابه الأكثر مبيعًا “العالم رأسًا على عقب” الذي باع ربع مليون نسخة، تساءل فاناتشي عما إذا كان من الممكن للأشخاص الملونين أن يصبحوا إيطاليين، حتى لو ولدوا في البلاد، ودافع عن حق الشخص في “الكراهية”.

وكان فاناتشي، البالغ من العمر 55 عامًا، قائدًا سابقًا لقوات المظلات، ثم ملحقًا عسكريًا بالسفارة الإيطالية في موسكو. وهو قيد التحقيق بتهمة الاختلاس خلال فترة وجوده في روسيا، وهو ما ينفيه. كما تم إيقافه عن العمل في الجيش بتهمة تشويه سمعة الجيش من خلال كتابه، وقد فاز في الانتخابات الأخيرة ضمن حزب الرابطة اليميني الذي يقوده ماتيو سالفيني بنسبة 9% من الأصوات، ليصبح عضوًا في البرلمان الأوروبي.

غريزيغورز براون.. العيد اليهودي طقوس شيطانية

أثار غريزيغورز براون، من حزب الكونفدرالية البولندي اليميني المتطرف، غضبًا دوليًا في ديسمبر/كانون الأول الماضي عندما أخرج مطفأة حريق من جدار في بهو البرلمان، لإطفاء الشموع المضاءة كجزء من احتفالات حانوكا. بعد ذلك اعتلى براون منصة القاعة واصفًا العيد اليهودي بأنه “شيطاني”، وقال إنه يستعيد “الحياة الطبيعية”.

براون، الذي أدلى أيضًا بتصريحات مؤيدة لروسيا في الماضي، قام بأعمال أخرى مثيرة للجدل مثل إلقاء شجرة عيد الميلاد المزينة بألوان الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا في سلة المهملات، وإتلاف الميكروفون في أثناء حديث أحد مؤرّخي المحرقة.

شارك براون في الانتخابات الأوروبية كمرشح لحزب الكونفدرالية، وهو حزب يميني متطرف ذو موقف صريح مناهض لأوكرانيا، والذي حقق أفضل نتيجة له ​​على الإطلاق، حيث جاء في المركز الثالث بنسبة 12.1%.

كارولا راكيت.. منقذة المهاجرين

رغم أن حزبها على وشك الاحتضار، لكن البحارة والناشطة وعالمة البيئة كارولا راكيتي (35 عامًا) واحدة من أبرز الوجوه الجديدة التي تزين مقاعد البرلمان الأوروبي من ألمانيا.

أمضت راكيت معظم فترة البلوغ المبكرة في الرحلات البحثية إلى القطب الجنوبي والاحتجاج على إزالة الغابات، لكنها برزت بشكل حقيقي وهي قائدة سفينة Sea-Watch 3، متحدية السلطات من خلال إنقاذ اللاجئين الليبيين من الغرق في البحر الأبيض المتوسط ​​وإنزالهم في الموانئ الإيطالية.

وقد أدّى ذلك إلى وضعها لفترة وجيزة تحت الإقامة الجبرية في منزلها، وأثار ذلك حفيظة الساسة اليمينيين، حتى مع جعلها بطلة في نظر كثيرين من اليسار، ما أدى إلى اختيارها كمرشحة رئيسية مشتركة لحزب اليسار الألماني في الانتخابات الأوروبية. ورغم أن الحزب فاز بأقل من 3%، فإنها ضمنت مقعدًا في برلمان أوروبا.

ورغم أنها اشتهرت بأعمال الإنقاذ، تقول راكيتي إنها تريد التركيز في البرلمان على القضايا البيئية والمناخية، مع التركيز على التقاسم العادل لتكاليف التكيف والتقليل من تغير المناخ بين الدول الغنية والفقيرة.

فيليب تويرك.. تحالف سائقي السيارات

توريك، سائق سباقات سابق، هو جزء من مجموعة متشكّكة في الاتحاد الأوروبي غير ممثلة في البرلمان التشيكي، وتقول إنها تدافع عن حقوق السائقين ضد سياسات الاتحاد الأوروبي المناخية. وشكلت ائتلافًا مع حزب القسم الاحتجاجي، حيث احتلا معًا المركز الثالث في انتخابات الاتحاد الأوروبي في البلاد بنسبة 10.3% من الأصوات.

وشهد توريك (38 عامًا) تزايد شعبيته عبر شبكات التواصل الاجتماعي من خلال صورته “المحفزة” ودعواته لإعادة تشكيل أوروبا، لكن الشرطة تحقق أيضًا في الصور التي اُلتقطت قبل عدة سنوات واستخدم فيها التحية النازية، وأنشطة أخرى ربما تشير إلى تعاطفه مع النازيين. لم يتم توجيه أي اتهام إليه، وقد تجاهل هذه الاتهامات باعتبارها سوء فهم لذوقه السيّئ في الفكاهة، قبل أن يفوز في الانتخابات عن جمهورية التشيك.