ترجمة وتحرير:نون بوست
كتب: هويدة سعد وآن برنارد
نُقل ستة رضّعٍ حديثي الولادة من أحد المستشفيات الذي تعرض لحريق جراء الغارات الجوية، فضلا عن موت عائلة كاملة تحت أنقاض منزل وقع تفجيره. وفي مكان آخر، اضطر الأطباء إلى سكب الماء على الضحايا بعد تعرضهم لهجوم بالكلور، الذي كان من بين الهجمات الخمس من هذا النوع في سوريا منذ بداية السنة.
وفقا لشهادات بعض السكان وعمال الإنقاذ، ما حدث كان مجرد جزء بسيط من أعمال العنف التي شهدتها منطقة شمال سوريا خلال هذا الأسبوع، حيث كثفت الحكومة السورية وحليفتها الروسية من عدد الغارات الجوية على اثنين من آخر المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
حيال هذا الشأن، أوضح الناشط المناهض للحكومة، معاذ الشامي، الذي تنحدر أصوله من بلدة سراقب الواقعة شمال سوريا، حيث استُهدفت عيادة طبية عندما كان موظفوها يعالجون الجرحى الذي أصيبوا أثناء تفجير سوق عند انشغالهم باقتناء البطاطا، “لقد استُخدمت جميع أنواع الأسلحة لقتلنا منذ سبع سنوات، في حين ظل العالم كله يراقب”. وأضاف المصدر ذاته “نحن في سراقب نموت مرتين”.
منذ هزيمة تنظيم الدولة السنة الماضية، والتقدم الحكومي المُطرد ضد الجماعات التابعة للمعارضة الأخرى، ظن الرأي العام الدولي أن الحرب السورية قد بلغت مراحلها الأخيرة، لكن من الأجدر القول إن المجزرة في سوريا قد وصلت إلى ذروة جديدة.
منذ شهر كانون الأول/ ديسمبر، فرّ قرابة 300 ألف شخص من المعركة الجديدة. وفي غضون 48 ساعة من هذا الأسبوع، قتلت الحكومة أكثر من مائة شخص معظمهم من المدنيين، وذلك وفقا لما ذكره عمال إنقاذ وعاملون في المجال الطبي في الضواحي المحاصرة التي تسيطر عليها المعارضة شرق العاصمة دمشق. وفي هذا الأثناء، يمكن سماع الانفجارات وأعمدة الدخان المتصاعد من مقر السلطة على بعد بضعة أميال فقط من موقع القصف.
يوم الثلاثاء، أعلن مسؤولو الأمم المتحدة أن الوضع أصبح مزريا في سوريا ويتطلب فرض وقف فوري لإطلاق النار في جميع أنحاء البلاد. فضلا عن ذلك، انتقدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عمليات التفجير التي طالت المرافق الطبية في محافظتي حماة وإدلب، حيث باتت أغلبية المستشفيات خارج نطاق الخدمة.
في الشهر الماضي، كان السوريون، الذين أصيبوا في عمليات القصف التي استهدفت مدينة مسرابا، يسعون للحصول على علاج في مستشفى مؤقت يقع في منطقة دوما التي تسيطر عليها المعارضة، وتقع على مشارف دمشق
عندما كثف نظام الأسد من ضرباته خلال الهجومين الأخيرين على معاقل المعارضة، شنت تركيا عملية عسكرية مفاجئة لمنطقة حدودية تخضع لسيطرة الأكراد، لتتعرض ثلاث مناطق في سوريا لعمليات إطلاق النار كثيفة. وقد ساهمت كل هذه الأحداث في فرض حالة طوارئ جديدة على المدنيين.
في هذا الصدد، أفاد مساعد الأمين العام للأمم المتحدة، بانوس مومتزيس، الذي يشعل أيضا منصب المنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية في الأزمة السورية، أن “السوريين يتعرضون للخطر القادم من جبهات متعددة دون وجود أي آفاق للتسوية. وفي الحقيقة، نحن لم نر مثل هذا من قبل”.
توجد حقيقة واضحة تتمثل في أن الحرب السورية، منذ سنوات، لم تكن حربا واحدة فحسب، بل كانت عقدة من الصراعات المنفصلة ومتداخلة في الوقت ذاته بسبب تعدد القوات المتصارعة. وخلال السنة الماضية، ابتهجت الكثير من دول العالم لانهيار دولة خلافة تنظيم الدولة التي استوحاها من القرون الوسطى، بيد أن هذا النصر فسح المجال للصراعات الكامنة وراء الحرب إلى الظهور مجددا بصفة انتقامية. ففي غرب سوريا، حوّلت القوات الحكومية تركيزها نحو معركة كانت موجودة قبل ظهور تنظيم الدولة تتمحور حول محاربة فصيل من الجماعات المعارضة، الذي يهدف إلى الإطاحة بالرئيس بشار الأسد.
البلدان الغربية تراجعت عن مواجهة الأسد ووافقت بصفة ضمنية على بقائه في الحكم
بدعم من روسيا وإيران، يواصل الجيش السوري تكثيف جهوده لسحق أكبر المعاقل المتبقية التي تسيطر عليها المعارضة، التي استولت عليها منذ عدة سنوات فصائل تتراوح بين المنشقين من الجيش الوطني والجماعات الإسلامية التي لا زالت تسيطر عليها حتى اللحظة الراهنة. وقد تكون الاحتفالات بهزيمة تنظيم الدولة أمرا سابقا لأوانه نظرا لأن العديد من مقاتلي التنظيم لاذوا بالفرار وانضموا إلى الخلايا الإرهابية النائمة، وعادوا إلى اعتماد تكتيكات حرب العصابات في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة.
حيال هذا الشأن، أكد الباحث في مؤسسة تشاتام هاوس التي تتخذ من بريطانيا مقرا لها، حايد حايد أن “هناك بالفعل مؤشرات على وجود جماعات متمردة أخرى كانت تستخدم استراتيجيات حرب العصابات، نظرا لتنفيذها لعدد من التفجيرات في مدينتيْ دمشق وحلب الخاضعتين لسيطرة الحكومة. ومن المحتمل أن ينضم المزيد من العناصر إلى تلك المجموعات عندما يفقدون الأراضي التي يسيطرون عليها. وأضاف المصدر ذاته: “نحن نتحدث هنا عن آلاف الأشخاص وليس المئات”.
تجدر الإشارة إلى أن البلدان الغربية تراجعت عن مواجهة الأسد ووافقت بصفة ضمنية على بقائه في الحكم، فاسحين بذلك المجال لروسيا وإيران وتركيا لتكون من القوى الأجنبية الأكثر نفوذا في الحرب. وفي الأثناء ظلت الولايات المتحدة متمركزة في أجزاء كبيرة من شمال شرق سوريا التي استرجعتها المليشيات الكردية المدعومة من قبل الولايات المتحدة من يد تنظيم الدولة.
في الوقت الراهن، تحمل منطقتان تسيطر عليهما المعارضة العبء الأكبر من الهجمات التي تشنها القوات الحكومية بدعم من القوة الجوية الروسية والميليشيات المدعومة من إيران، بما في ذلك حزب الله اللبناني. ومن إحدى هذه المناطق، محافظة إدلب التي تقع على الحدود الشمالية الغربية لسوريا، حيث تم إجلاء الرُضّع حديثي الولادة من المستشفى الذي احترق جراء عمليات القصف التي جدت خلال الأسبوع الماضي. على خلفية هذه الهجمات، قام الكثير من السكان بحفر الخنادق ويفكرون جديا في فرضية الهروب.
جسد تاريخ إدلب في عدة جوانب تاريخ الحرب، حيث كانت المقاطعة إحدى المراكز الأولى التي تأججت فيها فتيلة الاحتجاجات ضد عقود من حكم الأسد الأسري، ومن الأماكن الأولى التي بدأ فيها المدنيون بحمل السلاح، بعد أن تصدت الحكومة للاحتجاجات
في هذا الإطار، أوضح أحد المواطنين السوريين، الذي يبلغ من العمر 32 سنة، المدعو محمد نجدت قدور، أنه بعد مرور سبع سنوات على وشك أن ييأس من الاحتجاج ضد الحكومة، والفرار المتواصل من الضربات الجوية، فضلا تضاؤل فرص بناء منظمات محلية مستقلة قادرة على تحدي المجموعات الجهادية التي هيمنت على المقاطعة.
في الفترة الأخيرة، أدلى المصدر ذاته بتصريحات أخرى بعد أن اقتربت القوات الحكومية بضعة أميال من مسقط رأسه، مدينة بنش، صرح فيها بأن “كل شيء سينتهي قريبا”. وهذه المرة، ألقى المواطن السوري باللوم على فصائل المعارضة التي تعاني من الانقسامات، نظرا لأنها ارتكبت خطأ فادحا عندما رحبت في البداية بالجهاديين الذين انقلبوا عليهم في وقت لاحق. وأردف المصدر ذاته “إذا سقطت بنش وسراقب، قل وداعا لإدلب ولكننا نستحق ما حصل لنا”. وبعد عمليات إخلاء القرى لم يبق في هذه المناطق سوى القطط والكلاب.
في شأن ذي صلة، أفاد الشامي أن “نتيجة الحرب ستكون حتما مدينة خالية من السكان”، في إشارة إلى سراقب، “فعدد الشهداء يمر في وسائل الإعلام دون أن يلاحظه أحد، ولكن بالنسبة لمتساكني هذه القرية، تعتبر هذه النهاية”. وفي الواقع، يجسد تاريخ إدلب في عدة جوانب تاريخ الحرب، حيث كانت المقاطعة إحدى المراكز الأولى التي تأججت فيها فتيلة الاحتجاجات ضد عقود من حكم الأسد الأسري، ومن الأماكن الأولى التي بدأ فيها المدنيون بحمل السلاح، بعد أن تصدت الحكومة للاحتجاجات.
البحث عن ناجين بعد قصف قوات النظام السوري لمدينة دوما السورية يوم الأربعاء.
في تلك المنطقة، نالت بعض فصائل المعارضة دعم الولايات المتحدة وحلفائها، إلا أن المتشددين الأجانب توافدوا على هذه المنطقة وأظهروا تفوقهم من حيث التمويل والتنظيم، ونجحوا في استقطاب السوريين. وقد أصبحت إدلب من المواقع الأولى التي وجد فيه تنظيم الدولة موطئ قدم، وحتى بعد أن نجح المقاتلون المحليون في طرد هذا التنظيم، أصبحوا بعد ذلك تحت هيمنة فصيل آخر مرتبط بتنظيم القاعدة.
لقد أدى تواجد هؤلاء المتشددين لتعزيز رواية النظام السوري، الذي يدعي أنه يحارب الإرهاب، وهو ما أضعف دعم الدول الغربية لفصائل المعارضة. كما أن هناك ميزة أخرى في إدلب؛ التي تتمثل في أن القوات الحكومية كانت غالبا، أثناء سيطرتها على البلدات التي يتواجد بها المعارضون، تعرض عليهم وعلى المدنيين خيار الاستسلام والرحيل نحو مكان آخر في هذه المحافظة، التي توفر الآن ملاذا لحوالي مليوني شخص، نصفهم من النازحين من مناطق أخرى في البلاد.
تعد المعركة في منطقة الغوطة الشرقية مختلفة عن نظيراتها، حيث تعتمد على الإنهاك والاستنزاف عوضا عن خطوط المواجهة الواضحة
في المقابل، قام آخرون، على غرار أحد ملّاك الأراضي في سراقب الذي يدعى ميسرة، بالرحيل ثم العودة، حيث هاجر نحو تركيا لفترة ثم عاد وبدأ بالاستثمار في مصنع لتعبئة المياه، إلا أن هذا الموقع تعرض بدوره للقصف من القوات الحكومية خلال الأسبوع الماضي.
مع ذلك، قال ميسرة، الذي طلب منا عدم الكشف عن اسمه الكامل حتى يتجنب الأعمال الانتقامية، إنه يريد المخاطرة والبقاء تحت حكم النظام، عوضا عن المغادرة مجددا، مؤكدا “أنا باق هنا، وسوف نصلي لكي يسير كل شيء على ما يرام”.
إلى جانب المناطق المذكورة آنفا، كانت الغوطة الشرقية من معاقل المعارضة الأخيرة التي تتعرض للغارات، وهي منطقة تتمثل في مجموعة من ضواحي دمشق التي تسكنها الطبقة العاملة، التي باتت الآن عبارة عن مزيج من البناء الفوضوي والمزارع المعزولة عن العالم الخارجي منذ سنوات بسبب حصار النظام.
لكن، تعد المعركة في هذه المنطقة مختلفة عن نظيراتها، حيث تعتمد على الإنهاك والاستنزاف عوضا عن خطوط المواجهة الواضحة. وقد عمدت القوات الحكومية إلى قطع إمدادات الغذاء والدواء عن هذه المنطقة التي يقطنها، حسب تقارير الأمم المتحدة، حوالي 400 ألف نسمة نصفهم من الأطفال، ما دفع أحد المعارضين اليساريين السوريين، ياسين الحاج صالح، لتشبيهها بمعسكرات الاعتقال النازية.
يرقد السوريون الذين تعرضوا لمشاكل في التنفس بعد غارات من قوات النظام، في مستشفى ميداني على أطراف سراقب، يوم الأحد، حيث تفتقر هذه المدينة إلى المستشفيات
في الآونة الأخيرة، ظلت القوات الحكومية عاجزة عن إحراز أي تقدم في هذه المنطقة، ما دفعها إلى تشديد الحصار عليها وتكثيف القصف. وخلال يومي الثلاثاء والأربعاء، تم تنفيذ واحدة من أعنف عمليات القصف، ما أدى لمقتل أكثر من مائة شخص. وقد نشر السكان صورا لفتاة تعرضت للقتل وهي تبتسم أمام جدار من الزهور، ورضيع آخر تعرضت ساقه اليمنى للبتر، وصور أخرى أكثر بشاعة. كما روى أحد مراسلي وكالة الأنباء الفرنسية مشاهدته لخمسة أطفال، من بينهم شقيقه الأصغر، يتعرضون للقتل بقنبلة أثناء جلبهم للماء.
في الجانب الآخر، استهدف ثوار الغوطة الشرقية، ولو بدرجة أقل، البلدة القديمة في دمشق في ثلاث مناسبات على الأقل خلال هذا العام، ما أدى إلى سقوط 13 قتيلا، من بينهم أطفال، بحسب تقارير لوسائل إعلام تابعة للنظام. ومنذ بداية سنة 2018، تعرضت الغوطة الشرقية للاستهداف في ثلاث مناسبات على الأقل، في هجمات يشتبه في استخدم غاز الكلور خلالها، الذي غالبا ما لا يؤدي إلى الموت ولكنه يسبب الاختناق، علما بأن استخدام الكلور كسلاح ممنوع في القانون الدولي.
خلال سنة 2013، كانت الغوطة أيضا مسرحا لهجوم بغاز السارين، وهو غاز أعصاب محظور، ما أسفر عن مقتل 1400 شخص، من بينهم أكثر من 400 طفل. وقد دفع هجوم غاز السارين كلا من روسيا والولايات المتحدة لإبرام اتفاق يقضي بالتخلص من ترسانة النظام السوري من الأسلحة الكيميائية. ومن جهتها، أفادت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، التي تشرف على عملية تدمير المخزون السوري من هذه الأسلحة، أنها تدرس إمكانية إرسال بعثة تقصي الحقائق بمبادرة منها للتحقيق في تقارير توثق وقوع هجوم بغاز الكلور في سوريا.
التوترات الدولية تهدد باندلاع أزمات جديدة لا يمكن التنبؤ بها، على غرار التدخل الأخير لتركيا في الحدود الشمالية لسوريا
وفقا لمنظمة اليونيسيف، يعاني 12 بالمائة من الأطفال الأصغر من خمس سنوات من سوء التغذية الحاد في الغوطة الشرقية. وقد سمح اتفاق قصير المدى لوقف إطلاق النار خلال الشهر الماضي، بخروج 29 شخصا لتلقي العلاج الطبي، إلا أن مسؤولي الأمم المتحدة يقولون إن ما لا يقل عن 600 شخص آخرين يحتاجون للخروج بشكل عاجل.
من بين هؤلاء، كان هناك الطفل عمامة ياسين درويش، البالغ من العمر 18 شهرا، الذي يعاني من السرطان، وقد أعلن الأطباء أنه توفي خلال الأسبوع الماضي بسبب غياب العلاج. ولكن، حتى لو نجحت قوات النظام في استعادة السيطرة على إدلب والغوطة الشرقية، فإن هذا لن يضع حدا للحرب.
في الحقيقة، إن التوترات الدولية تهدد باندلاع أزمات جديدة لا يمكن التنبؤ بها، على غرار التدخل الأخير لتركيا في الحدود الشمالية لسوريا. ومن خلال هذه العملية العسكرية، تهدف تركيا لافتكاك السيطرة على مدينة عفرين من المليشيات الكردية، ثم التوجه شرقا نحو منبج، حيث من المفترض أن تقابل القوات الأمريكية التي تعهدت بالدفاع عن هذه المدينة. وقد تؤدي هذه المواجهة بين الطرفين إلى صراع مسلح غير مسبوق بين طرفين حليفين في حلف الناتو.
عمال الطوارئ وهم بصدد البحث عن ضحايا بعد انفجار جد في منطقة تسيطر عليها المعارضة في إدلب، خلال الشهر الماضي.
مؤخرا، تزايدت احتمالات اندلاع مواجهة مباشرة بين الولايات المتحدة وروسيا على الأراضي السورية، وهو خطر أكده إعلان تحالف مدعوم من الولايات المتحدة يوم الخميس، بعد تمكنه من صد هجوم مفاجئ في شرق سوريا، شنته مليشيات مدعومة من قبل نظام الأسد، حيث ردت عليه بغارات أسفرت عن وقوع قتلى.
على خلفية هجوم يوم الخميس، ظهرت روايات متضاربة حول عدد الضحايا، التي تفيد بأنه يتراوح بين سبعة وما لا يقل عن مائة شخص. ويُعتقد أن جميع من قضوا نحبهم في هذه العملية هم من المليشيا الشيعية الموالية لبشار الأسد، المتمركزة في محافظة دير الزور في جنوب شرق سوريا. وفي المقابل، اعتبرت موسكو ودمشق أن الطرف المدعوم أمريكيّا، الذي قام بصد الهجوم المفاجئ، هو المعتدي في هذه الحالة.
والجدير بالذكر أنه لا يزال هناك معقل آخر بقيت في فصائل المعارضة صامدة في الجنوب، بدعم من الولايات المتحدة والأردن، وهي منطقة تمثل أيضا نقطة ساخنة في تاريخ التوترات بين إسرائيل وإيران، فيما يسعى حزب الله للتغلغل أكثر بالقرب من مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل.
دون أدنى شك، أدى العدد الكبير من الصراعات وتعدد الأطراف المتناحرة في سوريا لجعل هذه الحرب مستعصية أمام الجهود الدولية لإحلال السلام. فقد بلغت المحادثات الدولية في جنيف برعاية الأمم المتحدة حالة من العجز. أما في الحوار الوطني في روسيا خلال الأسبوع الماضي، احتشد داعمو نظام الأسد في محاولة منهم لتكريس الانتصار العسكري.
بعد سبع سنوات من القتال، الذي راح ضحيته حوالي 400 ألف شخص، فضلا عن تهجير 11 مليون سوري من منازلهم، أي أكثر من نصف عدد السكان، يبدو أن الكثير من المسؤولين والمحللين الدوليين باتوا يفكرون في كيفية إعادة إعمار سوريا، بعد أن أصبحوا يرون أن استعادة نظام الأسد السيطرة على البلاد باتت أمرا لا مفر منه.
في الأثناء، بدأت الدول الأوروبية والآسيوية منذ الآن في التسابق للحصول على عقود بمليارات الدولارات ضمن مشاريع إعادة البناء والإعمار ، فيما فازت روسيا وإيران مسبقا بعقود البنية التحتية. ولكن حتى لو تأكد أن بشار الأسد قد ضمن بقاءه على رأس السلطة، فإن السؤال المطروح: كم تبقى من هذه الحرب؟ وكم ستبلغ درجة وحشيتها؟
المصدر: نيويورك تايمز