الخريطة الجديدة لتوزع مختلف القوى المتناحرة في سوريا

ترجمة وتحرير: نون بوست
كتب: ألبرتو بيلوتو وأندريا برادا
تحارب الولايات المتحدة الأمريكية في آخر مرحلة أخطر صراع على مر التاريخ. مؤخرا، استهدفت القوات الجوية الأمريكية مواقع تابعة للنظام السوري. فبعد مرور ستة سنوات، يمكن الجزم أن سوريا تحولت من مجرد ساحة لحرب أهلية إلى ميدان حرب بالوكالة. في الواقع، لا تزال سوريا منقسمة إلى عدة أجزاء حيث تخضع كل منطقة لسيطرة قوى إقليمية معينة.
ففي سنة شهدت الساحة السورية تغييرات في موازين القوى، ويعزى ذلك إلى عاملين مهمين أولهما انهيار تنظيم الدولة وفقدانه السيطرة على أهم معاقله، الأمر الذي دفع بالعديد من الأطراف الفاعلة في الصراع إلى تغيير أولوياتهم. أما العامل الثاني، فيتمثل في تعزيز النفوذ الشيعي في المنطقة وذلك من خلال بروز تحالف جديد بين إيران وروسيا والنظام. في المقابل، تحظى المعارضة بدعم من قبل المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا.
في الوقت الراهن، تخوض تركيا صراعا داميا مع الأكراد حيث تهدف من وراء هذه الحرب إلى القضاء على عدوها اللدود نظرا لأن القيادة التركية لن تسمح بإقامة دولة كردية مستقلة، كما أنها لا تقبل بوجود عناصر كردية مسلحة على حدودها الجنوبية. حاليا، تعتبر الغوطة الشرقية ودير الزور ووادي نهر الفرات وإدلب ومقاطعتها الشرقية، وحماة وعفرين من أهم مناطق التصعيد.
الغوطة، مواجهات بين النظام والمعارضة
عادت منطقة الغوطة الشرقية من جديد إلى واجهة الأحداث مجددا. فبعد فترة من الهدوء النسبي الذي عاشته المنطقة، عرفت قرى وبلدات الغوطة الشرقية مواجهات مسلحة بين قوات النظام وفصائل المعارضة المسلحة فضلا عن قصف طائرات النظام للمدينة. ومنذ سنة 2012، أصبحت الغوطة الشرقية معقلا للمعارضة، بالتالي خرجت عن سيطرة النظام منذ ذلك الوقت كما أنها تعرضت إلى حصار محكم من قبل النظام ما تسبب في أزمة إنسانية.
دير الزور: قوات سوريا الديمقراطية ضد تنظيم الدولة والنظام السوري
بعد انسحاب تنظيم الدولة من دير الزور والرقة إلى جنوب البلاد، اتّخذ التنظيم من المنطقة الواقعة جنوب نهر الفرات معقلا له. وفي الأثناء، لا تزال قوات النظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية تقاتل تنظيم الدولة مع العلم أن قوات الكردية لعبت دورا هاما في الهزيمة التي لحقت بتنظيم الدولة. إلى جانب ذلك، تسعى قوات النظام السوري إلى استعادة السيطرة على آبار النفط التي كانت تحت سيطرة تنظيم الدولة. وخلال الثامن من شباط/فبراير، قصفت طائرات أمريكية مواقع تابعة للنظام في رد لها على سلسلة من الهجمات التي تعرضت لها قوات سوريا الديمقراطية من قبل القوات الجوية التابعة لنظام الأسد.
إدلب: مواجهات بين النظام والمعارضة
خلال سنة 2016، انتصر النظام السوري على المعارضة. وعلى الرغم من الهزيمة التي لحقت بالمعارضة، لم يتمكن النظام من استعادة مدينة إدلب الواقعة بالقرب من الحدود مع تركيا. وخلال سنة 2017، كسر النظام السوري الحصار على عدة مناطق ليصب تركيزه من أجل استعادة منطقة إدلب التي تعد من أهم المدن في سوريا. في هذا الإطار، اعتبر العديد من المراقبون أن هذه الخطوة التي قام بها النظام تعد بمثابة خطة إستراتيجية هامة ستساعده من أجل استرجاع المدينة من قبضة المعارضة. ونتيجة لذلك، أي منذ مطلع سنة 2018، بدأ المحور السوري الروسي الإيراني بشن هجماته وقصف المدينة من الجهة الشرقية لاستعادة آخر معقل للمعارضة.
حماة: مواجهات بين تنظيم الدولة والنظام
تعتبر مدينة حماة آخر معقل لتنظيم الدولة الذي يضم القياديين المقربين من أبو بكر البغدادي. وبالتزامن مع الهجوم الذي يشنه النظام السوري لمدينة إدلب، استهدف الجيش السوري عدة مواقع تابعة لتنظيم الدولة شمال مدينة حماة. ومن المتوقع أن قوات النظام لن تجد صعوبة في استرجاع المدينة مقارنة بمدينة إدلب، إذ يعزى ذلك لتواجد عدة فصائل موالية للنظام السوري بالقرب من محافظة حماة.
عفرين: مواجهات بين الأكراد والأتراك
في الخامس من كانون الثاني/يناير، شنت القوات التركية هجوما ضد الأكراد في منطقة عفرين. ومن جهتها، قصفت وحدات النقل البري وطائرات مقاتلة تابعة لتركيا الأكراد في عفرين الذي يعد أهم حليفا للولايات المتحدة في حربها على تنظيم الدولة. وفي الواقع، لن تسمح أنقرة بإقامة دولة كردية مستقلة بالقرب من حدودها الجنوبية. والجدير بالذكر أنه في آب/ أغسطس سنة 2016، شنت تركيا “عملية درع نهر الفرات” بهدف إبعاد الأكراد من المنطقة.
المصدر: ليترا 43