ترجمة حفصة جودة
في عام 2000 وبعد عدة أشهر فقط من انطلاق شركة حجز السفر الإلكترونية “MakeMyTrip” انهارت الشركة بسرعة صاروخية، فقد أدت فقاعة الإنترنت في ذلك الوقت إلى إفلاس العديد من الصناعات على الإنترنت، وكانت شركة “eVentures” صاحبة رأس المال الاستثماري قد مولت المشروع بمبلغ مليون دولار في بدايته ثم تراجعت عن عرضها بإرسال مليون دولار أخرى.
بحلول عام 2001 انخفضت قيمة الشركة إلى شهر واحد فقط من رأس المال العامل، لذا تقرر خفض رواتب جميع المسؤولين التنفيذيين، وبعد فترة قصيرة استقال المسؤول المالي للشركة وبدأ المؤسس المشارك والمدير التنفيذي للمجموعة ديب كالرا بالبحث عن بديل.
بالنسبة لراجيش ماجو الذي كان قد استقال لتوه من عمله في شركة “Quantum” للتعليم الإلكتروني، كان الأمر يمثل بداية جديدة بالنسبة له، وكان ماجو قد عمل محاسبًا من قبل في مجموعة “Voltas” وشركة التدريب والتعليم “Aptech” قبل انضمامه إلى “Quantum”.
رفض ماجو الكشف عن كمية المال التي وضعها في الشركة
في اجتماعه الذي استغرق عدة ساعات، كان ماجو منبهرًا بمهارة وكفاءة كالرا – الذي أصبح مشهورًا في مجتمع الأعمال الهندي فيما بعد – ونشأ بين الاثنين صداقة سريعة.
يقول ماجو – 49 عامًا ويعمل الآن رئيسًا تنفيذيًا للشركة -: “كان قرار انضمامي للشركة ليس من أجل الشركة نفسها لكن من أجل العمل مع ديب، كانت فقاعة الإنترنت مخاطرة كبيرة لكنها كانت فكرة مثيرة للاهتمام، وربما لم تنجح لأن النظام البيئي لم يكن مناسبًا، لكنني كنت مقتنعًا بالعمل مع ديب كرائد أعمال بالإضافة إلى أنني لم أكن أسعى للحصول على وظيفة في شركة كبيرة”.
العمل الخفي
لم ينضم ماجو إلى الشركة المتعثرة ماليًا في أوائل 2001 فقط، لكنه استثمر أمواله في تلك الشركة مع المؤسسين كالرا وكيور جوشي وساشين باهتيا، ورفض ماجو الكشف عن كمية المال التي وضعها في الشركة، تجاوز ماجو دوره المالي وأدى العديد من الأدوار في الشركة لينجح العمل.
يقول ماجو: “كان لكل شخص دوره الواضح بالتأكيد، لكن في الشركات الناشئة كان الجميع يقومون بما في وسعهم لينجح الأمر، لقد كانت لعبة البقاء على قيد الحياة”، ورغم عاطفته تجاه الشركة، ابتعد ماجو في نهاية 2001 ليقود مشروع بناء ونقل وتشغيل لشركة السفر الإلكترونية “eBookers” ومقرها المملكة المتحدة إلى الهند، وهو المشروع الذي كانت تنفذه “MakeMyTrip”.
راجيش ماجو الرئيس التنفيذي لشركة “ميك ماي تريب”
بعد ذلك تحولت الشركة للتركيز على العملاء المقيمين في الولايات المتحدة الذين يزورون الهند بدلاً من خدمة جميع الهنود، وفي عام 2005 افتتحت الشركة مقرًا رسميًا لها في الهند وتوسعت ليشمل عملها الحجز على جميع خطوط السفر لجميع الجهات ولكل المواطنين في الهند، وحينها كان مقعد المدير المالي جاهزًا لماجو مرة أخرى لكنه اضطر لخفض راتبه، وفي هذا الشأن يقول: “مع تشوقي للعمل وعاطفتي الشديدة كنت مقتنعًا بالعمل مرة أخرى مع خفض الراتب، لقد عدت هنا ولم أنظر للخلف مرة أخرى أبدًا”.
وأخيرًا.. أيام جيدة
بين عامي 2006 و2010 كانت الشركة قد دخلت في مرحلة نمو سريعة ومثيرة، وبفضل هذا الأداء قررت الشركة في أغسطس 2010 أن تدخل بورصة نازداك في نيويورك لتطرح عرضها العام الأولي “IPO” وتصبح واحدة من أوائل الشركات الهندية على الإنترنت التي تدخل مجال البورصة.
يقول ماجو: “أطلق البعض على تلك الخطوة قوة الاكتتاب العام، فقد ارتفع سعر السهم بنسبة 98% من أول يوم، وقبل هذه الشركة، حاولت شركة “Rediff” القيام بذلك لكنها لم تنجح، وبعد 7 سنوات أصبحت “JustDial” شركة عامة، أما بقية الشركات الهندية على الإنترنت فلم تصل إلى مرحلة التحول لشركة عامة”.
كان دخول البورصة يشكل ضغطًا على الشركة لتحسين أدائها، حيث يقول ماجو: “كان علينا أن نبني مصداقية بين مجتمع المستثمرين، فهذا العالم لا يرحم”، نجحت الشركة في ذلك بشكل كبير، فقبل الاكتتاب العام كانت عائدات الشركة السنوية تصل إلى 40 مليون دولار، وفي عام 2017 وصلت عائدات الشركة إلى 336 مليون دولار وفقًا لهيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية.
تنمو عائدات الشركة بنسبة معقولة لكن خسائرها اتسعت كذلك
بعد الاكتتاب العام بفترة لم يكن ماجو رئيسًا ماليًا فقط، لكنه أصبح مديرًا للعمليات، وبعد فترة وجيزة كان موهيت كابرا المدير المالي الجديد، وفي عام 2013 عاد ماجو – الذي لم يعتبر نفسه محترفًا ماليًا أبدًا – إلى القمة مرة أخرى ليصبح المدير التنفيذي للشركة، وخلال عقدين من الزمان تحولت الشركة من مكتب صغير يضم 30 موظفًا في أوكهلا جنوب دلهي إلى شركة لديها 50 فرعًا في الهند وخارجها ويعمل بها أكثر من 3000 موظف.
في نهاية يناير 2017 اندمجت الشركة بالكامل مع شركة “ibibo”، والآن تقول الشركة إنها تقوم بنحو 23% من جميع أعمال رحلات الطيران (بشكل مباشر أو من خلال الإنترنت) في الهند، ويقول فيدهيا شانكر المدير التنفيذي لشركة “Grant Thornton” للاستشارات إن الشركة لديها ميزة كبيرة من حيث التكلفة بفضل عروضها المميزة.
تدير الشركة نحو 42% من حصة السوق في الحجوزات على الإنترنت وفقًا لشركة الاستخبارات السوقية “KalaGato”، وتليها “Goibibo” بنسبة 33%، أما شركات مثل “Oyo” و”Cleartrip” و”Yatra” فقد ابتعدوا عن منافستهم كثيرًا حيث لا تتعدى نسبتهم 10%، ورغم ذلك انخفضت أعمال “MakeMyTrip” الفندقية إلى النصف بين سبتمبر 2016 وحتى ديسمبر 2017، لكن صفقات “Goibibo” عوضت هذا التراجع.
في مجال الأعمال لا يوجد ولاء، فالمستهلك سيذهب إلى حيث توجد أفضل العروض
تقول البيانات إن أرباح الشركة وصلت إلى 550 مليون دولار، لكنها ما زالت قليلة، حيث يقول يوجال جوشي نائب رئيس شركة “Everest” للاستشارت والأبحاث: “تنمو عائدات الشركة بنسبة معقولة لكن خسائرها اتسعت كذلك”، فقد سجلت الشركة خسائر قيمتها 88 مليون دولار العام الماضي وفقًا لايداعاتها في هيئة الأوراق المالية والبورصة الأمريكية، ويعتقد الخبراء أنها لم تعد متنوعة بما فيه الكفاية لتحافظ على مركز الصدارة.
يقول أمان كومار رجل الأعمال البارز في شركة “KalaGato” إن هناك منافسين جدد مثل شركة “OYO” في مجال الأموال وشركة “Trivago” في مجال الفنادق واللتان اندمجتا الآن للتركيز في تلك القطاعات، بينما تحاول شركات الطيران الآن جذب المستهلكين من المواقع المجمعة إلى مواقع ومنصاتهم الخاصة.
بينما تواجه الشركة منافسة صعبة في الرحلات منخفضة التكاليف، تحاول الشركة رفع قيمة تعاملاتها بتقديم عروض نهائية أعلى وذلك بزيادة قائمتها من الخدمات “4 نجوم” و”5 نجوم”، وفيما يتعلق بحجوزات السفر يتفوق متوسط طلبات الشركة على منافسيها بهامش كبير.
في مجال الأعمال لا يوجد ولاء، فالمستهلك سيذهب إلى حيث توجد أفضل العروض، ورغم أن ماجو قطع شوطًا كبيرًا في ذلك، فإن أمامه رحلة صعبة وتحديًا كبيرًا.
المصدر: كوارتز