حالهم ليس كحال الشباب في مقتبل سنهم يدرسون ويعملون، فمنهم من لا يقدر على الدراسة ومنهم لا يجد العمل، لكن عقولهم وطموحاتهم لو استغلت بالشكل الصحيح وتوافرت الإمكانات لصعدت بلادهم أعلى القمم، لكن هنا في غزة وفي محافظاتها ومخيماتها وشوارعها، الأمر يحتاج لوقفة.
تجد الشاب يحلم ببيت أو وظيفة تساعده على مواكبة مركب الحياة القاسية التي يعيشها أهل غزة، أو حتى يستطيع تكملة نصفه الآخر وهي سنة الحياة، لكن يجد نفسه عاجزًا أمام تلك الصعوبات والعقبات الغزاوية من حصار وانقسام وتدهور الوضع المعيشي، فيصبح الشاب كالبلور الذي يدور حول نفسه، ولكن يحاول بكل الطرق أن يجهز نفسه وبالإمكانات التي تجعله مهيئًا للقبول أكثر من الرفض من أهلها، وهنا تبدأ الفجوة.
فالجميع يرغب بحياة مستقرة لصغيرته، فيبدأ بحفر الصخر ليخرج شيء من الوجود، يقع ويداس ويعاود الوقوف، يأتي بالمهر وتبقى الشقة، يأتي بالشقة ويبقى تجهيزها، تبقى صالة الزفاف وغيرها حتى يقنع نفسه بأنه مهيأ لقبوله كعريس للعائلة.
العروس في غزة آخر من يعلم بالدائرة التي تحلق فوق رأس خطيبها، فكل ما في الأمر أن يتمم على أكمل وجه، دون أن يعلمها الخطيب بحقيقة البالون المليء بالمياه الذي قد ينفجر في أي لحظة في وجهيهما، فهي آخر من يعلم
يتقدم وتدخل الفرحة قلب العريس والعروس، وهنا تشتد الفجوة بالتجهيزات التي تنهال على رأس العريس تلو الأخرى بمتطلبات أهل العروس وإن كانت متطلبات طبيعية وبديهية عند زفاف كل عروسة، ولكن بسبب ضغوطات الحياة فهي قاتلة بالنسبة للعريس.
فتبدأ المشاكل شيئًا فشيئًا ويصبح العريس في متاهة من أمره، والعروس قد تجدها مغمورة بالفرحة والزغاريد والحلم بفارس الأحلام والبدلة البيضاء والطرحة المرصعة باللؤلؤ، وخاتم يلمع بيدها تتباهى به بين رفيقاتها، فهي آخر من يعلم بالدائرة التي تحلق فوق رأس خطيبها، فكل ما في الأمر أن يتمم على أكمل وجه، دون أن يعلمها الخطيب بحقيقة البالون المليء بالمياه الذي قد ينفجر في أي لحظة في وجهيهما، فهي آخر من يعلم.
فتبدأ المشاورات بين الخطيب وأهلها، فقد تفسخ الخطوبة وهي آخر من يعلم، وقد يمهل الخطيب أهلها بالأفكار التي تهدئ من روعهم بأن مستقبلهم سيصبح أجمل وأكثر هدوءًا بعد الزواج وهي آخر من يعلم، قد تكون تحت مسمى “ستر الفتاة” أفضل لها، وهي آخر من يعلم.
هنا تتجسد البداية الخاطئة بنهاية تعيسة يصاحبها مشاكل وخيمة، وهي بعدم مصارحة العروس من خطيبها الذي يسعى جاهدًا للزواج مهما كلف هذا من أمر، متخفيًا لواقعه
تتزوج، وتشعر بالاستقرار لحظة، ثم تقف مندهشة من الواقع المرير الذي فاجأها به عريسها، يلف بها شريط من الذكريات إلى الوراء هو نفسه الذي كان يرسم لي المستقبل والحياة الزهيدة والسعادة الدائمة، سيل من الديون المتراكمة فليس باليد حيلة.
هنا تتجسد البداية الخاطئة بنهاية تعيسة يصاحبها مشاكل وخيمة، وهي بعدم مصارحة العروس من خطيبها الذي يسعى جاهدًا للزواج مهما كلف هذا من أمر، متخفيًا لواقعه، ومن أهلها الذين وجدوا أنفسهم في مفترق الطريق تائهين وليس أمامهم إلا الرضوخ لعل البالون لا ينفجر، وهي آخر من يعلم، مما قد يؤدي إلى المشاكل أو الخلافات المستمرة أو حتى الطلاق وهي تعلم أن الأمر سيكلفها غاليًا.