مع دخول عملية غصن الزيتون أسبوعها الخامس، التي تستهدف مواقع ميليشيا الوحدات في عفرين، شهدت المنطقة تقدم لقوات غصن الزيتون على حساب الميليشيات التي تكبدت خسائر كبيرة بالعتاد والأرواح، إضافة إلى ذلك خسرت الميليشيات خلال الأيام القليلة الماضية عشرات القرى، في حين انهارت صفوف الميليشيات، حيث سيطرت غصن الزيتون الخميس الفائت على سبع قرى، فيما تمكنت من وصل مناطق سيطرتها قرب ناحيتي راجو وشيخ الحديد، كما سيطرت القوات أمس الجمعة على قريتي حسن كلكاوي، وجلمة غرب راجو بعد اشتباكات ضد ميليشيا الوحدات.
وعلى الصعيد الميداني دعت مليشيا الوحدات قوات النظام للدخول إلى عفرين لمواجهة عملية “غصن الزيتون” وذلك نهاية شهر يناير الماضي من خلال بيان صادر عن المليشيا تقول فيه: “مع اشتداد وتيرة هجمات العدوان التركي ضد منطقة عفرين التي تشكل جزءًا من الوطن السوري، التي جوبهت بمقاومة باسلة من مقاتلينا وأبناء شعبنا في المنطقة، ندعو الجيش العربي السوري وقيادته الحكيمة إلى التدخل في عفرين لحماية شعبنا الذي هو جزء من النسيج السوري وأرضه جزء لا يتجزأ من الأراضي السورية الحبيبة”، وأكد البيان أن “قوات حماية الشعب في ميادين القتال ستعمل يدًا بيد مع قوات الجيش العربي السوري وقيادته ضد العدوان التركي الغاشم” طبقًا لما تدعي.
في الوقت نفسه دعت الإدارة الذاتية لمنطقة عفرين، قوات النظام إلى دخول عفرين ونشر قواتها على الحدود مع تركيا، جاء ذلك على خلفية التخلي عنها من روسيا التي سحبت قواتها، ومن أمريكا التي قالت عبر التحالف الدولي إن عفرين خارج منطقة عمليات التحالف، وحذرت الأخيرة فيما بعد هذه المليشيات من نقل قواتها إلى عفرين من شرق سوريا، تحت طائلة فقدان دعم التحالف الدولي.
وإلى هذا أفادت مصادر عن اجتماع شمل قيادات كل من قوات النظام وميليشيا الوحدات في بلدة نبل بريف حلب الشمالي الواقعة تحت سيطرة قوات النظام بالتزامن مع تحضيرات عملية غصن الزيتون، ولم يتم الكشف عن مخرجات الاجتماع.
تعاون شديد بين ميليشيا الوحدات وقوات النظام وميليشياته في بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين، ولكن بشكل غير مباشر وغير رسمي، كشفه تقرير لوكالة رويترز للأنباء
ومن جانب آخر أظهرت مقاطع فيديو مسجلة نشرت عبر مواقع التواصل “فيسبوك، تويتر” عناصر تابعين لميليشيات محلية تابعة للنظام معروفة باسم “درع الزهراء” في منطقة عفرين، تشارك ميليشيا الوحدات في معاركها ضد قوات المعارضة والقوات التركية، وهي ميليشيات محلية في بلدة الزهراء الخاضعة لسيطرة قوات النظام بريف حلب الشمالي والمحاذية لمنطقة عفرين، حيث ظهر في التسجيلات استهدافهم لآلية عسكرية تركية، وإطلاق شعارات دينية تمثل الشيعة على غرار الشعارات التي تطلقها الميليشيات الإيرانية.
وعلى ما يبدو أن ميليشيا درع الزهراء التابعة لقوات النظام تعي تمامًا أنها تقاتل ضد القوات التركية وقوات المعارضة، ولكن بشكل غير رسمي تدور فيه المصالح بين الطرفين مما قد يطيل المعركة لعدة شهور ويعيق التقدم، وهذا ضمن التنسيق بين الطرفين.
وهذا تعاون شديد بين ميليشيا الوحدات وقوات النظام وميليشياته في بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين، ولكن بشكل غير مباشر وغير رسمي، كشفه تقرير لوكالة رويترز للأنباء أن “القوات الكردية” المدعومة من الولايات المتحدة تلقوا المدد من حيث لم يحتسبوا في المواجهة التي يخوضونها ضد تركيا في منطقة عفرين، حيث يقوم بشار الأسد بمساندتهم، حسب ما نقلته الوكالة عن مسؤولين في النظام وميليشيا الوحدات على حد سواء، وأكدت بأن النظام يوفر دعمًا غير مباشر للوحدات من مقاتلين ومدنيين من خلال السماح لهم بالوصول إلى عفرين عبر الأراضي الخاضعة لسيطرته.
وفي السياق قال شهود عيان إن قافلة مدنية من مئات السيارات ذهبت إلى عفرين من المناطق الأخرى التابعة للميليشيات شرق سوريا، مرورًا بمناطق قوات النظام تضامنًا مع المدينة، حيث قامت الأخيرة بتيسير عبورهم إلى المنطقة، وذكرت مصادر أن العديد من الأكراد من حي الشيخ مقصود بحلب توجهوا إلى عفرين للقتال، وتتطلب الرحلة القصيرة التنقل عبر المناطق التابعة للنظام أو حلفائه من الميليشيات الشيعية المدعومة إيرانيًا.
يبدو التعاون جليًا بين قوات النظام والميليشيات من خلال السماح للمقاتلين الأكراد والمدنيين والسياسيين بالوصول إلى عفرين عبر الأراضي التي تسيطر عليها
من جانب آخر أكد كينو غابرييل الناطق باسم ميليشيات سوريا الديمقراطية “أنه توجد طرق عديدة لإرسال التعزيزات إلى عفرين لكن أهمها الطريق الذي يمر ضِمن منطقة سيطرة قوات النظام، وهناك تفاهمات بين الجانبين لتأمين المنطقة في مواجهة القوات التركية وقوات المعارضة”.
في حين تبذل ميليشيا الوحدات كامل جهدها لإرضاء قوات النظام، وإدخاله في المعارك بعفرين، كما تقول المصادر الكردية إنهم يتمتعون أيضًا بقدرة على التأثير على النظام؛ لأنه يحتاج إلى تعاونهم من أجل الحصول على الحبوب والنفط من مناطق الشمال الشرقي الخاضعة لسيطرة الميليشيات.
كما سمح كل جانب للطرف الآخر بالحفاظ على موطئ قدم له في أراضي الآخر؛ ففي مدينة القامشلي شرق البلاد التي تسيطر عليها ميليشيا الوحدات، لا تزال قوات النظام تسيطر على المطار، وحي الشيخ مقصود بحلب تسيطر عليه ميليشيا الوحدات.
ويبدو التعاون جليًا بين قوات النظام والميليشيات من خلال السماح للمقاتلين الأكراد والمدنيين والسياسيين بالوصول إلى عفرين عبر الأراضي التي تسيطر عليها، ومن المرجح أن تحافظ الميليشيات على إرسال التعزيزات إلى عفرين، مما يعيق تقدم قوات غصن الزيتون، ويطيل صراعًا يستنزف موارد القوى العسكرية في المنطقة التي تشهد معارك دامية بشكل يومي.
ليس هذا فحسب بل أفادت مصادر إعلامية أن ضباطًا روس وإيرانيين، إضافة لضباط تابعين لقوات نظام الأسد باتوا يترددون بشكل دوري على مدينة تل رفعت الخاضعة لسيطرة ميليشيا الوحدات، وأضاف المصدر بأن الضباط يزورون خطوط الجبهة التي تفصل عناصر ميليشيا الوحدات عن مقاتلي فصائل المعارضة.
وأوضحت المصادر لـ”مركز رصد الشمال السوري” بأن وجود الضباط بدأ قبل ثلاثة أسابيع وبشكل مستمر، بغية رصد ومتابعة المعارك بشكل غير علني، في حين دخلت قوات المراقبة الروسية التي رافقها ضباط من قوات النظام قبل أيام بشكل علني لمناطق سيطرة الوحدات في قرية الشيخ عيسى، ومدينة تل رفعت في ريف حلب الشمالي، ومعسكر كفرجنة في منطقة عفرين.
وما يزيد الطين بلة حين تم الكشف عن عمليات مدرجة تحت الطاولة تجمع القوات الروسية وقوات النظام وميليشيا الوحدات على طاولة المصالح في الأراضي السورية، مما سيؤدي إلى كارثة لا يحمد السوريون عقباها، تخلف حربًا تشتت من سلم وتقتل من بقي.