أعلن المدعي الخاص روبرت مولر المسؤول عن التحقيق في تلاعب الروس بنتائج الانتخابات الأمريكية باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، تورط 13 روسيًا ومعهم 3 مؤسسات روسية مدعومة من الحكومة من بينها جيش إلكتروني روسي كشف المدعي الخاص أنه امتلك ما يقرب من 118 حسابًا على فيسبوك وتويتر وإنستغرام للتدخل في الانتخابات الأمريكية.
ألحق المدعي الخاص روبرت مولر لائحة اتهامات وصلت إلى 37 صفحة أدان فيها شخصيات ومؤسسات بعينها بالتدخل في الانتخابات الأمريكية عام 2016 لمساعدة الرئيس الأمريكي الحاليّ دونالد ترامب وإقصاء المرشحة الرئاسية هيلاري كلينتون من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات رقمية أخرى، وعلى الرغم من أن دونالد ترامب يصف هذه المزاعم بأنها مجرد نظريات بعيدة المنال بحسب رواية صحيفة الغارديان، فإنها طالت منصات رقمية كانت قد تورطت هي الأخرى في توسط الروس في الانتخابات.
أعلن المدعي الخاص روبرت مولر يوم الجمعة الماضي تورط منصة إنستغرام في حجبها محتوى روسي من حسابات المعارضة ومنها حساب أليكسي نافالني أحد قادة المعارضة
على الرغم من التركيز على بروباجندا فيسبوك، في تورط المنصة التي سمحت لمئات من الحسابات الروسية المزيفة التي سرقت هويات شخصيات أمريكية، واتخذت من المنصة وسيلة للتأثير على الرأي العام من خلال نشر منشورات غير واقعية من الحملات المواجهة لحملة لترامب، أو الترويج لحملات ترامب نفسها من خلال شراء الإعلانات، فإن المدعي الخاص روبرت مولر أعلن تورط منصات رقمية أخرى كانت قد تورطت في عملية التدخل تلك وما زلت تتورط في تدخلات سياسية أخرى، منها تويتر وإنستغرام المملوك من شركة فيسبوك ومنصة الدفع الإلكتروني PayPal.
منصة إنستغرام تتلاعب بالانتخابات الروسية
المعارض الروسي أليكسي نافالني الذي حجب إنستغرام منشوراته
أعلن المدعي الخاص روبرت مولر يوم الجمعة الماضي تورط منصة إنستغرام في حجبها محتوى روسي من حسابات المعارضة ومنها حساب أليكسي نافالني أحد قادة المعارضة ومعارض قوي في حملة ضد الفساد، كانت قد سجنته السلطات الروسية من قبل، حيث حجبت المنصة المحتوى عن المستخدمين الروس بحسب ما ورد في تقرير البي بي سي.
في حين يحارب فيسبوك الحكومات والسلطات القانونية لإثبات إخلاصه للقوانين من أجل إثبات براءته من تورط منصته في التلاعب السياسي والانتهاك السياسي للانتخابات في شتى الدول، ليقوم بتغيير سياسات جذرية من أجل تعزيز مزيد من الشفافية والمصداقية للمنصة لإثبات حيادها التام في الانتخابات ومحاولتها حماية الانتخابات من أي استغلال أو انتهاك، يبدو أن منصة مارك زوكيربيرغ الأخرى لا تأخذ نفس الحيز من البروباجندا والاتهامات، ليكون فيسبوك غطاءً لكل ما يدور على منصة “إنستغرام”.
كان رد المتحدث الرسمي لفيسبوك أن الشركة تسمح للحكومات بالتبيلغ عن أي محتوى ينتهك القوانين المحلية، وبناءً عليه تفحص المنصة المحتوى جيدًا لتتأكد من أنه ينتهك القوانين أو يروج لأفكار تخريبية، وعليه فإنه يمنع مستخدمي البلد التي تم نشر المحتوى فيها من رؤيته ويحجبه كليًا في تلك المنطقة، حيث ترى الشركة هذا الأداء وسيلة لحماية القوانين المحلية وعليه حماية المنصة من الاتهامات المزعومة بعدم حيادتها كمنصة رقمية تكفل حرية الرأي والتعبير.
سمحت منصة الدفع الإلكتروني “باي بال” أن ينشأ الروس حسابات بهويات مزيفة لاستخدام المنصة لدفع تمويل مالي للإعلانات التي تم شراؤها على كل من فيسبوك وتويتر
إنستغرام ليس وحده
لم تكن منصة إنستغرام المنصة الوحيدة التي تورطت في عدم حيادية المنصات الرقمية، أو في سياق آخر فساد المنصات الرقمية، حيث كانت منصة الدفع الإلكترونية “باي بال” آخر شركات التكنولوجيا التي أُقحمت في التحقيقات المستمرة في تورط الروس في التلاعب بنتائج الانتخابات الأمريكية، وكما طالت البروباجندا فيسبوك وتويتر بانتهاك الحسابات الروسية خصوصية أشخاص حقيقين وسرقة هوياتهم وحساباتهم من أجل الترويج لمرشح الحزب الجمهوري على حساب هيلاري كلينتون، سرق الروس أيضًا هويات لشخصيات حقيقة على منصة الدفع الإلكتروني “باي بال” من أجل الدعم المالي للحسابات المسروقة على فيسبوك وتويتر.
سمحت منصة الدفع الإلكتروني “باي بال” أن ينشأ الروس حسابات بهويات مزيفة لاستخدام المنصة لدفع تمويل مالي للإعلانات التي تم شراؤها على كل من فيسبوك وتويتر بحسب ما ورد في تقرير صحيفة “فورتشن”، ولكن كان رد الشركة بأنهم يركزون بشكل مكثف على مكافحة ومنع الاستخدام غير المشروع لخدمات باي بال، والعمل بالتوافق مع القانون من أجل حماية منصتهم من الاستغلال في نشاطات غير مشروعة، ولكن ما حدث في الواقع يُخالف تصريحات الشركة.
استطاع الروس بحسب لائحة الاتهامات الخاصة بالمدعي الخاص روبرت مولر فإن شركة “باي بال” لم تُبال بسرقة معلومات خاصة بمواطنين أمريكيين، مثل تاريخ الميلاد ومكانه، وسرقة معلومات خاصة برخصة القيادة، وهي المعلومات التي ساعدت المخترقين الروس على إنشاء حسابات بأسماء مزيفة على باي بال من أجل تمويل الإعلانات السياسية التي وصلت ميزانيتها إلى أكثر من مليون دولار أمريكي بحسب لائحة اتهامات روبرت مولر.
التلاعب بالانتخابات الأمريكية لم يكن البداية
تويتر يتلاعب بالانتخابات الميكسيكية 2012
على الرغم من أن حادثة تورط مواقع التواصل الاجتماعي في الانتخابات الأمريكية كانت الأشهر والأكثر تأثيرًا، فإنها لم تكن الأولى من نوعها، فكما كانت مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة لمحاسبة الحاكمين، كانت أيضًا وسيلة للتلاعب بالمحكومين، حيث بدأ التورط الفعلي من منصة تويتر عندما تورطت في التلاعب بنتائج الانتخابات المكسيكية عام 2012 من أجل تأييد الرئيس الحاليّ للبلاد إنريكي بينا نييتو، حيث ساعد تويتر بميزانية تُقدر بـ600 ألف دولار من أجل التلاعب بالمحتوى الرقمي على منصة تويتر لتحويل مسار الانتخابات من أجل فوز إنريكي نييتو.
حذر الخبراء حينها من الأثر المرعب من تلاعب مواقع التواصل الاجتماعي بالأحداث السياسية، وأن ذلك التأثير المخيف الذي وصلت تبعاته للمواطنين العاديين والصحافيين والمؤسسات، لن يقف حده فقط عند الانتخابات المكسيكية
كان تورط تويتر مختلفًا بعض الشيء عن تورط فيسبوك في الانتخابات الأمريكية، فقد استعملت منصة تويتر طريقة رقمية في التلاعب بالانتخابات، وذلك من خلال جيش إلكتروني من الروبوتات أو “البوت” الذي من شأنه الترويج لمحتويات بعينها من أجل أن تُصبح مُتصدرة (Trending) على تويتر وتُغير من رأي المستخدمين أو نشطاء تويتر.
لم تستخدم حملة الرئيس الحاليّ “البوت” من أجل الترويج لمحتواها على تويتر فقط، بل استعملها كل الأحزاب السياسية في المكسيك في أثناء الانتخابات، وذلك للترويج للكثير من الهاشتاغات والتغريدات المختلفة الخاصة بهم للتأثير على الرأي العام، بل استخدمها بعضهم للترويج إلى كثير من التهديدات تجاه العديد من الصحفيين، وهو ما جعلها أكثر البلاد خطرًا على حياة الصحفيين في ذلك الوقت، حيث وصفت الصحافة أن ما يحدث هو حرب المعلومات المزيفة وليست انتخابات.
حذر الخبراء حينها من الأثر المرعب من تلاعب مواقع التواصل الاجتماعي بالأحداث السياسية، وأن ذلك التأثير المخيف الذي وصلت تبعاته للمواطنين العاديين والصحافيين والمؤسسات، لن يقف حده فقط عند الانتخابات المكسيكية وسيستمر للتدخل في انتخابات دول أكثر هيمنة من المكسيك، بل سيستمر للتأثير على قضايا محلية ودولية بعينها، بعد أن تكون في يد تلك المنصات القدرة على التحكم في مسار وسرعة المعلومات التي يقرأها العامة للتأثير على رأيهم.
على الرغم من “حيادية” تلك المنصات التي كان الغرض الأساسي منها هو التواصل المفيد وضمان حرية الرأي والتعبير في إطار يسمح لكل مواطن أن ينشر ويغرد عن رأيه الخاص من دون تلاعب أو استغلال، ويسمح لكل مستخدم أن يشارك معلوماته الخاصة مثل اسمه وعنوانه وتفاصيل بطاقته الائتمانية على سبيل المثال على أمل أن تكون بياناته تحت حماية تلك المنصات من الاستغلال، ولكن لم يكن يعرف أي مستخدم أن بياناته تلك من شأنها أن تُستخدم في تغيير مسار انتخابات دول بأكملها.