خلال الحرب الروسية المتواصلة منذ فبراير/شباط 2022 ضد أوكرانيا، تراجعت فعالية الممر الشمالي الذي يربط آسيا بأوروبا مرورًا بروسيا، نظرًا لتزايد المشكلات الأمنية لهذا الممر والعقوبات الغربية ضد موسكو، وحصل نفس الشيء للممر الجنوبي المار عبر إيران بسبب العقوبات أيضًا والصراعات الموجودة على طول الممر.
مثّل هذا الأمر فرصة مهمة أمام تركيا الطامحة للحصول على مكانة إقليمية أكبر، فعملت أنقرة طيلة السنوات الماضية على استغلال موقعها الجغرافي الاستراتيجي والمهم للعب دور أكبر ومتنام على خريطة التجارة العالمية.
فضلًا عن الموقع الاستراتيجي، تمتلك تركيا مميزات أخرى للاضطلاع بدور مهم في منظومة الممرات العالمية، ومنها امتلاك موانئ ومطارات وشركات طيران عالمية وسكك حديدية طويلة، إلى جانب الخبرة الطويلة في النقل اللوجستي والقدرة على إنتاج عدد كبير من السلع.
نخصص ضمن ملف “بوابات النفوذ” هذا التقرير للحديث عن الطموح التركي للاضطلاع بمكانة أكبر في خريطة الممرات التجارية العالمية، وأهم المميزات التي تمتلكها أنقرة لتحقيق هذا الهدف، وموقف دول الجوار.
موقع جغرافي استراتيجي
تقع تركيا بين القارتين الآسيوية والأوروبية، إذ يقع 3% منها في القارة الأوروبية، تحديدًا جنوب شرق القارة، بينما يقع القسم المتبقي في جنوب غرب القارة الآسيوية، وتبلغ مساحتها نحو 783 ألفًا و562 كيلومترًا مربعًا.
تمتلك تركيا حدودًا بطول 6440 كيلومترًا، وتشترك في الحدود مع 8 دول وهي جورجيا وأرمينيا وأذربيجان وإيران والعراق وسوريا واليونان وبلغاريا، كما يحدّها البحر الأسود من الشمال، أما من الجنوب فيحدها البحر الأبيض المتوسط وبحر إيجة.
نظرًا إلى تلك المعطيات، فإن تركيا تقع على تقاطع 3 قارات في العالم، بريًا آسيا وأوروبا، وبحريًا مع القارة الإفريقية، وهو ما أكسبها مكانة جغرافية استراتيجية وفريدة لا تتوافر في غيرها على الإطلاق.
وجودها في هذا التقاطع العابر للقارات ووقوعها على مناطق العبور، حتم على أبرز الطرق التجارية قديمًا وحديثًا المرور عبر أراضيها، فكانت بذلك على الطريق الطبيعي لمختلف الممرات والمشروعات والطرق التجارية التي تربط القارة الآسيوية بالأوروبية والإفريقية.
المضايق البحرية
تمتلك تركيا اثنين من أكبر وأهم المضايق البحرية في العالم ضمن أراضيها، هما مضيقا البسفور الذي يربط بين البحر الأسود وبحر مرمرة، والدردنيل الذي يربط بين البحر المتوسط وبحر مرمرة.
يعد البوسفور، أضيق ممر مائي طبيعي للملاحة الدولية، ويمثل الحد الفاصل بين قارتي آسيا وأوروبا بمدينة إسطنبول، ويعد المعبر الوحيد الذي يربط البحر الأسود بالبحار المفتوحة بالجنوب، وأحد المعابر المهمة للنقل البحري التجاري والسياحي وناقلات النفط.
يفسح البسفور المجال لعبور نحو 50 ألف سفينة سنويًا، بمعدل بدأ يتجاوز 150 سفينة يوميًا، دون اعتبار المركبات البحرية المحلية، وهو من بين الطرق البحرية المهمة لنقل النفط من روسيا وأذربيجان وكازاخستان لتصديره إلى مناطق تشمل آسيا وغرب وجنوب أوروبا والولايات المتحدة، وتشير بعض الأرقام إلى أنه يمر عبر هذا المضيق أكثر من 3% من الإمدادات العالمية للنفط.
قبل سنوات، أبدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رغبته في حفر قناة غرب إسطنبول موازية لمضيق البسفور لتقليل الضغط عن المضيق والحصول على مصدر كبير إضافي للبلاد، حيث من المتوقع أن تدر القناة دخلًا يتجاوز 8 مليارات دولار سنويًا.
أما مضيق الدردنيل فيعتبر هو الآخر أحد أهم الممرات الاستراتيجية على الضفة الشرقية للبحر الأبيض المتوسط، ويُجتاز بالسفن والعبارات البحرية فقط، فهو خال من أي جسور لعبور المشاة أو المركبات البرية.
لهذا المضيق أهمية كبيرة من وجهة النظر التجارية والعسكرية ولا يزال ذا أهمية استراتيجية إلى اليوم، وخلال السنة الماضية عبرت هذا المضيق 44 ألفًا و892 سفينة وفق وزارة النقل التركية، أي نحو ضعفي حركة عبور قناة السويس ونحو 3 أضعاف حركة عبور قناة بنما.
ويعد البسفور والدردنيل ممران إجباريان لدول حوض البحر الأسود إلى البحر المتوسط وبحار ومحيطات العالم، وتنظم حركة المرور عبر هذه المضايق وفق اتفاقية مونترو التي دخلت حيز التنفيذ يوم 9 نوفمبر/تشرين الثاني 1936.
فضلًا عن الموقع الجغرافي الاستراتيجي والمضايق المائية، تمتلك تركيا واحدة من أضخم وأحدث شبكات المواصلات في العالم، وتشهد المواصلات في هذا البلد تحديثًا وتطويرًا مستمرًا، إذ يمكن السفر من تركيا إلى أي مدينة أوروبية أو في وسط وأدنى آسيا بواسطة الطرق البرية والجوية.
10 قطارات دولية تتحرك بين الصين وأوروبا عبر الأراضي التركية، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2020 وصل أول قطار شحن صيني إلى تركيا كمحطة ترانزيت في رحلته إلى أوروبا
وتوفر المطارات الخاصة بإسطنبول وأنقرة وإزمير وأنطاليا رحلات طيران تصل إلى العديد من عواصم ومدن العالم الكبرى، وتعاضدها في هذا المجهود شركات الطيران الخاصة والمملوكة للدولة التي تصل رحلاتها لأغلب مطارات العالم.
كما تمتلك البلاد مجموعة من الطرق السيارة، ويبلغ الطول الإجمالي للطريق السريع الذي يخضع لسيطرة المديرية العامة للطرق السريعة 65 ألفًا و909 كيلومترات، وهو يتكون من 3 أنواع من الطرق: الطريق السريع، الطريق السريع للدولة، الطريق الإقليمي.
تمتلك تركيا أيضًا شبكة من القطارات الحديثة العابرة للقارات، ووفقًا لبيانات إدارة السكك الحديدية التركية “تي سي دي دي”، فإن 10 قطارات دولية تتحرك اليوم بين الصين وأوروبا عبر الأراضي التركية، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2020 وصل أول قطار شحن صيني إلى تركيا كمحطة ترانزيت في رحلته عبر خط مرمراي الذي يعبر مضيق البوسفور إلى أوروبا، وتمتلك تركيا حاليًّا قرابة 14 ألف كيلومتر من خطوط السكك الحديدية.
وفي خصوص النقل البحري، تعد تركيا من الدول المتطورة في ساحة الشحن الدولي، فهي مجهزة لوجستيًا بالعديد من الموانئ ومحطات الحاويات التي تربط بين الشرق والغرب، وتشهد الموانئ الرئيسية بها حركة بحرية قياسية سنويًا، وتأتي غالبية السفن عبر مياه البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود.
ممرات تجارية
هذه المؤشرات والعوامل، دفعت تركيا إلى الاهتمام أكثر بالممرات التجارية العالمية، إذ تعمل على إحياء بعض الطرق الموجودة فعلًا والانضمام إلى الطرق المقترح إنشاؤها، كما تحاول إنشاء أخرى جديدة بمعية بعض الدول المجاورة للاستفادة منها.
الممر الأوسط
في ظل المتغيرات الحاليّة، تسعى تركيا لإحياء طريق النقل الدولي عبر قزوين والمعروف باسم الممر الأوسط، وهو خط تجاري يجمع بين الممرات البرية والبحرية والسكك الحديدية، القادرة على ربط أقصى الصين بقلب أوروبا مرورًا بالأراضي التركية، ويبلغ طول الممر 4256 كيلومترًا بين الطرق البرية والسكك الحديدية إضافة إلى 508 كيلومترات عبر البحر.
تعد مدينة كاشغر الصينية بداية هذا الممر الذي يصل إلى قرغيزستان، ثم أوزبكستان، ثم إلى ميناء تركمانباشي في تركستان، ومن ثم تنقل البضائع عبر حاويات إلى أذربيجان ومنها إلى جورجيا، لتصل فيما بعد إلى محطة قارص التركية للسكك الحديدية ثم إلى إسطنبول أو الموانئ البحرية التركية، ومنها إلى أوروبا وبقية دول العالم.
كما يعد الممر الأوسط الأسرع مقارنة بالممر الشمالي الذي يعبر من روسيا، أو الجنوبي الذي يمر عبر إيران وقناة السويس، وتصل البضائع القادمة من الصين إلى أوروبا عبر هذا الممر في 12 يومًا، فيما لا تقل عن 15 يومًا في حال عبور الطريق الشمالية وبين 45 و60 يومًا بالنسبة للممر الجنوبي.
كما تسارع أنقرة الخطى لمواءمة مشروع “الممر الأوسط” ومبادرة “الحزام والطريق” الصينية، وتسعى إلى إقناع الصينيين والأوروبيين بضرورة إحياء هذا الممر والاستفادة من المميزات التي يمكن أن توفرها لهم، ذلك أن استعمال هذا الممر سيجعل تركيا نقطة الوصل الحقيقية بين آسيا وأوروبا في نقل البضائع.
وخلال السنة الماضية، تعامل الممر مع 2.3 مليون طن من البضائع، لكن توقعات البنك الدولي تشير إلى أن هذا الحجم قد يصل إلى 11 مليون طن بحلول سنة 2030، كما ستنخفض أوقات السفر بين الحدود الغربية للصين وأوروبا إلى النصف، وستتضاعف أحجام الشحن 3 مرات لتصل إلى 11 مليون طن بشرط إجراء تحسينات كبيرة في البنية التحتية.
طريق التنمية
بالتوازي مع ذلك تواصل السلطات التركية محادثاتها مع نظيرتها العراقية بشأن مبادرة أخرى أُطلق عليها “مشروع طريق التنمية”، وهو خط طريق سكة حديد وطريق سريعة تربط ميناء الفاو الكبير في مدينة البصرة بالحدود التركية الجنوبية.
ويعتبر هذا الطريق الذي سيربط الشرق الأوسط بأوروبا عبر تركيا، أولوية لأنقرة وفق تصريح الرئيس أردوغان، وتعمل تركيا على إقناع دول الخليج بأهمية هذا الممر حتى تنضم إليه، وبالفعل أبدت كل من قطر والإمارات دعمهما له.
ترى تركيا أنه لا سبيل لنجاح أي ممر تجاري في المنطقة لا يمر عبر أراضيها، واستدلت في ذلك بمشروع خط أنابيب شرق البحر المتوسط “إيست ميد” لنقل الغاز الطبيعي إلى أوروبا، الذي فشل هو الآخر بعد أن استبعد تركيا
ومن المرتقب أن يبلغ طول السكك الحديدية والطرق البرية التي ستربط بين ميناء الفاو والأراضي التركية 1200 كيلومتر، وبتكلفة تصل إلى 17 مليار دولار أمريكي، وستتيح هذه الخطوط والطرق بالربط مع السكة الحديدية في تركيا، نقل البضائع بين البلدين خلال ساعات.
الممر الاقتصادي
تأمل تركيا في الانضمام إلى الممر الاقتصادي الذي أعلنت عنه الولايات المتحدة على هامش قمة مجموعة الـ20 في نيودلهي سبتمبر/أيلول الماضي، ويربط هذا الممر بين الهند وشرق المتوسط وأوروبا.
ووقع على مشروع إقامة هذا الممر مع الولايات المتحدة كل من الهند والإمارات وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي، وتم إقصاء تركيا منه رغم الجوانب الإيجابية الكثيرة التي تتوافر فيها، وجاء هذا الإقصاء نتيجة أسباب كثيرة، أهمها الخوف من تنامي النفوذ التركي.
وترى تركيا أنه لا سبيل لنجاح أي ممر تجاري في المنطقة لا يمر عبر أراضيها، واستدلت في ذلك بمشروع خط أنابيب شرق البحر المتوسط “إيست ميد” لنقل الغاز الطبيعي إلى أوروبا، الذي فشل هو الآخر بعد أن استبعد تركيا.
ممر زنغزور
من الممرات الواعدة التي تراهن عليها أنقرة أيضًا، نجد ممر زنغزور الواقع عند التقاء جبال القوقاز الصغرى ومرتفعات الأناضول وجبال زاغروس، ويربط أذربيجان بإقليم نخجوان الأذري المتمتع بالحكم الذاتي، حيث تفرق بينهما الأراضي الأرمينية.
هذا الممر عبارة عن خط سكك حديدية يرتبط بخطوط السكك الحديدية الواقعة في أذربيجان من جهة ومنطقة نَخجِوان ذات الحكم الذاتي والتابعة لأذربيجان من جهة أخرى، ومن بعدها تركيا وصولًا إلى مدينة قارص التركية.
منذ عقود تضع تركيا أعينها على هذا الممر الاستراتيجي، وتجدد الاهتمام به عقب استعادة أذربيجان سيادتها على كامل إقليم ناغورني قره باغ في خريف سنة 2020، بحجة أنه سيكون حلقة الوصل بين أقاليم القوميات التركية وسيوحّد العالم التركي، كما سيكون معبرًا آمنًا وسريعًا لربط تركيا وآسيا الوسطى عبر أذربيجان وبحر قزوين.
في هذا السياق، اتفقت تركيا وأذربيجان في ديسمبر/كانون الأول 2020، على إنشاء خط سكة حديد يربط بينهما عبر إقليم نَخجِوان، وهو ما يمهد الطريق لافتتاح فعلي قريب لهذا الممر الاستراتيجي لكلا البلدين.
بدورها تدعم روسيا فتح هذا المعبر البالغ طوله 40 كيلومترًا، للاستفادة منه في ظل العقوبات الغربية المسلطة عليها والأزمة الاقتصادية التي تواجهها، وفي المقابل ترفض أرمينيا إمكانية إنشاء “ممر زنغزور” دون أن تكون لها سيطرة عليه، وذلك خشية أن تفقد سيطرتها على حدودها الجنوبية، التي تُعد المنفذ الوحيد إلى إيران.
وتخشى أرمينيا أن تفقد السيطرة على الجزء الوحيد الذي يربطها بدولة صديقة – ونعني بذلك إيران – فباقي الحدود مع دول غير صديقة مُقرَّبة من حلف الناتو مثل أذربيجان وجورجيا، أو عضوة فيه بالفعل مثل تركيا، ما يهدد أمنها القومي، وفق تصورها.
كما ترفض إيران أيضًا فتح هذا الممر، نظرًا للخسائر الاقتصادية التي يمكن أن تتكبدها في حال فتحه رسميًا، فإيران ستخسر أسواقًا مهمة لغازها كما ستخسر العائدات المالية المتأتية من مرور البضائع التركية عبر أراضيها، كما أن طهران ترى في إنشاء هذا الممر تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي وسيزيل ارتباطها المباشر مع حليفتها أرمينيا وبالتالي ستفقد ارتباطها بالبحر الأسود، ويقوي النفوذ التركي في المنطقة.
أهداف استراتيجية
سيربط هذا الممر إن تم فتحه رسميًا، تركيا بحليفتها الأبرز في المنطقة أذربيجان وستتقلص المسافة بين الحليفين، وسيمكنها أيضًا من التواصل مباشرة مع شعوب الأمة التركية الأخرى بما في ذلك كازاخستان وقيرغيزستان وأوزبكستان وتركمانستان، أي أنه سيعيد امتدادها العرقي والثقافي.
وسيكون عنصرًا مهمًا في خطط أنقرة لاستكمال تشكيل “العالم التركي” الذي تطمح إليه منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، فمع انهيار الاتحاد السوفيتي سنة 1991، وتراجع الدور الروسي في المنطقة، بدأت فكرة إحياء العالم التركي تدور بخلد القادة الأتراك، بعد أن أدار مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك ظهره للقوميات التركية.
كما أنه سيعيد تركيا إلى منطقة جنوب القوقاز التي خسرتها منذ أوائل القرن الماضي، وسيمكنها من تغيير قواعد اللعبة هناك، وهو ما يتنزل ضمن استراتيجية أنقرة الإقليمية الهادفة إلى تعزيز روابطها بالقوقاز الجنوبي ودول آسيا الوسطى، فهذه المنطقة تمثل امتدادًا عرقيًا ولغويًا وثقافيًا ودينيًا لها.
إلى جانب ذلك، سيكون لهذا الممر فوائد اقتصادية كبيرة لأنقرة، فهو الجسر البري الوحيد الذي يربط البلاد بأذربيجان، وبعدها إلى بحر قزوين ودول آسيا الشرقية، وفي حال تم فتحه، ستحصل تركيا على أقصر طريق إلى البلدان التركية في آسيا الوسطى، متجاوزة إيران وروسيا.
وستتخلص تركيا بذلك من الأموال التي تفرضها عليها إيران مقابل مرور بضائعها عبر أراضيها، كما ستصل مباشرة إلى الموارد الطاقية التي تمتلكها أذربيجان التي تعتبر أحد أبرز مصدري النفط والغاز إلى تركيا، وسيعزز الممر العلاقات في التجارة واللوجستيات بين دول المنطقة.
وترى تركيا في هذه الممرات الحيوية، محركًا مهمًا لنمو اقتصادها ومساعدًا بارزًا على الازدهار من خلال تعزيز قدراتها التجارية، وخلق فرص العمل لأبنائها، وتحفيز ريادة الأعمال وجلب الاستثمارات إلى البلاد وبالتالي التحول إلى واحدة من الاقتصادات الإقليمية والعالمية الكبرى.
فضلًا عن الجانب الاقتصادي، لهذه الممرات التجارية أهمية جيوسياسية كبيرة بالنسبة إلى تركيا، فبفضلها يمكن أن تكون تركيا من الدول الفاعلة والمهمة في المنطقة ويساعدها في تقليل نفوذ الدول المنافسة وتفقدها قوتها.
ترى أنقرة في هذه الممرات وسيلة لتقوية نفوذها وزيادة نشاطها، ما من شأنه أن يغيّر ميزان القوى في المنطقة، وقد عاينا ذلك في الحرب الأرمينية الأذرية الأخيرة، وفي الصراع المتواصل في ليبيا أيضًا، إذ تدخلت تركيا في الأولى إلى جانب أذربيجان وكان من نصيبها الانتصار ونفس الشيء في ليبيا، فقد كان الانتصار لحليف الأتراك.