اتفاقيتان بـ15 مليار دولار لتصدير 64 مليار متر مكعب من الغاز الإسرائيلي والوجهة هي جمهورية مصر العربية، أعلن ذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي بينيامين نتنياهو وعودة اتفاقية تصدير الغاز الإسرائيلي لمصر على الساحة، الذي وصفها هذه المرة بالاتفاقية التاريخية التي من شأنها أن تُدخل المليارات إلى خزينة “إسرائيل”، لتُصرف هذه الأموال على التعليم والخدمات الصحية والترفيهية في صالح “المواطنين الإسرائيليين”، ولهذا وصف نتنياهو اليوم بأنه يوم “عيد”.
نشرت الصحيفة الإسرائيلية “هآرتز“ إعلان إبرام صفقتين بين شركة ديليك، مجموعة الاستكشاف النفط والغاز الإسرائيلية المملوكة للملياردير الإسرائيلي إسحاق يتشوفا، وشركة الغاز المصرية الخاصة دولفينوس القابضة، على أن يتم تصدير 64 مليار متر مكعب من الغاز الإسرائيلي الذي سيتم إسالته في مصر أولًا بحسب المصادر ومن ثم إعادة تصديره من خلال حقلي الغاز تمار لوثيان التابعين لـ”إسرائيل” في البحر الأبيض المتوسط.
أضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي في بيانه الاحتفالي: “الكثيرون لم يؤمنوا بمسار الغاز، ونحن انتهجنا هذا المسار من منطلق أننا كنا نعلم بأن هذا سيعزز أمننا واقتصادنا وعلاقاتنا الإقليمية ويقوي مواطني “إسرائيل” قبل كل شيء”، وذلك تعقيبًا على احتفاله بصفقة الـ15 مليار دولار مع الشركة المصرية التي يعتبرها الجانب الإسرائيلي الأولى من نوعها في بداية لتاريخ من الصفقات المستقبلية القريبة.
من حيتان الغاز الإسرائيلي في مصر؟
يفتح القانون الذي صادق عليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في 8 من أغسطس/آب الماضي، الباب أمام شركات القطاع الخاص في مصر لاستيراد الغاز الطبيعي كجزء من عملية رفع القيود التنظيمية عن سوق الغاز في مصر، وبهذا يكون الطريق ممهدًا أمام شركات الخاصة لاستيراد الغاز من الخارج بما في ذلك من “إسرائيل”.
“الكثيرون لم يؤمنوا بمسار الغاز، ونحن انتهجنا هذا المسار من منطلق أننا كنا نعلم بأن هذا سيعزز أمننا واقتصادنا وعلاقاتنا الإقليمية ويقوي مواطني “إسرائيل” قبل كل شيء” – بنيامين نتنياهو
وعلى الرغم من مزاعم الجانب الإسرائيلي بأن تلك الصفقة المبرمة أمس الإثنين الأولى من نوعها ليبدأ تاريخ قادم من الصفقات في المستقبل، فإن الواقع يبين عكس ذلك، إذ إن مسألة تصدير “إسرائيل” الغاز الطبيعي إلى مصر قضية شغلت الرأي العام منذ الألفينات، حيث أُبرمت خلال هذه المدة الطويلة العديد من الصفقات غير الحكومية بين شركات الغاز الإسرائيلية والمصرية.
علاء عرفة
رجل الأعمال المصري علاء عرفة
هو رجل الأعمال الذي خطط بإحكام ليحل محل حسين سالم ليكون رجل “إسرائيل” في مصر، مستدعيًا إياها لقلب الاقتصاد المصري عبر صناعة المنسوجات التي احتكر قطاعًا واسعًا منها عبر استغلال علاقة أبيه بالرئيس الأسبق المخلوع حسني مبارك، ليعمل على تطوير أعماله عبر قطاع الغاز، مؤسسًا شركة دولفينوس، ومورطًا الحكومة المصرية في 2005 عبر توقيع مذكرة تفاهم بتوريد الغاز الإسرائيلي لمصر، معللاً الاتفاق بحاجة المصانع المصرية إليه.
في عام 2014 نشرت العديد من الصحف الإسرائيلية ومن بينها “هآرتز“ تقارير تشير إلى مفاوضات عن نوايا شركة “دولفينوس” القابضة المملوكة لرجل الأعمال المصري علاء عرفة الذي يمثل منطقة العريش، لإبرام صفقات مع الشركات الإسرائيلية المسؤولة عن حقل الغاز “تمار” من أجل تصديره وتسويقه في مصر.
صفقة الغاز فتحت الباب للتساؤل عن سبب انتقال “إسرائيل” من مستورد للغاز المصري إلى مصدر لتوريد الغاز لمصر
بحسب مصادر الصحف الإسرائيلية، كان قد وقع علاء عرفة، اتفاقية مع الشركة الأمريكية “نوبل إنيرجي”، إحدى شركات الطاقة التي تسيطر على حقل الغاز الطبيعي تمار بالتعاون مع الشريك الإسرائيلي وهو شركة “ديليك”، نفس الشركة التي أبرمت اتفاق تصدير الغاز أمس، حيث أفادت الاتفاقية استيراد الشركة المصرية كميات أكبر من الغاز الطبيعي من حقل لوثان الذي تسيطر عليه الشركة الأمريكية “نوبل إنيرجي” والإسرائيلية “ديليك” أيضًا.
تضمن الاتفاق استيراد علاء عرفة كمية من الغاز الطبيعي تُقدر بـ5 مليارات متر مكعب من حقل تمار على مدى 7 سنوات متتالية، و4 مليارات متر مكعب آخرين من حقل الغاز لثوان على مدى الـ15 عامًا المقبلة منذ سنة برم الاتفاقية، وذلك بإذن من الحكومة الكيان الصهيوني وتصريح من نتينياهو ووزارة الطاقة “الإسرائيلية”، أما عن الجانب المصري فقد ذكر علاء عرفة طلب الحكومة المصرية إيقاف المفاوضات حتى يتم الاتفاق على حل رسمي لشراء مصر الغاز الطبيعي من “إسرائيل”.
صادق وهبة: المصري الذي يسيطر على شركات الغاز في تل أبيب
رجل أعمال أمريكي مصري، وهو حفيد يوسف وهبة باشا رئيس وزراء مصر سابقًا في القرن التاسع عشر، يدير صادق وهبة صندوق “آي سكوارد” الدولي المتخصص في الاستثمار في مشاريع البنية التحتية، حيث يدير ما يقرب من 4.4 مليار دولار من الأصول، إضافة إلى رصيد بنحو 6.5 مليار دولار موجودين للاستفادة بهم بسبب الطلب المتزايد على أصول البنية التحتية.
استغل الصندوق في نهاية العام الماضي نحو 5 مليارات دولار لإزاحة خصومه، حيث حصل على شركة “هاتشيسون كومونيكاتيوس” في هونج كونج مقابل 1.9 مليار دولار، وبالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن ينافس الصندوق على شركة “إيكس إنرجي” التي تعد أكبر منتج للطاقة في آسيا، إضافة إلى شراكته في بنك “مورجان ستانلي” الاستثماري الذي يستثمر في إنتاج الطاقة والنقل في جميع أنحاء العالم، كما استحوذ في أكتوبر 2016 على شركة “دوق” للطاقة في أمريكا الجنوبية مقابل 1.2 مليار دولار.
كان قد كشف موقع كلكليست الإسرائيلي في شهر سبتمبر/أيلول الماضي، أن الصندوق الاستثماري “آي سكارد” الذي يديره رجل الأعمال المصري صادق وهبة ومقره الولايات المتحدة، قدم عرضًا لشراء شركة الطاقة IC POWER المملوكة لرجل الأعمال الإسرائيلي إيدان عوفر قيمته 1.3 مليار، وهو العرض الأكبر قيمة من بين العروض التي تم تقديمها إلى الشركة.
وبحسب ما ورد على الموقع العبري كلكليست فإن الشركة تلقت عرضين؛ الأول من صندوق “آي سكارد” للاستحواذ على كل مشاريع واستثمارات IC POWER في أمريكا الجنوبية بالإضافة إلى “إسرائيل”، والثاني من إحدى شركات الطاقة في بيرو واقتصر عرضها على شراء محطات توليد الكهرباء المملوكة للشركة في أمريكا الجنوبية.
عرض رجل الأعمال المصري صادق وهبة شراء شركة الطاقة الإسرائيلية مقابل 1.2 مليار دولار
تعتبر شركة IC POWER واحدة من شركات البنية التحتية المتخصصة في بناء محطات الطاقة، ويعني استحواذ صادق وهبة عليها احتمالية توليها بيع الكهرباء مباشرة للمواطنين في مصر بدلًا من الحكومة المصرية التي لم تُعلق رسميًا حتى الآن حيال بيع الشركات الخاصة الكهرباء في مصر.
وصف وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز صفقة الشركة المصرية دولفينوس باستيراد الغاز من “إسرائيل” مقابل 15 مليار دولار، أنها أهم صفقة تُبرم بين الجانب المصري والجانب الإسرائيلي منذ معاهدة السلام في عام 1979 في السجل التاريخي بين البلدين، حيث من المتوقع أن تقوم الصفقة بتلبية احتياجات الشركة المصرية من الغاز لمدة عقد قادم من الآن.
يتوقع جانب مجموعة شركة “ديليك” الإسرائيلية أن يُستخدم الغاز المستورد في الأسواق المحلية المصرية، وهو ما يعني لهم مزيدًا من النجاح والتغلغل إلى السوق المصرية، كما يعني لهم أيضًا مزيدًا من التعاون الذي احتفل به نتنياهو واصفًا إياه بـ”العيد”.