مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية (مجالس البلدية) في تركيا يزداد الصراع و التوتر الاعلامي بين اردوغان وكولن ، حيث تحولت النازعات بينهما من المضاربة الاقتصادية واعتقالات وتصفية عناصر الخدمة ( جماعة فتح الله كولن) من المؤسسات الحكومية و الاجهزة الامنية ،واطلاق تسمية بالدولة الموازية الى الصراع العلني عبر وسائل الاعلام وخروج انصار الخدمة وفي مقدمتهم الاب الروحي للحركة لفضح اسرار وخفايا الحكومة التركية امام الراي العام التركي ، مما يثبت وجود نفوذ لحركة الخدمة في جميع المؤسسات الدولة.
ان المتابع للخارطة السياسية التركية والاحداث التي تشهدها منذ سنة سوف يلاحظ وجود انقسام في الاعلام التركي ويمكن تصنيفها الى ثلاثة اقسام:
1. الاعلام الحكومي والموالي للعدالة والتنمية ( اعلام الشركات الخاصة ) المستفيدة من الحكومة التي تعمل ليلاً ونهاراً لاظهار النوايا الخفية لحركة الخدمة المستقبلية في تركيا ،وتوجيه
اتهامهات للحركة بزعزعة الاستقرار السياسي والاقتصادي وتعاونها مع الجهات الاجنبية لتشويه صورة الحركة امام الرأي العام التركي ، واخيرا وليست اخرا توجيه الاهتمام على قناة سمان يولي (طريق التبانة) التي تعتبر القناة شبه الرسمية
للحركة والتي اطلقت تسمية الارهاب على حركة الحماس الفلسطينية على انها منظمة ارهابية خلال عملية اقتحام الجيش الاسرائلي لسفينة المساعدات ( مرمرة ) بذلك غير اردوغان من استراتيجيته بالعمل على الوتر الديني واظهار نفسه بانه الحامي والمدافع عن حقوق المسلمين ، وهنا اود الاشارة الى قصة السلطان عبد الحميد الثاني عندما رفض طلب اليهود بمنحهم القدس،
مما ادى ذلك الى انقلاب الاتحاد والترقي على السلطان والحكم عليه وانطلاقا من هذه القصة يرى اردوغان نفسه بانه يتعرض الى هجمات من قبل بعض الجهات الاجنبية بسبب موقفه من القضية الفسلطنية وغيرها،علما ان وسائل الحكومية تتمتع بالقوة من الناحية المادية وتوفير المساعدة اللوجستية في تغطيتها الاحداث.
ويقوم اردوغان بتشبيه جماعة فتح الله كولان بانهم نظام او دولة موازية داخل الدولة ويتهمهم بالعمل على زعزعزة الاستقرار السياسي وافشال عملية السلام مع الاكراد وارجاع تركيا الى الفترة المظلمة والسيطرة على الرؤية الوطنية التركية التي يقول بانه يمثلها بجدارة.
2. اعلام حركة الخدمة الذي يقوم بدوره بفضح تصرفات الحكومة التركية بنشرها الوثائق السرية والتسجيلات الصوتية لرموز النظام لافعالهم وتصرفاتهم وتورطهم بالفساد المالي والاداري، وقد استطاعت الحركة من التنصت على اغلب اتصالات وحسب تقارير الحكومية فان الحركة تنصت على مايقارب 500 الف شخص خلال السنوات الماضية ومن ضمنهم رئيس الوزاء ، حيث تفاجاء الراي العام التركي والعالمي بنشر تسجيلات صوتية شبه يومية على مدى اسابيع عديدة الى ان اعلن اردوغان عن عزمه على حجب بعض وسائل التواصل الاجتماعي كاليوتيوب
والفيس بوك ، اضافة الى ذلك فقد تبنت الحكومة التركية بعض الاجراءات اولية بمنع توزيع صحف الحركة في المؤسسات الحكومية علما بان صحيفة الزمان التركية كانت توزع في جميع المحافل والمؤسسات الحكومية مجاناً ،وعلى سبيل المثال كانت توزع هذه الصحف في رحلات طيران الخطوط الجوية
التركية.
3. الاعلام الثالث فهو الاعلام العلماني ، وقد انضم الاعلام المعارض الذي يضم ( حزب الشعب الجمهوري ، الحركة القومية، والاحزاب اليمينية واليسارية) الى صفوف حركة الخدمة والمساعدة في نشر جميع الوثائق التي تدين الحكومة بتورطها في الفساد.
ان العجيب في الامر ولاول مرة تتوحد اغلب الجهات المعارضة للعدالة والتنمية في الاعلام لمحاولة منها لنقد الواقع السياسي لتوجيه الضربه القاضية لحلم اردوغان ومنعه من تحقيق اهدافه المستقبلية ،بالرغم من قلة الامكانيات التي تمتلكها الصحف المعارضة مقارنة مع الصحف الحكومية فانها تبقى اقوى في الساحة التركية .
اما بالنسة للاكراد، فقد اصبحت السياسية الكردية واضحة المعالم للاستفادة من الاحداث واستثمارها ،والعمل على جني مكاسب سياسية من الحكومة التركية بالرغم من موجود معارضة في
الاوساط التركية العلمانية والقومية ، خاصة فيما يتعلق بموضوع حزب العمال الكردستاني حيث بدأ زعماء KKP بالمطالبة بالافراج عن عبد الله اوجلان مع جميع العناصر المعتقلين مقابل التخلي عن السلاح . فقد قال الرئيس التنفيذي لاتحاد الجماعات الكردية ( KCK) وأحد قادة حزب العمال في جبال قنديل جميل بيك ان عناصر الحزب لن يتخلوا عن سلاحهم حتى خروج اوجلان ومن معه من السجن ، بذلك دخل اردوغان في نفق مظلم بين المطالبة الكردية الصعبة والمعارضة الاسلامية والعلمانية ، كيف يستطيع اردوغان من الخروج من هذه الازمات منتصرا ؟ وهل سيحتفظ فتح الله كولن على شعبيه في الاوساط المجتمع التركي ؟ يبقى الاجابة لصناديق الاقتراع ليضع حداً امام جميع التكهنات .