ترجمة حفصة جودة
بالنسبة للكثير من التلاميد؛ يعتبر موسم الدراسة وقتًا مليئًا بالطاقة والإثارة، حيث يقابلون أصدقائهم ويتعرفون على أصدقاء جدد ويتقدمون في دراستهم، هذه الإثارة قد يشوبها بعض الخوف والقلق، بسبب وجود تلاميذ جدد أو رحيل بعض الأصدقاء عن المدرسة أو انضمام مدرسين جدد، هذا القلق قد يسيطر على حياة الكثير من التلاميذ ويعطلها، فكيف يساعد الوالدان أبناءهم لتجاوز هذا القلق؟
ما هو الخجل والقلق الاجتماعي؟
يعتبر الخجل سمة شخصية توجد في المجتمع بمستويات متفاوتة من أقلها وحتى أعلاها، وعندما نستخدم كلمة الخجل فعادة ما نشير بذلك إلى أعلى مستوى، هناك نحو 40% من الأشخاص في العالم يصنفون أنفسهم بأنهم خجولين، عندما يصبح هذا الخجل شديدًا للغاية ويؤثر على حياة الشخص، نعبر عنه باستخدام المصطلح الطبي “اضطراب القلق الاجتماعي”.
في دراسة بأستراليا اتضح أن هناك 2.5% من الشباب يعانون من اضطراب القلق الاجتماعي، لذا ففي كل فصل بالمدارس الأسترالية هناك تلميذ يعاني من اضطراب القلق الاجتماعي، بينما هناك نحو 10 تلاميذ يعانون من الخجل.
يزداد اضطراب القلق الاجتماعي بشكل عام في بداية سنوات المراهقة
يعاني الشباب المصابون بهذا الاضطراب من القلق الشديد بخصوص ما يعتقده الناس بشأنهم وكيف ينظرون إليهم، هؤلاء الشباب خجولين للغاية ويشعرون بالارتباك عندما يكونون محط انتباه الآخرين.
يعد الذهاب إلى المدرسة أحد كوابيس هؤلاء الأطفال، فهو من أصعب التجارب التي يواجهون بها قلقهم الاجتماعي، ففي المدرسة: يلتقون بزملاء جدد، ويتحدثون إلى أشخاص من ذوي السلطة، ويقفون للحديث أمام مجموعة، ويقعون في المشاكل، ويحتاجون إلى التفاوض في أثناء اللعب.
يستطيع الأطفال الخجولين تكوين صداقات جيدة، لكنهم عادة ما يمتلكون عددًا أقل من الأصدقاء، كما أنهم يكونون أكثر عرضة للتنمر، بعض هؤلاء الأطفال يصابون بالرعب عند الذهاب إلى المدرسة خاصة في الأيام الأولى لبداية الفصل الدراسي.
يحدث اضطراب القلق الاجتماعي في أي مرحلة عمرية بداية من الروضة وحتى نهاية المدرسة الثانوية، لكنه يزداد بشكل عام في بداية سنوات المراهقة، حيث يصبح الأطفال أكثر وعيًا وإدراكًا لذاتهم.
تعد العودة إلى المدرسة من أصعب الأوقات التي يواجهها الطفل الخجول
ينتشر اضطراب القلق الاجتماعي بين البنات أكثر من الأولاد، كما أن العوامل الوراثية تؤثر كذلك، فالآباء الذين يكونون أكثر خجلاً من المعتاد عادة ما يكون أطفالهم كذلك، وبغض النظر عن العوامل الوراثية، ينتشر الخجل بين الفقراء والأغنياء، وبين المتزوجين والمطلقين، وفي مختلف الجماعات الثقافية على حد سواء.
كيف يؤثر الوالدان على اضطراب القلق الاجتماعي؟
في مركز الصحة العاطفية بجامعة ماكواري بسيدني، وجد الباحثون أن الآباء لهم دور كبير في القلق الاجتماعي الذي يصيب أطفالهم، هذا لا يعني أنهم السبب في المشكلة، لكنهم يستطيعون أن يلعبون دورًا مهمًا في تغييرها، فعندما يشعر الأطفال بالرعب؛ لن يفكر الآباء المحبين في شيء أهم من حماية أطفالهم، لكن الحماية الزائدة للطفل والإحاطة به لا تسمح له بالتعلم من تلك التجربة.
في إحدى الدراسات بالمركز، طلبوا من الأطفال – تتراوح أعمارهم ما بين 7 و13 عامًا – إعداد خطاب مدته دقيقتين، بعد ذلك طلب الباحثون من نصف الأمهات مساعدة أطفالهم بشكل كبير في إعداد الخطاب، أما النصف الآخر فقد طلبوا منهم توجه أطفالهم فقط، بعد ذلك طلبوا من الأطفال إعداد خطاب آخر بأنفسهم وتقديمه أمام جمهور صغير، أظهر الأطفال الذين حصلوا على مساعدة كبيرة من أمهاتهم أول مرة؛ قلقًا شديدًا وتوترًا عندما قدموا خطابهم الثاني.
إذا وجدت أنك تميل إلى مساعدة طفلك دائمًا والتدخل لتوجيهه، فيجب أن تتوقف عن تلك العادة
من ناحية أخرى، يستطيع الآباء مساعدة أبنائهم في تجاوز اضطراب القلق الاجتماعي، فقد أنهى المركز دارسة علاجية واسعة لعلاج جميع أنواع القلق ومن بينها اضطراب القلق الاجتماعي، حيث يتلقى آباء الأطفال المرضى كتابًا يشرح لهم كيف يساعدون أطفالهم، كما يوفر لهم التحدث مع الطبيب النفسي في 4 جلسات، بعد 3 أشهر أصبح نحو 40% من الأطفال لا يعانون من هذا الاضطراب على الإطلاق.
كيف تساعد طفلك؟
يتعلق الأمر بالتفكير المنطقي والمهارات العملية، فمن الممكن أن نعلم الأطفال الخجولين كيف يفكرون بواقعية أكثر عن الأشياء التي تسبب لهم القلق، فمثلا عندما يقول الطفل أشعر أنني أحمق عندما أرتدي هذه الملابس؛ يمكنك أن تسأله ما الذي تعتقد عندما يرتدي شخص ما هذه الملابس؟ وعندما يقول أشعر أن الجميع ينظرون إلي، يمكننا أن نطلب منه أن ينظر حوله ويخبرنا عدد الأشخاص الذين ينظرون إليه بالفعل.
من الضروري أيضًا أن نوجه الأطفال الذين يشعرون بالخجل بلطف وتدريجيًا نحو مواجهة مخاوفهم، فعلى سبيل المثال: إذا كان الطفل يخاف التحدث إلى الناس يمكننا أن نطلب منه أن يبدأ بالحديث إلى اثنين من الأطفال الذين يشعر نحوهم بالأمان يوميًا لمدة أسبوع، بعد أن ينتهي الأسبوع نطلب منه أن يتحدث إلى طفلين آخرين يخشاهم قليلاً لمدة أسبوع وهكذا.
وأخيرًا؛ إذا وجدت أنك كأحد الوالدين تميل إلى مساعدة طفلك دائمًا والتدخل لتوجيهه، فيجب أن تتوقف عن تلك العادة وتتراجع لبعض الوقت، فالخجل الشديد واضطراب القلق الاجتماعي يؤثران في حياة الشباب للغاية، وقد يفقدون بسببهم الكثير من الفرص في المستقبل، لكن العلاج أصبح متوافرًا الآن وما زالت الأبحاث مستمرة لاكتشاف طرق جديدة لمساعدة الأشخاص الخجولين، وإذا كنت تعتقد أن طفلك يعاني من الخجل فيجب أن تتجه فورًا وتحصل على مساعدة اختصاصي الصحة النفسية.
المصدر: ذي كونفرسايشن