قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري خفض سعر الفائدة بنسبة 1%، خلال اجتماعها نهاية الأسبوع الماضي، معللة ذلك بتراجع معدلات التضخم التي هوت من 35% يوليو 2017 إلى 17% يناير 2018.
ومن جانبها استجابت البنوك التجارية لقرار الخفض بسرعة الضوء، حيث أوقفت إصدار الشهادات ذات عائد الـ20% واستبدلتها بشاهدات جديدة ذات عائد 17% لأجل 12 شهرًا، كما استبدلت شهادات الـ16% بشهادات ذات عائد 15% لأجل ثلاث سنوات.
ولكن ما أثر ذلك القرار وتبعاته على الاقتصاد المصري؟ لا شك أن خفض سعر الفائدة يذلل الائتمان المقدم للمستثمرين، ومن ثم زيادة في الاستثمارات والمشروعات وخلق وظائف جديدة وبالتالي دعم النمو، ولكن سعر فائدة عند 18.75% لا يزال مرتفعًا، ويتبقى أمام البنك المركزي الكثير قبل أن نقول إنه يتبع سياسة مالية توسعية.
رحلة سعر افائدة
بدأ البنك المركزي المصري رحلة رفع سعر الفائدة بالتزامن مع قراره بتحرير سعر الصرف في نوفمبر 2016، بنحو 3% دفعة واحدة، احترازًا من الموجة التضخمية التي قد تنشأ بفعل تحرير سعر الصرف.
ولم يلبث كثيرًا قبل أن يرفعها مجددًا بنسبة 2% في مايو 2017، ثم رفعها مجددًا بذات النسبة في يوليو 2017، وبذك رفع البنك المركزي المصري سعر الفائدة بنحو 7% خلال تسعة أشهر، قبل أن يبدأ في خفضها لأول مرة منذ قرار التعويم الخميس الماضي.
قد يتسبب استثمار الأفراد في الدولار في انخفاض قيمة الجنيه وزيادة الأسعار، وذلك لزيادة الطلب على الدولار من جانبهم ومن جانب الحكومة من جهة أخرى
ومن المتوقع أن يدفع التراجع التدريجي للتضخم إلى هبوط سعر الفائدة، وذلك إن لم يطرأ تغيير على التضخم، وخاصة مع إعلان الحكومة رفع أسعار المحروقات والكهرباء يوليو المقبل.
ولا يزال أصحاب الأعمال في انتظار المزيد من التسهيلات الائتمانية، للبدء في توسعة مشروعاتهم وإنشاء مشروعات جديد تخلق فرص عمل وتدعم النمو الاقتصادي.
شهادات الـ20%
إن إلغاء الشهادات الاستثمارية ذات عائد الـ20% واستبدالها بأخرى ذات عائد أقل قد يؤثر سلبًا على الاقتصاد المصري، وذلك لأن المودعيين قد لا يرضون الاستثمار في الشهادات الجديدة التي يقل عائدها عن سابقتها بنحو 3%، ويبحثون عن بدائل أخرى لاستثمار أموالهم، والسؤال الآن ما البدائل أو الأوعية الاستثمارية المتاحة؟
كان البنك الأهلي وبنك مصر وبنك القاهرة قد أصدروا في نوفمبر 2016 شهادات إيداع بالعملة المحلية بفائدة 16 و20%، وتضمنت الشهادة الأولى لأجل 1.5 سنة بفائدة 20% تصرف كل 3 أشهر، والشهادة الثانية لأجل 3 سنوات بفائدة 16% تصرف شهريًا، جمع بنك مصر من خلالها نحو 842 مليار جنيه، وفقًا لتصريحات رئيس مجلس إدارة البنك.
الدولار
أولاً الدولار، على الرغم من أن المضاربات على الدولار في مصر قد انتهت واتسم سعره بالثبات تقريبًا، وانخفاض قيمته أمام سلة العملات إلا إنه يظل مخزنًا للقيمة في نظر الكثير من المصريين، وخاصة مع اتجاه الفيدرالي الأمريكي برفع سعر الفائدة.
يعتبر الاستثمار في الذهب أفضل الوسائل التي تساعد على الاحتفاظ بالأموال دون الحاجة إلى متابعة مستمرة
وقد يتسبب استثمار الأفراد في الدولار في انخفاض قيمة الجنيه وزيادة الأسعار، وذلك لزيادة الطلب على الدولار من جانبهم ومن جانب الحكومة التي تحتاج للعملة الخضراء لسداد أقساط الفوائد والديون واستيراد الحاجيات الأساسية، وبالتالي ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه الذي ينعكس بالضرورة على أسعار السلع والخدمات، ومن ثم إمكانية زيادة معدلات التضخم.
الذهب
الخيار الثاني المتاح أمام الشهادات الاستثمارية الملغاة حفظ أموالهم في الذهب وهو الخيار الأفضل كونه لا يضغط على السوق بشكل مباشر على عكس الاستثمار في الدولار، ويمثل الذهب استثمارًا آمنًا بثقة عالية.
ويعتبر الاستثمار في الذهب أفضل الوسائل التي تساعد على الاحتفاظ بالأموال دون الحاجة إلى متابعة مستمرة، فالذهب لا يفقد قيمته سواء على المدى الطويل أو المدى القصير، وذلك لأنه يعد سلعة مهمة تدخل في اقتصاد جميع الأمم فتزداد الحاجة إليه بمرور الزمن.
العقارات
ثالثًا الاستثمار في العقارات، لطالما كانت العقارات جاذبة للاستثمارات حتى تضاعفت أسعارها لزيادة الطلب عليها، ويرى البعض أننا في الطريق لفقاعة عقارية.
وفقًا لبحث أجراه “عقارات دبي” يبقى القطاع العقاري على رأس أهم قنوات الربح وأيضًا أهم وسيلة لحفظ القيمة لدى المستثمرين، وأكد البحث بقاء القطاع العقاري كريمًا مع المستثمرين مهما كان حجم استثماراتهم ومهما اختلفت فئاتهم.
ويكفي أننا لا نشهد في بقعة من بقاع العالم انهيارًا في أسعار العقارات كما نسمع في أسواق المال والمعادن الثمينة والعملات وتقلباتها، لذا سيكون القطاع العقاري دائمًا الأقل عرضة للمخاطر، فالاستثمار به لن يعرض المستثمر لخسائر، بقدر ما سيحافظ على رأسماله، ولتحقيق الربح الأكبر، يجب على المستثمر التفكير في استثمار متوسط إلى بعيد الأجل، على الأقل 4 سنوات فما فوق.
الخلاصة قد يكون لقرار خفض سعر الفائدة وإلغاء شهدات الـ20% أثرًا عكسيًا على الاقتصاد المصري، فمن الممكن أن يتسبب في زيادة التضخم وانخفاض قيمة الجنيه.