اعتدنا في عمارة عصرنا على رؤية نفس القوالب المعمارية المتكررة باستمرار سواء من الخرسانة أو الطوب أو الحديد والزجاج، فهي تعتبر من النماذج المهيمنة على عمارة هذا القرن، ولكن هل ستظل تلك القوالب أم سيكون للمستقبل رأي آخر؟
ساعدت التكنولوجيا الحديثة وتقدم العلوم على استكشاف مجالات جديدة لمواد بناء عصرية وطرق بناء غير مسبوقة، حتى وإن كان بعضها فقط تصميم مفاهيمي لم يتحقق على أرض الواقع إلا أنه يفتح آفاقًا مختلفة للتفكير في مستقبل العمارة، فمن المباني المطبوعة بالتقنية الثلاثية الأبعاد إلى البيوت المبنية من طوب “الفطر” وغيره، نرى في تلك الطرق الحديثة طريقًا ربما يؤدي إلى تغيير شكل العالم!
هاي فاي.. برج طوب “المشروم”!
في نيويورك، وتحديدًا في فناء متحف الفن الحديث، تم عرض برج عنصر إنشائه عبارة عن طوب عضوي قابل للتحلل يتكون من النفايات الزراعية والفطر الذي تُجهز لتناسب حجم قالب طوبي محدد.
هاي فاي، هو أول هيكل ذو مقياس حجمي كبير يستخدم تقنية طوب الفطر، ويمكن تصنيع وتجهيز قوالب الطوب العضوية تلك في خمسة أيام فقط، تم تصميم هاي فاي بهذا الشكل لتوفير النسيم وتبريد المساحة الداخلية المظللة باستخدام طرق العمارة المستدامة.
وبيت من الحرير!
استوحت فكرة الجناح الحريري من طريقة دودة القز في نسج الشرنقة الحساسة من حبل واحد من الحرير، تم إنشاء الجناح عن طريق استخدام قاعدة من الخيوط المنسوجة الملتفة حول إطار من الصلب، وتم إكماله عن طريق ترك 6500 دودة قز حية تتحرك على مسار الهيكل الأساسي، ومن خلال هذا التصميم الدقيق للهيكل الأساسي وتحديد مسارات دودة القز، يوجد تنوع في المساحات الداكنة والفاتحة على هيكل الجناح مما يُعطي تصورًا عن نقطة وسط بين الشرانق الخاصة بالدود والتصميم الحديث لمساحة وظيفية تُستخدم من البشر.
وهذا الفيديو المرفق مهمته توضيح الفكرة أكثر
ولعل الجانب الأكثر إثارة من الجناح الحريري هو الطريقة التي ربط بها بين علم الأحياء والتكنولوجيا المعمارية، ولعلها تكون البداية لعمارة مرتبطة بعلم الأحياء بشكل أكثر وضوحًا وظهورًا للعيان!
أو من البكتيريا!
“كيف نعيش في الصحراء، مع الصحراء وبداخل الصحراء؟” ماجنوس لارسون -المعماري.
ابتدع المعماري السويدي ماجنوس لارسون فكرة تصميم جدار حجر رملي أخضر قابل للسكن بطول 6000 كيلومتر على امتداد صحاري إفريقيا وعرض فكرته في سلسلة معارض “صحاري سريالية” بالربع الخالي، وبمساعدة بكتيريا بستوري، البكتيريا الحية الدقيقة المتوافرة في المستقنعات والأراضي الرطبة، سوف تتحول الرمال الفضفاضة إلى بنية مسامية ليفية من شأنها أن تساعد في إسكان اللاجئين، ويكمن جوهر المشروع في التفاعل الميكروبي الطبيعي للبكتيريا مع جزيئات الرمل التي تحولها إلى كثبان عضوية من الحجر الرملي.
من الأنسجة الحيوانية
ومن الجنون فنون! ابتكر فريق أركي فيجينرز طريقة جديدة لتكوين هيكل إنشائي باستخدام لحوم الحيوانات! فالفكرة المسماة بـ”فيترو” هي مفهوم مستقبلي للمنزل يتألف من خلايا لحوم تنمو في المختبرات! ورغم يوتوبية الفكرة وعدم توقع حدوثها في المستقبل القريب، تظل فكرة استفزازية مبدعة للمصمم ميتشل جواشيم الذي يعمل على تطويرها لتصل إلى النور يومًا ما ربما!
عمارة مفتوحة المصدر
اعتاد القدماء أحيانًا بناء منازلهم بأنفسهم حتى وإن لم يكونوا معماريين أو بنائين محترفين، الموضوع يتطلب تعلم بعض التقنيات التي مكنتهم من الاشتراك في بناء منزلهم والإحساس بالعائدية بشكل أكبر تجاه وليد يديهم! ويكي هاوس تتيح الفرصة لكل راغب في بناء منزله بنفسه بإتاحة عمارة مفتوحة المصدر جاهزة للتصنيع والتركيب في عدة أيام ومن دون الحاجة لأي مهارات إنشائية!
قامت ويكي هاوس بعرض تصميم لبناء من طابقين في مهرجان التصميم بلندن، تم بناء المُنشأ بواسطة فريق من المتطوعين بتكلفة أقل من 50 ألف جنيه إسترليني مما يعد رخيصًا مقارنة بأسعار الإنشاءات في لندن، ويعرض هذا النموذج العديد من الاحتمالات لإمكانية الانسيابية المكانية التي تتيحها العمارة مفتوحة المصدر.
باستخدام الدرون
هل فكرت أن يتم بناء منزلك باستخدام روبوتات طائرة؟ ليس حلمًا بعيدًا كما تتصور، فقد قام جرامازيو وكوهلر بتصميم نظام بمساعدة روبوتات طائرة ينظم 1500 موديول تم تحديد أماكنهم عن طريق لوغاريتمات رياضية تترجم بيانات التصميم الرقمية إلى حركية.
بنى المعماريون نموذجًا مصغرًا بمقياس 1/100 لبناء ارتفاعه 600 متر تحت اسم القرية الرأسية التي يمكنها استضافة 30 ألف ساكن وتم تخيل هذا البرج في قرية ريفية على بعد أقل من ساعة من باريس.
ناطحات سحاب خشبية
هنالك اتجاه في الوسط المعماري في السنوات الأخيرة يدعو إلى إعادة استخدام الخشب كمادة بناء من جديد كبديل عن الخرسانة والحديد، وقد لاقى هذا الاتجاه استحسانًا من طرف العديد من المهتمين بالعمارة، وبدا هذا الاهتمام عندما أقيمت مسابقة في ستوكهولم لتصميم ناطحات سحاب بمركز المدينة وقد فاز بها فريق من معماريين اقترحوا تصميمًا لبناء ناطحات السحاب تلك من الخشب، وسيتكون البناء الجديد من 34 طابقًا.
يقول المعماري: “كان الخشب خيارًا طبيعيًا عندما يتعلق الأمر باختيار مادة للتطوير السكني المبتكر، إنها مادة صديقة للبيئة ومستدامة مما يخلق مناخًا داخليًا مريحًا وصحيًا وتشكل أيضًا حماية فعالة جدًا ضد الحريق”.
أول مبنى في العالم منتج بطابعة ثلاثية الأبعاد بدبي
شهدت مدينة دبي منتصف عام 2016 مراسم افتتاح أول مبنى مطبوع بتكنولوجيا الطباعة الثلاثية الأبعاد في العالم، وقد أطلق عليه اسم “مكتب المستقبل” ويشكل هذا المبنى الذي يقع في حرم أبراج الإمارات، المقر المؤقت لمؤسسة “دبي للمستقبل” وتصل مساحته إلى 250 مترًا مربعًا، ويعكس تصميمه الخارجي أحدث الأشكال المبتكرة لبيئة العمل المستقبلية، تم استخدام مزيج من الأسمنت وعدد من المواد الخاصة في البناء واستخدمت تقنية التصاميم القوسية للحفاظ على وضمان قوة وسلامة المبنى.