رغم حداثة انتشار أدب الرواية في بلاد شنقيط، برز العديد من الأدباء الموريتانيين الذين أبدعوا في هذا المجال، في هذا التقرير نتعرّف على أبرز أدباء موريتانيا الذين ذاع صيتهم في كامل البلاد المُخضرّةِ شِعرا وثقافة.
أحمد ولد عبد القادر
أحد أبرز الأدباء الموريتانيين الذين جمعوا بين الإبداع الشعري والرواية، قيل عنه إنه عشق الشعر إلى حد الهيام، ومارسه إلى حد الإدمان، وأبدع فيه إلى حد التألق والنجومية، وكان أحد آباء الرواية العربية الصحراوية. وقد ساعده الوسط العلمي والأدبي الذي نشأ فيه في بادية بوتلميت بولاية الترارزة بالجنوب الغربي الموريتاني في تطوير موهبته الأدبية.
تكشف رواية “القبر المجهول” بأسلوب رمزي عن العلاقة الوطيدة بين مجتمع “الزمر”، والبنية النفسية والاجتماعية للمجتمع المدني
يعتبر ولد عبد القادر مؤسسا وأبا شرعيا للرواية الموريتانية، ويرى الكاتب محمد ولد احظانا أنه “أحد الآباء الكبار للرواية العربية الصحراوية، فقد كانت على يديه رواية “طبيعية سلسة”، متموجة تموج السراب والرمل، مترامية الأطراف فسيحة الأقطار كصحراء “الرُقيطة” تلهو فيها العواصف والبشر، ويتعانقان عناق وجود حميم“.
ومثّلت رواية “الأسماء المتغيرة”، أول رواية صدرت في موريتانيا عام 1981 لأحمد ولد عبد القادر، وتبدو لهذه الرواية دلالة زمانية ومكانية مرتبطة بالموروث الاجتماعي الموريتاني، المرتبط بالتطور النضالي لموريتانيا في فترة الاستقلال وبعدها بقليل، بملاحظة الهم الفردي الذاتي الشخصي الذي يرتبط بالهم العام للدولة الوليدة وللمجتمع الذي يسعى للتحرر الذاتي آنذاك، بشكليه السياسي والاقتصادي، في محاولة من الروائي، ربط اسم بطل الرواية بالحالة الفردية والعامة التي يعبر عنها ويتغير اسمه تبعاً لتطور وتغير الحالة.
أحمد ولد عبد القادر: أبرز أدباء موريتانيا
ومن روايات ولد عبد القادر، أيضا، رواية “القبر المجهول”، وتكشف هذه الرواية بأسلوب رمزي عن العلاقة الوطيدة بين مجتمع “الزمر”، في المجتمع القديم؛ والبنية النفسية والاجتماعية للمجتمع المدني بالعاصمة نواكشوط نهاية الثمانينات من القرن العشرين.
اشبيه الشيخ ماء العينين
سياسي موريتاني لكن برز اسمه في الأدب أيضا من خلال رواية “أحمد الوادي”، التي سعى فيها إلى تشخيص حالة المدنية المأزومة، وبالتالي الرجوع إلى الواحة وبناء مجتمع مثالي من خلال بطل الرواية أحمد الوادي، الذي طاف على مجمل مدن العالم، وتعرف عن كثب على مختلف الحضارات، لكنه اقتنع بإفلاس المدنية الحديثة، لينشئ عالمه في الوادي، بعيدا عن كل مظاهر المدنية، لكن مشروعه يفشل في النهاية، لأن المدنية غزت الوادي، وتحطم حلم أحمد، لينتهي نهاية دراماتيكية.
اشبيه الشيخ ماء العينين
محمد ولد محمد سالم
كاتب روائي موريتاني من مواليد عام 1963، نشرت له أربعة الروايات، الأولى سنة 2007 وتحمل اسم “أشياء من عالم قديم” والثاني سنة 2008 تحت اسم “ذاكرة الرمل” و”دروب عبد البركة” سنة 2010، والأخيرة سنة 2016 وتحمل اسم “دحّان”.
تروي الرواية الرابعة “دحّان” الأحداث المؤلمة من حياة شاب يدعى عبد الرحمن أو دحّان والتقلبات الغريبة التي مرت به بعد وقوعه في حب معلّمته الأمريكية
تتناول الرواية الأولى “أشياء من عالم قديم” حياة رجل موريتاني قضى ربع قرن يبيع الفحم في سوق قديمة بالعاصمة ثم يفاجأ بقرار بترحيل السوق لتبنى بدلا منها سوق عصرية لكنه يرفض الذهاب مع من رحلوا من أهل السوق وينتظر الانتهاء من بناء السوق الجديدة، وفي تلك الأثناء يقنعه أولاده بالتحول لنوع من التجارة وعبر تحولات ومحاولات للتشبث بأسلوب حياته القديم يخرج مهزوما بسبب تحول نمط الحياة وعجزه عن مواكبة ذلك التطور.
فيما تتحدّث الثانية “ذاكرة الرمل” عن حياة امرأة تأسست على يدها قرية ونسجت شبكة علاقات تقوم على الود والكرم والأخلاق ثم تتعرض تلك المرأة لظلم يصل لحد انتزاع أرضها منها ظلما فيهب أهل القرية دفاعا عنها، وتتبع الرواية أسلوب تعدد الأصوات لاستجلاء مختلف أشكال العلاقة بين المرأة وسكان القرية.
محمد ولد محمد سالم صاحب الروايات الأربعة
أما الثالثة “دروب عبد البركة” فتتناول حياة شاب حديث العهد بالتخرج والتوظيف يكرس إجازته السنوية الأولى للبحث عن أبيه الذي لا يعرف عنه إلا اسمه وأوصافا قليلة استقاها من أمه وخالته، وخلال البحث تتكشف له معالم حياة والده، ابتداء من هروب أمه به خوفا عليه من إخوته لأبيه أن يقتلوه حتى لا يعترف أبوه به فيكون له نصيب في المال والملك، ثم تسكن به أمه في قرية من قرى منطقة “البراكنه” بعد أن آواها أهل القرية وأحسنوا جوارها.
في حين تروي الرواية الرابعة “دحّان” الأحداث المؤلمة من حياة الشاب عبد الرحمن أو دحّان والتقلبات الغريبة التي مرت به، وتسرد الرواية تلك الأحداث من لحظة لقائه بهيلين مُدرِّسته الأمريكية في دورة للّغة الإنجليزية نظمتها إحدى المنظمات الدولية العاملة في موريتانيا، حيث تكتشف هيلين الذكاء الحاد لطالبها، فتوليه اهتماما خاصا، وتعده بأن تحصل له على منحة دراسية في أمريكا، فيتأثر بمعاملتها، ويقع في حبها، ويبني أحلامه على أنه سيستحصل على منحة إلى أمريكا وسوف يتزوج هيلين، لكنّ رحيل هيلين المفاجئ بسبب أحداث الحادي عشر من سبتمبر يصيبه بصدمة عنيفة، أفقدته عقله لفترة.
محمد ولد أمين: الوزير الكاتب
عمله الحكومي، وشغله منصب وزير للإعلام وسفير ومستشار للرئيس، حتّم على محمد ولد أمين في البداية أن يكتب بأسماء مستعارة أهمها اسم “حسن المختار” الذي كان بطلا لرواية أسمها ولد أمين مذكّرات “حسن ولد المُختار”.
إلى جانب هذه المذكرات كتب ولد أمين رواية “منينة بلانشيه”، وقد استمدّ الاسم من اسم بطلتها “منينة” تلك الفتاة الموريتانية التي تزوّجت من حاكم فرنسي واكتسبت لقبه، فأصبح بعد ذلك اسمها مزيجاً من ثقافتين مختلفتين. ووصف أحد النقاد هذه الرواية بأنها “وليفة فريدة تعانق التاريخ، وتلتبس بالأسطورة، وتحفر في أعماق الذاكرة والتاريخ، مخترقة سراديب اللاوعي”.
محمد ولد أمين
تدور أحداث الرواية في مكانين مختلفين: بروكسل حيث جوزيف بلانشيه أو أحمد ولد خيبوزي يحاول بمساعدة طبيب نفسي استعادة سيرة حياة أمّه “منينة”، وموريتانيا حيث عاشت أمّه كل حياتها، وحيث سيعود هو بعد انتهاء جلساته ليستقرّ فيها ويطالب الحكومة الموريتانية بأملاكه. ويعالج الكاتب في هذه الرواية موضوع الهويّة، والانتماء، والصراع الذي ينشأ داخل الفرد نتيجة حيرته في تحديد ولاءاته، وانتماءاته.
موسى ولد ابنو
يعد ولد ابنو أكثر الروائيين الموريتانيين انتاجا والأكثر انتظاما في التأليف، فقد نشرت له إلى الآن 6 روايات، ثلاثة منها بالفرنسية وثلاثة بالعربية (النسخ العربية معربة من الفرنسية) هي: “مدينة الرياح”، “الحب المستحيل”، “حج الفجار”.
كتب موسى ولد ابنو 6 روايات
امتزجت في روايتيه “مدينة الرياح” و”الحب المستحيل” الحقيقة بالخيال، الفلسفة بالأدب، التاريخ بالأسطورة وشطح الخيال العلمي بالحقيقة والتجلي الصوفي وذلك باستخدام موسوعي للقصص القرآني، الميثولوجيا الاغريقية، الإفريقية والعربية، الإشكالات الفلسفية العميقة وأطروحات الحداثة وما بعد الحداثة، وعلم المستقبليات والمسألة البيئية والتكنولوجيا.