إن العداء والكراهية للإسلام ازدادا من الغرب المسيحي بعد أحداث 11 من سبتمبر في الولايات المتحدة، فاستوحش العالم وفي طليعته أمريكا وأوروبا ومن يدور في فلك هؤلاء، من منتفعين وأصحاب مصالح، أو من مرجفين من حكام دول وإمارات وممالك حريصين على بقائهم ملتصقين بعروشهم، ثم أقاموا الأحلاف وقسّموا العالم لفساطيط ومحاور.
في ظل قاعدة – سيئ الصيت – جورج بوش الابن “من ليس معنا فهو علينا”؛ أشعلت نار الحروب المدمرة وسالت الدماء وديانًا، ولا تزال تحرق نيران الحروب الأخضر واليابس في دول إسلامية وتحت غطائها تُنهب خيرات بلدان العرب والمسلمين هذه، وتسرق ثرواتها، فيُحرم أهلها وأصحابها الشرعيين من مردوداتها، فها هو بوش الابن يعيدها مرة أخرى بعد الـ11 من سبتمبر 2001 حين أطلق وصفه المشهور للحملة الأمريكية ضد ما يسمى بالإرهاب بأنها “حملة صليبية”!
استخدمت عبارة حملة صليبية (بالإنجليزية: Crusade) من الرئيس الأمريكي جورج بوش يوم 11 من سبتمبر 2001 وفي يوم الرثاء الوطني، حيث قال الرئيس الأمريكي: “هذه الحملة الصليبية، هذه الحرب على الإرهاب ستأخذ بعض الوقت”، هذا التعبير اُنتقد في دول أوروبا والدول العربية والإسلامية، أما المؤيدون لاستخدام جورج بوش لعبارة “حملة صليبية” يقولون إنه قصد باستخدامها الجانب العسكري لا الديني.
ويقول أيضًا: “الآن في 2003 الحملة الصليبية الثانية عشرة، الغرب لم يعد المسيحي، لكن نحن أولاد العمومة من الدرجة الأولى للأوروبيين، نبقى على إيماننا القديم ونجلب أنواعًا جديدة من المثالية مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان، ولكن تبقى الروح الصليبية مشتعلة ومضطرمة، إنها لا تزال عن جلب الحضارة والخلاص لأناس خلفنا، يولدوا من جديد”. جورج دبليو بوش”، “وهذا حول الخير والشر”.
لعل ما يحدث في حلب من قبل والغوطة الأن أكبر نموذج لزيف الديمقراطية وحقوق الإنسان التي ينادي بها المجتمع الدولي
• چيمس بنكرتون: “زمن الحروب الصليبية، قرن يأتي وقرن ينصرم، إنه وقت الحرب الصليبية، هذه الأيام، ديسمبر 2004.
• توجه الإعلامي الفرنسي برنار بيفو إلى المستشرق الفرنسي المعروف جاك بيرك في خضم حرب الخليج قائلاً: “أمامك ثلاثون ثانية كي تقول للفرنسيين ما إذا كان القرآن أداة حرب أم لا”.
• رئيس الوزراء الإيطالي يقول: “ثمة عوامل كامنة أدت وما زالت إلى تفوق الحضارة الغربية علــى الحضارة الإسلامية”.
• القس جيري فالويل قال على شبكة “سي بي إس”: “الإسلام هو دين سيف ودين إرهاب يقتل كل من يقف في طريقه”.
• يقول الكاتب الفرنسي “جان كلود بارو” في كتابه “المخلص الذي لا يرحم ــ حرب الإسلام ضد العالم الغربي”: “إن ما يمكن أن نسميه أشد درجات الرغبة في إذلال الآخرين موجود في الاستعداد النفسي الأصيل لدى المسلمين ومن أصل عقيدتهم، فهي عقيدة حربية عدوانية تسعى للسيطرة والتوسع، وتشحن الفرد باحتقار غير المسلمين، والإسلام في مجمله عدو للغرب لأنه يؤمن بلاهوت الغزو والفتوحات والانتصارات ولا يرضى بلاهوت الهزيمة”.
المؤرخ العالمي أرنولد توينبي في الجزء الخامس من قصة “الحضارة” عن الإسلام قال: “فاجأ العالمَ بمبادئ سامية رأى فيها الناسُ إنقاذًا للبشرية المعذبة؛ ففي الوقت الذي كان فيه الملوك والحكام سادة أو آلهة، وكانت الشعوب عبيدًا لهم، في هذا الوقت ظهر النبيُّ مُحمَّد [صلى الله عليه وسلم] على الناس بمبدأ المساواة بين الحاكم والمحكوم، والملك والسوقة، وفي الوقت الذي كانت أقوال الملوك وأفعالهم هي القانون وهي العدالة، إذْ بالإسلام يأتي بقانونه السماوي فيخضع له العظيم والحقير، إنَّ مثل هذه المبادئ أو المفاجآت هي التي أدهشت العالَم وجذبت الناس أفواجًا لهذا الدين العظيم، وعندما جذب الإسلام الناس إليه لم يَدَعْهم في حيرة من أمور دينهم ودنياهم، بلْ أمدَّهم بأرقى نُظُم الحُكْم، وأرقى نُظُم الاقتصاد، ووضع أسمى الأسس لحياة اجتماعية صالحة”.
تحدث لافروف وزير خارجية روسيا، أن الغوطة الشرقية من الممكن أن تكون حلب أخرى منذ بضعة أيام
الغوطة الشرقية أنموذجًا
ولعل ما يحدث في حلب من قبل والغوطة الأن أكبر نموذج على زيف الديمقراطية وحقوق الإنسان التي ينادي بها المجتمع الدولي، في ظل استمرار الحصار الذي تتعرض له الغوطة الشرقية في ريف دمشق، تزداد معاناة أهلها يومًا بعد آخر، وتتفاقم الاحتياجات الأساسية لساكنيها، الأمر الذي يهدد بكارثة إنسانية.
حصارٌ لم يبق دواءً يشفي مرضاهم، ولا غذاءً يسد رمق أطفالهم، كما أن الشتاء يفاقم حجم المعاناة، مع الافتقار لأبسط الاحتياجات التي تحميهم من البرد.
يبلغ عدد سكان الغوطة ما يقارب 400.000 نسمة يعيشون في سجن كبير، حرمهم من أهم متطلبات الحياة، مع المعاناة والافتقار لأبسط الاحتياجات التي تحميهم من البرد، وصل عدد القتلى إلى 250 قتيلاً بينهم 50 طفلاً والمئات من الجرحي، في ظل تنديد فقط من العالم، فأكثر ما قيل على لسان أمين هيئة الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، إنها الجحيم على الأرض، وماذا بعد الكلام؟ هل توقفت طائرات روسيا واستبداد بشار؟ هل تحركات الأمم المتحدة؟ هل عقد مجلس الأمن جلسته الطارئة لوقف هذا الجحيم؟ أما ما يحدث في سوريا فعلى هوى الجميع.
تحدث لافروف وزير خارجية روسيا أن الغوطة الشرقية من الممكن أن تكون حلب أخرى منذ بضعة أيام، وبالفعل حدث ما قال، فتحولت الغوطة، إلى هدف لطائرات وصواريخ الروس، ويعلنها بشار ونظامه: إما الاستسلام أو الإبادة دون شفقة أو رحمة، حيث تمثل الغوطة المعقل الأخير للمعارضة، وتكمن أهميتها في قربها من عاصمة النظام الفاشي، أين الديمقراطية الدولية ومن ينادون بها ومن يحمونها؟ هل أصيبوا بالصم والبكم لهذه التصريحات؟ هل هم في إجازة لمحاكمة هؤلاء كمجرمين حرب؟ أين الجلسة الطارئة والمحاكمة العاجلة لكل نظام يرفض استبدادهم وهيمنتهم؟
على مدار يومين، تشن المدفعية والطائرات التابعة لنظام الأسد ضربات على الغوطة الشرقية، وهي آخر الجيوب الكبرى للمعارضين
أما أن هذا مسلسل متكرر يعرفونه من أجل تفتيت الشرق بيد أبناء الشرق، والاستيلاء على ثرواته دون طلقة رصاصة منهم، وصمت على جثث الأطفال وبكاء الأمهات، وتدمير كل معاني الإنسانية، وأقصى ما يفعلوه تنديد ورفض وإدانة، هل هذه الكلمات لها صدد؟ هل أوقفت شلالات الدماء من المدنيين؟ هل حلت القضية السورية رغم مرور السنيين عليها؟ لماذا لا يوجد حل لهذه القضية وهم قادرون على حلها إن أرادوا؟
إن حصار الغوطة الشرقية يمكن أن يكون آخر الحصارات الكبرى التي تميزت بها الحرب السورية على مدار السنوات الماضية، مما جعل النزاع القائم في سوريا نزاعًا مدمرًا، في وقتٍ مبكر من الحرب، تبنَّت قوات الأسد إستراتيجية التخلي عن معاقل المعارضة، وذلك بحصارها والتركيز على الدفاع عن المناطق الموالية والطرق الأساسية والمناطق الحضرية المهمة، بينما أغلقت جيوب المعارضة بنقاط التفتيش وعرضت السكان داخلها للقصف المنتظم.
وعلى مدار يومين، تشن المدفعية والطائرات التابعة لنظام الأسد ضربات على الغوطة الشرقية، وهي آخر الجيوب الكبرى للمعارضين التي تقع ناحية الشرق من دمشق، ويعد هذا الهجوم الذي استُخدمت فيه القذائف والقنابل والصواريخ، الأكثر عنفًا من أي شيء شهدته المنطقة منذ عدة سنوات، مما يشير إلى احتمالية شن هجوم بري شامل بالمستقبل، أو كما كان الحال في شرق حلب قبل أكثر من عام بقليل، ربما يكون هناك محاولة للتفاوض على إجلاء جماعي في اللحظة الأخيرة.
هل هذه الحرب يصنفها الغرب ضد الإنسانية أم ضد المسلمين؟ هل يعدها الغرب انتهاكًا لحقوق الإنسان التي أنشأ المنظمات الدولية لهذا الغرض؟ أم أن صراع سوريا المدمر في صالح التوازنات والقوى الدولية، ولا يحسمه سوى صفقة رابحة ومرضية للأطراف الدولية.
وفي النهاية اختم هذا المقال بعدة أسئلة: هل لو كانت سوريا بلدًا أوروبية أو غربية سيكون الكلام والتنديد هو الحل أم ماذا؟ الغوطة لو فئة غير المسلمين هل موقف هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن سيكون نفس الموقف؟ لو كان الفاشي والمعتدي مسلمًا على فئة غير مسلمة.. هل سيكون للقوى الدولية نفس الموقف ونفس الصمت؟ أريد إجابة من كل العالم حتى أكشف زيف خيالاتي، أم تصح رؤيتي وأقول إنما تفرضون ديمقراطية مزيفة وحقوق إنسان وهمية تستخدموها وفقًا لمصالحكم، ضد عالم عربي نائم.