حديث الساعة في القدس عن المعلومات التي كشفها نشطاء مقدسيون بشأن محاولات السعودية سحب الوصاية على المقدسات الإسلامية في مدينة القدس من الأردن لصالحها، رافضين أي وصاية سعودية.
وسائل إعلام عربية وعالمية منها “نيويورك تايمز” نشرت في 14 من نوفمبر 2017 تفاصيل اللقاءات التي عقدها الرئيس محمود عباس مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في 7 من نوفمبر و19 من ديسمبر من عام 2017، طالب فيها الأخير محمود عباس بالتنازل عن القدس الشرقية والضفة الغربية مقابل 10 مليارات دولار.
وكشفت صحيفة “القدس العربي” اللندنية في 19 من ديسمبر من عام 2017 نشوب خلاف في الكواليس بين وفدي الأردن والسعودية اللذين كانا يشاركان في أعمال الدورة 24 للاتحاد البرلماني العربي الذي عقد في 17 من ديسمبر عام 2017 بالمغرب في أعقاب رفض الوفد السعودي تأكيد الأردن وصايته على المقدسات في القدس، واقترح الوفد السعودي أن يكون لتلك الوصاية بعد إسلامي أوسع.
خطوات احتجاجية أردنية رافضة ضمنيًا للمحاولات السعودية تلك تجلت في أعقاب رفع أعضاء مجلس النواب الأردني، وفي مقدمهم رئيس الحكومة هاني الملقي في 31 من ديسمبر من عام 2017، شعارًا على صدورهم يحمل صورة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني كتب عليه: “خادم أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين”.
وكأول تصريح واضح من الأردن عن الضغوط التي تعرض لها الأردن بشأن القدس قال العاهل الأردني عبد الله الثاني في 31 من يناير 2018، خلال لقاء مع طلبة في الجامعة الأردنية: “رسائل وصلتنا مفادها: امشوا معنا في موضوع القدس وإحنا بنخفف عليكم اقتصاديًا”، دون أن يشير إلى الجهات التي أوصلت لهم الرسائل.
وأكد المدير السابق للوعظ والإرشاد في أوقاف القدس الشيخ رائد دعنا لـ”نون بوست” رفض المقدسيون أي دور أو وصاية سعودية على المقدسات الإسلامية في مدينة القدس، مشددًا على أن وجهاء المدينة سيواجهون أي محاولات سعودية للقيام بذلك، ونشر تصريحًا واضحًا بذلك في حسابه الشخصي على “فيسبوك” في 15 من يناير/كانون الثاني الماضي.
تعود تاريخ الوصاية الأردنية على المقدسات الإسلامية في القدس إلى عام 1924، عندما بايع العرب الشريف حسين ملكًا عليهم ووصيًا على القدس
وكشف رائد دعنا أن ديوان محمد بن سلمان تواصل مع شخصيات ونشطاء وصحافيين مقدسيين في محاولة لترتيب سفرهم إلى السعودية لمبايعة محمد بن سلمان وصيًا على الأماكن المقدسة قبل نهاية يناير الماضي، إلا أن تلك المحاولة فشلت في أعقاب تلقي الشخصيات التي كانت تنوي السفر تهديدًا من وجهاء المدينة بنبذهم وطردهم من مدينة القدس.
ولم يستبعد الشيخ دعنا أن تواصل السعودية محاولاتها تلك فيما بعد، محذرًا من أنهم كمقدسيين قد يفاجأون في أي وقت بتسلل بعض الشخصيات خلسة إلى السعودية والتساوق مع المخطط السعودي.
ويعود تاريخ الوصاية الأردنية على المقدسات الإسلامية في القدس إلى عام 1924، عندما بايع العرب الشريف حسين ملكًا عليهم ووصيًا على القدس، مرورًا بسيادة الأردن على الضفة الغربية والقدس الشرقية عام 1948، التي ضمتها إلى أراضيها، وجددت تلك السيادة عام 1967، وبعد فك الارتباط بين الأردن والضفة الغربية والقدس الشرقية التي أسندت سيادتها للفلسطينيين عام 1988، بقي الأردن وصيًا فقط على المقدسات الإسلامية في القدس الشرقية.
وتحدث أحد أعضاء الهيئة الإسلامية العليا لمدينة القدس رفض الكشف عن هويته لـ”نون بوست” عن قيام السلطات الأردنية بإرجاع الوفد المقدسي الذي يضم شخصيات مسلمة ومسيحية وصحافيين، الذي كان ينوي السفر إلى السعودية بدعوة رسمية، عبر معبر الكرامة الرابط بين الأردن والضفة الغربية في يناير الماضي.
وعزا عضو الهيئة الإسلامية سبب الصمت الأردني على فضح المحاولات السعودية تلك، إلى رغبة الأردن في إبقاء العلاقات مع السعودية هادئة، وذلك خوفًا من سحب الأخيرة استثماراتها في الأردن التي تقدر بأكثر من 13 مليار دولار.
وعن الدعم السعودي لمدينة القدس وأهلها، أشار إلى أن السعودية رصدت خلال عام 2017، 30 مليون دولار لدعم المدينة عبر بنك التنمية الإسلامي.
الزيارة الرسمية التي قام بها عباس للأردن في 29 من يناير الماضي جاءت لتأكيد دور الوصاية الأردنية على المقدسات في القدس
من جهتها، ذكرت الناشطة والصحافية المقدسية فاطمة البكري لـ”نون بوست”: “أن الغالبية العظمى من المقدسيين تعارض أي دور سعودي في مدينة القدس”، مشددة على أن العديد من الهيئات والشخصيات والنشطاء المقدسيين قرروا طرد كل مقدسي يتساوق مع الدور السعودي في فرض الوصاية على المقدسات.
وأوضحت أن حالة الصراع بين الأردن والسعودية، والتقصير الذي تبديه السلطة الفلسطينية تجاه المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس جرا السلطات الإسرائيلية على تهويد أملاك إسلامية وسرقتها، منها أجزاء من مقبرة الرحمة التي تلاصق حائط المسجد الأقصى الشرقي لصالح إنشاء حديقة تلمودية في 12 من ديسمبر من عام 2017، وقبل ذلك، اقتحام الشرطة الإسرائيلية وإغلاقها المسجد الأقصى في 14 من يوليو من عام 2017 بهدف وضع بوابات إلكترونية، وانتهت بالفشل بعد ثورة المقدسيين.
ويبدو أن الزيارة الرسمية التي قام بها عباس للأردن في 29 من يناير الماضي جاءت لتأكيد دور الوصاية الأردنية على المقدسات في القدس، وهو ما شدد عليه عباس حرفيًا خلال لقاء القمة الذي عقده مع الملك عبد الله الثاني، وذلك في أعقاب ما تسرب من أن قيادات في حركة “فتح” كانت من ضمن الشخصيات التي تواصلت معها السعودية لخروج وفد مقدسي إلى السعودية.
وتسعى السلطة الفلسطينية إلى إبقاء الوصاية على القدس للأردن مع إبقاء خط متوازن من العلاقات الدبلوماسية مع السعودية التي بدأ يزداد دعمها للسلطة آخرها اليوم، حيث رفعت دعمها من 7.7 مليون دولار شهريًا إلى 20 مليون دولار.