يُعرف بتطبيق واتس آب المحلي النسخة التركية، الذي تروج له الحكومة التركية على أنه تطبيق آمن للمستخدمين، لا يقوم بالاحتفاظ بمعلوماتهم ومحادثاتهم، ولا يقوم أيضًا باسترجاعها، حيث تعتبره الحكومة التركية تطبيقًا محليًا ووطنيًا أكثر أمانًا من واتس آب.
طور التطبيق مؤسسة البريد والتلغراف التركية PTT ليكون اسمه (PTT Messenger)، الذي وصفه نائب رئيس الوزراء التركي بكير بوزداغ في أحد اجتماعات مجلس الوزراء التركي، أنه تطبيق للمحادثات الفورية والاتصالات الهاتفية وهو محلي بنسبة 100% وبديل آمن لتطبيق واتس آب، بدأت الحكومة التركية في استخدامه، حيث كانت تجربته الأولى في أحد اجتماعات مجلس الوزراء حينما هاتف رئيس الوزراء بن علي يلدرم قائد الجيش الميداني الثاني في منطقة عفرين مستخدمًا التطبيق الجديد لإجراء اتصالًا مرئيًا.
لا يزال استخدام التطبيق الذي أطلقته مؤسسة البريد والتلغراف التركية، قاصرًا على الهيئات الحكومية وموظفي الدولة في تركيا، بما يتضمن هيئات الشرطة والقطاعات العسكرية أيضًا، وذلك لمدة ستة شهور هي الفترة التجريبية للتطبيق قبل أن تطلقه مؤسسة البريد والتلغراف التركية ليصبح متاحًا لاستخدام عامة المستخدمين في تركيا.
https://www.youtube.com/watch?time_continue=36&v=KY4yh0D1i64
رئيس الوزاء التركي بن علي يلدرم يهاتف قائد الجيش الميداني الثاني في عفرين من خلال التطبيق التركي بي بي تي ماسنجر
يعد تطبيق PTT Messenger حلًا لتعزيز أمن المعلومات بالنسبة للمواطنين بحسب رأي المتحدث الرسمي باسم الحكومة التركية بكير بوزداغ، حيث تم تطوير التطبيق بالكامل بيد المهارات الهندسية الوطنية التركية، وعليه فهو يحاول حماية بيانات ومحادثات المستخدمين الأتراك بعدم تخزينها وبالتالي عدم استعادتها كما يحدث في تطبيق واتس آب، وهو الغرض الأساسي الذي طورت الحكومة التركية هذا التطبيق من أجله، ولهذا يتم تفضيل استخدامه من الجهات الحكومية وموظفي الدولة لحماية المحادثات التي تدور بينهم.
لـ”واتس آب” تاريخ سيئ مع الأتراك
استخدام تطبيق بايلوك للرسائل المشفرة من الانقلابيين في محاولة انقلاب تركيا الفاشل
لم يعد واتس آب مجرد تطبيق للمحادثة الفورية بالنسبة للأتراك، وبالأخص الحكومة التركية، حيث استغل الجنود الانقلابيون مدبرو عملية الانقلاب الفاشل في تركيا التطبيق في مراسلة بعضهم البعض بالإضافة إلى تطبيق “بايلوك” للرسائل المشفرة أيضًا، الذي استخدمه أعضاء جماعة فتح الله غولن للتواصل فيما بينهم معتمدين على تشفير التطبيق للرسائل فلا يتعقبها أحد وهو التطبيق الذي اعتبرته الحكومة التركية عنصر إدانة وذلك بعد اكتشاف عدد كبير من المتورطين في عملية الانقلاب الفاشلة بعد فك الاستخبارات التركية شفرة رسائل “تطبيق بايلوك”.
كانت قد أكدت الحكومة التركية عقب محاولة إنقلاب الخامس عشر من يوليو/تموز أن “بايلوك” صُمم خصيصًا ليكون أداة التواصل في شبكة غولن، وبالتالي فإن كل من استخدم هذا التطبيق أو قام بتنصيبه على جهازه معرض للتوقيف بتهمة الانتماء إلى هذه الحركة التي تعدها السلطات “منظمة إرهابية”.
على الرغم من رقابة الحكومة التركية المشددة لتطبيقات مثل “بايلوك” فإنها تدرك جيدًا أهمية مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات التواصل في العصر الذي نعيش فيه الآن، إذ كان ظهور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من خلال اتصال مرئي من خلال تطبيق “فيس تايم” الخاص بأجهزة الآيفون لمذيعة سي إن إن ترك ليدعو المواطنين للخروج للشوارع في كل مدينة تركيا لمواجهة مدبري الانقلاب الفاشل.
لم يعد واتس آب مجرد تطبيق للمحادثة الفورية بالنسبة للأتراك، وبالأخص الحكومة التركية، حيث استغل الجنود الانقلابيون مدبرو عملية الانقلاب الفاشل في تركيا التطبيق في مراسلة بعضهم البعض
لقد فرضت الحكومة التركية “رقابة رقمية” شملت العديد من التطبيقات الخاصة بالتواصل وذلك لرؤية الاستخبارات التركية أن تلك الرقابة هي إجراءات أمنية لتعزيز أمن المعلومات داخل حدود الجمهورية التركية، ليكون تطبيق PTTMesenger إحدى الخطوات الخاصة بحماية معلومات المواطنين الأتراك وتعزيز أمنهم عن طريق التواصل من خلال تطبيق “آمن” و”محلي” مثلما وصفته الحكومة التركية.
ما رأي المعارضة التركية في ذلك؟
لا تعتبر تركيا الدولة الأولى ولا الوحيدة التي تبرمج تطبيقات محلية ووطنية لحماية أمن المعلومات الخاص بها، فقد سبقتها الصين في ذلك من خلال تطبيق “WeChat” للمحادثة الفورية والاتصال الهاتفي، إلا أن تجربة تركيا الأولى من نوعها جعلت المعارضة التركية تنتقد ذلك، وتراه وسيلة لإحكام مراقبة الدولة على وسائل تواصل المواطنين مستغلة بذلك حمايتهم الأمنية على الإنترنت.
استغل معارضون آخرون الفرصة لمعارضة تطبيق بي تي تي ماسنجر الجديد من خلال نشر تغريدات مختلفة تُشكك في “وطنية” التطبيق التركي
علق أحد المعارضين الأتراك على حسابه الرسمي على تويتر وهو البروفيسور التركي تيمور كوران أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة ديوك الأمريكية، حيث علق على خبر إطلاق الحكومة التركية للتطبيق عبر حسابه على تويتر قائلاً: “يريد السلطويون الوصول والتحكم في اتصالات مواطنيهم، حيث يتم فلترة ومراقبة المحادثات مثلما تفعل الحكومة الصينية في تطبيق WeChat”.
Authoritarians want to access & control their citizens’ communications. China created WeChat in 2011 as a multi-purpose social media application. Turkey has now released PTT Messenger as an alternative to foreign-based social media. Like WeChat, it will be filtered and censored. pic.twitter.com/zysk814QCB
— Timur Kuran (@timurkuran) February 6, 2018
للمعارضة التركية تاريخ طويل من الجدل بشأن مسألة الرقابة الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهواتف الذكية، التي كانت عرضة للحجب داخل تركيا لأكثر من مرة في أحداث سياسية مختلفة ولأسباب كثيرة يكون تهديد الأمن المعلوماتي واحدًا فقط من بين كثير من الأسباب الأخرى التي تتجاهلها المعارضة، مثل تهرب بعض من تلك المنصات من دفع الضرائب للحكومة التركية وادعاء بعض المنصات الأخرى بعلاقة الحكومة التركية بتمويل المنظمات الإرهابية على سبيل المثال.
Yerli ve milli PTT Messenger’ı yaptırdıkları şirket looool pic.twitter.com/uue89moUPA
— Bülend Ecevit (@BulendEcevit) February 6, 2018
أحد المعارضين مغردًا عن زعمه أن شركة أمريكية صنعت تطبيق بي تي تي ماسنجر التركي
استغل معارضون آخرون الفرصة لمعارضة تطبيق بي تي تي ماسنجر الجديد من خلال نشر تغريدات مختلفة تُشكك في “وطنية” التطبيق التركي الذي تحدث عنه المسؤولون بأنه محلي ووطني الصنع، إذ بحثوا عن الأكواد المستخدمة في برمجة التطبيق ليجدوا أنها مشابهة لأكواد تطبيقات غربية أخرى خاصة بشركة أمريكية، ليزعموا أنها الشركة التي صممت التطبيق بحسب ما ورد في تغريداتهم على تويتر.
لم يرد حتى الآن من الجهات التركية الرسمية أي معلومات خاصة بفرض استخدام التطبيق، لا على الجهات الحكومية وموظفي الدولة الذين يستعملونه بشكل تجريبي، ولا على المواطنين الذين سيطرح عليهم استخدام التطبيق بعد مرور 6 شهور على تجربته، إلا أن المعارضة تخشى فرض استخدامه على الجميع في السنوات المقبلة.