دخلت قوات أسماها النظام السوري “شعبية” إلى مدينة عفرين التي تشن تركيا عليها حربًا منذ أكثر من شهر، بغية طرد قوات الأحزاب الكردية التي تعتبرها أنقرة خطرًا عليها. وأثار تدخل النظام هذا، نقاشًا وطرحًا لسيناريوهات متعددة كتوقف الحملة التركية “غصن الزيتون” واكتفائها بتأمين شريطها الحدودي دون الوصول لمدينة عفرين أو مواصلة تركيا حملتها من أجل إحداث تسوية بالتفاهم مع الروس، تقضي بتسليم عفرين لإدارة مدنية.
في هذا الموضوع يذهب المحلل العسكري والإستراتيجي العميد أحمد رحال إلى أن دخول النظام إلى عفرين، أعطى تركيا مبررًا دوليًا لاستمرار العملية، باعتبار أن البديل هي الملشيات الشيعية، كما أن “قوات حماية الشعب الكردية” بدلت أجنداتها بتحالفها مع النظام، فهي كانت تطالب بدولة “كردية” واليوم تخلت حتى عن “الفدرالية”.
معتبرًا أن العملية التركية أخذت زخمًا عسكريًا قويًا، حيث “تم تحرير أكثر من 24 قرية، وبالتالي ستستمر العملية بضغط عسكري أكبر، ولكن لا أعتقد أنه سيتم دخول عفرين، وكلام الرئيس أردوغان واضح عندما قال “سنضيق الحصار على عفرين” بمعنى أنا سنفرض عليهم حصارًا، ونجبرهم على الخروج من المدينة”.
وقال العميد رحال في حديث لـ”نون بوست”: “النظام ليس صاحب قرار، فهناك توافق روسي مع تركيا بأثمان وشروط من قبيل خروج القوات الكردية من عفرين، كما أن الأسد ليس عنده جيش لكي يدخل عفرين، وبالتالي إذا دخل بشكل فردي من دون موافقة الروس، فإن تركيا ستضرب قواته كما فعلت الثلاثاء الماضي”.
وعن الموقف الروسي مما يجري في عفرين يقول العميد رحال: “روسيا تلعب بالخيوط كلها، ترخي خيطًا وتشد آخر، فهي من أعطى تركيا الضوء الأخضر لدخول عفرين، وتحاول تطبيق الشروط الخمس التي وضعتها على الأكراد، مثل تسليم المباني الحكومية، وتسليم الثكنات والسلاح الثقيل، إضافة لانضمام المتخلفين عسكريًا إلى قوات الأسد، فهذه شروط مستحيلة تفرضها على الأكراد من أجل ألا يوافقوا، فروسيا في النهاية لا تريد أن تغضب تركيا”.
يرى الباحث والصحفي خالد حسن أن تركيا ترغب في سيطرة قوات النظام الكاملة على عفرين، وكانت تدفع نحو هذا وروسيا استخدمت التوغل التركي لإخضاع الأكراد وهي متذمرة من ارتباط الأكراد بأمريكا
موضحًا أن النظام يريد من تدخله أن يحقق أهدافًا مهمة: “أولاً يسيطر على منطقة تقدر مساحتها 3650 كيلومترًا مربعًا، ويطوق حلب من الأعلى فيؤمن نبل والزهراء، كما أنه يطل من خلال مناطق عفرين على الحدود التركية المحروم منها، ولكن عملية الحصول على عفرين ليس بالأمر السهل، حتى لو توافق مع الأكراد على عفرين، فإنه سيكون داخل عفرين، أما الحدود مع تركيا ستبقى بيد الجيش الحر، فهذا الطريق لن يتركوه ولا تعطيه تركيا للنظام”.
ويذهب العميد رحال إلى أن تركيا الآن موقفها أكثر قوة، فهي اليوم تنسق ليس فقط مع الروس بل مع أمريكا، وهذا أمر مهم لأن واشنطن إذا أحست بوجع الأتراك سترفع يدها عن الأكراد بكل ما يضر تركيا، فتركيا بالأخير غربية، وإذا خيرت بين موسكو وواشنطن ستختار واشنطن، لكنها بدأت تستفيد من الروس والأمريكان من خلال اللعب على مواقفهم، حيث إنها تضغط على كل طرف بتهديده بالذهاب للطرف الآخر.
من جهته يرى الباحث والصحفي خالد حسن أن تركيا ترغب في سيطرة قوات النظام الكاملة على عفرين، وهي كانت تدفع نحو هذا وروسيا استخدمت التوغل التركي لإخضاع الأكراد وهي متذمرة من ارتباط الأكراد بأمريكا.
واعتبر الباحث في لقاء مع “نون بوست” أن تركيا تفضل أن يسيطر النظام على كل المناطق الحدودية معها لتخفف بهذا من عبء “الصداع الكردي”، فطموحها من التوغل لا يتجاوز حزامًا أمنيًا يتجلى بإبعاد الأكراد عن حدودها وليس لها طموح سياسي وراء ذلك.
مؤكدًا أن هناك تبادل مصالح بين تركيا وروسيا في المسألة السورية كون روسيا سهلت لتركيا مهمة محاصرة الأكراد في عفرين وتركيا خدمت الروس بأن أخضعت فصائل الشمال المعارضة للخريطة الروسية أو المعتمدة في أستانة.
أكد الناطق باسم الجيش الوطني الحر المقدم محمد الحمادين أن عملية “غصن الزيتون “مستمرة وخلال اليومين الماضين تم تحرير قرى كثيرة مهمة
وفيما يتعلق بدخول النظام إلى عفرين يقول الباحث: “النظام يريد سيطرة كاملة على عفرين ولا يستهويه الوجود الرمزي، وحتى تركيا لا تقنع بالانتشار العسكري للنظام مع بقاء السيطرة للأكراد، تريد إبعاد لأي تأثير أو سيطرة حقيقية للأكراد وليس هذا في عفرين فقط بل وحتى في منبج”.
ويضيف الباحث “ثمة تفاهم عام بين روسيا وتركيا وإيران بشأن تسليم عفرين لقوات النظام، لكن كيف وبأي ترتيب واتفاق هنا الخلاف، لكن قد ينتهي الأمر إلى سيطرة النظام على عفرين بما ينهي التدخل العسكري التركي، ثمة تدخل بين حسابات الأطراف المؤثرة في معضلة عفرين، فحسابات الروس في عفرين مرتبطة بالتوجس والصراع مع أمريكا، وحسابات الإيرانيين في عفرين مرتبطة باحتواء النفوذ والتوغل التركي وما يهم الأتراك في عفرين هو التخلص من “الصداع الكردي”.
في هذا الإطار أكد الناطق باسم الجيش الوطني الحر المقدم محمد الحمادين أن عملية “غصن الزيتون “مستمرة وخلال اليومين الماضيين تم تحرير قرى كثيرة مهمة، فقد أصبح الطريق بين إعزاز وبلبل مفتوحًا بعد تحرير قرية دير صوران والزيتونة.
وقال المقدم الحمادين في تصريح لـ”نون بوست”: “عملية دخول النظام إلى عفرين يهدف من خلالها لخلط الأوراق، فهو لم يتمكن من دخول عفرين إلا بالتوافق مع روسيا، وأرسل قوات من “الشبيحة” فتعرضت لقصف مدفعي تركي ورجع بعضها إلى عفرين، وهذا القصف يحمل رسائل لتلك القوات التي لن يكون لها تأثير على عملية غصن الزيتون”، نافيًا أن تكون عملية “غصن الزيتون” مختصرة على تأمين الحدود بل هدفها إخراج القوات الكردية منها ولم نبلغ بوقف العملية، على حد قوله.
مؤكدًا أن هناك ضغوطًا لإخراج قوات النظام من عفرين، وإذا لم تنسحب فسيتم التعامل معها عسكريًا، وقوات النظام لم تدخل المعركة للآن رغم تكثيف الهجمات ضد القوات الكردية، فالنظام له وجود في عفرين قبل العملية.
في هذا الصدد يرى الناشط الميداني ماجد عبد النور بأن العملية العسكرية ما زالت مستمرة واستطاعت قوات “غصن الزيتون” تحقيق تقدم كبير والسيطرة على عدة قرى وتلال مهمة، وقال الناشط في حديث لـ”نون بوست”: “دخول النظام هو حركة إعلامية تقف خلفها إيران التي تحاول كسب حصة من كعكة عفرين لحماية مصالحها في نبل والزهراء”.
نفى لـ”نون بوست” الناطق باسم جيش النصر المشارك في عملية “غصن الزيتون” محمد رشيد توقف العملية دون تحقيق أهدافها
نافيًا أن تكتفي تركيا بتأمين الشريط الحدودي مع عفرين، “تركيا حتى الآن لا يوجد تصريح رسمي بحماية الحدود فقط وإنما جميع التصريحات الرسمية تؤكد استمرار العملية حتى السيطرة على كامل عفرين، أتوقع أن المعركة ستصل لحدود مدينة عفرين وبعدها ستكون المفاوضات مع حزب ال بي دي للخروج من المدينة وتسليمها لإدارة مدنية مع بقاء الجيش الحر والأتراك في كامل الريف”.
ويضيف الناشط “من المحتمل أن يكون هناك صدام بين الأتراك والنظام في حال إصرار النظام والإيرانيين على عرقلة العملية العسكرية ولكن طالما أن روسيا متفقة مع تركيا لن يصل الصدام لأبعد من مناوشات خفيفة ستنتهي لصالح تركيا”.
من جهته نفى لـ”نون بوست” الناطق باسم جيش النصر المشارك في عملية “غصن الزيتون” محمد رشيد توقف العملية دون تحقيق أهدافها، حتى إذا دخلت قوات النظام والميليشيات الشيعية، كما نفى لـ”نون بوست” القيادي في فيلق الشام أحمد الزعيم توقف العملية ضد القوات الكردية حتى بوجود النظام ودخوله المعركة.