صحيح أنه من الطبيعي أن تتأثر بقصة بلال بن رباح في بلد عربي مسلم، ولكن أن تتغير حياتك كلها بسبب بلال في نيويورك شيء آخر تمامًا! قصة بلال بن رباح ستقوم بتغيير مجموعة حياة أشخاص يعيشون في نيويورك، حياتهم أبعد مما تكون عن بلال بن رباح وأن تتغير بفعل شخص مات قبل أكثر من ألف عام.
ولكن لا شيء مستحيل في هذه الدنيا، ذات يوم يتغير كل شيء عن طريق إيميل يصل إلى أحدهم، هذه الرواية قصة ما حدث مع شخصيات الرواية بسبب بلال بن رباح، وما يمكن أن يحدث معك أنت كذلك.
ما هي قصة بلال؟
يحكي الكتاب قصة بلال، وهو طفل في الرابعة عشرة من عمره مصاب بمرض السرطان، في بداية المرض يسمع عن قصة لفيلم اسمه بلال، يصيبه نوع من الحماس لرؤية الفيلم وخاصة أنه يحمل اسمه، ولكن الأطباء يخبروه أنه لن يصمد لوقت عرض الفيلم، فيقرر بلال أن يراسل أمجد كاتب سيناريو الفيلم، ليطلب منه إذا كان في الإمكان، مشاهدته، كأمنية أخيرة له قبل أن يموت، ومن هنا يبدأ التغيير في حياة بلال والكاتب معًا.
رواية لا تملك إلا أن ترافقك الدهشة في ثناياها، رحلة ثلاثية الأبعاد ما بين الماضي والحاضر، والأمل والقوة للمستقبل، من الممكن أن تكون بطائرة، أو في مصعد المبنى المقيم به، أو في الطريق إلى العمل ولكن لا تشعر بأحد وأنت تقرأ، لا تندهش من نفسك إذا فاتتك محطتك التالية التي يجب أن تنزل فيها ونسيت وأنت تقرأ، ولا تندهش إذا دخلت المصعد حاملاً الكتاب ووجدت نفسك بعد أكثر من خمس دقائق في نفس الطابق لأنك نسيت أن تضغط الرقم الذي تريد، لا تقلق، صدقني أنت بخير، أنت فقط تقرأ شفيرة بلال للكاتب العراقي أحمد خيري العمري.
ولكن في البداية أي من الكتب عادة تحب أن تقرأ؟ سيرة أم رواية، لعله تاريخي؟ أم معاصر؟ ماذا لو أخبرتك أنك سوف تجد كل هذا في كتاب واحد؟
من المعروف حاليًّا أننا في عصر الحرية الشخصية وأن عصر العبودية قد ولى الآن، لا عبيد في عصرنا الحاليّ، ولكن عزيزي القارئ، هل أنت مقتنع بهذا الكلام ولا تظن أنه يوجد خلل؟ حسب معتقدي نحن ما زلنا عبيدًا، ولكن من نوع آخر.
هذه الرواية تأخذك إلى زمن بلال الحبشي، زمن الظلم والعبودية والجهل، وبنفس الوقت تعود بك إلى العصرية مع بلال النيويوركي، لتجعلك ترى كم أنهما متشابهان! سوف ترى من خلالها أننا ما زلنا عبيدًا بطريقة ما، وأن داخل كل شخص منا أمية يعذبنا، كما كان يعذب بلال بن رباح، وعلينا حقًا التخلص منه لنصبح أحرارًا.
حين قررت أنني سوف أبدأ بقراءة شيفرة بلال، رسمت في مخيلتي عدة أساليب من الممكن أن تسرد بها أحداث الرواية، ولكن بكل صدق لقد فاجأتني، لم تشبه أي شيء مما تخيلت وفكرت به.
يحكي الكتاب قصة بلال، وهو طفل في الرابعة عشرة من عمره مصاب بمرض السرطان، في بداية المرض يسمع عن قصة لفيلم اسمه بلال، يصيبه نوع من الحماس لرؤية الفيلم وخاصة أنه يحمل اسمه
بما أنها عن بلال بن رباح توقعت أنها ستكون سردًا عن أحداث تاريخية، أو حوار بين الشخصيات، لكنها كانت مختلفة تمامًا عن كل هذا، لقد كانت أسلوبًا جديدًا حقًا طريقة طرح الأفكار والأحداث بالرواية جدًا مشوقة، كل شخصية بالرواية لها استقلالها ولها مساحتها الخاصة لتعبر عما تعيش وتشعر به، وكما أنها تندمج مع باقي الشخصيات بشكل مثير وجميل جدًا، سوف تشعر للحظة أنهم موجودون حقًا، الرواية حية وتنبض بكل معنى الكلمة.
سترى الكثير من الجوانب التي لم ترها من قبل عن بلال بن برباح، أمية، صخرة بلال، سوف تكتشف للأسف أنهم ما زالوا موجودين بطريقة أو بأخرى وأننا ما زلنا نعاني بسببهم، وأنك لن تستطيع التخلص من كل هذا الألم والظلم إلا لتفك شيفرة بلال، رواية شيفرة بلال سوف تزيل الغشاوة عن عيناك وتخبرك كم أن بلال شخصية مهمة وملهمة وقوية.
لقد تفاجأت حقًا بالقوة التي استمديتها أنا من بلال شخصيًا وليس فقط أبطال الرواية، شيفرة بلال تقول لك كن أنت كما تريد، كما ترى نفسك، وليس كما يراك الناس، كن قويًا واحلم، تغلب على أمية الذي يستعبدك من سنين، تغلب على الأصنام التي بداخلك.
أحد.. أحد.. منها تستمد الإيمان، ذلك الإيمان الذي يحررك من خوفك، قيودك، ضعفك، أحد.. أحد.. هي الشيفرة التي أدخلت قائلها سجل التاريخ، أحد.. أحد هي الشيفرة التي تخصك وتخصني وتخصنا جميعًا من دون تمييز.. هي الشيفرة الصالحة لكل زمان ومكان.