لا يزال العالم العربي طريحًا لم يشهد أي خطوات متقدمة في محاربة الفساد والتقدم نحو الشفافية، رغم المرحلة الانتقالية التي مر بها بعد الثورات العربية التي قامت لأجل محاربة الفساد في السياق الأول وفشلت أو أفشلت في تحقيق مستوى أفضل من الشفافية.
وحصل العالم العربي حسب تقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2017 باسم مؤشر مدركات الفساد على تصنيف فاسد بالكامل ما عدا دولتين هما الإمارات وقطر.
وتعتبر منطقة دول جنوب الصحراء الأكثر فسادًا في العالم، تأتي بعدها المنطقة العربية كثاني منطقة في ارتفاع مؤشرات الفساد، فيما نيوزلندا الدولة الأكثر شفافية في العالم، والصومال الدولة الأكثر فسادًا في العالم.
عربيًا جاءت الإمارات في المرتبة الأولى تليها قطر، وتأتي السعودية في المرتبة الثالثة كدولة شبه فاسدة وكذلك اعتبرت المغرب دولة شبه فاسدة، وقد جاء في ذيل القائمة العالمية والعربية الصومال وسوريا واليمن والسودان وليبيا، والعراق بتصنيف عام فاسدة جدًا في حين جاءت مصر والبحرين والجزائر كدول فاسدة في التصنيف، أما فلسطين فلم يذكرها المؤشر.
الصحافة ومنظمات المجتمع المدني أهم محركات الشفافية
معلومات خطيرة كشفها تقرير الشفافية الدولي مستندًا إلى مؤشر لجنة حماية الصحفيين، حيث يقتل كل أسبوع صحفي في إحدى البلدان الأكثر فسادًا، في حين يلقى صحفي واحد حتفه من أصل خمسة صحفيين في أثناء تغطيتهم لخبر أو تحقيق يتعلق بالفساد دون أن تأخذ العدالة مجراها، وكان أكثر الصحفيين الذين قتلوا منذ عام 2012 في البلدان التي ينتشر فيها الفساد، فيما تبقى الجهود العربية في معظم دول العالم العربي متعثرة في محاربة الفساد، ولكن لماذا نظر التقرير للصحفيين ومنظمات المجتمع المدني بالذات؟ يفسر معدو التقرير التركيز على الصحفيين بصفتهم الأكثر جهدًا في كشف الفساد.
يعتمد التقرير على مؤشر مدركات الفساد الذي يصنف درجات ومراتب البلدان استنادًا إلى مدى الفساد في القطاع العام في كل بلد
وقد تراجعت مؤشرات معظم البلدان في مستويات حماية الصحافة والمنظمات غير الحكومية حيث تصدرت أعلى معدلات الفساد، وهنا يطرح تساؤل مهم: أين تذهب الأموال التي تتلقاها المنظمات غير الحكومية التي تمارس كثيرًا من أنشطتها بهدف محاربة الفساد والتوعية المجتمعية؟ ومن يسيطر على هذه المنظمات؟ وما الأهداف الحقيقية وراء عقد آلاف الدورات والندوات التكوينية شهريًا ضد الفساد ودعمًا للنزاهة في دول المنطقة العربية؟ وما الاتجاه العام الذي تخدمه الصحافة خصوصًا في العالم العربي، إن غاب دورها الرئيسي المتمثل في نقل صوت المواطن والرقابة على الأداء الحكومي.
وبالنسبة لمنظمات المجتمع المدني فقد أظهرت منظمة الشفافية بالاعتماد على مؤشرات المشروع العالمي للعدالة أن معظم البلدان التي حصلت على درجات ضعيفة في مستوى الحريات المدنية سجلت في المقابل درجات عالية من انتشار الفساد، مما يضعف قدرة هذه المنظمات على التأثير في السياسات العامة.
على ماذا اعتمد التقرير في مصادر معلوماته؟
يعتمد التقرير على مؤشر مدركات الفساد الذي يصنف درجات ومراتب البلدان استنادًا إلى مدى الفساد في القطاع العام في كل بلد، ويجمع المؤشر 13 دراسة مسحية وتقييمًا للفساد، بالاعتماد على مجموعات متخصصة من المؤسسات العالمية المرموقة.
وتعتمد مدركات مؤشر الفساد العام على مؤشرات دقيقة وهي الرشوة واختلاس المال العام والمحسوبية واستغلال المنصب العام وقدرة الحكومات على فرض مبدأ النزاعة وتخفيف البيروقراطية والروتينية في القطاع العام بما يزيد من الفساد وآلية التعيينات ومصير الكفاءات والملاحقة القضائية الجنائية الحقيقية للفاسدين وتوفير الحماية للصحفيين الناشطين في تقارير كشف الفساد وسن قوانين لحمايتهم ومحاسبة الفاسدين، وأخيرًا قدرة المجتمع المدني في الحصول على المعلومة والنفاذ إليها.