ترجمة وتحرير: نون بوست
يوم الأربعاء، وجّه النائب العام المصري، نبيل صادق، انتقادات لاذعة لوسائل الإعلام الأجنبية، واصفا إياها “بقوى الشر”؛ مشيرا إلى أنها توفر تغطية سلبية للأحداث في مصر. كما أصدر تعليمات لموظفيه تنص على اتخاذ إجراءات قانونية ضد بعض الوسائل الإعلامية، التي اعتبر أنها تُقوض أمن مصر.
في الواقع، تمثل تصريحات النائب العام نبيل صادق آخر تصعيد له بعد شنّه حملة صارمة ضد الحريات المدنية، قبل الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها خلال شهر آذار/ مارس، والتي أضحت مشحونة بالتوتر على الرغم من أن الرئيس عبد الفتاح السيسي لا يواجه منافسة حقيقية.
خلال تصريحاته الأخيرة، اتّهم النائب العام نبيل صادق وسائل الإعلام الأجنبية بنشر أخبار كاذبة ترمي إلى “زعزعة النظام العام في مصر وترويع المجتمع”. وقبل ذلك بيوم، دعت مصر إلى مقاطعة هيئة الإذاعة البريطانية بسبب بثّها فيلما وثائقيا، خلال الأسبوع الماضي، يُسلط الضوء على جرائم التعذيب والاختطاف غير القانونية التي ترتكبها قوات الأمن المصرية.
أما في مصر، ركّزت وسائل الإعلام المحلية على موجة الغضب التي تقودها الحكومة على هذا الفيلم الوثائقي. وعلى الرغم من أن الفيلم الوثائقي يحتوي على اتهامات تكشف ارتكاب انتهاكات تمّ توثيقها بالفعل من قبل جماعات حقوق الإنسان، إلا أن الحكومة اعتبرت ما ورد في الفيلم مُجردّ “دعاية” لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة.
حيال هذا الشأن، أفادت الهيئة العامة للاستعلامات، التي تراقب وسائل الإعلام الأجنبية، أن الفيلم الذي بثته هيئة الإذاعة البريطانية كان غير دقيق لأن الشابة التي ظهرت في الفيلم الوثائقي قد اعترفت في وقت لاحق لمحطة تلفزيونية محلية أنها لم تصب بأذى. ولكن يوم الثلاثاء، صرّحت والدتها أن ابنتها أُجبرت على تقديم إفادة كاذبة للمحطة المحلية. وبعد يوم، نُشرت أخبار حول اعتقال أم هذه الشابة. وعلى ضوء هذه الأحداث، أصدرت هيئة الإذاعة البريطانية بيانا أكدت فيه أنها “تدعم نزاهة فريقها الإعلامي”.
رغم تحديد موعد الانتخابات بين 26 و28 آذار/ مارس، إلا أنه يُنظر إليها على أنها مهزلة؛ لأن المرشح الوحيد أمام السيسي يُعد شخصية غير معروفة، فضلا عن أنه من داعمي السيسي منذ فترة قصيرة
في حين كان السيسي يعامل وسائل الإعلام المصرية بقسوة، حيث سجن العشرات من الصحافيين وحجب 500 موقع على الإنترنت، كان يتجنب معاملة الصحافة الأجنبية بهذه الحدة. ولكن يبدو أن ذلك تغيّر مع بداية حملة الانتخابات الرئاسية. فخلال شهر شباط/ فبراير، أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات عن سلسلة من القواعد التي تملي على الصحافيين طبيعة الأسئلة التي يجب عليهم طرحها على الناخبين، فضلا عن أنها تمنعهم من استخدام الصور وعناوين الأخبار غير المرتبطة بالموضوع، وتحظر عليهم نشر أي ملاحظات عن مجريات العملية الانتخابية.
في هذا السياق، أفاد المحامي الرائد والناشط في مجال حقوق الإنسان، جمال عيد، أن “هذه القواعد جعلتني أضحك، وأرعبتني في الوقت ذاته”، مبينا أن واضعي هذه الشروط قد جعلوها غامضة عن قصد كي “يتمكنوا من السماح لأصدقائهم بمعاقبة نقادهم”. “وفي الحقيقة، يبدو أن هذه القائمة مصممة خصيصا للإعلام الأجنبي”.
رغم تحديد موعد الانتخابات بين 26 و28 آذار/ مارس، إلا أنه يُنظر إليها على أنها مهزلة؛ لأن المرشح الوحيد أمام السيسي يُعد شخصية غير معروفة، فضلا عن أنه من داعمي السيسي منذ فترة قصيرة. في المقابل، لم يعط السيسي للمرشحين المحتملين فرصة للمشاركة. فقد تمّ تهميش أربعة مرشحين سواء من خلال تعرضهم للسجن أو تهديدهم بملاحقتهم قضائيا، حتى قبل أن يقدموا مطالب الترشح للانتخابات.
وجّه النائب العام المصري، انتقادات لاذعة لوسائل الإعلام الأجنبية، واصفا إياها “بقوى الشر”؛ مشيرا إلى أنها توفر تغطية سلبية للأحداث في مصر
في الرابع عشر من شهر شباط/ فبراير، اعتقلت السلطات عبد المنعم أبو الفتوح، الذي شارك في انتخابات سنة 2012، ما دفعه إلى العدول عن قرار المشاركة في الانتخابات الحالية. ويواجه أبو الفتوح، البالغ من العمر 66 سنة، الذي أيد بصفة علنية الدعوات التي تحث على مقاطعة الانتخابات، اتهامات بالتآمر لإحداث ثورة، فضلا عن وضعه على قائمة “الإرهابيين” الذين تربطهم علاقات مع جماعة الإخوان المسلمين.
خلال الأسبوع الماضي، حثت 14 منظمة حقوقية دولية حلفاء السيسي الأمريكيين والأوروبيين على التنديد بصفة علنية بالانتخابات المهزلة”، ولكن يبدو ذلك أمرا مستبعدا. فبمجرد أن أشاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالسيسي واصفا إياه “بالرجل الرائع”، تجنب السيسي الانتقادات التي كان يمكن أن يُوجهها إليه العديد من الحلفاء، الذين أصبحوا يعتبرونه حليفا قويا في منطقة ينتشر فيها التطرف والاضطرابات السياسية. ومن جانب آخر، أجرت عدة بلدان أوروبية مفاوضات مع مصر من أجل إبرام صفقات الأسلحة والطاقة خلال السنة الماضية.
كانت إحدى أفضل الفنانات في مصر ضحية للاعتداءات الدؤوبة على حرية التعبير، حيث أصدرت المحكمة المصرية حكما، يوم الثلاثاء، يقضي بسجن النجمة شيرين لمدة ستة أشهر بتهمة الإدلاء بتعليقات مهينة لكيان الدولة المصرية مفادها أن “نهر النيل قذر”
في عهد السيسي، كان الصحفيون يتعرضون للاعتقال بشكل منتظم. ونظرا لذلك، صنفت منظمة “مراسلون بلا حدود” مصر في المرتبة 161 من بين 180 دولة في مؤشر سنة 2017 للحرية الصحفية، إلا أن وتيرة الاعتقالات تسارعت في الأسابيع الماضية. وفي سياق متصل، أعربت لجنة حماية الصحفيين، التي تتخذ من نيويورك مقرا لها، عن قلقها تجاه ما تعرّض له مراسل هاف بوست عربي، معتز ودنان، الذي اعتُقل في 16 شباط/ فبراير، بعد أن نشر مقابلة مع ناقد بارز للسيسي.
في الرابع من شهر شباط/ فبراير، اعتُقل الصحفيان مصطفى الأعصر وحسن البنا أثناء طريقهما إلى العمل. ومنذ شهر أيار/ مايو من سنة 2017، حظرت مصر نحو 500 موقع إخباري، بما في ذلك موقع هاف بوست عربي والعديد من المواقع الإخبارية المستقلة القليلة المتبقية في البلاد.
إلى جانب ذلك، كانت إحدى أفضل الفنانات في مصر ضحية للاعتداءات الدؤوبة على حرية التعبير، حيث أصدرت المحكمة المصرية حكما، يوم الثلاثاء، يقضي بسجن النجمة شيرين لمدة ستة أشهر بتهمة الإدلاء بتعليقات مهينة لكيان الدولة المصرية مفادها أن “نهر النيل قذر”. لكن تجدر الإشارة إلى أن هذا الحكم ليس نهائيا، ومازالت المغنية تتمتع بحريتها بعد دفع كفالة.
المصدر: نيويورك تايمز