الأمم المتحدة تتهم إسرائيل بالتطهير العرقي

رغم انتقاء الأمم المتحدة والمنتمين إليها عادة لألفاظ ملطفة عند الحديث عن إسرائيل، قال مقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يوم أمس الجمعة أن “إسرائيل تقوم بتطهير عرقي عبر سعيها لإخراج الفلسطينيين من القدس الشرقية”، مشككا في نفس الوقت في جدية الحكومة الإسرائيلية في قبولها بقيام دولة فلسطينية.
وفي ظل تعثر محادثات السلام، تمضي سلطات الاحتلال الإسرائيلي يوما بعد يوما في مشاريع استيطانية تعلن عنها تباعا وتكون في معظم الأحيان أضخم من تلك التي سبقتها، مما يدمر عمليا كل المقومات التي يمكن أن تقوم عليها دولة فلسطينية على الشكل الذي تتبناه وتروج له الأمم المتحدة وأمريكا.
وفي ظل مضي إسرائيل في توسعها الاستيطاني داخل الضفة الغربية والقدس، يتحجج ساستها بـ”الرفض الفلسطيني للاعتراف بها كدولة يهودية” كعقبة في رئيسية لجهود السلام، مما جعل ريتشارد فالك مقرر الأمم المتحدة الخاص بشأن حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية يقول أن السياسات الإسرائيلية تحمل “سمات غير مقبولة للاستعمار والتمييز العنصري والتطهير العرقي”.
وأضاف فالك: “كل زيادة في توسيع المستوطنات أو كل واقعة هدم منازل ما هي إلا سبيل لتصعيب الوضع أمام الشعب الفلسطيني والحد من الآفاق التي يمكن أن تنفتح أمامه نتيجة مفاوضات السلام المفترضة”.
وعند إجابته على أسئلة الصحفيين، أكد فالك مرة أخرى استخدامه لمصطلح التطهير العرقي، مشيرا إلى أن “أكثر من 11 ألف فلسطيني فقدوا الحق في العيش بالقدس منذ عام 1996 بسبب ما فرضته إسرائيل من قوانين إقامة تميل لصالح اليهود وتبطل تصاريح الإقامة الفلسطينية”.
وتابع قائلا “الأحد عشر ألفا ما هم إلا قمة جبل الجليد لأن هناك عددا أكبر بكثير يواجه تحديات محتملة لحقوق الإقامة.”
وأضاف فالك، وهو خبير في القانون الدولي وأستاذ فخري بجامعة برينستون بالولايات المتحدة الأمريكية، أن هذه السياسات زادت من “تعقيد محنة هذا الاحتلال الممتد الطويل”، مؤكدا أن إسرائيل تبذل جهدا مستمرا “لتغيير التركيبة العرقية بالقدس الشرقية من خلال جعل إقامة الفلسطينيين هناك أكثر صعوبة بينما تشجع على انتشار المستوطنات التي تعتبر غير مشروعة بموجب القانون الدولي”.
وفي تقرير صدر الشهر الماضي قال فالك إن السياسات الإسرائيلية في الضفة الغربية تصل إلى حد “التمييز والفصل العنصري” من خلال الضم الفعلي لأجزاء من الضفة مما يحرم الفلسطينيين من حق تقرير المصير.
ولم يصدر من إسرائيل رد فعل على التصريحات التي أدلى بها فالك يوم الجمعة. كما قال مسؤولون بالأمم المتحدة في جنيف أن إسرائيل لم ترد رسميا على التقرير الذي رفعه فالك في فبراير شباط عبر رئيس مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وقال فالك للصحفيين إن نشاطا استيطانيا مكثفا يواكب عادة مفاوضات السلام المباشرة، وأن عملية السلام التي تتوسط فيها الولايات المتحدة تبدو في الأساس مشروعا لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي لم يتلق سوى “أدنى قدر من التأييد من أوباما نفسه”.
كما قال أن الدخول في مفاوضات في حد ذاته يعتبر “خيانة” في نظر فصائل وأحزاب سياسية إسرائيلية تقف إلى يمين حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مضيفا: “قبل عدة سنوات كان من الصعب تخيل أن هناك شيئا إلى يمين نتنياهو. لكن شيئا فشيئا أوجد هذا التوجه صوب اليمين اتجاها جديدا تماما للجدل السياسي داخل إسرائيل… هناك معارضة قوية داخل إسرائيل لأي شعور بأن الشعب الفلسطيني يستحق بأي قدر كان دولة خاصة به”.
ومن المقرر أن يلقي فالك – وهو يهود أمريكا- كلمة أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يوم الإثنين، مع العلم أن فترة عمله في منصبه هذا والتي امتدت ست سنوات قد انتهت، ومن المتوقع أن يعلن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عن خليفة له قريبا.
المصادر: نون بوست + رويترز