أورلا غيرين، أو الايرلاندية الموهوبة، التي كرست حياتها للعمل الصحفي في ميادين الحرب وخطوط المواجهة والتماس، زارت أكثر من 60 دولة من بينها اليمن والسعودية والعراق والاردن واسرائيل وتونس وليبيا. وعملت على تقريب المعلومة من الجمهور بكفاءة عالية رغم ما لاقته من صدّ من قبل العديد من الحكومات بعضهم طردها واتهمها البعض الآخر بتزييف الحقائق.
ولدت أورلا غيرين، في ماي 1966، في دبلن، بإيرلندا، وتعلمت في مدرسة تديرها الراهبات. وبعد دراستها الثانوية، انضمت إلى معهد دبلن للتكنولوجيا (ديت) وحصلت على شهادتها.
تأهلت كصحفية في عام 1985، كما حصلت أيضا على درجة الماجستير في الدراسات السينمائية من جامعة دبلن
بدأت حياتها المهنية، مع صحيفة “صانداي تريبيون”. وعملت في عام 1987، مع إذاعة آرت نيوز. وبعد ثلاث سنوات سافرت إلى أوروبا الشرقية وتنقلت إلى شرق ووسط أوروبا، والاتحاد السوفياتي السابق، كما غطت تفكك يوغوسلافيا، والحصار على العاصمة البوسنية، سراييفو.
طمحت غيرين للحصول على منصب سياسي، لتقرر في عام 1994، الاستقالة من عملها في آرت، والترشح لانتخابات البرلمان الأوروبي عن حزب العمال الأيرلندي، إلاّ أنها فشلت بالفوز بأي مقعد كما لم يتم اختيارها أيضا في مؤتمر الحزب.
في الأثناء توجهت للعمل مع “بي بي سي” منذ عام 1995، كمراسلة صحفية
أورلا غيرين: من أوروبا إلى الشرق الأوسط
قدمت خلال المرحلة الأولى من عملها بين سنتي 1996 و2000 تقارير منتظمة عن الصراع في كوسوفو حيث عملت مراسلة في جنوب أوروبا. وفي عام 1999 طردتها القوات الصربية من العاصمة الإقليمية بريشتينا في بداية القتال. وغطت من مقدونيا، محنة اللاجئين الفارين من الحدود. وعندما عادت إلى كوسوفو مرة أخرى، بعد سيطرة قوات الناتو، غطت عودة الآلاف من الذين الذين أجبروا على مغادرة منازلهم.
وفي شمال اسبانيا تناولت أورلا الأحداث المتعلقة بالصراع في ” إقليم الباسك”. وكشفت حقيقة وقف إطلاق النار من قبل جماعة ايتا الانفصالية الباسكية فى اكتوبر عام 1998.
وتم ترشيح فيلمها الوثائقي عن إيتا لبرنامج مراسلي بي بي سي للحصول على جائزة “بافتا”. عينت غيرين كمراسل لـ”بي بي سي” في القدس في يناير 2001. وفي مطلع نيسان / أبريل 2002، قدمت هيئة الإذاعة البريطانية شكوى رسمية إلى الحكومة الإسرائيلية بعد أن أطلق الجنود الإسرائيليون النار باتجاه غيرين وفريقها، مما أجبرهم على الاختباء، بينما كانوا يسجلون مظاهرة سلمية في بيت لحم في الضفة الغربية.
وبعد عامين تقريبا، كتبت الحكومة الإسرائيلية مراسلة إلى هيئة الإذاعة البريطانية اتهمتها بـ”التحيز ضد إسرائيل” في تقرير عن مهاجم انتحاري.
كما غطّت خلال المدة التي قضتها في الشرق الأوسط، من 2000-2005، وفاة الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات والانسحاب الإسرائيلي من مستوطنات غزة.
وتمّ تغيير أورلا بمراسلة أخرى في القدس، فيما انتقلت إلى أفريقيا، في جوهانسبرغ، في يناير / كانون الثاني 2006. وقد لاقى قرار نقلها انتقادات كبيرة، في الأثناء، قال المدير العام السابق لهيئة الإذاعة البريطانية غريغ ديك آن ذاك “ليس لدي أي شك في أن قرار هيئة الإذاعة البريطانية بسحب مراسلتها في الشرق الأوسط أورلا غيرين من المنطقة وإرسالها إلى جنوب أفريقيا كان جزءا من التناوب العادي لمراسلي الأنباء في جميع أنحاء العالم”.
وخلال عملها كمراسلة في أفريقيا، 2006-2008، غطّت، الصحفية الايرلاندية، مناطق النزاع بما في ذلك دارفور وجمهورية الكونغو الديمقراطية وزمبابوي، التي دخلت إليها بشكل سريّ.
وقبل أن تنتقل إلى القاهرة، أمضت أربع سنوات في باكستان، أرسلت خلالها تقارير عن التفجيرات الانتحارية والعنف الطائفي وإطلاق النار على ملالا يوسفزاي ومعركة تعليم الفتيات.
مؤخرا، أنجزت أورلا فيلما وثائقيا بعنوان “سحق المعارضة في مصر”، وصفت خلاله بشاعة نظام السيسي، من اعتقالات وتعذيب داخل السجون وانتهاك حقوق الإنسان.
واحدث هذا الوثائقي جدلا واسعا، بعد أن أصدر المدعي العام المصري بيانا أمر فيه السلطات باتخاذ إجراءات قانونية ضد وسائل الإعلام التي “تبث أخبارا أو بيانات أو إشاعات كاذبة”. يأتي ذلك بعد دعوة الهيئة العامة للاستعلامات في مصر لمقاطعة قناة “بي بي سي” بعد بثها للوثائقي.
من جانبها نشرت أورلا، تغريدة قالت فيها “لقد اتصلنا بالسلطات في مصر بشكل متكرر للردّ على مزاعم التعذيب والاختفاء القسري وانتهاكات حقوق الإنسان الواسعة النطاق (التي نكرت جميعها في الماضي). لكنهم رفضوا لقاءنا”.
We approached the authorities in Egypt – repeatedly -for a response to allegations of torture, enforced disappearances and widespread human rights abuses ( all of which they have denied in the past). They would not give us an interview #Sisi #Repression #CrushingDissent
— Orla Guerin (@OrlaGuerin) ٢٢ فبراير، ٢٠١٨
في الأثناء أكدت “بي بي سي” في نص نشرته على موقعها أنها “تساند مصداقية العمل الصحفي لفرقها”، مضيفة أنها “ستناقش الشكوى بشأن الوثائقي مع السلطات المصرية في الأيام المقبلة”.
الجوائز والتكريمات
منحت غيرين، جائزة جاكوب الأولى في عام 1992، باعتبارها أصغر مراسل أجنبي في أوروبا الشرقية، في ذلك الوقت. وحصلت مراسلة بي بي سي في عام 2002 على شهادة الدكتوراة الفخرية من جامعة إسكس.
وفي عام 2003، حصلت على جائزة الأخبار والوقائع من قبل النساء في السينما والتلفزيون في المملكة المتحدة، كما تم تكريمها من قبل جامعة كوينز بلفاست وجامعة أولستر، وفازت بجائزة مذيع العام من نادي لندن للصحافة. يذكر أن أورلا غيرين متزوجة منذ سنة 2003، من مايكل جورجي، وهو مراسل لوكالة رويترز في الشرق الأوسط.
المصدر: مجلة ميم