ترجمة وتحرير نون بوست
كانت قرية قصرة في الضفة الغربية مشتعلة عندما وصلتُ إليها؛ حيث كانت سحب الدخان الأسود تتصاعد من حقل أشعل فيه مستوطنون إسرائيليون هائجون النار وأضرموا النار في منازل الفلسطينيين ومركباتهم، بحسب سكان قصرة.
وقال عبد المجيد حسن: “نتوقع هجوم المستوطنين في أي لحظة”، وعبد المجيد هو مزارع في السبعينيات من عمره، وقد أراني الأرض السوداء مكان سيارته التي أحرقها المستوطنون، وهي آخر سيارة من أربع سيارات تعود ملكيتها لعائلته قال إن المستوطنين دمروها.
وقد قُتل ستة من سكان هذه القرية في مثل هذه الهجمات منذ تشرين الأول/أكتوبر، عندما ردت الحكومة الإسرائيلية على هجوم حماس من غزة بفرض حكم أشد قسوة بكثير في الضفة الغربية – من خلال مزيد من نقاط التفتيش، ومزيد من المداهمات، ومزيد من المستوطنات الإسرائيلية – ومُنح المستوطنون المسلحون حرية أكبر في مهاجمة المزارعين الفلسطينيين، والنتيجة هي اليأس والغضب الذي يتوقع كل الفلسطينيين الذين تحدثتُ إليهم أن يفضي إلى انتفاضة دموية.
التقيتُ بعبد المجيد هنا في سنة 2015 خلال إحدى رحلاتي العديدة إلى “إسرائيل” والأراضي الفلسطينية على مدار السنوات الماضية، وعلى الرغم من تعرضه لاعتداءات متكررة من قبل المستوطنين الطامعين في أرضه، إلا أنه كان يعتقد حينها أنه يستطيع التمسك بمزرعة عائلته.
أما الآن فإنه ليس متأكدًا من ذلك؛ فزوجته تلح عليه بضرورة التخلي عن منزلهم خوفًا من أن يقوم المستوطنون بحرقه، فيما قامت العائلة بتركيب سواتر حديدية ثقيلة ومصاريع للنوافذ بعد أن قام المستوطنون بتحطيم جميع النوافذ، ولكن المستوطنين حاولوا هذا الشهر اقتحام المنزل أثناء زيارة حفيدته له، لذا فهو يطلب الآن من أحفاده عدم زيارته، ويقف هو أو ابنه للحراسة طوال الليل في كل ليلة، وقبل أيام قليلة من زيارتي، قال حسن إن المستوطنين أضرموا النار في حظيرته وأغنامه بداخلها، فركض حسن وأطفأ النار بينما كان المستوطنون يرشقونه بالحجارة، وقال: “كانت الحجارة تتساقط على رأسي كالمطر”، وأكد آخرون في القرية روايته.
هذه هي حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية اليوم.
تشهد بعض الأماكن حول العالم قمعًا وقتلًا أسوأ بكثير، بما في ذلك في الدول العربية مثل السودان وسوريا واليمن، ولا تلفت الانتباه أو الاحتجاج بنفس الدرجة، لكن ما تصفه منظمة العفو الدولية بـ”عنف المستوطنين المدعوم من الدولة” في “إسرائيل”، يتم تنفيذه بالأسلحة الأمريكية المقدمة ل”إسرائيل”، فعندما يقوم المستوطنون المسلحون بإرهاب الفلسطينيين وإجبارهم على ترك أراضيهم – كما حدث لـ18 تجمعًا سكانياً منذ تشرين الأول/أكتوبر – فإنهم يحملون أحيانًا بنادق أمريكية من طراز M16، وأحيانًا ترافقهم القوات الإسرائيلية.
ومع احتمال انتهاء “إسرائيل” من المرحلة الأكثر كثافة في حربها على غزة، فإنه يجب أن نولي اهتمامًا أكبر بكثير للأزمة المتصاعدة في الضفة الغربية الأكثر اكتظاظًا بالسكان؛ حيث تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن 536 فلسطينيًّا، من بينهم 130 طفلًا، قُتلوا في الضفة الغربية على يد القوات الإسرائيلية أو المستوطنين الإسرائيليين في الأشهر الثمانية الماضية، وخلال نفس الفترة، قُتل سبعة جنود إسرائيليين وخمسة مستوطنين على يد فلسطينيين في الضفة الغربية.
إن إحدى طرق التفكير في الأمر هي أن حوالي 60 فلسطينيًا في المتوسط قُتلوا في الضفة الغربية في كل شهر منذ أوائل تشرين الأول/أكتوبر – وهذا في منطقة تعيش في سلام اسميًّا – أي ستة أضعاف وتيرة مقتل الجنود الأمريكيين في المتوسط خلال الحرب في أفغانستان.
وقد يزداد الوضع سوءًا، فقد حذّر عبد المجيد من أن الضفة الغربية تغلي بالكثير من الإحباط لدرجة أن “هناك انفجار كبير قادم”، وتنبأ آخرون بأن هذا لن يكون تمردًا منظمًا بل انتفاضة عفوية، وربما تتفاقم بسبب الانهيار المحتمل للسلطة الفلسطينية.
“هناك حرب في غزة، لكن الحرب الكبرى ستكون هنا في الضفة الغربية”؛ هذا ما قاله لي معمر عرابي، المدير الإداري لمؤسسة إخبارية في الضفة الغربية تدعى “وطن”؛ حيث يعيش في الضفة الغربية – بما فيها القدس الشرقية – ثلاثة ملايين فلسطيني و720 ألف مستوطن يهودي.
على مر التاريخ لم يكن لدى الفلسطينيين سوى القليل من الأسلحة النارية، ولكن هذا الأمر آخذ في التغير؛ حيث يتم تهريب الأسلحة العسكرية إلى الضفة الغربية، ومعظمها من إسرائيل على ما يبدو، ويتم بيعها في السوق السوداء. وقد أخبرني أحد الشباب الفلسطينيين: “الناس يعتقدون أن الطريق الوحيد المتبقي هو المقاومة المسلحة”.
يستمر المتطرفون في الحكومة الإسرائيلية، فعندما اجتاح المستوطنون قرية برقة الزراعية في الضفة الغربية الصيف الماضي وقتلوا بالرصاص شابًا يبلغ من العمر 19 سنة، وصفت وزارة الخارجية الأمريكية ذلك بأنه “هجوم إرهابي من قبل مستوطنين إسرائيليين متطرفين”، لكن وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف، إيتمار بن غفير، اقترح أن القاتل “يجب أن يحصل على وسام شرف”.
لكن الفلسطينيين الأكبر سنًا مثل عبد المجيد غالبًا ما لا يحبذون المواجهة، فقد سألتُه ما الذي يفعله عندما يقطع المستوطنون الأشجار في بستان الزيتون الخاص به بشكل دوري، فابتسم بحزن، وقال: “أعيد زراعتها”، وأضاف: “أبذل قصارى جهدي لتهدئة هذا الجيل الجديد، ولكنني أخشى أن يأتي يوم لا يستمعون فيه إليّ بعده”.
قابلتُ هذا الوضع بشكل متكرر؛ فعبد الحكيم وادي، البالغ من العمر 53 سنة، يدعوا إلى الصبر حتى بعد أن قُتل شقيقه الكيميائي وابن أخيه المحامي، بالرصاص أثناء تشييع جنازة أربعة آخرين من أهالي قصرة الذين قُتلوا في اليوم السابق، وقال لي عبد الحكيم: “كنا نمنع الشباب من فعل أي شيء”، لكن ابنه عمر البالغ من العمر 18 سنة، يعتقد أن والده واهم؛ حيث قال لي عمر: “لقد فقدتُ الأمل”، وقال إن الشيء الوحيد الذي يفهمه الإسرائيليون هو القوة، فيما قال لي والده: “لم نعد نتحدث بهذه المواضيع، لأنه يقول: “جيلكم قد دمر حياتنا””.
يؤمن هاني عودة بالسلام، وهاني يبلغ من العمر 70 سنة، ويشغل منصب رئيس بلدية قصرة، قال لي: “من المستحيل أن يتخلصوا من جميع الفلسطينيين، ومن المستحيل أن نتخلص من جميع الإسرائيليين. الحل الوحيد هو أن نعيش جنبًا إلى جنب”، ولكن يبدو أن الأمل قد انطفأ داخله، فقد أراد أن يريني بساتينه، فأخذني إلى طريق وأشار إلى أرضه التي لم يعد بإمكانه أن يطأها، وقال: “إذا تجاوزنا هذا الطريق، فقد نتعرض لإطلاق النار أو الاعتقال”، ثم أخذني إلى القاعة المجتمعية التي بنيت بأموال المساعدات الألمانية ولكنها الآن محترقة وغير صالحة للاستخدام، وقال عودة إن حوالي 200 مستوطن أضرموا النار فيها هذا الربيع، كما أحرقوا أيضًا ستة منازل وحافلة، وأضاف محذرًا: “الآن نحن مقبلون على أيام رهيبة مع الكثير من سفك الدماء”.
لا أعرف كيف يمكنني تقييم المخاطر هنا، فأنا أرى غضبًا عارمًا وإحباطًا عميقًا في أوساط الفلسطينيين في الضفة الغربية، ولكنني أرى أيضًا خوفًا كبيرًا وإدراكًا بأن الانتفاضة قد تكون انتحارية، فكثيرًا ما سمعتُ على مر العقود تنبؤات بانتفاضات لم تتحقق أبدًا، بينما اندلعت انتفاضات أخرى، مثل حركتي ميدان تيانانمن أو الربيع العربي، دون سابق إنذار.
لكن ما هو واضح للغاية هنا هو تدهور الحرية والرفاهية في الضفة الغربية منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، فقد يبدو القمع المتزايد انتهازيًّا في جزء منه – الاستيلاء على الأراضي – ولكنه أيضًا يتشكل من خلال التصميم على أن “إسرائيل” لن تكون عرضة للهجمات مرة أخرى.
والإسرائيليون لديهم سبب مشروع للخوف بالفعل، فالفلسطينيون يرشقون المستوطنين بالحجارة ويقتلونهم أو يصيبونهم بجروح في بعض الأحيان، وفي حين أن متوسط عدد المستوطنين الذين قُتلوا أقل من مستوطن واحد في الشهر منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، إلا أن ذلك يرجع جزئيًّا إلى أن المستوطنين لديهم بنادق وجدران عالية وجنود يحمونهم، فيما تُظهر استطلاعات الرأي تأييدًا متزايدًا لحركة حماس في الضفة الغربية، ويستنتج العديد من الإسرائيليين أن بقاءهم يعتمد على سحق الفلسطينيين وليس الثقة بهم.
ويبلغ عدد سكان قرية قصرة حوالي 5000 نسمة، بينما يبلغ عدد سكان مستوطنة مجداليم اليهودية القريبة حوالي 600 نسمة. وقد أخبرني أحد سكان قصرة الغاضبين أن الأمر قد يتطلب 2000 مهاجم فلسطيني، لكن من المحتمل أن يتمكنوا من اجتياح مجداليم إذا وصل الأمر إلى ذلك. لذلك يحق لمستوطني مجداليم أن يشعروا بالتوتر، ولكن من الصحيح أيضًا أن المستوطنين يستحقون الكراهية الموجهة إليهم.
ولم يستجيب المستوطنون في مجداليم لطلباتي للتعليق، لكن شموئيل جونغر، الذي يعمل مع منظمة تدعم المستوطنات، قال في رسالة بالبريد الإلكتروني إن أهل قصرة هم الذين هاجموا مجداليم وليس العكس.
وتساءل جونغر: “بعد كل ما شهدناه في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، هل لا تزال تعتقد أنه لا ينبغي للإسرائيليين أن يفعلوا كل ما في وسعهم لحماية منازلهم؟”.
ويعكس هذا الموقف التماثل المأساوي في الشرق الأوسط اليوم؛ حيث يتفق الإسرائيليون والفلسطينيون إلى حد كبير على نقطة واحدة فقط: الطرف الآخر غير جدير بالثقة وغير إنساني وغير شرعي ومتطرف. لكن العنصر الأخير في هذا التماثل هو أن كل منهما ينكر وجود أي تماثل على الإطلاق.
ويتفاقم الغضب بشأن سرقة الأراضي وعنف المستوطنين بسبب الأزمة الاقتصادية المتزايدة؛ حيث يقدر البنك الدولي أن حوالي 300,000 شخص في الضفة الغربية فقدوا وظائفهم منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
وقد تفاقمت الصعوبات الاقتصادية في شهر أيار/ مايو عندما بدأ الوزير اليميني الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش باقتطاع عائدات الضرائب الفلسطينية من السلطة الفلسطينية، إلى جانب الإجراءات المالية العقابية الأخرى التي اتخذتها “إسرائيل”، وهناك مخاوف متزايدة من انهيار السلطة الفلسطينية، لكن سموتريتش غير قلق؛ فقد ورد عنه قوله: “إذا تسبب ذلك في انهيار السلطة الفلسطينية، فليحدث ذلك”.
في المقابل، تشعر إدارة بايدن بالقلق؛ فقد قال ماثيو ميلر، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية: “إذا رأيت انهيار السلطة الفلسطينية وانتشار عدم الاستقرار في جميع أنحاء الضفة الغربية؛ فهذه ليست مشكلة للفلسطينيين فقط. إنه أيضًا تهديد أمني هائل لدولة إسرائيل”.
وكانت هناك تقارير يوم الجمعة تفيد بأن سموتريتش وافق مبدئيًا على الإفراج عن بعض الأموال للسلطة الفلسطينية مقابل تعزيز المستوطنات الإسرائيلية. ومع ذلك، لم يكن هناك إعلان رسمي يشير إلى ذلك.
إذا انهارت السلطة الفلسطينية؛ فلن تكون قوات الأمن التابعة لها موجودة لجمع المعلومات الاستخباراتية عن التهديدات ومنع الهجمات، وليس من الواضح ما الذي سيحدث لأسلحتهم.
لقد دعا الرئيس بايدن وقادة دول مجموعة الدول السبع الأخرى هذا الشهر “إسرائيل” إلى الإفراج عن أموال الضرائب. وقال القادة في بيانهم: “يجب أن تتوقف الأعمال التي تضعف السلطة الفلسطينية”.
ويعتقد الفلسطينيون أن اليمين الإسرائيلي يرغب في إثارة انفجار العنف واستخدامه كذريعة للتطهير العرقي.
من جهتي، أعتقد أن التفسير الأبسط هو الأرجح: إن “إسرائيل” تتصرف مرة أخرى بقصر نظر، ضد مصالحها الأمنية. وأقتبس هنا ما قاله وزير الخارجية الإسرائيلي السابق أبا إيبان عن الفلسطينيين، وهو أن اليمين الإسرائيلي “لا يفوت فرصة لتفويت فرصة”.
إن سياسة معالجة الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني معقدة للغاية، مع وجود مساحة لا حصر لها من الفوارق الدقيقة. لقد ركّزتُ هنا على البعد الأمني؛ لأنني أعتقد أن إقامة دولة فلسطينية من مصلحة الولايات المتحدة و”إسرائيل”. ولكن لا بد من قول شيء آخر: إن الاستيلاء على أراضي الغير واحتلالها خطأ، وهو ليس خطأ بطريقة معقدة وموزونة بدقة؛ بل هو ببساطة خطأ بشكل مباشر.
لقد تحدثت إدارة بايدن علنًا ضد الانتهاكات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وفرضت عقوبات مالية على بعض المستوطنين العنيفين وحجبت تسليم آلاف البنادق من طراز إم16؛ خوفًا من تسليمها للمستوطنين. وهذه الخطوات مفيدة ولكنها غير كافية؛ حيث لم يستجب بايدن بحزم حتى عندما أعلنت “إسرائيل” في آذار/ مارس عن واحدة من أكبر عمليات الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية منذ اتفاقات أوسلو سنة 1993.
أخشى أن رفض بايدن الوقوف بحزم أكبر في وجه بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي – سواء في غزة أو الضفة الغربية – يتيح المزيد من التطرف ويزيد من خطر وقوع كارثة.
والمسؤولون الإسرائيليون محقون في يأسهم من عدم وجود قيادة فلسطينية ذات مصداقية، ولكن هناك خطوة يمكنهم اتخاذها لمعالجة ذلك؛ حيث يمكن لـ “إسرائيل” إطلاق سراح مروان البرغوثي، الزعيم الفلسطيني الأكثر شعبية، من السجن. فقد أمضى البرغوثي أكثر من عقدين في السجن بتهمة قتل إسرائيليين، وتعتبره “إسرائيل” إرهابيًا، لكنه يؤيد حل الدولتين ولديه ما يكفي من الشرعية التي تجعله قادرًا على التوصل إلى اتفاق سلام. ونتيجة لذلك؛ يفضل بعض المعلقين الإسرائيليين الجادين إطلاق سراحه؛ فقد كتب ألون ليئيل، المدير العام السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية: “إنه الوحيد القادر على تخليصنا من المستنقع الذي نحن فيه”.
ويجب على الولايات المتحدة أن تضغط من أجل إطلاق سراح البرغوثي وأن تضغط أيضًا على “إسرائيل” بقوة أكبر لتضييق الخناق على المستوطنات غير القانونية وبلطجة المستوطنين. ولنفس السبب الذي يجعلنا نعارض الإرهاب الفلسطيني، يجب أن نقف ضد الإرهاب الإسرائيلي.
وأعتقد أن منتقدي “إسرائيل” يبالغون في استخدام مصطلح “الفصل العنصري”؛ لأن المواطنين العرب والدروز في “إسرائيل” جلسوا في الكنيست، وشغلوا مناصب وزارية، وفي سنة 2007، شغلوا منصب القائم بأعمال الرئيس لفترة وجيزة. لكن الضفة الغربية؟ نعم، هذا فصل عنصري.
وتقول منظمة بتسيلم الإسرائيلية لحقوق الإنسان: “المنطقة الواقعة بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن بأكملها منظمة تحت مبدأ واحد: تعزيز وترسيخ تفوق مجموعة واحدة – اليهود – على مجموعة أخرى – الفلسطينيين”.
وقال عامي أيالون، الرئيس السابق لجهاز الأمن العام الإسرائيلي (شين بيت) للصحفية كريستيان أمانبور: “إن الاحتلال سامٌّ بالنسبة للإسرائيليين كما هو سامٌّ بالنسبة للفلسطينيين. نحن نفقد هويتنا كشعب، كيهود وكبشر”.
يجب أن يدعو الأمريكيون “إسرائيل” لكي تمنح الفلسطينيين في الضفة الغربية نفس الحقوق – بما في ذلك حقوق التصويت – التي تمنحها للمستوطنين في الضفة الغربية، فهذه طريقة لتذكير “إسرائيل” بأنها لا تستطيع ببساطة احتلال الأرض عقدًا بعد عقد من الزمن.
إن الولايات المتحدة بالفعل في خضم الصراع في الضفة الغربية، فالعديد من المستوطنين يحملون لهجات أمريكية ويستمدون الدعم المالي من المانحين في الولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه؛ فإن بعض فلسطينيي الضفة الغربية على الجانب الآخر من السياج يحملون أيضًا لهجات أمريكية.
وقال صايل كنعان، وهو مهندس عاش في نيوجيرسي لمدة اثني عشر سنة وهو الآن رئيس بلدية برقة: “أنا مواطن أمريكي، ولكن إذا هاجموني هنا، ماذا يمكنني أن أفعل؟ يمكنهم كسر بوابتي، ويمكنهم قتلي”.
ووضع كنعان جدارًا عاليًا حول منزله لحمايته من المستوطنين (تمامًا كما وضع المستوطنون جدرانًا عالية حول منازلهم للحماية من الفلسطينيين)، لكنه يقول إنه لا يزال يخشى على نفسه وعلى ابنه، وهو طبيب يحمل الجنسية الأمريكية أيضًا. وقال إن المستوطنين أحرقوا مؤخرًا بستان الزيتون الذي يملكه كنعان ودمروا سيارتين له في وقت سابق. وأضاف: “أنا أحب أمريكا كأرض للفرص، ولكن سياستها الخارجية”؟، ثم توقف قليلاً وأضاف: “لدي الكثير من الأسئلة حولها”.
وكذلك ينبغي لنا جميعًا.
المصدر: نيويورك تايمز