يبدو أن جمهورية مصر العربية، قد حققت أخيراً تقدماً إيجابياً في ملف مفاوضات صفقة تبادل الأسرى المعقد، بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، والجانب الإسرائيلي، بعد مشاورات صعبة وشائكة جرت في القاهرة بين الطرفين بصورة سرية.
مصر التي لم تنجح حتى اللحظة في إتمام المصالحة الفلسطينية الداخلية بين حركتي “فتح” و”حماس”، أرادت أن تُغير بوصلتها وتتجه شيء آخر قد يرضي الجانب الإسرائيلي خاصة بعد حصرها على إقامة علاقة سياسية واقتصادية وأمنية مع الاحتلال، وقد تكون إتمام “صفقة التبادل” المفتاح للفرج الذي تتمناه مع “إسرائيل”.
وخلال فترة تواجد وفد حركة “حماس” بالقاهرة برئاسة رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، حاولت القاهرة الضغط على الحركة لحلحلة ملف “صفة التبادل” وإيجاد نقطة تقاطع مع “إسرائيل” تساعد في إتمام الصفقة وإنجازها على غرار صفقة “جلعاد شاليط” التي تمت عام 2001.
تقدم جوهري
“نون بوست”، كشفت نقلاً عن مصادر مصرية مطلعة، أن القاهرة قد نجحت في فتح باب صغير لعقد مفاوضات جديدة ومنفصلة بين “حماس” و”إسرائيل” لتحريك الصفقة بعد جمود استمر لأكثر من أربع سنوات متواصلة، منذ انتهاء الحرب على غزة 2014.
وذكرت أن القاهرة حصلت على ضوء أخضر من حركة “حماس” للوساطة بهذا الملف، والتشاور مع الجانب “الإسرائيلي”، لتحديد شروط من الطرفين والبدء بمناقشتها خلال لقاءات سرية تجري في العاصمة المصرية، وبعيدة كل البعد عن أعين وسائل الإعلام والصحافة لضمان نجاحها.
وقالت المصادر المصرية، إن “القاهرة لا يمكن وحدها أن تنجز هذه الصفقة المعقدة، لذلك هي طالبت من ألمانيا المساعدة فيها، حتى تستطيع إحراز تقدم جوهري وهام خلال فترة وجيزة، خاصة أن شروط “حماس” لإتمام الصفقة واضحة وعلى الاحتلال فقط الاستجابة لها”.
أعاد الاحتلال اعتقال عدد من محرري صفقة وفاء الأحرار التي تمت عام 2011، وأفرج بموجبها عن ألف أسير من ذوي الأحكام العالية مقابل إطلاق سراح الجندي شاليط
وذكرت صحيفة “الأخبار” اللبنانية (السبت)، بأن حركة “حماس” رفضت طلباً لرئيس المخابرات المصرية للكشف عن تفاصيل حول الجنود “الإسرائيليين” الأسرى لدى “حماس”. ووفقا للصحيفة فحماس أبلغت مصر بأن أي تحرك بما يتعلق بصفة تبادل أسرى مع “إسرائيل” يجب أولا أن يتم إلزام “إسرائيل” بتطبيق بنود صفقة شاليط في عام 2011.
وتشترط كتائب القسام الذراع العسكري لحركة “حماس”، إطلاق محرري صفقة “شاليط” الذين أعادت “إسرائيل” اعتقالهم، قبل بدء أي مفاوضات لصفقة تبادل أو كشف معلومات عن مصير الجنود الذين وقعوا في الأسر لديها خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة.
وأعاد الاحتلال اعتقال عدد من محرري صفقة وفاء الأحرار التي تمت عام 2011، وأفرج بموجبها عن ألف أسير من ذوي الأحكام العالية مقابل إطلاق سراح الجندي شاليط الذي أسر من على حدود قطاع غزة صيف 2006.
وهنا يقول الكاتب الصحفي المختص بالشأن الإسرائيلي نظير مجلي، إن “المحادثات التي جرت في القاهرة بين المخابرات المصرية و”حماس” تطرقت إلى ملف الجنود الإسرائيليين بصفته مرتبطاً بالحصار المفروض على القطاع”، مبينا أن المؤشرات تقول أن هناك تقدم في هذا الملف الذي تتوسط فيه عدة أطراف بينها مصر وقطر”.
ويضيف مجلي: “الملاحظ أنه يوجد بعض العقبات في هذا الملف بسبب تمسك كل طرف بشروطه”، مشيرا إلى أن التصريحات التي جاءت على لسان وزير جيش الاحتلال وقال فيها إن “مفاوضات سرية تجري بهذا الشأن، ما هي إلا تصريحات لتهدئة عائلات الجنود التي تشعر أن مسألتها مركونة على الهامش”.
ذكر موقع صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن الرئيس الألماني “فرانك فالتر شتاينماير”، أعلن أنه سيطلب من أجهزة المخابرات في البلاد، الاتصال بقيادة حركة “حماس” في غزة، وبحث ما إذا كان بإمكانه تعزيز حلول لإعادة الجنود الإسرائيليين
وحول دور مصر، أوضح مجلي أنها “تنظر لموضوع الصفقة ليس بشكل منفصل إنما من منطلق رؤيتها لحلحلة الأوضاع المأساوية في غزة، خصوصا أن إسرائيل تربط كثيرا بين تخفيف الحصار وموضوع الصفقة”.
وفي الأسبوع الماضي، قال وزير الجيش الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، إن حكومته تجري اتصالات سرية من خلف الكواليس، بهدف إعادة الجنود في قطاع غزة منذ عام 2014.
ماذا ستقدم ألمانيا؟
وفي ذات السياق، قالت مصادر إسرائيلية، إن “ألمانيا تنوي التوسط في قضية الأسرى بين حركة “حماس” و”إسرائيل”، سعيا للتوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى بين الطرفين، وللمخابرات الألمانية باع طويل في إبرام صفقات تبادل الأسرى بعد إسهاماتها في التوصل إلى صفقات بين “إسرائيل” ولبنان.
وذكر موقع صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن الرئيس الألماني “فرانك فالتر شتاينماير”، أعلن أنه سيطلب من أجهزة المخابرات في البلاد، الاتصال بقيادة حركة “حماس” في غزة، وبحث ما إذا كان بإمكانه تعزيز حلول لإعادة الجنود الإسرائيليين “هدار غولدن وآرون شاؤول والإسرائيليين فراهام منجيستو وجمعة أبو غنيمة وهشام السيد” الذين تأسرهم الحركة.
وأضافت “يديعوت”، أن شتاينماير أبدى استعداد بلاده لصفقة تبادل للأسرى، خلال مراسم افتتاح موقع تذكاري بمخبأ “فالينتين” في مدينة بريمن لذكرى 1400 قتيل بعضهم من اليهود كانوا يعملون هناك خلال الحرب العالمية الثانية في ظل ظروف لبناء الغواصات للنظام النازي.
وذكر الموقع أن عزم الرئيس الألماني شتاينماير لرعايته هذا الأمر جاء بعد طلب مرسل من عائلة شاول وغولدن، للمساعدة في الضغط على حماس لإعادة الجنود.
محمود الزهار القيادي في حركة حماس قال إن “الحديث عن مفاوضات حقيقية لعقد صفقة تبادل مبكر جداً”
وأوضح شتاينماير أن مساهمة ألمانيا يمكن أن تقدم على مستوى الاستخبارات وخلف الكواليس، ووعد باستشارة رجال المخابرات الألمان الذين توسطوا في الماضي بمعاملات إعادة الأسرى بين “إسرائيل” وحزب الله وطلب الحصول على المواد المتعلقة بهذه المسألة.
وفي السياق، شدد القيادي البارز في حركة “حماس” محمود الزهار على أن المقاومة الفلسطينية لن تخضع للمحاولات التي يفرضها الاحتلال من خلال الحديث عن صفقة تبادل للأسرى، مشيراً إلى أن المقاومة حققت ما تريد من خلال انجاز صفقة “وفاء الأحرار” 2011 في نهاية المطاف.
وأشار إلى أن قرار انجاز صفقة التبادل في المحصلة النهائية ليس في يد ليبرمان ومن الواضح أن قرار الحكومة الإسرائيلية يختلف عن موقف ليبرمان، وقال: “إذا كان هناك رغبة إسرائيلية فستنجز صفقة التبادل، ولا نقبل بأي شروط مسبقة من الإسرائيليين، وعندما تتوفر الرغبة لانجاز صفقة تبادل فسيتم وضع آليات لمناقشة ذلك بشكل معمق”.
ولفت القيادي في حماس إلى أن الحديث عن مفاوضات حقيقية لعقد صفقة تبادل مبكر جداً، مبيناً أن التفاوض خلال صفقة “ِشاليط” كان يتم من خلال تزويد الاحتلال بأسماء أسرى وفي حال الموافقة عليها يتم طرح أسماء أخرى.
وأضاف الزهار: “عندما تبدأ أي صفقة تبادل فستجري الأطراف المتفاوضة مناقشات تمهيدية، وستضع حماس شروطها على الطاولة وكذلك الاحتلال أيضاً ولذا نحن لا نتفاوض في الهواء”، وتشير تقديرات فلسطينية إلى وجود أكثر من 6 آلاف فلسطيني في السجون الإسرائيلية بينهم المئات من أصحاب الأحكام المؤبدة.
عرضت كتائب القسام قبل عام صورا لأربعة جنود إسرائيليين وهم: شاؤول آرون وهدار غولدن” وأبراهام منغستو وهاشم السيد، رافضة الكشف عن أية تفاصيل تتعلق بهم دون ثمن
وتقول “حماس” إنها تسعى للإفراج عن أصحاب الأحكام المؤبدة والعالية والنساء والأطفال وكبار السن. وكانت “إسرائيل” أعلنت فقدان جثتي جنديين في قطاع غزة خلال عدوانها عام 2014، وهما”آرون شاؤول، وهدار جولدن”، لكن وزارة الأمن الإسرائيلية عادت وصنفتهما، في يونيو/حزيران 2016، على أنهما “مفقودان وأسيران”.
وإضافة إلى الجنديين تحدثت “إسرائيل” عن فقدان إسرائيليين اثنين أحدهما من أصل إثيوبي والآخر من أصل عربي، دخلا غزة بصورة غير قانونية خلال عامي 2014 و2015.، وعرضت كتائب القسام قبل عام صورا لأربعة جنود إسرائيليين وهم: شاؤول آرون وهدار غولدن” وأبراهام منغستو وهاشم السيد، رافضة الكشف عن أية تفاصيل تتعلق بهم دون ثمن.