بعدما لقيَ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي حتفه في حادث تحطم المروحية، شهدت إيران، يوم الجمعة الماضي، انتخابات رئاسية مبكرة، لتحديد الرئيس القادم الذي سيجلس في القصر الرئاسي في شارع باستور لـ 4 سنوات قادمة.
وشهدت الجولة الأولى نسبة مشاركة متدنية، وتتجه إلى جولة ثانية حاسمة بعد فشل أي مرشح الحصول على 50% بين المرشحَين اللذين حصلا على أعلى نسبة أصوات، وهما الإصلاحي مسعود بزشكيان والمتشدد سعيد جليلي.
وبعد هزائم انتخابية متتالية تعرض لها النظام الإيراني خلال الانتخابات الرئاسية في عام 2021، والانتخابات البرلمانية في عامَي 2020 و2024، حاول قادة الجمهورية الإسلامية أن يخلقوا منافسة مزيفة بين الأحزاب السياسية الرئيسية، وعوّلوا كثيرًا على خلق جوّ من المشاعر والمنافسة لرفع نسب التصويت في الانتخابات، واستثمارها بشكل غير أخلاقي في الادّعاء بشرعية النظام ومقبوليته في الأوساط الشعبية الإيرانية.
لكن الشعب الإيراني، الذي قاطع هذه الانتخابات بشكل غير مسبوق، أرسل رسالة مزدوجة إلى النظام، أنه لا شرعية له وأن العملية الانتخابية لن تكون مكانًا لاستغلال آرائه الانتخابية بعد اليوم، كما أرسل رسالة إلى العالم أجمع بأن هناك انفصالًا تامًّا بين النظام السياسي والشعب.
ولعلّ أبرز الأسئلة التي تدور في ذهن أي متابع للانتخابات الإيرانية هي: من هو المنتصر ومن هو الخاسر الأكبر؟
الرابح الأكبر هو 60% من الشعب الإيراني الذي قرر مقاطعة انتخابات النظام، وسحب أي شرعية مزيفة كان من الممكن له أن يستند إليها. وأما الخاسر الأكبر فهو المرشد علي خامنئي، لأنه ربط شرعية النظام السياسي بنتائج الانتخابات ونسبة التصويت فيها.
حسب الإحصائيات التي نشرتها وسائل الإعلام الحكومية في إيران، بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات، مع احتساب الأصوات الباطلة، حوالي 40%، ومع خصم الأصوات الباطلة والبيضاء ستنخفض هذه النسبة إلى حوالي 35.6%، وهو الرقم الذي يعتبر الأكثر إذلالًا للجمهورية الإسلامية منذ تأسيسها.
المقاطعة الشعبية للانتخابات
تُظهر الإحصائيات الرسمية وغير الرسمية أن المحافظات التي شهدت احتجاجات واسعة عقب وفاة الشابة مهسا أميني، كانت مشاركة الناس بالانتخابات منخفضة مقارنة بالانتخابات السابقة.
في مدينة طهران، صوت 23% فقط من سكان العاصمة المؤهّلين للتصويت، وهذا يعتبر انخفاضًا هامًّا في المشاركة لأكثر المراكز الحضرية تجمعًا للسكان، حيث كانت نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية السابقة 26%.
أما محافظة كردستان التي كانت من المراكز الأصلية للمظاهرات في عام 2022، وصلت نسبة المشاركة إلى 23%، في حين كانت نسبة المشاركة في انتخابات يونيو/ حزيران 2021 في هذه المحافظة 37.4%.
وشهدت المحافظة قمعًا للحريات السياسية وتمييزًا متزايدًا ضد المواطنين الأكراد والسنّة، وفسادًا ممنهجًا في الأجهزة والمسؤولين الحكوميين، ومشكلات اقتصادية متجذرة في المنطقة، خصوصًا أن أغلب السكان فيها هم من “الكولباران”، وتعني حمل الأوزان الثقيلة والمرور بها عبر الجبال والحدود إلى داخل إيران، بالإضافة إلى معاناتهم من أشكال مختلفة من الحرمان.
وفي محافظة سيستان وبلوشستان التي سجّلت في انتخابات 2021 نسبة مشاركة رسمية بلغت 62.8%، تشير الإحصائيات الرسمية هذه المرة إلى مشاركة 40% من الناخبين فقط.
هذه المحافظة كانت في العقود الأخيرة الأكثر تهميشًا في إيران من حيث الإمكانات الاقتصادية والاجتماعية، وعانى أهلها، خاصة المواطنين البلوش والسنّة، من تمييز مضاعف في مجالات مختلفة.
وأصبح مقتل ناقلي الوقود وموت سكان هذه المحافظة، بسبب النقص الحاد في مياه الشرب وتلوثها وعدم تواجد المرافق الصحية المناسبة، من الأخبار المتداولة بشكل شبه يومي في إيران، إضافة إلى حادثة “جمعة زاهدان الدموية” في سيستان وبلوشستان التي قتل خلالها النظام 100 مواطن أثناء تأدية صلاة الجمعة، في عميلة قمع أمني منهجية ضد سكان هذه المحافظة.
ومحافظة خوزستان، التي تتصف بمواردها الواسعة من الطاقة، تواجه مشكلات اقتصادية واسعة وبطالة وأزمات بيئية ونقصًا في المياه والغاز وانتشار التصحر والجفاف. وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن نسبة المشاركة في هذه الجولة من الانتخابات كانت 29.6% فقط، بينما بلغت 50% في انتخابات 2021.
في محافظة غيلان، التي كانت واحدة من مراكز احتجاجات “المرأة، الحياة، الحرية” في الانتفاضة الثورية لقتل الشابة الإيرانية مهسا أميني، وصلت نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية المبكرة إلى 32.6%، بينما بلغت 57% في انتخابات 2021.
هذه الانتخابات سجّلت أدنى نسبة مشاركة في تاريخ إيران، ووفقًا للإحصائيات الرسمية بلغت نسبة المشاركة في هذه الجولة 39.92%. وفي الانتخابات الرئاسية السابقة في عام 2021، سٌجّلت أيضًا نسبة مشاركة متدنية قُدّرت بحوالي 48%.
المشروعية المزيفة
على مدار سنوات طويلة حاول النظام في إيران ربط شرعيته بمظاهر جانبية لا تعبّر حقيقة عن الشرعية في بلدان أخرى، فبعد مرور أكثر من 45 عامًا على استفتاء الموافقة على نظام الجمهورية الإسلامية، يرفض وبشكل قاطع جميع الدعوات إلى إجراء استفتاء جديد على شكل الدولة في إيران.
هذه الدعوات لم تأتِ من المعارضة أو من المخالفين لولاية الفقيه، بل جاءت من شخصيات إيرانية بارزة تعمل في النظام نفسه، ولعلّ أبرز هذه الشخصيات كان حسن روحاني.
ويعارض خامنئي الدعوة للاستفتاء بحجّة أن قضايا إيران غير قابلة للاستفتاء، ويتساءل خامنئي مشككًا بقدرة الشعب وعقلانيته على اختيار النظام السياسي الذي يرغبه، حيث يقول: “هل كل الأشخاص الذين سيشاركون في الاستفتاء لديهم القدرة على تحليل القضايا المطروحة في الاستفتاء؟”.
وبدلًا من ذلك، يتجه النظام إلى تحصيل المشروعية بطريقة مزيفة في كل مرة، عبر الادّعاء مثلًا بأن كل من يذهب إلى العراق فيما يسمّى زيارة الأربعين هو مؤيد للنظام السياسي الإيراني.
هذا الادّعاء مزيف للغاية، لأن كثيرًا من الفئات التي تذهب إلى زيارة الأربعين لا يؤيدون النظام، ولعلّهم من أبرز المخالفين له بسبب توظيفه للدين والمذهب لخدمة مصالحه السياسية وتحصيل المشروعية المزيفة، إضافة إلى أنه لا توجد أي إحصائية أو دراسة تؤكد على هذا الربط العجيب.
كما يفعل النظام ذلك أثناء تشييع الجنازات، مثل تشييع قاسم سليماني أو رئيسي أو غيرهما من الشخصيات السياسية والعسكرية الإيرانية، حيث يكرر مؤيدو النظام أنّ هذه الأعداد التي تخرج في تشييع الجنازات هي مؤيدة للنظام بشكل كامل، ويدّعون أن الاستفتاء على شكل النظام يظهر من خلال هؤلاء المشاركين.
في الحقيقة، مرة أخرى، هذا ربط زائف وينطوي على مغالطة منطقية، لأن النظام يعمل أولًا على التزييف والتلاعب بالأرقام الحقيقة المشاركة في هذه الجنازات، ومن ثم يبني تصوراته على هذه الأرقام المزيفة، ثم إن الاعتقاد الرائج بين الفئات الشعبية التي تخالف النظام اليوم ترى أن المسؤولين الإيرانيين يتجاهلون حقيقة الأرقام بشكل متعمّد، فإما هم لا يفهمون الأرقام وإما أنهم يعملون على تحريفها بشكل متعمّد.
وبينما يرى القاصي والداني داخل وخارج إيران أن 40% هو دليل على عدم مشروعية النظام، يطلّ القائم بأعمال الرئاسة الإيرانية محمد مخبر، وهو النائب الأول لرئيسي، ويقول مزيِّفًا للحقائق إن حضور 40% من المصوتين هو حضور واعي لأمة بصيرة.
ويضيف مخبر أنّ “استمرار هذه المشاركة في الجولة الثانية من الانتخابات سيسبّب المزيد من خيبة الأمل للمعارضين للبلاد والنظام، وسيعزز أمل محبي الوطن وسيمنح الأمل لمؤيدي مُثل الجمهورية الإسلامية حول العالم”.
وفي الاتجاه المتوهَّم ذاته، دون الإشارة إلى عدم مشاركة 60% من الناخبين المؤهلين في الانتخابات، يقول حسن بهرامنيا محافظ محافظة إيلام: “حماسة الناس في صناديق الاقتراع كانت مثالية وجديرة بالثناء، رغم أن أعداء النظام، ومن أجل تقليل المشاركة، قاموا بطرق طبول المقاطعة وروجوا لها”.
ويقول محمد تقي نقد علي، ممثل مدينة خميني شهر في البرلمان الإيراني: “لقد شهد النظام الإسلامي في كل فترة مفاجآت كثيرة، وكانت الانتخابات الحالية أيضًا من بين المفاجآت التي ينفرد بها النظام في إيران ولا يوجد لها مثيل حول العالم”.
ودفع جميع ما تقدم أستاذ القانون السابق في جامعة طهران محسن برهاني، والذي طردته حكومة رئيسي من الجامعة بسبب مواقفه وتوضيحاته القانونية حول تخلفات الحكومة في أحكام الإعدام وسجن المعارضين خلال مظاهرات مهسا أميني، إلى القول: “أصبح من الواضح أن صندوق الانتخابات هو من يحدد الإحصائيات، وليس طول وعرض الحشود المشاركة في تشييع الجنازات”.
مقدّمات السقوط
يتداول الإيرانيون اليوم وعلى نطاق واسع عبر شبكات التواصل الاجتماعي فيديو قديمًا للمرشد علي خامنئي بتاريخ 18 مايو/ أيار 2001، يقول فيه: “من العار على أمة أن يشارك في انتخاباتها الرئاسية 35% أو 40% من الشعب، ومن الواضح أن الناس لا يثقون ولا يهتمون وليس لديهم أمل بنظامهم السياسي في هذه البلدان”.
بينما بعد إدلائه بصوته، وصف خامنئي يوم الانتخابات بأنه “يوم فرح ونشاط”، وقال: “إن الحضور الحماسي للشعب وزيادة عدد الناخبين حاجة أكيدة للجمهورية الإسلامية”.
وأضاف مشجّعًا الناس على التصويت بالقول إن “استمرار الجمهورية الإسلامية وعزّتها وسمعتها في العالم يعتمد على حضور الشعب في المراكز الانتخابية، وبغض النظر عمّن يتم التصويت له، فإن كل صوت يتم وضعه في صندوق الانتخابات يدخل ضمن تأييد الجمهورية الإسلامية”.
وانطلاقًا من منطق خامنئي نفسه، فإن كل صوت لم يتم الإدلاء به وكل مواطن لم يحضر في المراكز الانتخابية، يجب اعتباره مخالفًا ومعارضًا للجمهورية الإسلامية، وهو ما يسلب عنها الشرعية إلى الأبد بسبب اعتمادها على حوالي 35% فقط من آراء الشعب.
تذكرنا المشاركة الشعبية الإيرانية المنخفضة للغاية (40%)، والمقاطعة واسعة النطاق للانتخابات الرئاسية الإيرانية، بشكل صارخ بالانتخابات البرلمانية التي جرَت في بولندا عام 1985، حيث كانت المقاطعة واسعة النطاق من جانب الشعب البولندي للغاية، لدرجة أن الحكومة المدعومة من الاتحاد السوفيتي اضطرت إلى تزوير نسبة المشاركة، وخفضتها من نسبة متضخمة بلغت 99% إلى نسبة لا تزال مشكوكًا فيها هي 78.9%.
وقد كشف هذا التلاعب الصارخ عن هشاشة النظام والتيار الخفي القوي للمعارضة الشعبية، كما أشار هذا الوضع من المقاطعة إلى أن قبضة الحكومة على السلطة كانت هشّة في أحسن الأحوال.
وكان هذا الحدث في بولندا بمثابة نقطة تحول حاسمة، وأدت المقاطعة الواسعة والكشف اللاحق عن تزوير الانتخابات إلى تحفيز المعارضة، ما أدى إلى زيادة التضامن بين المنشقين وعامة الناس، لتبلغ في غضون 5 سنوات موجة المقاومة ذروتها بسقوط الشيوعية في بولندا، وهو حدث تاريخي في الانهيار الأوسع للنفوذ السوفيتي في أوروبا الشرقية.
وبالتوازي مع الوضع في إيران، إن انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة والمقاطعة واسعة النطاق لها يسلط الضوء على أزمة شرعية مماثلة، حيث يشير عجز النظام الإيراني الواضح عن تأمين دعم شعبي حقيقي إلى استياء عميق وانفصال متزايد بين الحكومة ومواطنيها، ويشكّل تآكل الشرعية هذا مؤشرًا حاسمًا على أن النظام ربما يقترب من نقطة السقوط الحتمي.
تاريخيًا، عندما يفقد نظامٌ ما شرعيته في أعين شعبه، فإنه يصبح أكثر عرضة للانهيار. وكان سقوط الشيوعية في بولندا بمثابة مثال مؤثر للكيفية التي قد تؤدي بها المعارضة الشعبية المستمرة، مقترنة بالإظهار الواضح لافتقار النظام إلى السيطرة وتغيير سياسي كبير.
وإذا استمر النظام الإيراني في مواجهة مثل هذه المعارضة واسعة النطاق، وفشل في معالجة المظالم الأساسية لشعبه، فقد يجد نفسه على طريق مماثل نحو زعزعة الاستقرار والانهيار المحتمل.
في نظام ولاية الفقيه الإيراني، تشير عبارة “الشرعية من خلال الانتخابات المنضبطة” إلى استراتيجية النظام المتمثلة في الحفاظ على مظهر العمليات الديمقراطية ظاهريًا وصوريًا، مع ضمان بقاء السلطة السياسية الحقيقية في أيدي النخبة الدينية الحاكمة، وعلى رأسها علي خامنئي.
حراسة البوابة
يمارس نظام ولاية الفقيه، بقيادة المرشد الأعلى، سيطرة شاملة على الإطار السياسي الإيراني، وتجرى الانتخابات بانتظام، لكن مجلس صيانة الدستور، وهو هيئة غير منتخبة يعيّن المرشد 50% من نصابها باختياره لـ 6 رجال دين كأعضاء لها، يلعب دورًا حاسمًا في فحص المرشحين.
ويضمن هذا المجلس أن الأفراد الذين يتوافقون مع الحدود الأيديولوجية والسياسية للنظام هم فقط المسموح لهم بالترشح للمناصب، وتستبعد عملية التدقيق هذه أي مرشح قد يتحدى الوضع الراهن أو يدعو إلى إصلاحات ديمقراطية حقيقية.
ويعمل هذا النظام على تضييق نطاق المرشحين، بحيث يقتصر على إما إصلاحيين وإما أصوليين موالين للنظام. ورغم أن الإصلاحيين (مثل المرشح الحالي بزشكيان) قد يقترحون تغييرات معتدلة، إلا أنهم لا يهددون المؤسسة الدينية بشكل أساسي. ونتيجة لذلك يحافظ النظام على واجهة المشاركة الديمقراطية، مع ضمان بقاء البنية التأسيسية لولاية الفقيه دون منازع.
وقد أدّت طبيعة هذه الانتخابات التي تخضع لرقابة مشددة إلى تآكل ثقة الجمهور في العملية السياسية بشكل كبير. وينظر العديد من الإيرانيين إلى الانتخابات باعتبارها غير فعّالة، ويدركون أن السلطة الحقيقية تقع في أيدي المرشد الأعلى وحلفائه المقربين من الحرس الثوري، وليس المسؤولين المنتخبين.
ومن خلال ضمان أن الانتخابات لا تؤدي إلى تغييرات كبيرة في السياسة أو الحكم، فإن نظام ولاية الفقيه يخنق أي تطور ديمقراطي ذا معنى. ولا يزال هيكل السلطة شديد المركزية، ما يمنع التداول السلمي للسلطة أو الإصلاح السياسي الجوهري. يسلط هذا الإعداد الضوء على التناقض الأساسي بين المبادئ الديمقراطية والحكم المطلق الذي تتصوره ولاية الفقيه.
استراتيجية السيّئ والأسواء لم تعد فعّالة
حافظ نظام ولاية الفقيه على قبضته على السلطة من خلال إجبار الناخبين على الاختيار بين المرشحين “السيئين” و”الأسوأ” في الانتخابات الرئاسية. وتهدف هذه الاستراتيجية إلى خنق التقدم الديمقراطي والحفاظ على سيطرة النظام.
ويتم تصميم الانتخابات عادة بحيث تقدم تناقضًا صارخًا بين المرشح الأصولي المتطرف الذي يدعو إلى سياسات اقتصادية واجتماعية وخارجية صارمة ومتشددة، والمرشح الإصلاحي الذي، رغم أنه يبدو أكثر اعتدالًا، يعمل في نهاية المطاف ضمن قيود النظام والخطوط الحمراء التي يرسمها له.
على سبيل المثال، بنا الرئيس السابق حسن روحاني حملته الانتخابية على أساس برنامج الاعتدال وزيادة الحريات، ومع ذلك بمجرد توليه منصبه دعمَ الإجراءات القمعية التي اتخذها النظام، بما في ذلك القيود الصارمة على حقوق المرأة وحرية التعبير.
فخلال احتجاجات نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 ضد ارتفاع أسعار البنزين، قمعت حكومة روحاني المظاهرات بوحشية، ما أدّى إلى مقتل أكثر من 1500 متظاهر وانقطاع كامل للإنترنت.
وبناء على ما سبق، شكّلت انتخابات 28 يونيو/ حزيران 2024 نقطة تحول، وأدت خيبة الأمل العامة إزاء الاختيارات الانتخابية التي تمّ التلاعب بها وهندستها من قبل النظام، بالإضافة إلى فشل الحكومات المتعاقبة في تلبية مطالب الشعب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية؛ إلى انخفاض كبير في نسبة إقبال الناخبين، ما يشير إلى رفض أوسع للمكائد السياسية لنظام ولاية الفقيه. وكان معدل المشاركة المنخفض هذا بمثابة “لا” جماعية من الشعب الإيراني لاستمرار الحكم الاستبدادي للنظام.