ترجمة حفصة جودة
قبل 10 أيام؛ قُتل سليمان خلف –المعروف بأبي فادي- في معركة مع داعش شرق سوريا بعد أن تعرضت مركبته لصاروخ يعمل بالأشعة تحت الحمراء، يقول باران عمري –قائد وحدة سليمان في قوات حماية الشعب الكردية-: “كان سليمان يقود جرارًا لبناء سياج واقي على الأرض عندما ضربته داعش بصاروخ نسميه فوزيا”.
وأضاف عمري: “لقد هاجمتنا داعش في قرية باجين بمحافظة دير الزور –شرق سوريا- لكن رجالي تمكنوا من قتل هؤلاء الذين أطلقوا الصاروخ، لقد كان خلف -50 عاما- رجلًا شجاعًا لأن مهمته كانت خطيرة، حيث كان يقوم ببناء الحصون الأرضية وسط المعارك.”
كان عمري –اسمه الحركي- يقف بجوار مقبرة خلف التي تم حفرها حديثًا في المقابر العسكرية بمدينة القامشلي شمال شرق سوريا، وكان هناك ملصقًا كبيرًا يحمل صورة خلف في نهاية المقبرة المزينة بالورود الحمراء والصفراء، أشار عمري إلى نصف دزينة أخرى من المقابرة الحديثة المجاورة وقال أنها لمقاتلي وحدات حماية الشعب الذين قُتلوا مؤخرا في الحرب مع داعش.
في الحويجة يترك المسؤولون الحكوميون مواقعهم ويقضون الليل في كركوك حيث يكونون بأمان بعيدًا عن فرق داعش القتالية
لم يكن ينبغي لذلك أن يحدث، فمن المفترض أن داعش هُزمت بشكل حاسم العام الماضي بعد أن خسرت الرقة والموصل عاصمتيها في سوريا والعراق، فقد تقلصت مساحة الخلافة التي أعلنتها داعش –والتي كانت بحجم بريطانيا العظمى قبل 3 سنوات- إلى عدة مقاطعات صغيرة في صحراء شرق سوريا وغرب العراق.
لكن يبدو أن أعداء داعش كتبوا نهايتها مبكرًا، فهناك زيادة في عدد المعارك مثل التي قُتل فيها خلف، وقال مسؤول كردي كبير في سوريا أن حوالي 170 من قواته قتلوا في الصراع مع داعش خلال الستة أسابيع الماضية، وفي يوم 19 فبراير في العراق؛ تربصت داعش لوحدة مخابرات تابعة لقوات الحشد الشعبي الموالية للحكومة في مقاطعة الحويجة غرب كركوك وقتلت 27 شخص منهم، وقال دبلوماسيون غربيون إنهم قلقون من زيادة عدد الهجمات والتي تعني أن داعش بدأت في العودة مرة أخرى، فمنذ شهر في القامشلي انفجرت أول سيارة مفخخة لداعش منذ 6 أشهر وقتلت 5 أشخاص وجرحت 7 آخرين.
هناك علامات أخرى على عودة داعش لمعاقلها القديمة، فقد قال آحد زوار دير الزور مؤخرًا أن السكان المحليين يتحدثون عن عودة داعش وحذروه من الخروج إلى الشارع بعد الثالثة عصرًا لأن قوات ” SDF” (سوريا الديموقراطية العربية الكردية) تترك نقاط التفتيش في هذا الوقت وحتى المساء، وبالمثل في الحويجة يترك المسؤولون الحكوميون مواقعهم ويقضون الليل في كركوك حيث يكونون بأمان بعيدًا عن فرق داعش القتالية.
السبب الرئيسي لعودة داعش رغم أنه ما زال محدودًا ليس من الصعب اكتشافه، فهؤلاء الذي ادعوّا أنهم دمروها العام الماضي قاموا بتقسيم الغنائم وهي ما زالت في جراحها الخطيرة ولم تمت تمامًا، فبعد أن أعلنوا النصر قبل أوانه، انشغلوا بأزمات أخرى، في العراق كان هناك الاستفتاء الكردي على الاستقلال والذي استفز حكومة بغداد فأرسلت قواتها التي كانت تقاتل داعش لاستعادة كركوك وغيرها من الأراضي المتنازع عليها مع الأكراد في أكتوبر الماضي.
ما زال ظهور داعش مرة أخرى في مراحله الأولى
يقول نجم الدين كريم –محافظ كركوك الكردي السابق- أن قوات الأمن العراقية لم تؤّمن الحويجة رغم أنها الموقع التقليدي لداعش لأنها كان مشغولة للغاية بمواجهة الأكراد.
أما في سوريا، فهناك التدخل التركي لمنطقة عفرين الكردية شمال حلب، وبالسؤال عن مدى قوة داعش يقول ألدار خليل الرئيس المشاركة للجنة التفيذية لحركة المجتمع الديموقراطي –والتي تدير الـ30% من الأراضي السورية التابعة للأكراد بدعم أمريكي-: “انظروا إلى مقابرنا، إننا نفقد كل يوم ما بين 5 و7 قتيلاًوربما 18 قتيلًا، داعش الآن هي من تبدأ بالهجوم رغم أننا سابقًا كنا من نبدأ به.”
تمتلك قوات سوريا الديموقراطية 57 ألف مقاتل، لكن الرقم ليس كبيرًا نظرًا لحجم الأراضي التي يسيطر عليها الأكراد، حيث أن قوات حماية الشعب الكردية التي كانت تقاتل داعش في دير الزور انتقلت لقتال القوات التركية في عفرين شمال غرب سوريا.
جاءت إلهام أحمد –الرئيس المشارك للمجلس السوري الديموقراطي والتي تساعد في إدارة الأراضي الكردية- من عفرين بينما ما زالت عائلتها هناك، وتقول إلهام أن الجبهة التي تواجه داعش ممزقة تمامًا، فأقاربها الذين كانوا يقاتلون داعش في دير الزور يعلمون أنه من المفترص أن يذهبوا إلى عفرين لقتال الأتراك.
يقول أحد المراقبين المحليين: “لقد كان رجال داعش يرتدون الأقنعة على وجوههم دائمًا لذا نحن لا نعلم من منهم يعيش الآن بيننا.”
ما زال ظهور داعش مرة أخرى في مراحله الأولى، ففي الرقة حيث قاتلت داعش لمدة 4 أشهر تقول الشائعات أن هناك خلايا نائمة لداعش لكن لا توجد أي هجمات حتى الآن وفقًا لما قاله مسلوم؛ القائد الميداني للقوات الديموقراطية السورية في المنطقة، ومع ذلك فهناك حظر تجول يبدأ يوميًا منذ الساعة الخامسة مساءًا، ويقول أحد المراقبين المحليين: “لقد كان رجال داعش يرتدون الأقنعة على وجوههم دائمًا لذا نحن لا نعلم من منهم يعيش الآن بيننا.”
من غير المرجح أن تعود داعش مرة أخرى بكامل قوتها بسبب خسارتها الفادحة وسمعتها الوحشية وافتقارها للدعم الخارجي، لكنها تستطيع أن تثير الفتنة الطائفية والكراهية في المنطقة يحث يشعر الكثير من السوريين بالشك تجه مواطني الرقة ويعتبرونهم أعضاء سريين في داعش والأمر نفسه في العراق بالنسبة للموصل، أما العقاب الجماعي للعرب السنة في الحويجة بعد مقتل 27 شخص من قوات الحشد ومعظمهم من شيعة البصرة قد يثير رد فعل عنيف لصالح داعش.
قد تعود داعش مرة أخرى بسبب خبرتها العسكرية التي تشتهر بها بالإضافة إلى وحشيتها كذلك، كان قادة داعش يعلمون مسبقًا أنهم سيفقدون الموصل والرقة على المدى البعيد ونجحوا في إخفاء خليفتهم أبو بكر البغدادي بعيدًا عن الموصل.
من المرجح أن تكون داعش قد تدبرت أمرها للحفاظ على قادتها ذوي الخبرة بأمان في مخابئها وأنها أعدت لمخابئ الأسلحة في الصحراء، هذا ما مكنها سابقًا من البقاء على قيد الحياة بعد الهزيمة بين عامي 2007 و2011، والظهور مرة أخرى عندما أصبحت الظروف مناسبة، ويبدو أن داعش اليوم تأمل في أن تستعيد قوتها مرة أخرى بنفس الطريقة.
المصدر: إندبندنت