ترجمة وتحرير: نون بوست
لم يحقق الحصار المفروض منذ تسعة أشهر من قبل البلدان العربية بقيادة المملكة العربية السعودية، ضد قطر، أي من المطالبات الأولية التي تلت هذه الأزمة. على العكس تماما، حافظت المملكة الصغيرة التي تملك احتياطات هائلة من الغاز والنفط، على روح التحدي. ووفقا لوزير الاقتصاد القطري، نمى الناتج المحلي الإجمالي لهذه البلاد، بنسبة 2.2 بالمائة خلال سنة 2017، إلا أن هذا المعطى لا يعني أن الأزمة قد انتهت.
في الأثناء، ترفض الحكومة السعودية التفاوض في هذا الصدد. من جهته، اقترح أمير قطر تميم آل ثاني، على البلدان الغربية إبرام اتفاق أمني في منطقة الخليج، من شأنه أن يحول دون تكرر أزمة مثل التي جدت منتصف السنة الماضية.
نشبت حملة من الأخبار الزائفة التي تهدف إلى حرمان دولة قطر من شرف إقامة كأس العالم لكرة القدم سنة 2022، على أراضيها. وقد أكد مدير مكتب الاتصال الحكومي القطري، سيف آل ثاني، الذي استقبل طاقم صحيفة “البايس” في مكتبه في لندن، أن عمليات التظليل في منطقة الخليج العربي، أسوأ من تلك التي في الغرب الذي تشوبه الأخبار الزائفة.
– الصحيفة: لقد طلبت قطر مؤخرا من منظمة الأمم المتحدة اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد الحصار المفروض عليها. فما السبب الذي جعلكم تلجؤون إلى مجلس حقوق الإنسان؟
– سيف آل ثاني: نحن نؤمن بالقانون الدولي، وقد لجأنا إلى هذه الجهات منذ البداية، من أجل وضع حد للأساليب غير القانونية التي اتخذتها الأطراف المقابلة، ضد القطريين وأيضا المغتربين، ومواطني بلدان الخليج العربي، وجميع الأشخاص الذين تضرروا من الأزمة. عموما، قدر عدد المتضررين من هذه الإجراءات بحوالي 26 ألف شخص.
سيف آل ثاني: كان أمير قطر في ميونخ الأسبوع الفارط. وخلال هذه الزيارة، اقترح إقامة اتفاق أمني في المنطقة، حيث يمكن لاتفاق من هذا النوع أن يعزز وحدة المنطقة
– كيف تضررت هذه الأطراف؟
– كان هدف هذا الحصار الرئيسي متمثلا في المجتمع، والعائلات، والشركات. أما من جهتنا، فسنقوم بتحركات قانونية، إما عن طريق منظمة الأمم المتحدة، أو عن طريق مجلس حقوق الإنسان. كما يمكن أن نعمد إلى طلب تدخل هيئات أخرى، للتأكد من أن يتحمل الكثيرون مسؤولية أعمالهم.
– “لقد فشل الحصار ضد قطر بالفعل”
– لقد قال وزير الشؤون الخارجية، محمد آل الثاني، إن السبب الذي يكمن وراء هذا الحصار يتمثل أساسا في العنصرية. ما تعليقكم؟
– لقد مارست المملكة العربية السعودية وحلفاؤها العديد من الضغوط علينا، وعلى العديد من العائلات، وطالت هذه التجاوزات الأشخاص الراغبين في الذهاب إلى مكة أيضا.
– هل سجلت أعمال عدائية ضد القطريين الذين حاولوا أداء فريضة الحج والذهاب إلى مكة؟ هل منعوا من القيام بذلك؟
– نعم.
– هذا أمر خطير جدا، أليس كذلك؟
– على الصعيد الاجتماعي، أضرت هذه التصرفات بالممارسات الدينية، وأيضا بقطاع الرياضة، والتجارة، والأعمال، ناهيك عن العديد من العائلات. فضلا عن ذلك، دمرت هذه الأساليب العديد من الأرواح.
قامت الأطراف المقابلة بحظر طيران قطر، وحاصروا سماءها، وهو الحال أيضا بالنسبة للمجال البحري القطري، وحدودها الأرضية، إلا أن الحصار المفروض على البلاد قد باء بالفشل
– ما هي الإجراءات التي يمكن اتخاذها من أجل منع حدوث أزمة شبيهة بالتي تشهدها المنطقة حاليا؟
– لقد كان أمير قطر في ميونخ الأسبوع الفارط. وخلال هذه الزيارة، اقترح إقامة اتفاق أمني في المنطقة، حيث يمكن لاتفاق من هذا النوع أن يعزز وحدة المنطقة. وفي حال دعم التعاون بين مختلف الأطراف، من شأن ذلك أن يساعد بلدان المنطقة على حل خلافاتهم بأنفسهم. وعلى هذا النحو، سيكون اتفاق الأمن في صالح لبلدان المنطقة، وبعض بلدان المنطقة الكبرى، الذين يعدون بدورهم شركاء للمجموعة الأولى.
– هل تقصد ببلدان المنطقة الكبرى جهات مثل الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي؟
– تماما. وسيكون هذا الاتفاق بمثابة منصة للعمل عليها بالنسبة للبلدان الخارجية التي تجمعها علاقة تعاون بدول المنطقة.
– أي منافع يمكن أن يدرها هذا الاتفاق على الغرب؟
– في حقيقة الأمر، لا نرغب في أن يتكرر ما حدث مع قطر في بلد آخر. لقد تجاوزنا الحصار بنجاح، كما أننا حققنا استقرارنا المالي. ونحن الآن بلد مستقر ثقافيا، وسياسيا، واقتصاديا، ولهذه الأسباب فشل الحصار على قطر.
– هل أنتم مستعدون لمناقشة هذا المقترح مع إسبانيا وباقي الدول الأوروبية؟
– بالطبع. لقد لاقى المقترح ترحيبا كبيرا خلال مؤتمر ميونخ. ونعتقد أيضا أن اتفاقا من هذا النوع سيسمح بتعزيز الوحدة في المنطقة، وبالتالي، سيشمل كامل أرجائها.
شهدنا العديد من التحركات التعسفية والعشوائية من قبل البلدان التي تنفذ حصارا ضدنا
– لا تطلب قطر رفع الحصار عليها فقط، بل تشترط أيضا تقديم تعويض على ذلك. ما قيمة التعويضات التي سترضي قطر؟
– سنكتفي بالتعويض القانوني، ولن نطلب أمورا لا نراها عادلة. من جهة أخرى، لقد قامت الأطراف المقابلة بحظر طيران قطر، وحاصروا سماءها، وهو الحال أيضا بالنسبة للمجال البحري القطري، وحدودها الأرضية، إلا أن الحصار المفروض على البلاد قد باء بالفشل. ولم يحقق الحصار النتائج التي رغبت المملكة العربية السعودية وحلفاؤها في بلوغها، والتي تتمثل أساسا في السيطرة على قرارات القطريين، واخضاعهم أمام الرياض. لقد فشلوا في ذلك، فنحن بلد ذو سيادة، تتمثل مطالبنا من البلدان التي تفرض حصارا علينا في أن يمتثلوا للقانون الدولي، ويخضعوا للمساءلة أيضا.
– هل عرضت البلدان التي تفرض حصارا على قطر الدخول في عملية تفاوض بشأن الأزمة؟
– في الواقع، لا توجد مؤشرات تحيل إلى أن الرياض وحلفائها منفتحون على أي نوع من التفاوض. أما بالنسبة لنا، فقد قلنا منذ البداية إن الطريقة الوحيدة لحل الأزمة تتمثل في الحوار والتفاوض.
– لقد عقد مؤخرا اجتماع لأفراد من عائلة آل الثاني في الرياض، الذي قالوا فيه إنهم يريدون تطهير البلاد. حسب رأيك، ما هي الأسباب التي دفعت إلى تنظيم هذا اللقاء، ولماذا تم اختيار الرياض على وجه الخصوص؟
– لقد شهدنا العديد من التحركات التعسفية والعشوائية من قبل البلدان التي تنفذ حصارا ضدنا. لقد تحدثوا عن اجتماع قبائل، وعائلات، والعديد من الأشخاص. وليس من المستغرب أن تتواتر معلومات بشأن وقوع مثل هذه الأحداث، لأنها ليست إلا أخبار كاذبة، نشرت على وسائل إعلام هذه الجهات. في الوقت ذاته، تسعى البلدان التي تحاصر قطر جاهدة وبكل ما أوتيت من قوة، لإقناع العموم بأن ما يقومون به هو الصواب. ولحسن الحظ، أصبح الأفراد مثقفين في العديد من المجالات في عصرنا الحالي، وهو الحال بالنسبة للشعب القطري. وعلى هذا النحو، باءت هذه المحاولات بالفشل.
من المؤكد أن علاقاتنا الاقتصادية مع إيران قد تكثفت خلال الأشهر الأخيرة، لكن ذلك كان نتيجة للحصار المفروض على البلاد
– لماذا يعد ما يحصل في قطر بالغ الأهمية بالنسبة للمملكة العربية السعودية وحلفائها؟
– في الحقيقة، تعد قطر قوة طاقية، ومزودا بالغ الأهمية للغاز والمنتجات المشتقة منه. علاوة على ذلك، تعد بلادنا جهة فاعلة رئيسية في المنطقة، خاصة فيما يتعلق بالدبلوماسية والمساعدات الإنسانية. كما تعتبر قطر من أهم الجهات الناشطة في مجال الرياضة، ما جعلها تنظم لاستقبال كأس العالم لكرة القدم سنة 2022. لقد عملنا على بلوغ هذا المستوى من التقدم على مدار العقود الماضية. في الأثناء، تعتبر قطر جهة فاعلة رئيسية مساهمة في الاستثمارات الدولية، في حين أنها طرف فاعل في منظمة الأمم المتحدة. ومن الممكن أن جميع هذه المبادرات جعلت من البلاد مثيرة للاهتمام.
– لقد قالت المملكة العربية السعودية إن الإجراءات والقرارات التي اتخذتها قطر هي في حقيقة الأمر قرارات إيرانية. هل ترغب الرياض في تحويل هذه الأزمة إلى معركة بينها وبين إيران؟
– من المؤكد أن علاقاتنا الاقتصادية مع إيران قد تكثفت خلال الأشهر الأخيرة. لكن ذلك كان نتيجة للحصار المفروض على البلاد. وبسبب هذا الإجراء، أصبح المنفذ الوحيد لقطر يمر عبر إيران. وقد قدرت الجهات القطرية هذا الجانب بدرجة كبرى، لأنه لو لا هذه الطريق، لن يتمكن القطريون من الخروج من حدود بلادهم. في المقابل، لا يعني هذا الأمر أننا لا نختلف مع إيران، حيث لا نتفق معها، على سبيل المثال، حول الملف السوري.
– قبل فترة، قال الأمير تميم إن ما يحدث في سوريا يعد جريمة ضد الإنسانية. ما تعليقكم؟
– لقد كنا نتبنى دائما موقفا مستقلا حول سوريا، ولا زلنا نحافظ على هذا الموقف. كما أننا نحترم مطالب الشعب السوري فيما يتعلق بحقوقهم وكرامتهم، ونؤيد أيضا حقهم في اختيار الرئيس الذي سيحكم بلدهم. وقد دعمنا المساعدات الإنسانية الخاصة باللاجئين، والأمر سيان بالنسبة لقرار الأمم المتحدة الذي يقضي بوقف إطلاق النار.
يجمعنا بالولايات المتحدة الأمريكية تعاون استراتيجي متين للغاية، سواء في المجال العسكري أو في قطاعات أخرى، كما يجمعنا تعاون في مجال السياسة الخارجية
– أكدت القناة السعودية، العربية، مؤخرا أنه سيتم سحب حق تنظيم مونديال 2022 من قطر. لقد كان خبرا كاذبا، تضمن رأي أحد المصادر السعودية. هل تثير مثل هذه الأخبار الاستياء في قطر؟
– تعد هذه التصرفات في صالحنا، حيث تتيح الفرصة أمام العموم ليتعرفوا على حقيقة بعض بلدان المنطقة، وأيضا حقيقة بلدنا. وبشكل عام، تعتبر قطر بلدا متطورا وحديثا، كما أعتقد أننا نملك عقلية ناضجة، تجعلنا نتجاهل هذه التعليقات. أما فيما يتعلق بكأس العالم، أراهن أن المجتمع الدولي لكرة القدم، والرأي العام، لا يأخذون بعين الاعتبار تعليقات بلدان الحصار. في الأثناء، تعد الليغا الآسيوية التي نظمناها خلال سنة 2006، والتي لم تشبها شائبة، خير مثال على قدراتنا.
– هل ازدادت الأخبار الزائفة، وحملات التدخل؟
– تنامت الأخبار الكاذبة، وأصبحت تستخدم بمثابة سلاح. وتعد بلدان الحصار خير مثال على هذا الاستغلال. ولا يقتصر الأمر على الأخبار الزائفة، فقد تحولت قطر إلى هدف جيش من شبكات التواصل الاجتماعي والبوتات.
– في وقتنا الحالي، أصبح من العادي استخدام الأخبار الزائفة ودعمها بجيش من الشبكات الاجتماعية والبوتات والمتصيدين، من أجل خلق حالة من القلق. وقد حدث هذا الأمر في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا على حد السواء. وانطلاقا من تصريحاتك، هل تحدث فعلا مثل هذه الممارسات في الشرق الأوسط؟
– خلال الحصار المفروض على قطر، أعتقد أن منطقة الخليج العربي شهدت مثل هذه الممارسات، أكثر مما وقع في الغرب.
سيؤدي الأمير القطري زيارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية خلال شهر نيسان/ أبريل القادم، مع العلم أن هذه الزيارة تعد ثنائية.
– وهل كان الهدف الأساسي هو كأس العالم قطر 2022؟
– نعم، لقد كان كأس العالم أحد العناصر المستهدفة خلال الأزمة.
لقد أخبرنا العديد من المسؤولين الأمريكيين أن هناك زيارة مرتقبة من قبل الأمير القطري إلى الولايات المتحدة الأمريكية. هل تم استدعاء ممثلين آخرين عن منطقة الخليج العربي؟ وما صحة الأقوال التي تتحدث عن قمة قبل الصيف؟ هل هذا الأمر ممكن؟
سيؤدي الأمير القطري زيارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية خلال شهر نيسان/ أبريل القادم، مع العلم أن هذه الزيارة تعد ثنائية. يجمعنا بالولايات المتحدة الأمريكية تعاون استراتيجي متين للغاية، سواء في المجال العسكري أو في قطاعات أخرى، كما يجمعنا تعاون في مجال السياسة الخارجية. وبطبيعة الحال، من بين القطاعات الرئيسية التي تشهد تعاونا بين البلدين، نذكر مكافحة الإرهاب. ويتمثل الهدف من هذه الزيارة في توطيد العلاقات الثنائية للبلدين، ومناقشة استقرار المنطقة، في حين تعد الأزمة الحالية جزءا من هذا الحوار. لم نسمع أي خبر حول هذه القمة. لكن، مثلما أشرنا إليه منذ اليوم الأول، يسعدنا إحراز أي تقدم فيما يتعلق بالأزمة، من أجل حل المشكلة.
الصحيفة: البايس الإسبانية