ترجمة حفصة جودة
في إدارة ممتلئة بأشخاص ذوي أفكار مريبة وخبرة محدودة، أصبح غاري كوهن المدير التنفيذي السابق لشركة جولدن ساكس، مسؤول الاقتصاد الأول في إدارة ترامب بالبيت الأبيض، وكان من المفترض أن يكون أحد البالغين المؤثرين في تلك الإدارة، لكنه رحل بعد أن فشل مرارًا وتكرارًا في تحقيق التوازن الذي تحتاجه إدارة ترامب بشدة.
ابتهج الكثير من نقاد ترامب برحيل كوهن، وفي الواقع لقد قام الرجل بأعمال مريعة، فإنجازه الأساسي كان المساعدة في تمرير قانون لخفض الضرائب يحقق المنفعة للأشخاص الأغنياء فقط مثله، بينما يضيف ديونًا قيمتها 1.5 تريليون دولار إلى الدين الوطني لتدفعه الأجيال القادمة، أما مشروعه الآخر عن خطة تطوير البنية التحتية في الولايات المتحدة فقد كان اقتراحًا مخزيًا.
في الصيف الماضي كان أداء كوهن مخزيًا من الناحية الأخلاقية، فقد رفض الاستقالة من الإدارة عندما حذره أصدقاؤه وكذلك وسائل الإعلام بأنه أبدى انزعاجًا عندما قال ترامب بأن هناك أشخاصًا جيدين من كلا الجانبين، تعليقًا على الاشتباكات بين المتظاهرين والقوميين الجدد في شارلوتسفيل في ولاية فيرجينيا التي أسفرت عن وفاة امرأة شابة.
مع صعود القوميين في عالم ترامب، فأيًا كان من سيأتي بديلاً عن كوهن لن يكون أفضل منه
أما السبب الأخير الذي أدى إلى رحيله؛ فهو فشله في إقناع الرئيس ترامب بعدم فرض الجمارك على واردات الصلب والألمونيوم التي من شأنها أن تضر بحلفاء أمريكا وكذلك بالصناعات المحلية التي تستخدم تلك المعادن.
ورغم كل عيوبه، فإن كوهن يمثل قيمة اقتصادية في تلك الإدارة، فرئيس الخزانة ستيفين منوشين – أحد المصرفيين السابقيين أيضًا في جولدن ساكس – تحدث بتهكم عن تراجع الدولار، أما كيفن هاست – رئيس مجلس المستشاريين الاقتصاديين في البيت الأبيض – قال كلامًا تافهًا عن كيفية مساعدة خفض الضرائب في رفع أجور الأسر العاملة رغم أن معظم الخبراء في الحقيقة أجمعوا على أنه مفيد للمستثمرين في المقام الأول.
من ناحية أخرى، قام ويلبر روز وزير التجارة، وبيتر نافارو المستشار التجاري في البيت الأبيض بحثّ الرئيس وتشجيعه على البدء في حرب تجارية مدمرة مع بقية العالم.
ومع صعود القوميين في عالم ترامب، فأيًا كان من سيأتي بديلاً عن كوهن لن يكون أفضل منه، وربما يكون أسوأ، فلن يضحي أي اقتصادي جيد بسمعته ويخاطر بالعمل في تلك الإدارة، فحتى قبل توليه منصبه كان ترامب يخرج من فضيحة ليقع في أخرى.
ترامب يؤكد بشدة أنه لا توجد فوضى في إدارته
هناك الكثير من الأحاديث في الأسابيع الأخيرة عن رحيل عدد من كبار الموظفين الذين يقعون تحت سحابة من الشك، ويعد تغير الكثير من كبار الموظفين في إدارة ترامب بعد مرور عام فقط من توليه المنصب، رقمًا عاليًا مقارنة بآخر خمس رؤساء للولايات المتحدة، حتى إنه يعدّ ضعف معدل السنة الأولى لرونالد ريغان الذي كان صاحب الرقم القياسي في تغيير الموظفين وفقًا لمعهد بروكينجز.
لكن ترامب يؤكد بشدة أنه لا توجد فوضى في إدارته، وأنه يرغب فقط تغيير بعض الموظفين في إطار سعيه للكمال الذي من شأنه إيقاف المشاكل.
رغم هذه الفوضى في إدارة ترامب، فإنها لحسن الحظ لم تؤثر في الوظائف الأساسية للحكومة التي يحمل عاتقها موظفون مدنيون محترفون، فوزارة التضامن الاجتماعي ما زالت ترسل الشيكات، وأفراد الخدمة العكسرية ما زالوا يحمون البلاد، ومستحقات الرعاية الطبية لا تزال تُدفع حتى الآن، والمحاكم أبوابها مفتوحة لهؤلاء الذين يبحثون عن العدالة، هذا أفضل دليل على قوة المؤسسات الأمريكية التي تتعرض لتهديد يومي من تلك الإدارة.
المصدر: نيويورك تايمز