ترجمة حفصة جودة
استولت قوات الحكومة السورية على مساحات شاسعة من الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة في الضواحي المحيطة بدمشق، مما أدى إلى انقسام الغوطة الشرقية المحاصرة إلى نصفين، ووضع المزيد من الضغط على الثوار بداخلها وكذلك على عشرات آلاف المدنيين المحاصرين بداخلها.
لجأت الحكومة – المصممة على انتزاع الضواحي من سيطرة المعارضة بعد سبع سنوات من الحرب – إلى استخدام أعلى مستويات القصف والتدمير لإخلاء الطريق أمام قواتها للتقدم على الأرض، وخلفت هذه الحملة حتى الآن 800 قتيل بين المدنيين.
نشرت قناة “الإخبارية” التليفزيونية التابعة للدولة بثًا مباشرًا يوم الأربعاء من الغوطة، وتظهر فيه أعمدة الدخان الكثيفة فوق المدينة وأصوات الانفجارات والصواريخ يمكن سماعها في سماء المدينة، وقالت وسائل الإعلام الحكومية إن القوات السورية استولت على بلدة بيت سوا ومعظم مدينة مسرابا وكلتاهما من المناطق التي كانت المعارضة تسيطر عليها في قلب الغوطة.
وقال المرصد السوري لمراقبة حقوق الإنسان إنه بحلول الليل تمكنت القوات الحكومية السورية والميليشيات المتحالفة معها من الاستيلاء على نصف الأراضي التي يسيطر عليها المعارضون في الغوطة الشرقية، مما أدى إلى انقسام الغوطة إلى نصفين شمالي وجنوبي، ونتيجة لهذا الانقسام، نجحت القوات السورية في قطع طرق الإمدادات عن المنطقة والضغط على المعارضة بداخلها.
كما أطلقت منظمة الدفاع المدني السورية التابعة للمعارضة مقطع فيديو يوم الأربعاء وتظهر فيه قوات الإنقاذ وهي تحفر بين الأنقاض لإنقاذ طفل صغير وطفلة رضيعة مغطاة بالغبار في مدينة عربين، وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا – الذي يراقب الحرب من خلال شبكة من النشطاء على الأرض – إن هناك نحو 40 شخصًا قُتلوا نتيجة القصف يوم الأربعاء.
في جنيف، استنكر رئيس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة زيد رعد الحسين ما وصفه بأنه محاولة من الحكومة السورية لتبرير الهجمات الوحشية العشوائية على مئات الآلاف من المدنيين، بسبب حاجتها لمحاربة بضع مئات من المقاتلين في الغوطة الشرقية، ووصف الوضع بأنه غير مقبول من الناحية القانونية أو الأخلاقية.
بعض المواطنين لم يشاهدوا الشمس منذ أسبوعين لأنهم كانوا يختبئون تحت الأرض
وأضاف الحسين: “عندما تكون مستعدًا لقتل شعبك فالكذب سيكون أمرًا سهلًا للغاية، فادعاءات الحكومة السورية بأنها اتخذت جميع الإجراءات لحماية المواطنين المدنيين في الغوطة أمر سخيف للغاية”.
قال عمال الإغاثة الذين دخلوا الغوطة يوم الإثنين إن بعض المواطنين لم يشاهدوا الشمس منذ أسبوعين لأنهم كانوا يختبئون تحت الأرض، وقال المرصد السوري إن هناك 867 مدنيًا قتلوا منذ بدء الهجوم يوم 18 من فبراير.
يلعب الجيش الروسي – باعترافه الخاص – دورًا رئيسيًا في دعم هذا الهجوم، فقد أعلنت روسيا يوم الإثنين أنها توفر ممرًا آمنًا للثوار وعائلاتهم للخروج من الغوطة، وفي الوقت نفسه هناك نحو 400 ألف مواطن مدني يقعون تحت الحصارالحكومي الوحشي وقصف القنابل والصواريخ.
المتحدث باسم المعارضة السورية وائل علوان قال إنهم يرفضون هذا العرض ووصفه بأنه “حرب نفسية”، وأضاف أن المعارضة قامت بسدّ خطوط دفاعها بعد أن تهدمت في أيام الهجوم الأولى.
ترفض المعارضة بشكل عام اتفاقيات الإخلاء وتقول إنها تعتبر “هندسة ديموغرافية” وهو تكتيك تقوم الحكومة من خلاله بإزاحة خصومها بالقوة، وناشد الأمين العام للأمم المتحدة أنطوني غوتريس جميع الأطراف بالالتزام بوقف إطلاق النار لمدة 30 يومًا الذي دعا إليه مجلس الأمن يوم 24 من فبراير للسماح للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى المدنيين حيث إنهم في أمسّ الحاجة إليها.
وصل إلى الغوطة بشكل استثنائي قافلة مساعدات واحدة يوم الإثنين، لكنها أجُبرت على قطع مهمتها وسط القصف الحكومي الشديد، ومن المقرر أن تصل قافلة أخرى اليوم الخميس، وقالت وكالات الإغاثة إنها تتفاوض للحصول على ضمانات أمنية لحماية البعثة.
المصدر: الغارديان