يواصل موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، الانصياع للأوامر والتوجيهات الإسرائيلية في محاربة المحتوى الفلسطيني الوطني واستغلال منصته الشهيرة لحذف وإغلاق المئات من الحسابات الخاصة والصفحات الإعلامية النشطة، بحجة مخالفاتها لشروط النشر.
الاتهامات الفلسطينية لإدارة “فيسبوك”، ودعوات المقاطعة لأشهر مواقع التواصل الاجتماعي، تتصاعد يومًا بعد يوم، خاصة بعد حملته الأخيرة التي شنها بإغلاق أكثر من 300 حساب وصفحة فلسطينية بسبب منشورات مناهضة للاحتلال وتدعم الانتفاضة والمقاومة.
تركيز “إسرائيل” على قمع الوجود الفلسطيني على فيسبوك، جاء إثر اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”، وفي الوقت الذي يبذل فيه اليمين الإسرائيلي المتطرف كل ما بوسعه لإفشال حل الدولتين مع الفلسطينيين.
ما علاقة “إسرائيل”؟
بشكل علني صرح وزير العدل الإسرائيلي إيليت شاكيد، في ديسمبر الماضي، أن حكومته قدمت 158 طلبًا إلى فيسبوك، خلال أربعة أشهر، تطلب فيهم إزالة محتوى مواقع اعتبرتها “تحريضية”، وأضاف أن فيسبوك وافق على 95% من تلك الطلبات.
وفي سبتمبر/أيلول 2016، وقّعت إدارة فيسبوك اتفاقًا مع وزارة العدل الإسرائيلية، يقضي بمراقبة المحتوى الفلسطيني على الصفحات والحسابات الشخصية.
ولا ينكر مسؤولو فيسبوك أنهم ينفذون أوامر “إسرائيل” والولايات المتحدة، فيما يتعلق بحظر المواقع التي لا تعجبهما، مؤكدين أن واشنطن وتل أبيب لهما سلطة الإملاء على فيسبوك: مَن المسموح له استخدام المنصة للتواصل مع العالم، ومن تحظر مواقعه في شتى أنحاء العالم.
وفق التجمع الإعلامي الفلسطيني، فإن إدارة فيسبوك أقدمت منذ بداية العام الحاليّ 2018 على حذف 60 حسابًا فلسطينيًا “على خلفية منشورات مناهضة للاحتلال الإسرائيلي وجرائمه”
يبدو أن فيسبوك يرضخ لمشيئة الأقوى، لهذا فإنه يحظر ويغلق المواقع الفلسطينية، لكنه لا يكترث بما يقال على المواقع الإسرائيلية من عنصرية وشتائم، لأن الفلسطينيين هم الأضعف، في حين أن الإسرائيليين هم الأقوى بلا شك في نظره، وقد بات الحديث عن حرية التعبير ممجوجًا، طالما أن هذه الحرية مقتصرة على القوي فقط.
وكان برلمان الاحتلال الإسرائيلي (الكنيست) قد صادق في الثالث من كانون الثاني الماضي، بـ”القراءة الأولى” وبأغلبية نوابه، على قانون فيسبوك الذي يسمح للمحاكم الإسرائيلية بإزالة وحذف مضامين عن شبكة التواصل الاجتماعي بزعم أنها تندرج تحت بند التحريض.
ويلزم القانون إدارة فيسبوك وشبكات التواصل وشركات الإنترنت المزودة للمضامين بحذف وشطب أي منشورات قد تؤدي إلى ارتكاب أفعال جنائية (المقاومة)، حيث يدعي الوزير إردان أن القانون سيعمل على وقف العمليات الفلسطينية.
ووفق التجمع الإعلامي الفلسطيني، فإن إدارة فيسبوك أقدمت منذ بداية العام الحاليّ 2018 على حذف 60 حسابًا فلسطينيًا “على خلفية منشورات مناهضة للاحتلال الإسرائيلي وجرائمه”، فيما تم حظر النشر على أكثر من 100 حساب على خلفية صور ومنشورات عن الشهداء الفلسطينيين.
كما وثق مركز “صدى سوشال” خلال تقريره الشهري، أكثر من 100 انتهاك من موقع فيسبوك خلال شهر فبراير/شباط الماضي، شملت حذف 48 صفحة وحسابًا شخصيًا، بالإضافة إلى 52 حظر نشر وحذف منشورات.
ورصد التقرير ارتفاعًا ملحوظًا لعدد الانتهاكات ضد المحتوى الفلسطيني على فيسبوك، حيث شهد فبراير الماضي، ازدياد عدد الانتهاكات التي وصلت لأكثر من نصف انتهاكات عام 2017 كاملًا.
كان نشطاء فلسطينيون على مواقع التواصل الاجتماعي، قد أطلقوا حملةً إلكترونية رفضًا للهجوم الذي يشنه موقع فيسبوك ضد المحتوى الفلسطيني من خلال حذف مئات الحسابات والصفحات استجابة لطلبات الاحتلال
واعتبر الناشطون الفلسطينيون التصعيد من فيسبوك ضد المحتوى الفلسطيني، ترجمة فعلية لما تم الاتفاق عليه بين إدارة الموقع وسلطات الاحتلال والقاضي بمراقبة المحتوى وتقييد حرية النشر والتعبير بما يخدم مصلحة الاحتلال.
مسؤول وحدة الإعلام في مركز التنمية والحريات الإعلامية “مدى” غازي بني عودة، يقول: “السلطات الإسرائيلية تستغل تفاهمات أبرمت مع إدارة موقع فيسبوك قبل نحو عامين لإغلاق وإزالة محتويات تحريضية”.
مضيفًا “الإجراء يمس بشكل كبير حرية التعبير، وهناك العشرات من الحسابات أغلقت بدعوى التحريض علمًا أن ما نشر عليها بعيدًا عن التحريض بحسب المعايير العالمية”، موضحًا أن السلطات الإسرائيلية في السنوات الماضية اعتقلت عشرات الفلسطينيين بزعم نشر مواد تعتبرها تحريضية.
شريك في الجريمة
وأوضح أن إدارة الموقع لم تقم بذات الإجراء لعشرات الصفحات الإسرائيلية التي تحرض بشكل علني على قتل الفلسطينيين، وحتى قتل الصحفيين، قائلًا “إدارة فيسبوك تتحمل جزءًا من المسؤولية كونها تتيح الأمر باتجاه واحد”.
“الاستهداف المتصاعد من فيسبوك للمحتوى الفلسطيني، لا يقل خطورة عن الاستهداف الميداني للصحفيين الفلسطينيين ووسائل الإعلام من الاحتلال، حيث يسعى الطرفان إلى تغييب وطمس الرواية الفلسطينية لصالح رواية المحتل”، يقول توفيق السيد سليم، رئيس التجمع الإعلامي الفلسطيني.
ويضيف “منذ بداية العام الحاليّ 2018، أقدمت إدارة فيسبوك على حذف 60 حسابًا فلسطينيًا على خلفية منشورات مناهضة للاحتلال الإسرائيلي وجرائمه بحق شعبنا، وداعمة للمقاومة، فيما تم حظر النشر على أكثر من 100 حساب على خلفية صور ومنشورات عن الشهداء الفلسطينيين”.
صرح منسق مركز “صدى سوشال”، إياد الرفاعي، بأن الحملة ضد إدارة فيسبوك مستمرة، وأن حملة التغريد “خطوة فقط، وستشهد الفترة المقبلة فعاليات ميدانية، وخطوات تجميد وقف النشر على فيسبوك لوقت محدد، وسيتم إعلان تلك الخطوات تباعًا”
ويزيد: “الاستهداف المتواصل من إدارة فيسبوك للصفحات والمحتوى الفلسطيني، يشكل انحيازًا واضحًا لصالح الاحتلال الإسرائيلي، واعتداءً على حرية الرأي والتعبير، وتجاوزًا لكل المواثيق والقرارات الدولية التي تكفل للجميع التعبير عن آرائهم بحرية”.
واعتبر السيد سليم أن فيسبوك فقد صفته كموقع اجتماعي وتحوّل إلى جهاز رقابي وشريك في الجريمة ضد الفلسطينيين.
وكان نشطاء فلسطينيون على مواقع التواصل الاجتماعي، قد أطلقوا حملةً إلكترونية رفضًا للهجوم الذي يشنه الموقع ضد المحتوى الفلسطيني من خلال حذف مئات الحسابات والصفحات استجابة لطلبات الاحتلال.
وبلغت نسبة التفاعل الوسم FBfightsPalestine#، أكثر من 66 مليونًا، فيما بلغت نسبة وصول قرابة 10 مليون، وتركزت الحملة حول نشر معلومات تفضح إدارة الفيسبوك وانحيازها للاحتلال ونشر معلومات وإحصائيات تشير إلى حجم الحملة ضد المحتوى الفلسطيني.
الحل والبديل المطروح
صرح منسق مركز “صدى سوشال” إياد الرفاعي، بأن الحملة ضد إدارة فيسبوك مستمرة، وأن حملة التغريد “خطوة فقط، وستشهد الفترة المقبلة فعاليات ميدانية، وخطوات تجميد وقف النشر على الفيسبوك لوقت محدد، وسيتم إعلان تلك الخطوات تباعًا”.
قال وكيل وزارة الاتصالات سليمان الزهيري: “موقع فيسبوك يعتبر انتقاد الاحتلال الإسرائيلي تحريضًا ومسألة غير مقبولة”
وأشار الرفاعي إلى أن “فيسبوك يتعامل مع المحتوى الفلسطيني بطريقة مختلفة عن نظيره الإسرائيلي، ويغض الطرف عن محتوى تحريضي تبثه صفحات إسرائيلية”، لافتًا إلى أنه “في الوقت الذي يضيق فيه على المحتوى الفلسطيني، لا يلقي بالًا لمنشورات التحريض من الإسرائيليين التي بلغ معدلها منشورًا تحريضيًّا واحدًا كل 47 ثانية وفقًا لعدد من الدراسات والأبحاث المحلية”.
بدوره قال وكيل وزارة الاتصالات سليمان الزهيري: “فيسبوك شركة أمريكية، وستحارب أي محتوى لا يرضي “إسرائيل” سواء كان فلسطينيًا أو حتى عربي”، مضيفًا “الموقع لا يميز بين حق الشعب الفلسطيني في النضال السلمي من خلال حرية التعبير والإرهاب، كما يتجاهل حق الشعب الفلسطيني الخاضع للاحتلال بالمقاومة بالطرق المشروعة دوليًا”.
وبحسب الزهيري، فإن “موقع فيسبوك يعتبر انتقاد الاحتلال الإسرائيلي تحريضًا ومسألة غير مقبولة”، متسائلًا عما إذا كانت مطالبة الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال في تقرير مصيره بإقامة دولته على أرضه تحريض؟”.
وبشأن إمكانية التواصل مع إدارة الموقع العالمي، يرى الزهيري أن “الأمر لا يكون فلسطينيًا وإنما عربي بامتياز بشن حملة من المنظمات العربية على فيسبوك باعتبار أنه ظالم”.