خسارات متتالية لميليشيا الوحدات في عفرين، وتقدم سريع لعملية “غصن الزيتون” التركية خلال الأيام القليلة الماضية، حيث بسطت الأخيرة سيطرتها على ناحية شران، وقد سبقها السيطرة على ناحية بلبل وناحيتي راجو وشيخ الحديد الإستراتيجيتين ليؤمنوا الطريق إلى ريف إدلب الشمالي في الأسبوع نفسه.
كما استطاعت قوات “غصن الزيتون” السيطرة على عدد من القرى في محور ناحية شران، منها قرى خربة شران والسنكري ومتلي وقطمة ومعسكرها، ولتؤمن غصن الزيتون مناطق سيطرتها بعد السيطرة على تلال محيطة بقرية قطمة، وقد كانت تلك التلال ترصد مناطق المعارضة غرب أعزاز، كما سيطرت الأخيرة على قرى تل حمو في محور جنديرس التي تبعد عن مركز المدينة من الجهة الجنوبية الغربية 12 كيلومترًا.
وقد سيطر الجيش التركي والجيش السوري الحر المشارك معه يوم الأربعاء الماضي على قرية كفر جنة ومعسكرها وقريتي حلوبي صغير ومشعلة إضافة إلى سد ميدانكي، وهذه القرى تتبع إداريًا ناحية شران، واقتصر تقدم “غصن الزيتون” على هذا المحور فقط.
وقد سيطرت هذه القوات يوم الخميس الماضي على ناحية جنديرس وتلتها، لتصبح خامس ناحية تتبع لريف عفرين، يضاف لها مناطق معرستة وشوارغة الجوز غرب مدينة أعزاز وحلوبي كبير بريف شران، إضافة إلى معسكر زغور بالريف نفسه، والسجن الأسود بمحور راجو الذي كان يعد السجن الرئيسي لدى الميليشيات الكردية، حيث كانت تعتقل معارضيها السياسيين والمحليين من الأكراد والعرب الذين كانوا يعبرون أراضيها إلى ريف حلب الشمالي، حيث سجل هذا السجن بحسب الذين خرجوا منه بفترات سابقة، أسوأ معاملة بحق السجناء وتعرضهم للتعذيب والجوع، بحسب كثير من الناشطين.
في حال سيطرة قوات “غصن الزيتون” على قرية الهوى غرب بلدة مريمين، ستتمكن من الاقتراب أكثر من مركز المدينة، مما سيجعل الميليشيا عرضة للاستهداف الفوري، وتهديد معقلها
وسجلت غصن الزيتون تقدمًا كبيرًا على حساب ميليشيا الوحدات، فقد سيطرت الجمعة على قرية كفر صفرة في محور جنديرس، وقرية كشكدار في محور شنغال، بريف عفرين الشمالي الغربي، كما سيطرت على قرية كفر مز وقرتي مريمين وأناب أولى القرى العربية التي احتلتها الميليشيا مطلع عام 2016.
كما يوجد في هذه عشرات المقار لجيش الثوار وهم من المكون العربي الذي ينضوي تحت ميليشيا سوريا الديموقراطية، بقيادة أبو علي برد، إضافة إلى القرى، فقد سيطرت غصن الزيتون على سلسلة تلال محيطة بقرية مريمين من جهة الغرب، وهذه التلال أصبحت ترصد أحياءً من مدينة عفرين كحي الأشرفية الواقع في الجزء الشرقي من المدينة.
تأتي هذه الانسحابات الكبيرة لميليشيا الوحدات من القرى المحيطة بعفرين وتمركزها داخل المدينة وخصوصًا بعد سيطرت غصن الزيتون على قرية مريمين والتلال المحيطة بها أصبحت المسافة التي تفصل غصن الزيتون عن عفرين كيلومترين، مما يعني أن الميليشيات تراجعت إلى الخلف للتحصن في الدفاعات الأولى للمدينة، فالانهزام النفسي الذي تتعرض له عناصر الميليشيا بشكل متتالي لعب دورًا كبيرًا في أرض المعركة، كما أن تخوين قادة الميليشيا من قبل عناصرهم على تسليم المناطق والانسحابات المتتالية منها تبعًا، جعل الميليشيا في تخبط وتعيش في حالة هلع وخوف وتكتفي بالتحصين حول المدينة.
ميليشيا الوحدات تخشى الحصار في جيوب جبلية في الشمال الغربي لعفرين بين محوري راجو وبلبل تتجمع فيهما عشرات القرى، وفي الجنوب الغربي منها بمحور جنديرس، وناحية معبطلي غرب المدينة، مما يرجح أن الميليشيات ستعزز قواتها داخل المدينة لبقائها تحت سيطرتها، خاصة بعد سيطرة غصن الزيتون على تلال مريمين الإستراتيجية، ومن محور جنديرس أصبحت المسافة التي تفصل الأخيرة عن المدينة 12 كيلزمترًا متكونة من ست قرى، وهذا ما يزيد خوف الميليشيا من وقوعها في حصار مطبق.
سنشهد خلال الأسبوع القادم معارك ضخمة وتقدم كبير لغصن الزيتون، وخصوصًا بعد إفراط جهد الميليشيا على تحصين معقلها الرئيسي في عفرين
وفي حال سيطرة غصن الزيتون على قرية الهوى غرب بلدة مريمين، ستتمكن من الاقتراب أكثر من مركز المدينة، مما سيجعل الميليشيا عرضة للاستهداف الفوري وتهديد معقلها، والسيطرة على قرى “كن كورك وطلف وكفر زيتا وكوكبة وعبن دارة وقرزيحل” من محور تل حمو، مما سيجعل الميليشيا تنسحب بشكل كلي من القرى غرب المدينة وحتى مركز المدينة إلى مناطق تل رفعت ودير جمال العربيتين، ومن الممكن تمهيدًا لانسحابها من المنطقة إلى منبج والرقة، عبر مناطق النظام، مما سيمكن الطائرات التركية من القضاء على من بقي، خلال خروجهم من المدينة وهذا في حال فكرت الميليشيا بالانسحاب من المدينة.
وإن رفضت ذلك فقد تكون جنت على نفسها؛ فالطيران التركي يقصف مقارها ومعسكراتها بشكل دوري، مما سيعقد المسألة أكثر على قوات غصن الزيتون، فالتحصينات التي اتبعتها الميليشيات حول المناطق التي تقع تحت سيطرتها، وخطة التلغيم اتبعتها من “داعش”، فقد لغمت الميليشيا الطرق والمقار في حال الانسحاب من القرى التي تشهد معارك شرسة ما بين غصن الزيتون من جهة وميليشيا الوحدات من جهة أخرى.
اختيار الميلشيات قد يقرر مدى طيلة المعركة التي تمكنها من ردع قوات غصن الزيتون عن مناطقها، التي يمكن أن تستمر لأسابيع أخرى في حال اختارت الميليشيات الخيار الأصعب وأخذت على عاتقها المقاومة ومجابهة غصن الزيتون، وعلى ما يبدو فإن الميليشيا لم يبق لديها أي قرار حيال هذا الأمر وخصوصًا بعد خسارة حاشيتها الشعبية ونزوح مئات العائلات إلى قرى حربل ومحوش ودير جمال بريف حلب الشمالي، وهذه القرى عربية احتلتها الميليشيا مطلع عام 2016.
كما أننا سنشهد خلال الأسبوع القادم معارك ضخمة وتقدم كبير لغصن الزيتون، خصوصًا بعد إفراط جهد الميليشيا على تحصين معقلها الرئيسي في عفرين، ومن الممكن انسحاب الميليشيا إذ لم تتلق دعمًا بريًا من الميليشيا الإيرانية وميليشيا النظام بشكل فعلي عبر قريتي نبل والزهراء.