منذ شهور طويلة ينشط “اللوبي الصهيوني” في كل اتجاه ويطرق كل الأبواب، من أجل تحقيق حلمه الكبير الذي طالما تمناه بالحصول على عضوية “غير دائمة” في مجلس الأمن الدولي لعام “2019/2020″، وسط مخاوف من مفاجآت قد تقدمها بعض الدول العربية “الكبيرة” كـ”عربون صداقة” للدولة العبرية.
الدبلوماسية الإسرائيلية لم تتوقف للحظة واحدة، بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة بعد وصول دونالد ترامب للحكم، فتحاول حشد التأييد العربي والدولي لهذا الغرض، في ظل الحديث الإسرائيلي المتكرر عن توجه لدى بعض الدول العربية بالتصويت لصالح عضوية “إسرائيل” ومنحها مقعدًا غير دائم في مجلس الأمن الدولي في الاقتراع الذي سيجري في يوليو/تموز المقبل.
“إسرائيل” تعوّل كثيرًا على دعم الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية، في الوقت نفسه تنافس ألمانيا وبلجيكا على المقعد الذي تأمل شغله بمجلس الأمن، الأمر الذي دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، للقيام بزيارات إلى العديد من الدول الإفريقية في الأشهر الأخيرة، أملاً في حشد أصوات هذه الدول، كما أجرى نتنياهو اتصالات مكثفة مع زعماء آسيويين وأوروبيين للغرض نفسه.
هل ستنجح “إسرائيل”؟
أعلن رئيس البرلمان العربي، في الـ7 مارس/آذار الحاليّ، تنفيذ خطة تحرك برلمانية عربية، للتصدي للتغلغل الإسرائيلي في القارة الإفريقية وإفشال المسعى الإسرائيلي للحصول على مقعد في مجلس الأمن.
رئيس لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب المصري، وعضو البرلمان العربي اللواء سعد الجمال، قال إن “جامعة الدول العربية والبرلمان العربي، يبذلون قصارى جهدهم في الوقت الحاليّ، لتفويت الفرصة على انضمام “إسرائيل” لمجلس الأمن”.
يقول حسن خريشة النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني إن “وصول “إسرائيل” إلى مجلس الأمن الدولي وحصولها على عضوية غير دائمة، سيكون انتكاسة خطيرة للفلسطينيين والأمتين العربية والإسلامية”
وأضاف “البرلمان العربي سيرسل وفودًا إلى الدول الخمسة الأعضاء في مجلس الأمن، وعلى رأسهم روسيا لإقناعهم بعواقب انضمام “إسرائيل” لمجلس الأمن، المسيئة ليس للقضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني فحسب، وإنما لمبادئ الشرعية الدولية التي أسست من أجلها الأمم المتحدة والأجهزة التابعة لها”.
وأشار الجمال إلى أن “إسرائيل” تعول على تبني عدد من الدول الإفريقية لترشيحها والتصويت لصالحها، ولكن في المقابل هناك 10 دول عربية إفريقية سيكون لهم دور كبير في حسم التصويت ضد “إسرائيل”، لافتًا إلى أن الفيتو الأمريكي الذي استخدمته في وجه أعضاء مجلس الأمن الـ14 الرافضين لقرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”، أبرز دليل على رفض غالبية دول العالم لمخالفة أمريكا و”إسرائيل” للشرعية الدولية.
وكان الرئيس الأمريكي قد أعلن، في 6 من ديسمبر/كانون الثاني، الاعتراف بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل” وهو ما تبعه مطالبة مصر للمجلس بتبني قرار بمنع كل الدول من إقامة بعثات دبلوماسية في مدينة القدس المقدسة تطبيقًا لقرار مجلس الأمن 478 لسنة 198. وهنا يقول حسن خريشة النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، في تصريحات خاصة لـ”نون بوست”: “وصول “إسرائيل” إلى مجلس الأمن الدولي وحصولها على عضوية غير دائمة، سيكون انتكاسة خطيرة للفلسطينيين والأمتين العربية والإسلامية”.
خريشة أكد لـ”نون بوست” مخاوفه من أن تنجح “إسرائيل” في الوصول لكرسي مجلس الأمن الدولي، من خلال مؤامرة أو “طبخة” يتم تجهيزها مع دول عربية أو إفريقية، في ظل حالة “اللهث” العربي لإقامة علاقات مع الاحتلال والتطبيع السياسي والاقتصادي والثقافي معه.
ووصف النائب الفلسطيني، سعي “إسرائيل” ونشاط دبلوماسيتيها للحصول على مقعد بمجلس الأمن بأنه “معركة حقيقية”، يجب على الدول العربية الانتباه لها جيدًا، وألا تكون ممرًا يسمح للاحتلال بتنفيذ مخططاته العنصرية الفاشية، والاصطفاف بجانب القضية والمشروع الفلسطيني وليس دعم تصفيته والقضاء عليه.
مندوب فلسطين الدائم بالجامعة العربية جمال الشوبكي:”مجلس الجامعة وافق على اتخاذ قرار تشكيل اللجنة خلال اجتماع دورته العادية الـ148 على مستوى المندوبين الدائمين”
فشل عربي
جدد قرار الجامعة العربية الخاص بتشكيل لجنة خماسية للتصدي لمحاولة “إسرائيل” الحصول على عضوية غير دائمة لمجلس الأمن الخلاف عما إذا كانت الدبلوماسية العربية قادرة على كبح جماح سلطات الاحتلال أم أنّ “إسرائيل” لديها من العلاقات الدبلوماسية ما يمكنها من الانضمام. ويقلل خبراء من نجاح الدبلوماسية العربية في الحيلولة دون حصول “إسرائيل” على عضوية مجلس الأمن.
حيث يقول مندوب فلسطين الدائم بالجامعة العربية السفير جمال الشوبكي إن “مجلس الجامعة وافق على اتخاذ قرار تشكيل اللجنة خلال اجتماع دورته العادية الـ148 على مستوى المندوبين الدائمين”.
وستضم اللجنة، حسب الشوبكي، رئاسة القمة العربية الأردن، ورئاسة المجلس الوزاري جيبوتي، ودولة فلسطين، والأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط، بالإضافة إلى الدولة العربية العضو في مجلس الأمن (مصر).
وتتلخص أهداف اللجنة بحسب السفير الفلسطيني في دعم القضية الفلسطينية، ومتابعة تنفيذ قرارات القمة العربية الأخيرة في الأردن، وقرارات المجلس الوزاري العربي، مضيفًا “الجانب الفلسطيني سيطالب بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني من مجلس الأمن والأمم المتحدة، وأيضًا بالعضوية الكاملة في مجلس الأمن”.
وشدد الشوبكي على “ضرورة أن تكون هناك جهود عربية مكثفة، لمنع “إسرائيل” من الحصول على عضوية مجلس الأمن، أو الحصول على أصوات الدول الإفريقية”. ويعلق الخبير الفلسطيني ياسر أبو سيدو مسؤول العلاقات الخارجية بحركة فتح، على قرار الجامعة بأنه غير مجدٍ، ولا يمكن التعويل عليها كثيرًا.
استدل الخبير الفلسطيني على حديثه بما حدث في عام 1991 عندما أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا يقضي بأن الصهيونية تساوى العنصرية، ومع تصويت الجمعية على القرار صوتت دولتان عربيتان ضد المشروع وانتهى الأمر لرفض الجمعية العامة للأمم المتحدة للقرار
وقال الشوبكي إن “الدبلوماسية العربية حاليًّا ضعيفة ومن المتوقع أن تحصل “إسرائيل” على العضوية التي تسعى لها، إلا إذا وجدنا تحركات عربية ذاتية يمكن أن تقوم بها مصر والمملكة العربية السعودية”.
لافتاً إلى أنه يجب على العرب إن أرادوا ذلك أن يستخدموا قوتهم الناعمة، والتواصل مع الدول التي لها حق التصويت لمنع تل أبيب من دخول مجلس الأمن، قائلاً: “العرب لا يعول عليهم، وليسوا على قلب رجل واحد”.
الخبير الفلسطيني استدل على حديثه بما حدث عام 1991 عندما أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا يقضي بأن الصهيونية تساوي العنصرية، ومع تصويت الجمعية على القرار صوتت دولتان عربيتان ضد المشروع وانتهى الأمر لرفض الجمعية العامة للأمم المتحدة للقرار.
ويتفق معه الباحث في العلاقات الدولية محمد حامد في أن العرب عليهم أن يبذلوا جهدًا كبيرًا لو أرادوا منع “إسرائيل” من دخول مجلس الأمن، مشيرًا إلى أن اللوبي الإسرائيلي يملك قوة لا يستهان بها على مستوى العالم.
وقال حامد: “الأمر سيكون أشبه بمبارزة دبلوماسية بين العرب و”إسرائيل” ونجاح المجموعة العربية متوقف على مزيد من الجهود لكسب تعاطف الدول الإفريقية ودول أمريكا اللاتينية، مع الأخذ في الاعتبار أنه كان مفترض أن تنعقد قمة إسرائيلية إفريقية في الأيام المقبلة إلا أنها ألغيت.
وبحسب حامد فإن الموقف العربي مستهجن وغريب ﻷن “تل أبيب” صرحت في أكثر من موقف أن تطبيع العلاقات مع العرب إيجابي بشكل غير مسبوق وهناك تقارب كبير مع الحكومات العربية في الفترة الأخيرة.
من المفترض أن يجرى اقتراع في يوليو 2018، لاختيار أعضاء جدد غير دائمين بمجلس الأمن
حامد تساءل في الوق نفسه: “لماذا تطبع الحكومات العربية علاقاتها مع “إسرائيل” ثم تسعى للانتصار عليها دبلوماسيا؟ لافتًا إلى أن العالم العربي يعيش حاليًّا مرحلة التطبيع الكبير مع “إسرائيل” وبالتالي فإن نجاح اللجنة التي شكلتها الجامعة العربية صعب.
يذكر أنه منذ عام 2000، تسعى “إسرائيل” للحصول على مقعد بالمجلس الأممي، فيما يتطلب حصولها على أحد المقاعد المؤقتة في المجلس، تصويت ثلثي أعضاء الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة والبالغ عددهم 193 دولة. ولتحقيق هذا الهدف، تركز تل أبيب على القوة الدبلوماسية للقارة السمراء، التي لها قرابة 60 مقعدًا في الأمم المتحدة، لكنها تتخوف من التحركات العربية المضادة.
ومن المفترض أن يجرى اقتراع في يوليو 2018، لاختيار أعضاء جدد غير دائمين بمجلس الأمن. ويتكون مجلس الأمن الدولي من 15 دولة، بينهم 5 دائمة العضوية، هي روسيا والولايات المتحدة والصين وفرنسا وبريطانيا، وتملك أي دولة منها حق النقض “الفيتو”، و10 دول أخرى غير دائمة العضوية.