ربما تكون من أكثر المعجبين بشبكة نيتفليكس، لم لا، فهي من أكثر الشبكات نجاحًا في وقت قصير، استطاعت منافسة عملاق الدراما الغربية هوليوود، لتنتج الأفلام والمسلسلات الأعلى مشاهدة حول العالم، بعد أن وصل عدد المتابعين لها أكثر من 117 مليونًا بينهم أكثر من 63 مليون مشاهد دولي خارج الولايات المتحدة لتحقق الشبكة أرباحًا قُدرت بـ11 مليارًا في عام 2017 فقط.
يشاهد مستخدمو شبكة نيتفليكس محتويات الشبكة المتنوعة بين المسلسلات والأفلام والعروض الكوميدية والوثائقيات بمعدل يصل إلى 10 مليارات ساعة متوسط عدد الساعات الإجمالي، فيما يساوي مئة مليون ساعة يومية يقضيها المشاهدون على شبكة نيتفليكس بحسب إحصاءات الشركة.
هذا يعني أن أي محتوى يُنشر على نيتفليكس سيكون له جمهوره الواسع بشكل شبه أكيد، بسبب عدد المشاهدين الهائل المستعد لمشاهدة مختلف أنواع الدراما والمحتوى الترفيهي من كل اللغات، ولكن ماذا عن المحتوى العربي؟ لقد غاب المحتوى العربي، أي المحتوى الترفيهي الأصلي باللغة العربية على نيتفليكس، ولجأ العرب إلى مشاهدة المحتوى الغربي المترجم للغة العربية، إلا أن نيتفليكس بدأت في تغيير ذلك أيضًا، فكما نافست الشبكة هوليوود، بدأت تمتد أيديها أيضًا إلى جيوب العرب.
أول محتوى عربي من إنتاج نيتفليكس
أول ستاند أب كوميدي باللغة العربية على نيتفليكس
يبقى على عاتق شبكة الترفيه الأكبر حول العالم، نيتفليكس، أن تجذب الجمهور العربي للدراما العربية التي هجرها، وحينما جاء الدور على الإنتاج باللغة العربية بالضبط كما أنتجت الشبكة محتويات خاصة بها في المسلسلات الأمريكية والفرنسية والإسبانية، وقع الاختيار على لبنان ليكون البداية، وذلك مع الفنان الكوميدي الساخر اللبناني “عادل كرم” ليكون صاحب أول محتوى عربي تقدمه شبكة نيتفليكس باللغة العربية.
“عادل كرم” ممثل كوميدي لبناني، اشتهر على قناة إم تي في اللبنانية في برنامجه الساخر “هيدا حكي”، كما كان بطلًا للفيلم الفرنسي اللبناني “قضية 23” الذي كان ضمن الأفلام المرشحة لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي لهذا العام.
عرضت شبكة “نيتفليكس” ستاند أب كوميدي، وهو نوع من أنواع الكوميديا الهزلية، للفنان اللبناني “عادل كرم” بعنوان “مباشر من بيروت” وكان أول عرض ستاند أب كوميدي يوجد على الشبكة باللغة العربية، حيث تخصص نيتفليكس ميزانية ضخمة لإنتاج عروض الستاند أب كوميدي، وتهتم به بنفس اهتمامها بالدراما تقريبًا، فتحرص الشبكة على تقديم محتوى ترفيهي راق، فيتجه المشاهد نحو نيتفليكس وهو مطمئن أنه سيُشاهد محتويات تستحق وقته.
ستاند أب كوميدي “مباشر من بيروت” ليس أول عمل حقيقي تعتزم شركة نيتفليكس إنتاجه باللغة العربية، بل قررت الشركة أن تتعاقد مع الممثل نفسه “عادل كرم” لإنتاج أول مسلسل عربي على الشبكة وهو مسلسل “جن”.
هل تبحث نيتفليكس عن الأصالة أم تسرق الدراما لحسابها؟
سيكون مسلسل “جن” أول مسلسل أصلي باللغة العربية على نيتفليكس، مكون من ست حلقات، من إخراج “ميرجان بوشعيا” وأشهر أعماله الفيلم الروائي “كتير كبير” الذي فاز عنه بجائزة أفضل مخرج في مهرجان بكين السينمائي وفاز بجائزة أفضل فيلم في مهرجان “مراكش الدولي”.
يرى مخرج مسلسل “جن” ميرجان بوشيعا أن المسلسل يعد فرصة ذهبية لتصوير الشباب العربي بطريقة مميزة على شبكة عالمية مثل شبكة نيتفليكس، ومستوى الأصالة الذي تبحث عنه نيتفليكس في أعمالها هو ما جذب المخرج للعمل معهم على أول مسلسل عربي من إنتاجهم.
مسلسل “جن” أول مسلسل أصلي باللغة العربية على نيتفليكس، مكون من ست حلقات من المتوقع عرضه بحلول عام 2019
أما عن مؤلف المسلسل فهو المؤلف والمخرج الأردني الشاب “باسل الغندور”، مؤلف الفيلم الأردني الشهير “ذيب” الذي ترشح لجائزة أفضل فيلم أجنبي في أوسكار عام 2016، حيث تدور أحداث الفيلم في الصحراء الأردنية إبان الخلافة العثمانية، كان وصول الفيلم للأوسكار نقطة تحول كبيرة في السينما الأردنية التي لم يصل منها أي فيلم للأوسكار قبل ذلك، حيث كان الفيلم ثاني فيلم للمؤلف “الغندور” واعتمد على طاقم تمثيل غير محترف.
الثقافة العربية غنية بالحكايات، وقدوم نيتفليكس للإنتاج في الشرق الأوسط يُعد نقطة تحول مهمة، كان هذا رأي مؤلف مسلسل “جن” باسل الغندور، حيث عبّر عن سعادته باستثمارات نيتفليكس في المنطقة العربية ووجدها فرصة ذهبية كي يتمتع الجمهور العربي والعالمي بدراما عربية على نيتفليكس.
أما من جانب نيتفليكس فقد أعرب إريك بارماك نائب مدير العروض الدولية الأصلية في شركة نيتفليكس، في تقرير الشركة عن سعادته بفرصة التعاون مع الشرق الأوسط لإنتاج محتوى عربي، حيث أعرب عن سعادته بالعمل مع مجموعة من المواهب الشابة في العالم العربي، وأن الشركة شديدة الحماس لإنتاج أول مسلسل باللغة العربية لإبراز الثقافة العربية دوليًا بعيدًا عن الصور النمطية المحيطة بها.
هل هذا خبر جيد؟
إعلان “ستاند أب مباشر من بيروت” على نيتفليكس
تدور قصة مسلسل “جن” المتوقع تصويره في وقت لاحق هذا العام في المملكة الأردنية وعرضه على شبكة نيتفليكس بحلول عام 2019، حول أحداث خيالية لإطلاق فتاة بالخطأ جن صغير على هيئة صبي في سن المراهقة الذي قد يُهدد العالم فيما بعد.
بعد دخول نيتفليكس للشرق الأوسط خسرت شبكة OSN نحو 10% من مشتركيها
حينما بدأت نيتفليكس بالاتجاه للشرق الأوسط، وتحديدًا المنطقة العربية، امتلأ أرشيفها ببعض الأفلام العربية التي استحوذت عليها ولم تنتجها، مثل الفيلم الإماراتي “زنزانة” أو الفيلم السعودي “بركة يقابل بركة”، إلا أن كثيرًا ممن يعملون في صناعة الأفلام والدراما العربية غير سعيدين بخبر قدوم نيتفليكس للإنتاج بالشرق الأوسط.
شبكة نيتفليكس هي شبكة صناعة المحتويات الترفيهية الأولى في العالم، وبدأ ظهور استحواذها على كثير من شركات الإنتاج الغربية ومنافستها القوية لصناعة الدراما في هوليوود وسحب المشاهدين والمنتجين نحوها تدريجيًا، أما عن الشرق الأوسط فلم يختلف أسلوب الشركة إطلاقًا، إذ كشفت مجلة “ثينك ماركيتينج” المختصة بالتسويق، اتفاقية بين شركة نيتفليكس وشبكة OSN يتضمن تطوير الشركتان جهازًا لمشتركي OSN يمكنهم من مشاهدة محتويات مكتبة نتفليكس، بعد خسارة الشبكة 10.5% من مشتركيها بمجرد دخول نتفليكس للشرق الأوسط، حيث وصل عدد مشتركيها 137 ألف مشترك في نهاية عامها الأول في الشرق الأوسط 2016.
كانت قد خسرت العديد من شركات المقدمة خدمات الكابل التليفزيوني ملايين من المشتركين بعد هيمنة شركة نيتفليكس على صناعة المحتوى الترفيهي وسحب المشتركين وجذبهم إلى شبكتها، لتستمر عوائد تلك الشركات في الانخفاض؛ مما أدى إلى اعتزال الكثير منها صناعة المحتوى الترفيهي لعدم مواكبتها المنافسة القوية التي تحتكرها نيتفليكس.
ربما يتكرر السيناريو نفسه في الشرق الأوسط، فعلى الرغم من اختلاف جمهوره عن الجمهور الأمريكي، فإنه سيناريو محتمل الحدوث، حيث سيمثل ذلك تهديدًا لكل المؤسسات السينمائية المستقلة في العالم العربي التي تسعى لإنتاج محتوى هادف وراق من المنطقة العربية، لتخضع لطلبات ورغبات نيتفليكس في إنتاج محتوى يناسب جمهور الشبكة الدولي ويرضي منتجي الشبكة.