ترجمة وتحرير نون بوست
“من يستطيع الاعتراض على الإطاحة بالقذافي؟ لكن الذي حدث بعد ذلك يجب أن يجعل دعاة التدخل الغربي يخجلون من أنفسهم”. بالجملة السابقة بدأ أوين جونز مقاله في الغارديان البريطانية معتبرا التدخل الغربي في ليبيا سببا أساسيا للأوضاع شديدة السوء التي تمر بها البلاد.
يقول الكاتب أن الأمر يشبه القاعدة التي توجد في محال الفخار: “إذا كسرتها، فأنت تملكها”، الأمر لا يُطبق فقط على الأواني والأكواب، لكن على الدول كذلك. الأمر حدث في العراق، البعض ينقلون عن كولن باول قوله لجورج بوش “لقد صرت الآن تمتلك 25 مليون نفس، أحلامهم وطموحاتهم ومشاكلهم”، لكن الإعلام الغربي جعلهم يفرون بجلدهم والتنصل من مسؤولياهم كزبون كسر فخارة ثم رحل سريعا وهو يطلق صفيرا سعيدا لصرف الانتباه!
ليبيا مثال صارخ على ذلك، فبعد التدخل الأجنبي الناجح والحملة الجوية التي شُنت بتفويض من الأمم المتحدة، الأمر تجاوز الحدود منذ فترة طويلة، لكن مع سفاح قاتل أُطيح به من الحكم، من يستطيع أن يعترض؟
يحكم ليبيا اليوم مجموعات من الميليشيات، الفوضى تتصاعد والانقسامات الداخلية تزداد سوءا، والحرب الأهلية غدت أقرب من ذي قبل، الصحف الغربية لا تتحدث كثيرا إلا عندما تزداد الأمور سوءا بشكل لا يمكن إخفاءه، مثل الاستيلاء على ناقلة نفط من قبل ميليشيات متمردة أو قتل عامل نفط بريطاني أثناء تنزهه أو عند خطف رئيس الوزراء.
وفقا لمنظمة العفو الدولية، فالقيود المتزايدة على حرية التعبير تهدد البلاد، انتهاكات حقوق الإنسان في المناطق التي دعمت القذافي حتى النهاية استمرت وتصاعدت في شكل من أشكال العقاب الجماعي، تم الاعتقال العشوائي لآلاف، عندما تظاهر سكان بنغازي في يونيو من العام الماضي، قُتل 32 شخصا فيما عُرف بالسبت الأسود. وفي طرابلس في نوفمبر، قُتل 46 في احتجاج آخر.
إن إحدى أوضح نتائج ما يسمى “الحرب على الإرهاب” هو اتساع نطاق الأصولية الإسلامية وازدهارها، وليبيا لم تكن استثناء! وطبقا لتقرير صدر عن لجنة تابعة للأمم المتحدة فإن ليبيا أصبحت مصدرا رئيسيا لتجارة السلاح غير المشروعة، تغذي تلك الأسلحة الفوضى في 14 بلدا من ضمنها الصومال، ونيجيريا وسوريا وإسلاميين في مناطق أخرى من العالم.
وفي وسط كل ذلك، تُرسل الولايات المتحدة عدة جنود لتدريب القوات الليبية، لكن المستقبل الليبي يبدو مخيفا! هناك احتمال حقيقي أن تنهار البلاد في أتون حرب أهلية، أو حتى أن تنقسم، وفي حالة غياب تسويات لمشكلات ليبيا المتعددة فسوف تستمر ليبيا في الهبوط إلى الفوضى، ولا عجب أن الحكومات والصحفيين الغربيين الذين أشادوا بنجاح التدخل في ليبيا صامتون الآن، لكن عليهم أن يتحملوا المسؤولية كاملة الآن!