شرق الجزائر العاصمة، على ساحل البحر الأبيض المتوسط بالقرب من وادي سيبوس، تقع عروس الجزائر مدينة “عنابة”، إحدى أجمل المدن في البلاد، حيث الشواطئ الذهبية والمعالم السياحية العصرية والمشاهد الطبيعية الخلابة مثل المرتفعات الجبلية في سرايدي والمعالم التاريخية الجميلة مثل بازيليكا القديس أوغسطينوس.
طبيعة خلابة
تتميز عنابة التي كانت تعرف قديمًا باسم “هيبو” بتربعها على شريط ساحلي بحري تبلغ مساحته 80 كيلومترًا، فيه عديد من الشواطئ الرملية والصخرية ذات المياه الصافية الدافئة، ويعتبر شاطئ سرايدي أحد أجمل هذه الشواطئ، ويوجد وسط غابة تكثر بها أشجار الكاليتوس والصنوبر البحري وبلوط الفلين واللوز والجوز؛ مما يعطي المكان رونقًا آخر فهو بمثابة اللوحة التي تستوقف العابرين للتمتع بجمالها.
على مقربة من خليج شطايبي، تطل جزيرة “كاف عمار” الصغيرة
إلى جانب سرايدي، يجد محبو الاصطياف ضالتهم في شاطئ خليج شطايبي ذي الصخور الجبلية التي أبدعت فيها الأمواج المتلاطمة وشكلت منها فسيفساء رائعة، فانبثقت عن هذه الهندسة الطبيعية سبع مغارات صغيرة مرتبطة ببعضها، تصنع فيها الطيور المهاجرة وكرًا لها في مختلف فصول السنة.
شاطئ سرايدي
وعلى مقربة من هذا الخليج، تطل جزيرة “كاف عمار” الصغيرة، ذات المناظر الخلابة من غابات خضراء نضرة، ورمال ذهبية تحفها طيور النورس التي تمتزج أصواتها مع أصوات الأمواج التي تجذب محبي الألعاب المائية.
معالم تاريخية
فضلاً عن جمالها الطبيعي، تضم المدينة العديد من المعالم والآثار التاريخية القديمة التي تبهر عين السائح بجمالها ودقّة عمرانها وروعة تصميمها، معالم تعتبر الشاهد على الحضارات التي تعاقبت على حكم المنطقة، حتى إنها كتاب تاريخ مفتوح يروي مجد المدينة.
من بين هذه الآثار القديمة التي تعود إلى حضارات عديدة نجد مسجد أبي مروان الذي تم بناؤه سنة 425 ميلاديًا، في عهد الدولة الزيرية خلال عهد المعز بن باديس الصنهاجي، ولزائر هذا المسجد أن يمتّع نظره بالطراز الأندلسي الذي بني به المسجد وبالركائز الأسطوانية والأعمدة الرومانية فيه، وقد سمي بمسجد أبي مروان نسبة إلى عبد الملك بن مروان بن علي الأزدري الذي ولد بمدينة إشبيلية.
توجد في المدينة أيضًا، كنسية كاثوليكية أخرى تعود إلى فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر
من الآثار التي من شأنها أن تجذب عشاق التاريخ أيضًا، نجد آثار هيبون أو التي تعرف باسم “لالة بونة” التي تقع بين تلال المنطقة الجنوبية للمدينة، وتضم آثارًا رومانية مختلفة، مثل مساحة الفوروم الذي كان يستغل للاجتماعات والمناقشات العامة و”فضاء المسرح الروماني” وسوق المدينة الرومانية” المتمثل في ساحة وأروقة ما زالت آثارها قائمة و”الحمامات”.
ويوجد في الموقع الأثري “هيبون”، قبور وتماثيل مختلفة، مثل تمثال القديس أوغسطينوس التي تروي كتب التاريخ أنه عاش في هذه المدينة التي كانت تعتبر في القرون الثلاث الأولى للميلاد من أغنى مدن “إفريقيا الرومانية”. وكان أوغسطينوس واحدًا من أعظم الشخصيات الدينية في العالم المسيحي الذي امتدت فترة حياته من سنة 354 إلى 430 ميلاديًا.
الموقع الأثري “هيبون”
يضم الموقع الأثري “هيبون” متحفًا يحتوي على مجموعة من الآثار منها تماثيل وأواني فضية ونحاسية ولوحات من الفسيفساء لمختلف الحقب التاريخية التي مرت بها المدينة، وتماثيل وجداريات تحمل العديد من الكتابات والصور التي تعكس تعاقب الحضارات على المنطقة.
أما كنيسة القديس أوغسطينوس الواقفة على ربوة هيبونز، فتعتبر من أهم المعالم الأثرية والتاريخية في المدينة، وقد تم إعادة بناء هذه الكنيسة عام 1881 واستمرّت العملية قرابة 20 سنة، وبها تمثال للقديس من البرونز، وتم بناؤها قريبًا من مكان كنيسة قديمة بناها القديس أوغسطينوس، حيث توفي بينما كانت المدينة محاصرة.
كنيسة القديس أوغسطينوس
توجد في المدينة أيضًا، كنسية كاثوليكية أخرى تعود إلى فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر، تحمل اسم “السلام” تأسست سنة 1842 بتشجيع من أسقف الجزائر لافيجري الذي أمر بنقل بعض رفات القديس أوغسطينوس لدفنها هناك، وجرى أول قداس في هذه الكنيسة سنة 1886.
إلى جانب هذه المناظر الطبيعية الخلابة والمعالم التاريخية الرائعة، تتوفر في “عروس الجزائر”ة منشآت سياحية عصرية، تستقطب السياح من داخل البلاد وخارجها، حيث توفّر لهم كل أشكال الراحة والاستجمام.