مرت سبع سنين عجاف وما حصده السوريون لم يذروه في سنبله، إذ أكلت رماح أعدائهم كل ما قدموه من أرواح وتضحيات، سبعة أعوام يقتل فيها السوريون على مذابح الحرية، حيث يقدمون قرابينًا لكي يبقى الطغات على عروشهم، كاتمين على أنفاس المظلومين.
طويت سبع سنين من صفحة الثورة السورية، بكل ما فيها من قتل وتشريد، حيث قتل النظام نحو 600 ألف سوري وهجر 10 ملايين عن مدنهم ومرابع طفولتهم، ولا يزال عشرات الآلاف يقبعون في ظلمات سجونه، يرجون يومًا يرون نور حريتهم، سبع سنين يُنحر فيها السوريون على الهواء مباشرة أمام مرأى العالم الذي لم يحرك ساكنًا ولم يردع مفترسًا فتك وتفنن بقتل شعبه، بل يبارك للجلاد على قتل ضحيته.
ثار السوريون والأمل يحدوهم في حياة كريمة ليس فيها تقديس لعائلة”الأسد” ولا تبجل فيها الطائفة التي استخدمها النظام لأغراضه وتنفيذ أجندته
سبع سنيين وهدير طائرات النظام لم يهدأ، ولم تتوقف حممه عن النزول فوق رؤوس السوريين، حيث استخدم النظام كل أنواع الأسلحة، ولم يكتف بذلك بل جلب الروس الذين أقاموا فوق أرض سوريا معارضًا تعرض فيها أحدث أنواع الأسلحة بذخيرة حية “الفسفور والنابالم وصواريخ كاليبر” يصاحبها تفنن في تزيف القتل وكأن طائراتهم ترش الورود فوق المدن المنكوبة.
منذ سبع سنيين ثار السوريون على نظام جثم فوق صدورهم أكثر من خمسين عامًا، سلب منهم حريتهم وقتل حلم طفولتهم واغتال آمال شباب حولهم إلى معسكر يردد شعارات الممانعة والتصدي التي بها قتل السوريون وحرموا من كل مستحقات الحياة ودفعوا فاتورة تلك الشعارات.
ثار السوريون والأمل يحدوهم في حياة كريمة ليس فيها تقديس لعائلة “الأسد” ولا تبجل فيها الطائفة التي استخدمها النظام لأغراضه وتنفيذ أجندته، فجعلها عصى يضرب بها، ومن يتوجع منها يتهم بالطائفية، فمن يقول مثلاً الضابط الفلاني من “الساحل” فعل ونهب يقال له أنت طائفي!
رغم خطف الثورة وتعثرها بل ومرضها الذي تمر به الآن في ذكراها السابعة، يعلم من قام بها وأضرم شرارتها من أهلها، أنه لا وجود لنصف ثورة، كما يعرفون الأثمان التي سيدفعونها في حال ماتت ثورتهم، فالثورة التي لا تزيح الطغات تقويهم وتسلمهم مشانق الذين ثاروا، فكأنهم يحفرون قبورهم بأيديهم
أشعل السوريون ثورة عفوية عندما وجدوا الظروف التاريخية مواتية لثورة على مستبد مرعب، وككل ثورة لا بد لها من محرك غائي وظرف تاريخي، فكان هذا الظرف موجة أو موضة الربيع العربي الذي رأته الشعوب العربية الحلم المنتظر بعد التحرر من المستعمر الذي خلف أنظمة وظيفية قاتلت كل حرية.
فسارت ثورة الشعب السوري في طريقها المرصود وهي تنهض تارة وتكبوا تارة أخرى، فحطمت حواجز الخوف والتقديس لموروث رسخه النظام في أذهان أجيال، فنحرت الثورة منذ يومها الأول كل هذه التابوهات المقدسة التي كان مجرد التفكير بكسرها ذهنيًا جريمة لا يمكن لعاقل أن يتجرأ ويحدث نفسه بتحطيمها.
نعم هشمت الثورة السورية أسطورة القبضة الأمنية، لكن الثورة العفوية شأنها شأن الربيع العربي سرعان ما خطفت دوليًا وأيديولوجيًا رغم الفوارغ بين الخاطفين، فاستثمرت في حقلها القوى الإقليمية والدولية، وهنا كانت بداية النهاية، فحدثت الصراعات الداخلية بين ثوار الأمس، إذ لبست تلك الصراعات أثوابًا مختلفة دينية وفكرية، فارتمت الثورة في أحضان الداعمين المستثمرين؛ فتجاذبتها مصالح القوى المتناقضة، وهذا ما حدث عند النظام الذي استثمر في حقل الثورة لصالحه واستثمر فيه أيضًا.
بعد مرور السبع العجاف يأمل السوريون أن يروا سبع سنبلات خضر يحصدون ثمارهن ويدخرون ما يحصدون، وتموت اليابسات بشروق نور الحرية
ورغم خطف الثورة وتعثرها بل ومرضها الذي تمر به الآن في ذكراها السابعة، يعلم من قام بها وأضرم شرارتها من أهلها، أنه لا وجود لنصف ثورة، كما يعرفون الأثمان التي سيدفعونها في حال ماتت ثورتهم، فالثورة التي لا تزيح الطغات تقويهم وتسلمهم مشانق الذين ثاروا، فكأنهم يحفرون قبورهم بأيديهم.
فبعد مرور السبع العجاف يأمل السوريون أن يروا سبع سنبلات خضر يحصدون ثمارهن ويدخرون ما يحصدون، وتموت اليابسات بشروق نور الحرية.