إذا كنت قد استثمرت مبلغ 1000 دولار أمريكي في عملة البيتكوين في شهر ديسمبر/كانون الثاني، فقيمة استثمارك هي 400 دولار في الأيام الحاليّة، هذا لا يعني أن استثمارك سيجعلك تخسر كل ما تملك، ولكنه بالتأكيد يعاني أسوأ أيامه على الإطلاق، حيث أثبتت البيتكوين أن توقعات كل من عارض فكرتها كانت على حق.
ربما يكون من المبكر قليلًا الحكم أن كل من عارض البيتكوين كان على حق، إلا أن هذا لا يمنع أن يكون كل من استثمر في البيتكوين يعيش أسوأ لحظات استثماره الآن، إذ اعتبر الخبراء أن الأسبوع الماضي كان الأسبوع الأسوأ على الإطلاق بالنسبة للعملات الرقمية بأكملها وليس فقط البيتكوين، في إشارة إلى أن ما قاله خبراء الاقتصاد وأصحاب الشركات العملاقة للبيتكوين بأنها فقاعة اقتصادية على وشك الانفجار لم يكن بعيدًا تمامًا عن الواقع.
انخفضت قيمة العديد من العملات الإلكترونية بنسبة 25% من قيمتها خلال 24 ساعة فقط من الأسبوع الماضي، ليختفي مبلغ قُدر بـ100 مليار دولار من سوق الاستثمارات في العملات المُشفرة مثل البيتكوين في يوم واحد، حيث خسرت البيتكوين 60% من أعلى سعر وصلت له وهو 20 ألف دولار كانت قد وصلت له منذ شهرين، فتبلغ قيمة البيتكوين الآن في السوق ما يقارب 8235 دولارًا أمريكيًا بعد أن سجلت انخفاضات متتالية خلال الأسبوع الماضي.
يقول خبراء الاقتصاد: على كل من يستثمر أمواله في البيتكوين أن يعرف أنه يُقامر، فلا أحد يتوقع سعر البيتكوين في اللحظة التي تم فيها تحرير هذا الكلام، حيث تتعرض البيتكوين وما يشبهها من عملات مشفرة إلى تخبطات كثيرة تؤثر على قيمتها بشكل يومي، كانت هذه تخبطات البيتكوين الأهم خلال الأسابيع القليلة الماضية.
جوجل وفيسبوك تمنعان إعلانات البيتكوين
ضمن خطة الشركة في الحد من الترويج للمنتجات المالية غير الموثوق بها، أعلن مدير الدعاية والإعلان في شركة جوجل “سكوت سبنسر” أن الشركة ستمنع أي إعلانات ترويجية خاصة بالعملات المشفرة بمختلف أنواعها بما في ذلك إعلانات شركات تداول العملات الرقمية أيضًا، كما ستمنع الشركة أي شكل من أشكال المقامرة على موقعها، بما في ذلك تبادل العملات المشفرة من أجل تعزيز مصداقية الإعلانات على جوجل والحد من الترويج لإعلانات تثير تهديدات أو مخاطر مالية.
حظر شركة جوجل لإعلانات العملات المشفرة ليس الأول من نوعه، إذ سبقتها في ذلك فيسبوك، حينما قرر صاحب أكبر إمبراطورية لمواقع التواصل الاجتماعي مارك زوكربيرغ أن يحظر إعلانات العملات المشفرة على فيسبوك لأن الكثير منها يُستخدم للاحتيال على العديد من المستثمرين، وذلك في خضم التعديلات الجذرية التي تقوم بها منصة فيسبوك حيال سياسية الإعلانات عليها، لتضم من جديد في بداية العام الحاليّ إعلانات العملات المشفرة إلى قائمة الإعلانات المحظورة.
“نحن نريد أن يشاهد المستخدمون إعلانات لا تتضمن مخاطر وتهديدات بالاحتيال على شبكتنا”
روب ليثيرن، مدير منتجات في فيسبوك
لقد وصلت البيتكوين وغيرها من العملات المشفرة لمستويات عالية من الشعبية خلال السنوات القليلة الماضية، إلا أنها الآن تستغل الشبكات الاجتماعية مثل فيسبوك وجوجل للترويج لخدمات شركات بعينها لتداول تلك العملات لجذب العديد من المستثمرين لاستثمار مبالغ طائلة من الأموال على أمل أن يتملكوا ما تخبره الإعلانات الترويجية للبيتكوين عنها، ومن ثم تتركهم وجيوبهم فارغة بعد بضعة أشهر، ولهذا لا تود منصات مثل جوجل وفيسبوك أن تروج لذلك بحسب ما ورد في صحيفة الغارديان عن قرارات حظر الإعلانات.
كانت تلك القرارات تهديدًا كبيرًا للعملات المشفرة، وذلك لأن شركات مثل جوجل وفيسبوك تحقق نسبة كبيرة من أرباحها من الإعلانات، فكان الأولى أن تستغل شركات كتلك شعبية العملات المشفرة المنتشرة حول العالم في خدمة مصلحتها في نشر مزيد من الإعلانات وكسب مزيد من الأرباح في صالحها، إلا أن ردة الفعل المغايرة من جوجل وفيسبوك أثرت على شعبية البيتكوين وبقية العملات المشفرة تأثيرًا سلبيًا.
شركات تُغير اسمها لتركب الموجة
حركة سهم شركة أمريكية غيّرت اسمها من أونلاين إلى أونلاين بلوك تشاين
لم تكن تلك الصفعة الأولى التي تلقتها بيتكوين، بل بدأت مصداقية العملات المشفرة تهتز قليلًا بعدما بدأت تتحول تلك العملات إلى ظاهرة يحاول الكل اللحاق بها خوفًا من فوات الأوان، فالكل يحاول ركب الموجة والاستفادة بالقدر الكافي من ظاهرة البيتكوين، ظهر ذلك في نهاية العام الماضي حينما ظهر في سوق تبادل الأسهم أسماء جديدة لشركات غيرت أسمائها لتضم كلمة “blockchain”، أو ما يُعرف باللغة العربية بالتعدين، لاسمها الأصلي، ليرتفع بعدها خلال وقت قياسي قيمة سهم الشركة لا للضعف بل لثلاثة أضعاف.
رصدت وكالة “رويترز” عددًا ضخمًا من الشركات الأمريكية التي غيرت اسمها الأصلي وأضافت إليه الأسماء المنتشرة مع البيتكوين أو تقنية التعدين لترصد الوكالة اختلافًا ضخمًا في قيم أسهم الشركات قبل التغيير وبعد التغيير لانجذاب المستثمرين للاستثمار في تلك الشركات ظنًا أن لها علاقة بالبيتكوين، وبالفعل زاد عدد المستثمرين في الأسهم كما زادت قيمته خلال وقت قياسي.
لقد استغرقت شركة “فيسبوك” 7 سنوات كاملة ليصبح لديها حصة استثمار تبلغ مليار دولار، إلا أننا نرى هذه الأرقام بشكل عادي جدًا مع شركات ناشئة تزعم أنها تطور خدمات التعدين وتداول العملات الرقمية
لم يعد الأمر واضحًا بين الشركات الحقيقة التي تتعامل بالبيتكوين وتعمل في خدمات العملات المشفرة، والشركات الوهمية، إذ استغلت العديد من الشركات شعبية العملات الرقمية لتركب الموجة وتربح الكثير من الأموال، إضافة لذلك ظهور العديد من الشركات الوهمية التي تزعم عملها في العملات المشفرة إلا أنها بعيدة تمامًا عن العمل في ذلك المجال.
من أين لتلك الشركات كل هذا المال؟
تطبيق “EOS” الذي تمتلكه شركة “بلوك وان” الذي جمعت مليار ونصف دولار من المستثمرين في البيتكوين، ذكرت صحيفة “ووال ستريت جورنال” أن ليس للتطبيق الذي تطوره الشركة أي أهمية حقيقية
إضافة إلى ما سبق، هناك حالة من الاحتيال غير المباشر عن طريق استخدام العملات الرقمية، وذلك من خلال الأخبار المتداولة في كل مكان بما في ذلك مصادر الصحافة الغربية الموثوقة مثل نيويورك تايمز أو رويترز عن شركات استطاعت تحقيق رأس مال يُقدر بعشرات الملايين من الدولارات خلال ساعات قليلة نتيجة الاستثمار في العملات المشفرة، وهو ما يجعل كثير من المستثمرين، خصوصًا المبتدئين أو عديمي الخبرة منهم، لا ينتبهون لتفاصيل عمل الشركات التي يستثمرون فيها.
كان ذلك جزءًا من ثقافة العملات الرقمية التي بدأت تتخلل مواقع التواصل الاجتماعي، فبدأ الشباب المستثمرون في تخصيص قنوات على يوتيوب “فلوغز” خاصة فقط بالحديث عن العملات المشفرة بلغة مفهومة بين الشباب، بالإضافة إلى وجود الكثير من مقاطع الفيديو الخاصة بـ”لغة العملات المشفرة” التي يستخدمها الكثير من المهتمين بعالم العملات الرقمية مثل أغنية الراب الموجودة أعلى.
لقد استغرقت شركة “فيسبوك” 7 سنوات كاملة ليصبح لديها حصة استثمار تبلغ مليار دولار، إلا أننا نرى هذه الأرقام بشكل عادي جدًا مع شركات ناشئة تزعم أنها تطور خدمات التعدين وتداول العملات الرقمية و”تغير المستقبل” بالتقنيات الحديثة التي تحاول جذب المستثمرين نحوها.
هذا لا يعني أن كل شركات العملات المشفرة شركات محتالة، لكن كل ما تتعرض له العملات المشفرة من تخبطات يعني شيئًا واحدًا، ألا وهو أن يظل المستثمر فيها واعيًا وحريصًا لكل ما يحدث من حوله ومنتبها لتفاصيل الأعمال التي يستثمر أمواله فيها لكي لا يقع فريسة للاحتيال.