يبدو أن ردود الفعل المترتبة على تفجير موكب رئيس الحكومة الفلسطينية رامي “الحمدالله”، في قطاع غزة قبل أسبوع تقريبًا، لم تتوقف بعد وهناك خطوات تصعيديه ينوي “الحمدالله” اتخاذها خلال الأيام القليلة المقبلة، وستكون مفاجئة للجميع.
“الحمد الله” وبعد تفجير موكبه خرج في أكثر من مؤتمر صحفي وتحدث بلغة عقلانية عن التفجير وأهدافه ومن يقف خلفه، لكنه كان يخفي قلقًا كبيرًا كاد يودي بحياته نتيجة الخلافات القائمة بين حركتي فتح وحماس الذي أدخل في وسطها.
ونجا “الحمدالله” الذي كان يرافقه مدير جهاز المخابرات الفلسطينية اللواء ماجد فرج، من محاولة اغتيال فور دخوله قطاع غزة الثلاثاء 13 من مارس الماضي، في منطقة بيت حانون شمالًا، وقالت وزارة الداخلية بغزة، إنها تمكنت من إلقاء القبض على بعض المشتبهين في تنفيذ الحادث.
خطوات مفاجئة
“نون بوست” كشف نقلًا عن مسؤول رفيع المستوى في الضفة الغربية المحتلة، أن “الحمدالله” لم يتوقف عن حادثة اغتياله كـ”حدث عادي”، ويسعى لمتابعة التحقيقات التي تجري في غزة والضفة لمعرفة الجهات التي تقف وراء محاولة اغتياله.
وأضاف المسؤول أن “الحمدالله” غاضب جدًا من الحادثة التي كادت أن تودي بحياته، بسبب الخلافات القائمة والمتصاعدة بين حركتي فتح وحماس التي كادت أن تكون حياته ثمنًا لها، في ظل الحديث عن اتهامات متبادلة بين غزة والضفة عن الحادثة.
وذكر المسؤول لـ”نون بوست” أن الحمدالله قرر التصعيد وهدد باتخاذ خطوات “مفاجئة” للجميع في حال لم يتم الكشف عن هوية مدبري عملية اغتياله الفاشلة، مشيرًا إلى أنه وجه طلبًا رسميًا للرئيس الفلسطيني محمود عباس بمتابعة مجريات التحقيق وكشف المنفذين.
دعا رئيس المكتب السياسي لـ”حماس” إسماعيل هنية، حركة فتح إلى عدم التسرع في اتهام حركته والتحلي بالمسؤولية الوطنية ومغادرة مربع المناكفة والجزافية في توزيع التهم
وبحسب المسؤول الفلسطيني، فإن رئيس الحكومة الفلسطينية رفض بشكل قاطع أن يكون “كبش فداء” للخلافات القائمة بين حركتي فتح وحماس، وأنه سيلجأ لخطوات تصعيدية ومفاجئة للجميع في حال لم يتم كشف هوية الجناة وتقديمهم للعدالة.
في الرد الأبرز على الحادثة، حمل الرئيس محمود عباس، ما أسماها “حكومة الأمر الواقع في غزة” المسؤولية كاملة عن هذا “الحادث الإجرامي المدان”، مشيدًا بـ”الموقف المسؤول والشجاع والثابت الذي أبداه رئيس الحكومة ورئيس المخابرات العامة، في إتمام الهدف الذي ذهبا من أجله إلى القطاع للتخفيف من معاناة شعبنا هناك”.
وكان قادة في حركة فتح وجهوا كذلك أصابع الاتهام لحركة حماس بالمسؤولية عن الحادث، لكن الناطق باسم حركة فوزي برهوم قال في تصريح نشره بصفحته على “فيسبوك” إن هدف هذه الاتهامات حماية المجرمين والتأثير على مجريات التحقيق، والتهرب من استحقاقات المصالحة.
كذلك، دعا رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، حركة فتح إلى عدم التسرع في اتهام حركته والتحلي بالمسؤولية الوطنية ومغادرة مربع المناكفة والجزافية في توزيع التهم، معبّرًا عن إدانته أيضًا.
أوراق “الحمدالله”
وكشف المسؤول الفلسطيني، أن إحدى الأوراق التي يهدد بها “الحمدالله” هو تقديم استقالته ووضعها على مكتب الرئيس عباس واعتزاله العمل السياسي والعودة للعمل الأكاديمي، موضحًا أن “الحمد لله كان في السابق يرفض كل الاتهامات التي وجهت له بضلوعه في حصار قطاع غزة وعدم تمكين حكومته من العمل في القطاع”.
وذكر أن “الحمدالله”وضع مهلة زمنية لا تتعدي الـ60 يومًا لاتخاذ أولى خطواته التصعيدية، مشيرًا إلى أنه لا يستبعد أن تكون هناك قيادات فتحاوية تابعة لرام الله تقف وراء حادثة تفجير موكبه، بهدف “خلط الأوراق والزج بحماس في الزاوية وفرض عقوبات وخطوات سياسية صارمة بحقها”.
“الحمد الله”، طالب فور عودته من غزة، حركة حماس بتسليم الأمن لتمكين الحكومة في غزة، وذلك قبل أن يذهب إلى لقاء عباس، في وقت قال فيه الوفد الأمني المصري إنه يدين استهداف الموكب
وتوقع المسؤول ذاته أن يقبل الرئيس عباس استقالة “الحمد الله” فور تقديمها، والإيعاز بتشكيل حكومة فلسطينية جديدة خلال شهر واحد فقط تتولى مسؤولية الضفة الغربية فقط، دون قطاع غزة في ظل فشل حوارات المصالحة مع حركة حماس ورفضه الانصياع للشروط المصرية لإتمام المصالحة.
وتتصدر حادثة استهداف موكب رئيس الوزراء الفلسطيني الأولويات القصوى لوزارة الداخلية بغزة، حيث شكلت لجنة أمنية على أعلى مستوى بحسب الناطق باسمها إياد البزم، للوصول إلى نتائج عن الجهة المسؤولة عن التفجير بغض النظر عن ماهية هذه الجهة كما ذكر.
أما “الحمد الله”، فطالب فور عودته من غزة، “حماس” بتسليم الأمن لتمكين الحكومة في غزة، وذلك قبل أن يذهب إلى لقاء عباس، في وقت قال فيه الوفد الأمني المصري إنه يدين استهداف الموكب.
وفي سياق آخر كشف أن الوفد الأمني المصري الذي وصل رام الله قبل يومين في زيارة سرية، فشل في إحراز أي تقدم بالملفات التي جاء من قطاع غزة لبحثها وعلى رأسها المصالحة ورفع الحصار والعقوبات المفروضة على قطاع غزة.
كما ذكر أن عباس يعتبر الدور المصري انتهى ولا يمكن القبول به، خاصة بعد دورها بجانب السعودية في الضغط عليه للقبول بـ”صفقة القرن” الأمريكية، ومحاولة إظهار النائب محمد دحلان وتصدره المشهد الفلسطيني كخليفته القادم.
يُذكر أن خلافات حادة نشأت في علاقة الرئيس عباس، بالقيادي دحلان الذي فُصل من حركة فتح في يونيو 2011، بعد تشكيل لجنة داخلية من قيادة الحركة وجهت إليه تهمًا بعضها خاص بفساد مالي، وهو ما ينفي الأخير صحتها.