معركة غصن الزيتون التي أطلقتها القوات التركية مصحوبة بقوات الجيش السوري الحر، لطرد ميليشيا الوحدات من منطقة عفرين، شارفت على الانتهاء، وذلك بعد 59 يومًا من انطلاق العملية؛ حيث أحكمت قوات غصن الزيتون كامل سيطرتها على مركز المدينة الأحد 18 من مارس/آذار من الشهر الحاليّ، وريفها المحيط بها الذي شهد معارك عنيفة ومتواصلة، على مدار اليومين السابقين، حيث أعلنت القوات عبر حسابها الرسمي مقتل 70 عنصرًا من الميليشيا، فضلاً عن الخسائر الفادحة بالأرواح والعتاد.
وفي السياق سيطرت قوات غصن الزيتون على ناحية معبطلي غرب مدينة عفرين، لتعد الناحية السادسة التي تسيطر عليها القوات منذ انطلاق العملية، كما تمكنت غصن الزيتون من السيطرة على الطريق الرئيسي الواصل بين مدينة عفرين ومركز ناحية راجو، بالإضافة إلى عدة قرى ومعسكرات تابعة للميليشيات في ريف المدينة الغربي.
وإلى ذلك بسطت غصن الزيتون سيطرتها على عشرات القرى بريف المدينة الغربي التي خضعت لحصار شبه كامل لعدة أيام، وهي قريتي ولاد عرب وخليل أوشاغي ومعسكرات داغ أوشاغي على محور ناحية معبطلي، وقرية كمروك على محور شيخ خروز شمال عفرين ومعسكر حج حسنلي على محور ناحية جنديرس جنوب غرب مدينة عفرين، وقرى حج حسنلي وقنطرة وكوخي وسيلو في ريف المدينة.
خسارة الوحدات في عفرين وانهيارها العسكري أمام الهجوم الذي شنته قوات غصن الزيتون، ليس بالأمر الغريب، فقد بدت المعركة مدروسة ومخططة من جيش عمل على إفناء الميليشيا خارجيًا، كما لعب في الروح المعنوية وذلك في تخلي حليفهم الولايات المتحدة عنهم، والمادية التي تكشف حجم التسليح العسكري الذي تمتلكه الميليشيا والمعسكرات التي عملت طوال السنوات الماضية على تهيئتها عسكريًا ورفدها بأعداد هائلة من عناصر كرد وعرب.
ذكرت مصادر خاصة قيام ميليشيا الوحدات بسرقة مستودعات لتجار مدنيين قبل هروبهم، كما أحرقوا حافلات النقل في كراج عفرين
فرار قياديي الوحدات من المدينة
شهدت مدينة عفرين قبيل السيطرة عليها بيوم واحد تحركات غريبة وخاصة من أفراد الوحدات؛ حيث فرت معظم الشخصيات القيادية البارزة في قوات سوريا الديموقراطية والمسلحين الذين يتبعون لهم إلى مناطق سيطرة قوات النظام في بلدتي نبل والزهراء القريبتين من عفرين، كما تزامن ذلك مع اقتراب قوات غصن الزيتون من مركز المدينة.
كما فر مئات العناصر، مستقلين عشرات السيارات لمدنيين كانوا يمنعونهم من مغادرة عفرين، إلى مناطق قوات النظام ثم إلى منبج بريف حلب الشرقي، وذكرت مصادر ميدانية حالة من الفلتان الأمني والفوضى شهدتها المدينة منذ ساعات الصباح الأولى ليوم السبت 17 من مارس/أذار، وسط غياب المظاهر المسلحة والحواجز الأمنية التابعة لمسلحي الوحدات التي كانت تنتشر بكثرة في أحياء عفرين، وتزامن ذلك مع إقدام الميليشيات على إفراغ المستودعات الإغاثية المخصصة لعناصرها قبيل خروجهم من المدينة.
وذكرت مصادر خاصة لـ”نون بوست” قيام ميليشيا الوحدات بسرقة مستودعات لتجار مدنيين قبل هروبهم، كما أحرقوا حافلات النقل في كراج عفرين، إضافة لإحراقهم الآليات الثقيلة كالتركسات والسيارات المدنية التي لا يمكنهم اصطحابها معهم، إضافة إلى حرق ثبوتيات المؤسسات المدنية داخل المدينة، وذلك بحجة إبعادها عن قوات المعارضة.
فيما نجح مئات المدنيين من أهالي مدينة عفرين في النزوح بعد محاولات عديدة للخروج من المدينة، حيث كانت الميليشيا تمنعهم وتضيق عليهم لاستخدامهم كدروع بشرية، كما أمنت قوات المعارضة خروجهم عبر المناطق التي سيطرت عليها قوات غصن الزيتون، إضافة لموجة نزوح كبيرة من آلاف العوائل إلى مدينة تل رفعت والقرى المحيطة بها بريف حلب الشمالي.
لا تزال عشرات القرى الكردية في جنوب عفرين خاضعة لسيطرة ميليشيا الوحدات
وبعد سيطرة قوات غصن الزيتون على مدينة عفرين يكون حلم الميليشيا تحطم بالتمدد وتشكيل دولتها المزعومة على حساب الأراضي السورية، وذلك للأهمية الإستراتيجية التي تمتعت بها المدينة بالمكان والمساحة طوال السنوات السابقة، كما أن الانسحاب الذي تمتعت به الميليشيات ينذر بأن دورها انتهى بشكل كلي شرق الفرات، ويعيد المقارنة مع انسحاب تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” من ريفي حلب الشمالي والشرقي اللذين كانا يخضعان للتنظيم إبان انطلاق معركة درع الفرات المدعومة من القوات التركية.
ومن جانب آخر لا تزال عشرات القرى الكردية في جنوب عفرين خاضعة لسيطرة ميليشيا الوحدات كقرى سرهان وباسوطة وكيمار وكفير وبزاد وبرج القاص وكفر نابو وباعي وبرج حيدر وبرج الحديد وكياشين وباشمرا وذوق الكبير وعقيبة.
والعديد من البلدات العربية كمدينة تل رفعت وهي أبرزهم التي سيطرت عليها ميليشيا الوحدات مطلع عام 2016، بدعم من الطيران الروسي ونظام الأسد، وقرى مرعناز ومالكية وشوارغة وتنب وتل عجار وكشتعار وابين ودير جمال والزيارة وكفر نايا وكفر ناصح، وعين دقنة ومنغ ومطارها العسكري والشيخ عيسى وحربل وأم حوش وأحرص وقول سروج وحساجك ووحشية وقرامل وجوبة وتل جيجان وشعالة وتل عنيب، إلى الجنوب الشرقي من مدينة مارع الواقعة بريف حلب الشمالي.
وهذه القرى هي الوجه المتوقعة لقوات غصن الزيتون بعد سيطرتهم على المعقل الرئيسي للميليشيا في الشمال الغربي لريف حلب.