مرة أخرى، تحاول المملكة العربية السعودية ابتزاز المغرب، لضمه إلى صفها في معركتها ضد شقيقتها قطر، ليتأكد مجددًا ما ذهب إليه بعض المحللين في وقت سابق، حيث قالوا إنه كلما حاولت دولة عربية أو حتى غير عربية التقرب إلى قطر ورفع مستوى علاقاتها مع هذه الدولة الصاعدة، إلا ووجدت السعوديين يسارعون للتهديد والوعيد والابتزاز لدفع هذه الدولة إلى العدول عن قرارها وفعلتها إن تمت.
مساومة جديدة
“هناك من أخطى البوصلة، إذا أردت الدعم فعرين الأسود في الرياض هو مكان الدعم، ما تقوم به هو إضاعة للوقت دع “الدويلة” تنفعك…! رسالة من الخليج ل المحيط”، تدوينة لتركي آل الشيخ الذي يشغل منصب رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة واللجنة الأولمبية العربية السعودية، فضلاً عن كونه مستشارًا بالديوان الملكي.
https://twitter.com/Turki_alalshikh/status/975425096679612421
وجاءت هذه التغريدة بعد ساعات قليلة من نشره تغريدة مماثلة جاء فيها: “لم يطلب أحد أن ندعمه في ملف 2026، وفي حال طلب منا سنبحث عن مصلحة المملكة العربية السعودية أول”، وأضاف في نفس التغريدة “اللون الرمادي لم يعد مقبولاً لدينا”.
https://twitter.com/Turki_alalshikh/status/975358160851623936
وقبل نشره لهاتين التغريدتين “المثيرتين للجدل”، قال رئيس هيئة الرياضة السعودية تركي آل الشيخ، في حوار مع صحيفة “الرياضية” المحلية، إن بلاده سوف تصوت في السباق الدائر بشأن استضافة مونديال 2026 وفقًا لمصالحها، في إشارة إلى احتمالية التصويت للولايات المتحدة ضد المغرب، وفقًا لمراقبين ونشطاء على مواقع التواصل والشبكات الاجتماعية.
يرى محللون أن المسؤول السعودي يحاول ابتزاز المغرب فإما أن تكون معي أو تكون مع قطر
تصريحات متتالية، حملت رسالة مباشرة إلى المملكة المغربية بعد يومين من تقدم المملكة رسميًا بملف ترشحها لاستضافة كأس العالم 2026 إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم، وسط آمال بأن تكون البلد العربي الثاني الذي ينظم أكبر بطولة كرة قدم في العالم بعد قطر التي ستحتضن العرس العالمي عام 2022.
ويرى محللون أن المسؤول السعودي يحاول ابتزاز المغرب؛ فإما أن تكون معي أو تكون مع قطر، وذلك بعد أيام قليلة من الزيارة الرسمية التي أدها رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية القطري عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، إلى العاصمة المغربية الرباط، وما أفرزته من اتفاقيات ثنائية تؤكد التقارب الكبير بين دولة قطر والمملكة المغربية، والرغبة المشتركة في تعزيز العلاقات بين الطرفين.
سينافس المغرب الولايات المتحدة والمكسيك وكندا التي سبق أن ترشحت أيضًا لتنظيم المونديال ذاته، وسيكشف الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” هوية صاحب الحق في تنظيمه في يوم 13 يونيو/حزيران في العاصمة الروسية موسكو، على هامش كأس العالم 2018.
عتاب ليس أكثر
من جهتها، اعتبرت الباحثة المغربية في الشؤون السياسية شريفة لموير، ما صرح به “تركي آل الشيخ” مجرد سلوك عادي يتنزل في إطار رغبة السعودية في اصطفاف المغرب إلى جانبها، “فهو عتاب أكثر منه موقف لأن الشخصية ليست من قيادات الصف الأول”.
وفي خصوص الحديث عن مساومة وابتزاز تقوم به المملكة السعودية، تقول لومير في حديثها لنون بوست: “لا يمكن الحديث عن المساومة بين الأشقاء بالنظر إلى طبيعة العلاقة الخاصة التي تربط بين العائلتين الملكيتين بالمغرب والسعودية”.
المغرب من أبرز المشاركين في عاصفة الحزم
توقعت الباحثة في الشؤون السياسية شريفة لموير تصويت السعودية لصالح المغرب، في التصفيات المقرر لها شهر يونيو المقبل، قائلة: “لا يمكن أن نتخيل كمغاربة أن المملكة العربية السعودية ممكن أن تصوت لغير المغرب”، وأضافت “الملف المغربي محتاج لجميع العرب بما فيهم السعودية وقطر، فضلاً عن الدول الإفريقية لأن كأس العالم يؤهل المغرب لتسريع التنمية عبر خلق مشاريع للبنى التحتية”.
واستدركت الباحثة في الشؤون السياسية قائلة: “بعض الأطراف في السعودية قد تتضرر مرحليًا من موقف المغرب المحايد، لكنها ستتفهم في النهاية بالنظر إلى رغبة أطراف الأزمة في وجود طرف عربي يرعى وساطة الوصول إلى حل”.
ليس من مصلحة المغرب في الوقت الحاليّ أن يعول على شريك أو شركاء معينين في الخليج
يعتبر المغرب من أبرز الداعمين والمشاركين في التحالف العربي الذي تقوده السعودية ويهدف إلى دعم الشرعية في اليمن، وأبرز الحاضرين كذلك في التحالف العسكري الإسلامي الذي أعلنته المملكة العربية السعودية الثلاثاء 15 من ديسمبر 2015، الذي تشكل من 34 دولة ووصل لاحقًا عدد أعضائه إلى 39 لمحاربة الإرهاب انطلاقًا من مقره في الرياض.
ليس من مصلحة المغرب في الوقت الحاليّ أن يعول على شريك أو شركاء معينين في الخليج، بل عليه أن يقيم علاقات جيدة مع الجميع، فوفق أرقام وزارة المالية والاقتصاد المغربية بلغت قيمة الهبات والمنح المالية من دول الخليج إلى المغرب نحو 4 مليارات دولار خلال 2014، فيما بلغ حجم التبادلات التجارية بين الطرفين 3 مليارات دولار عام 2014، وهو ما يمثل 4.9% من إجمالي التبادل التجاري للمغرب، مقابل 3.6% في عام 2000، وذلك حسب التقرير الاقتصادي والمالي المرفق بمشروع قانون مالية 2016.
ليست الأولى
هذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها طرف سعودي ابتزاز المغرب نتيجة مواقفه الحيادية من أزمة الخليج، فبعد أيام من بداية الأزمة وإعلان المغرب حياده الإيجابي وإرساله مساعدات غذائية للدوحة، شرعت قنوات تابعة للسعودية بينها قناتي “العربية” و”العربية الحدث”، بالضغط على المملكة، من خلال تغير خطابها تجاه قضية الصحراء الغربية التي تطالب جبهة البوليساريو مدعومة من الجزائر بمنحها الاستقلال.
حينها هاجمت القناة الإخبارية “العربية الحدث” الوحدة الترابية للمغرب، حيث خصصت القناة برنامجًا يصف الصحراء المغربية بالأرض المحتلة ويصف جبهة “البوليساريو” بالجمهورية الصحراوية، وجاء هذا التغيير الحاصل في طريقة تناول إعلام السعودية قضية الصحراء، بعد سنوات من تأكيد الرياض دعمها للرباط في قضية الصحراء الغربية، ورفض العاهل السعودي الملك سلمان أي مساس بمصالح المغرب العليا.
https://www.youtube.com/watch?v=oeqMaXqw0lE
ومع بدء فرض الحصار على قطر في يونيو 2017، قرر المغرب إرسال طائرة محملة بمواد غذائية إلى قطر، “تماشيًا مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف وما يستوجبه، خاصة خلال شهر رمضان الكريم، من تكافل وتآزر وتضامن بين الشعوب الإسلامية”، حسب بيان للخارجية المغربية.
ودعا المغرب حينها دول الخليج لـ”ضبط النفس والتحلي بالحكمة، من أجل التخفيف من التوتر، وتجاوز هذه الأزمة، وتسوية الأسباب التي أدت إليها بشكل نهائي، انسجامًا مع الروح التي ظلت سائدة داخل مجلس التعاون الخليجي”.